رياضة

الإعلام الغربي يتجاهل استفزازات الإسرائيليين في أمستردام ويُصوّرهم كضحايا لمعاداة السامية

محمد عبد اللطيف خرواط محمد عبد اللطيف خرواط
date
11 نوفمبر 2024
آخر تعديل
date
5:05 ص
13 نوفمبر 2024
الإعلام الغربي يتجاهل استفزازات الإسرائيليين في أمستردام ويُصوّرهم كضحايا لمعاداة السامية
ردد الإسرائيليون شعارات عنصرية ضد العرب وتحرض على الإبادة الجماعية

شهدت العاصمة الهولندية أمستردام، مساء الخميس السابع من نوفمبر/تشرين الثاني، اشتباكات بين مشجعي فريق مكابي تل أبيب الإسرائيلي ومناصرين للقضية الفلسطينية. ومع أن الأحداث بدأت باستفزازات عنصرية من المشجعين الإسرائيليين، اختارت وسائل إعلام وسياسيون غربيون التركيز على وصف ردود فعل الشباب الهولندي العربي بالمعادية السامية. إذ سرعان ما بدأت الروايات الرسمية والسياسية، مدعومة بتغطية إعلامية واسعة، بتصوير الإسرائيليين كضحايا لهجمات معادية للسامية، متجاهلين بشكل واضح السياق الأساسي للأحداث.

شعارات عنصرية ضد العرب واستفزازات في شوارع أمستردام

وصل مئات من مشجعي نادي مكابي تل أبيب إلى أمستردام لمتابعة المباراة المرتقبة مع فريق أياكس، وبدأت الاستفزازات قبل اللقاء بيوم عندما تجمع المشجعون الإسرائيليون في شوارع المدينة، حاملين الأعلام الإسرائيلية، ومرددين شعارات ذات طابع عنصري ضد الفلسطينيين. وتصاعدت حدة الأجواء عندما أنزل بعض المشجعين العلم الفلسطيني من فوق أحد المباني، مرددين عبارات نابية وشتائم ضد الفلسطينيين. كما ردّدوا هتافات أخرى تضمنت ألفاظًا عنصرية وتحض على الكراهية وتدعم الإبادة الجماعية، من بينها “لا توجد مدارس في غزة لأنه لم يتبق أطفال، ولينتصر جيش إسرائيل ويغتصب العرب”.

وفي مقطع فيديو آخر، يظهر بعض المشجعين الإسرائيليين وهم يحرقون علمَي فلسطين وهولندا، مرددين هتافات “غزة مقبرة”، في تصعيد واضح للاستفزازات العنصرية.

 كما أظهرت مقاطع مصورة، نشرها صانع محتوى هولندي، لقطات لمشجعي مكابي تل أبيب وهم يحملون أنابيب معدنية وهراوات، ويهاجمون الشرطة ويطاردون المدنيين في شوارع العاصمة أمستردام بعد انتهاء المباراة ضد فريق أياكس.

وسائل إعلام غربية تتجاهل السياق وتربط أحداث أمستردام بمعاداة السامية

عقب اندلاع الاشتباكات بين مشجعين إسرائيليين ومساندين لفلسطين، سارعت معظم وسائل الإعلام الغربية إلى تصوير الأحداث كتصعيد جديد لمعاداة السامية في أوروبا، متجاهلة السياق الأساسي الذي أدى إلى اندلاع أعمال الشغب. تجاهلت التغطية الإعلامية الاستفزازات العنصرية الصادرة عن المشجعين الإسرائيليين، وركّزت بدلًا من ذلك على تضخيم ما وصفته باعتداءات معادية للسامية ضد إسرائيليين. هذه الازدواجية في المعايير الإعلامية ليست جديدة، فهي تتكرر بشكل متواتر في تغطية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وسبق لمسبار أن سلط الضوء عليها في تقارير عدة. وغالبًا ما تتبنى وسائل الإعلام الغربية الرواية الإسرائيلية التي تصور الإسرائيليين كضحايا، بينما تتجاهل السياقات المتعلقة بانتهاكات حقوق الفلسطينيين، بما في ذلك التمييز والعنف والإبادة الجماعية في قطاع غزة. 

