سياسة

هل سجلت تونس حديثًا نتائج اقتصادية أفضل من السنوات السابقة كما قال سعيد؟

وحيدة قادروحيدة قادر
date
8 أغسطس 2024
آخر تعديل
date
11:17 ص
9 أغسطس 2024
هل سجلت تونس حديثًا نتائج اقتصادية أفضل من السنوات السابقة كما قال سعيد؟
تبلغ نسبة الدين في تونس عام 2024 حوالي 140 مليون دينار

أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد أثناء خطاب له في 25 يوليو/تموز الفائت، بمناسبة الاحتفال بذكرى إعلان الجمهورية، أن تونس حققت بناءً على اختياراتها الوطنية نتائج أفضل بكثير مما تحقق في السابق، وذلك بعد رفضها الاقتراض من الخارج والاعتماد على ذاتها.

وقال سعيد "لقد تم رفض أي مواصفات من الخارج من مؤسسات اعتقدت أنها وصية على تونس، وتمت السيطرة بناءً على اختياراتنا الوطنية على نسبة التضخم وتسجيل فائض إيجابي في الميزان التجاري في المجال الغذائي إلى حدود أواخر شهر يونيو /حزيران من السنة الجارية".

ارتفاع نسبة التداين الداخلي وزيادة موارد الاقتراض في تونس

في المقابل، نشر خبير الاقتصاد التونسي آرام بالحاج، بعد خطاب الرئيس التونسي، قيس سعيد، منشورًا في صفحته الرسمية على موقع فيسبوك، كشف فيه عن ارتفاع نسبة التداين الداخلي، والتي أصبحت في حدود 42.2 في المئة من مجمل الديون في 2024 مقابل 29.6 في 2019، بينما يقدر الدين الخارجي بنحو 57.8 في المئة في 2024 مقارنة بـ70.4 في 2019.

وبخصوص موارد الاقتراض، تحدث المختص في الاقتصاد، عن زيادة حجم موارد الاقتراض الجُملية المبرمجة في ميزانية تونس من 7.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2019 إلى 16 في المئة مقدرة خلال العام 2024.

كما بيّن بلحاج، أن موارد الاقتراض الداخلي المبرمجة في ميزانية تونس، تطورت من 2.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2019 إلى 6.7 في المئة مقدرة في 2024 .

 منشور خبير الاقتصاد التونسي آرام بالحاج حول ارتفاع نسبة التداين في تونس
 منشور خبير الاقتصاد التونسي آرام بالحاج حول ارتفاع نسبة التداين في تونس

تطور حجم الدين في تونس

بحسب ما ورد في تقرير مشروع الميزانية لعام 2024، المنشور في الصفحة الرسمية لوزارة المالية، من المتوقع أن يرتفع حجم دين الدولة في نهاية عام 2024 إلى 139,976 مليار دينار، مقابل 127,164 مليار دينار عام 2023، أي بزيادة قدرها 12,813 مليار دينار، منها 10,645 مليار دينار نتيجة تمويل عجز الميزانية و2,162 مليار دينار نتيجة تأثير أسعار الصرف.

وبحسب ما جاء في التقرير، فإن حجم دين الدولة في نهاية عام 2024 يقدر بـ 79.81 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، مقابل 80.20 في المئة عام 2023، و79.83 في المئة عام 2022.

تقرير مشروع الميزانية لعام 2024 في تونس
حجم الدين وفق تقرير مشروع الميزانية لعام 2024 في تونس

سياسة التعويل على الذات.. سياسة ظاهرية

من جانبه، أفاد الخبير في الاقتصاد ووزير المالية السابق، حسين الديماسي، في تصريح لمسبار بأن سياسة التعويل على الذات لا يمكن أن تكون إلا في ثلاث حالات: أولًا، من خلال التقليص في نسبة التوريد من المواد الاستهلاكية؛ ثم من خلال التعويل على الادخار الوطني من أجل تمويل الاستثمارات دون اللجوء إلى القروض الخارجية؛ وأخيرًا، أن تكون موارد الميزانية متأتية من الجباية الداخلية وليس من قروض خارجية.