سلطت وسائل الإعلام الغربية، بما فيها وكالات الأنباء الكبرى، الضوء على أحداث أمستردام من زاوية واحدة، مبرزةً أنه هجوم معادٍ للسامية. فعلى سبيل المثال، عنونت وكالة رويترز وصحيفة ذا نيويورك تايمز تقاريرهما بـ "أمستردام تحظر الاحتجاجات بعد هجمات معادية للسامية استهدفت مشجعي كرة قدم إسرائيليين"، فيما نشرت وول ستريت جورنال عنوانًا مشابهًا "هجمات معادية للسامية في أمستردام تدفع إلى تعزيز الإجراءات الأمنية حول المواقع اليهودية. كما تناولت وكالة أسوشييتد برس الأحداث تحت عنوان |تعرض مشجعي كرة قدم إسرائيليين لهجوم في أمستردام وسط إدانة واسعة لهذا العنف بوصفه عملًا معاديًا للسامية". 

3DHaut
3DHaut
3DHaut
3DHaut

ردود فعل شخصيات سياسية على أحداث أمستردام

على الصعيد السياسي، جاءت ردود فعل الشخصيات الغربية متماشية بشكل كبير مع السردية الإعلامية. فعلى سبيل المثال، عبّر الرئيس الأميركي جو بايدن عن استنكاره الشديد لما وصفه بالاعتداءات المعادية للسامية التي استهدفت مشجعي فريق مكابي تل أبيب، مشددًا على ضرورة محاربة معاداة السامية في كل مكان. وكتب بايدن في منشور على منصة إكس "الهجمات المعادية للسامية على مشجعي كرة القدم الإسرائيليين في أمستردام تذكرنا بلحظات مظلمة في التاريخ حين تعرض اليهود للاضطهاد". 

3DHaut

كذلك، أعربت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، في منشور لها على منصة إكس أكدت فيه أن معاداة السامية ليس لها مكان في أوروبا، ونحن مصممون على محاربتها إلى جانب جميع أشكال الكراهية. 

3DHaut

من جانبه، وصف رئيس الوزراء الهولندي ديك شوف الأحداث بأنها مذبحة معادية للسامية، معربًا عن خجله العميق تجاه ما جرى في شوارع أمستردام. وأكد شوف أن حكومته ستتعامل بصرامة مع من يقفون وراء هذه الهجمات، معلنًا عن تعزيز الوجود الأمني حول المشجعين الإسرائيليين لضمان حمايتهم. 

3DHaut

وفي إسرائيل، اعتبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الحادث اعتداءً مروعًا، مطالبًا الحكومة الهولندية بتوفير الحماية الكاملة للإسرائيليين في هولندا. كما دعا الموساد لوضع خطة لتأمين المواطنين الإسرائيليين في الخارج، مشددًا على أن إسرائيل ستبذل كل الجهود لضمان سلامة مواطنيها أينما كانوا. 

معاداة السامية كذريعة لتبرير انتهاكات حقوق الفلسطينيين

 تصاعدت في الفترة الأخيرة دعوات في الولايات المتحدة وأوروبا لإقرار قوانين تشدد على كل من ينتقد إسرائيل، إذ تمت مساواة انتقاد سياسات الحكومة الإسرائيلية بمعاداة السامية. في مايو/أيار 2024، أقر مجلس النواب الأميركي قانون التوعية بمعاداة السامية الذي أثار جدلًا واسعًا، لأنه يعزز من الخلط بين انتقاد إسرائيل والتعبير عن الكراهية ضد اليهود. وجاءت هذه القوانين لتضيق على أصوات المعارضين لسياسات إسرائيل، وتمنع الاحتجاجات الطلابية المؤيدة للفلسطينيين تحت ذريعة مكافحة معاداة السامية. 

3DHaut

عبّرت اللجنة الأميركية العربية لمناهضة التمييز (ADC) عن رفضها الشديد للقانون، واصفة إياه بأنه مشروع قانون مليء بالعنصرية المناهضة للفلسطينيين والمعادية للعرب. وأكدت اللجنة أن القانون يستخدم الاتهام بمعاداة السامية كوسيلة لقمع الأصوات التي تنتقد إسرائيل ودعمها للحروب والعمليات العسكرية ضد الفلسطينيين، ويمثل إسكاتًا للطلاب وأعضاء هيئة التدريس الذين يعبرون عن تضامنهم مع الفلسطينيين. وأشارت اللجنة إلى الحوادث المتكررة التي شهدتها الجامعات، إذ تعرض الطلاب المؤيدون للفلسطينيين للعنف والمضايقات من قبل السلطات والمحرضين المؤيدين لإسرائيل. 