وأشار الديماسي إلى أن سياسة التعويل على الذات هي سياسة ظاهرية اعتمدتها الحكومة، وقال "في ميزانية الدولة لسنة 2024 تم التقليص من اللجوء إلى القروض الأجنبية، لكن هذا لا يعني أن الميزانية تحسنت، فقد تم تعويض القروض الخارجية بقروض داخلية، حيث أن ميزانية الدولة بقيت كما هي أو حتى ازدادت سوءًا من ناحية العجز".

مُضيفًا أنّ "تراجع حجم الواردات ليس لأن تونس تريد التعويل على ذاتها، وإنما لأن الاقتصاد التونسي متوقف".

تراجع نسبة النمو يدفع الدولة إلى الاقتراض

ويرى الخبير الاقتصادي رضا شكندالي أن "سياسة التعويل على الذات" التي تحدث عنها رئيس الجمهورية هي مجرد شعار مرفوع، إذ إن الحكومة تسير في الواقع عكس ذلك، على حد قوله.

وأضاف شكندالي في تصريح لمسبار أن "تونس يمكنها أن تعول على ذاتها في حالتين: أولًا، يجب أن تكون الموارد الجبائية في ميزانية الدولة مرتفعة، وثانيًا، يجب أن تكون الموارد المتأتية من الفسفاط مهمة جدًا".

وأفاد شكندالي بأنه حسب النتائج الأولية للسداسي الأول من السنة الحالية، فإن صادرات الفسفاط تراجعت بأكثر من 70 في المئة، وسجلت المواد الأولية تراجعًا بأكثر من 5 في المئة.

ويعتبر الشكندالي أن اقتصاد تونس مرتبط بالخارج على مستوى الإنتاج، إذ أشار إلى أنه "حين تراجعت واردات المواد الأولية، فإن الشركات التونسية أصبحت غير قادرة على الإنتاج، وبالتالي فإن نسبة الإنتاج تراجعت ليحدث انكماش اقتصادي".

وأشار أيضًا إلى تراجع نسبة النمو التي وصلت إلى حدود 0.2 في المئة خلال السداسي الأول من السنة الحالية، مما يعني أن الموارد الجبائية تراجعت، وهذا يضع الدولة التونسية أمام خيار واحد وهو الاقتراض.

ما هي قيمة القروض التي تحتاجها تونس لسنة 2024؟

وذكر المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية، في تقرير له حول الوضع الاقتصادي في تونس خلال الثلاثية الأولى لعام 2024، أن القروض المحلية التي تحتاجها تونس لسنة 2024 تقدر بقيمة 11.743 مليار دينار، بينما تقدر القروض الخارجية التي تحتاجها بقيمة 16.445 مليار دينار.

تقرير المعهد التونسي حول الوضع الاقتصادي في تونس
تقرير المعهد التونسي حول الوضع الاقتصادي في تونس

وفيما يتعلق بالأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، وفق المصدر ذاته، طلبت الدولة 62% من قيمة القرض المحلي المقرر و2% فقط من القرض الخارجي.

هل تحصلت تونس على قروض خلال العام الجاري؟

أعلن البنك الدولي الموافقة على قرضين لتونس في شهر مارس/آذار الفائت، بقيمة 520 مليون دولار لمساعدتها على مواجهة التحدي الخاص بالأمن الغذائي وتحقيق التوازن في التفاوتات الاقتصادية بين المناطق من خلال تحسين ربط الطرق.

وتبلغ قيمة القرض الأول 300 مليون دولار، ويأتي مكملًا لمشروع الاستجابة الطارئة للأمن الغذائي الذي سيساعد على مواجهة آثار أربع سنوات متتالية من الجفاف في البلاد، بما في ذلك موسم الحبوب الصعب في عام 2023.

ويهدف القرض الثاني بقيمة 220 مليون دولار إلى تقليص التفاوتات الاقتصادية بين المناطق على طول محور محافظات القصرين (وسط غربي تونس)، سيدي بوزيد (وسط الجمهورية التونسية)، وصفاقس (عاصمة الجنوب التونسي) من خلال تطوير البنية التحتية لهذا المحور وتحسين فرص حصول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة على التمويل.

ووفق بيان البنك الدولي، "يأتي هذا التمويل في إطار مساعدة شاملة يتم تنسيقها مع شركاء التنمية الآخرين لتدعيم قدرة تونس على الصمود في وجه التحديات المتعلقة بالغذاء في المستقبل".

وكان قرض البنك الدولي قد جاء بعد نحو عشرة أيام من إعلان الاتحاد الأوروبي عن صرف 150 مليون يورو لتونس لدعم ميزانية البلاد، بهدف تحقيق الاستقرار المالي والإصلاحات الاقتصادية.

وجاءت هذه الخطوة في إطار التزام الاتحاد الأوروبي بالوقوف إلى جانب تونس بموجب الاتفاق المبرم بينهما، بحسب ما قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في منشور لها على موقع إكس.

منشور رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين
منشور رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين حول صرف 150 مليون يورو لتونس في مارس 2024

تونس تقترض 1.3 مليار دولار من مجموعة البنك الإسلامي للتنمية

كما أفادت وزارة الاقتصاد في شهر إبريل/نيسان الفائت، بأن المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة وقعت اتفاقًا مع تونس لتقديم 1.2 مليار دولار، خلال السنوات الثلاث المقبلة لتمويل واردات الطاقة في البلاد، وذلك على هامش الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية التي انعقدت في الرياض من 27 إلى 30 إبريل الفائت.

وحسب ما ورد في بيان وزارة الاقتصاد والتخطيط، فقد خُصص القرض لتمويل واردات بعض الشركات العمومية من المواد الأساسية كالنفط الخام والمنتجات البترولية.

البرلمان التونسي يصادق على مشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاق قرض بين تونس وإيطاليا

وصادق البرلمان التونسي في شهر يوليو الفائت، على مشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاق لحصول البلاد على قرض من إيطاليا بقيمة 50 مليون يورو لدعم الموازنة العامة للدولة.

وجاء في الصفحة الرسمية للبرلمان أن قيمة القرض تبلغ 50 مليون يورو، وهي في شكل دعم مباشر لموازنة الدولة، وستقوم تونس بإرجاع المبلغ على مدى 40 عامًا، دون فائدة.

ويندرج اتفاق القرض في إطار تنفيذ مذكرة تفاهم أبرمتها حكومتا البلدين في 16 يونيو عام 2021، للتعاون من أجل التنمية وتطوير قطاع الطاقة، وفق ما ورد في البيان على الصفحة الرسمية لمجلس نواب الشعب على موقع فيسبوك.

تونس توقع اتفاقية قرض بقيمة 210 ملايين يورو من البنك الأوروبي للاستثمار

ووقعت تونس والبنك الأوروبي للاستثمار، خلال شهر يوليو الفائت، اتفاقية قرض مالي بقيمة 210 ملايين يورو (231 مليون دولار)، لتمويل توسعة طريق بين غرب تونس وشرقها.

ويندرج هذا المشروع في إطار برنامج الأروقة الاستراتيجية بوزارة التجهيز والإسكان، لربط المحافظات الداخلية بالأقطاب الاقتصادية الساحلية، وأيضًا للحد من الفوارق بين المحافظات من خلال تطوير قطاع البنية التحتية للطرقات، وتسهيل التنقل بين الجهات الداخلية، ورفع مستوى السلامة المرورية.

إعلان توقيع تونس على اتفاقية قرض مالي بقيمة 210 يورو

الاقتراض لا يعد مشكلة ولكن لابد من رؤية اقتصادية واضحة

من جهته، أكد الخبير في الاقتصاد آرام بالحاج، خلال حضوره في برنامج إذاعي على إكسبراس أف أم في 30 يوليو الفائت، أنه يجب إيجاد رؤية اقتصادية واضحة، وأنه بإمكان الحكومة التونسية أن تتداين بشرط القيام بالإصلاحات اللازمة.

وأفاد بالحاج بأن التقارير الدولية والوطنية، وحتى المؤسسات الحكومية، تؤكد وجود مخاطر كبرى مرتبطة بتواصل التداين بهذه الطريقة.

اقرأ/ي أيضًا:

قيس سعيد لم يطلب من سفراء المغرب والإمارات والبحرين مغادرة تونس

بين نفي سعيّد والواقع السياسي: ما هي التضييقات التي يواجهها مترشحو الرئاسة في تونس؟

المصادر

كلمات مفتاحية

اقرأ/ي أيضًا

الأكثر قراءة

مؤشر مسبار
سلّم قياس مستوى الصدقيّة للمواقع وترتيبها
مواقع تم ضبطها مؤخرًا
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
عرض المواقع
bannar