وصرّح كريس جودشال بينيت، المحامي في هيئة مكافحة التمييز العنصري، أن القانون الجديد يمثل تسليحًا لمعاداة السامية، من خلال مساواة انتقاد إسرائيل بالكراهية ضد اليهود. وأكد بينيت، الذي عرّف نفسه كيهودي مؤيد لحقوق الفلسطينيين، أن انتقاد الصهيونية وسياسات الحكومة الإسرائيلية لا يجب أن تعدّ معاداة للسامية. وأوضح أن الخلط بين الاثنين يهدف إلى توفير غطاء لانتهاكات إسرائيل المتواصلة لحقوق الفلسطينيين. 

3DHaut

ولم يكن قانون التوعية بمعاداة السامية هو القانون الوحيد الذي أثار الجدل، بل هناك مشاريع قوانين أخرى يتم النظر فيها حاليًا في الكونغرس، مثل مشروع القانون رقم 7921 قانون مكافحة معاداة السامية الذي يهدف إلى تشويه صورة الحركة المؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة. كما يتم النظر في مشروع قانون آخر، هو قانون المساءلة عن مرتكبي الإرهاب في السابع من أكتوبر، الذي يوسع العقوبات على الفلسطينيين ليشمل الأفراد والجماعات خارج المنظمات المدرجة في قوائم الإرهاب الفيدرالية.

رد الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم على أحداث أمستردام ومطالبته بتعليق مشاركة الأندية الإسرائيلية

أدان الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم بشدة الأحداث التي وقعت مؤخرًا في العاصمة الهولندية أمستردام، ووفقًا للاتحاد الفلسطيني، فقد بدأت هذه الأحداث بتصرفات عدائية من مشجعي فريق مكابي تل أبيب الإسرائيلي، الذين اعتدوا على متاجر ومنازل ترفع علم فلسطين تضامنًا مع ضحايا التصعيد العسكري في قطاع غزة، ووصف الاتحاد هذه الأحداث بأنها امتداد للعنصرية الممنهجة التي طالما اشتكى منها، ويطالب بموقف صارم من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) تجاه هذه السلوكيات العنصرية.

ويشير الاتحاد الفلسطيني إلى أنه سبق وقدّم للفيفا أدلة موسعة تثبت وجود عنصرية ممنهجة في التعامل مع الفلسطينيين، سواء في المباريات أو من خلال مظاهر الكراهية التي يُظهرها بعض مشجعي الأندية الإسرائيلية. ورغم هذه الأدلة، فإن الاتحاد الدولي لم يتخذ بعد إجراءات ملموسة للحد من هذه الظواهر. 

3DHaut

ومنذ فترة طويلة، يطالب الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم (PFA) بتعليق مشاركة الأندية الإسرائيلية في البطولات الدولية والمحلية، بسبب بانتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية. ويستند الاتحاد الفلسطيني في مطلبه إلى المادة الرابعة من النظام الأساسي للفيفا، التي تنص بوضوح على أن التمييز ضد الأفراد أو الجماعات يعرض مرتكبيه لعقوبات تصل إلى الإيقاف أو الطرد. 

ومن هذا المنطلق، يندد الاتحاد الفلسطيني بما يسميه تواطؤ الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم في دعم الأندية الموجودة في المستوطنات، ويصف تلك المستوطنات بأنها مقامة على أراضٍ فلسطينية محتلة بشكل غير قانوني، وهو ما يشكل انتهاكًا لقوانين الفيفا. كما قدّم الاتحاد الفلسطيني أدلة للفيفا تثبت وجود عنصرية ممنهجة في الأحداث الرياضية التي تجمع الأندية الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن هذه الاعتداءات ليست حوادث معزولة بل تعكس ثقافة عنصرية متجذرة تجاه الفلسطينيين. وعلى الرغم من تكرار الطلبات والمطالبات، إلا أن الاتحاد الدولي لكرة القدم لم يتخذ بعد إجراءات ملموسة تجاه الانتهاكات التي تتعرض لها الفرق والمشجعون الفلسطينيون.

اقرأ/ي أيضًا

الفيديو قديم وليس لضرب إسرائيليين في تايلاند عقب أحداث أمستردام

فيديو رفع علم المغرب في القدس من عام 2022 وليس بعد أحداث أمستردام الأخيرة

المصادر

كلمات مفتاحية

اقرأ/ي أيضًا

الأكثر قراءة

مؤشر مسبار
سلّم قياس مستوى الصدقيّة للمواقع وترتيبها
مواقع تم ضبطها مؤخرًا
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
عرض المواقع
bannar