ادعاءات مضللة وزائفة حول موقف مصر من الإدارة السورية الجديدة

منذ سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول عام 2024 الفائت، إثر إطلاق هيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع لعملية ردع العدوان، بدأت المعلومات المضللة والزائفة في الانتشار على مواقع التواصل الاجتماعي بشتى أنواعها وأشكالها. وبالتزامن مع تفاقم التضليل المعلوماتي على الإنترنت بخصوص التطورات السورية الأخيرة ظهرت موجة من المعلومات التي طاولت العلاقات المصرية السورية، والتي عمل "مسبار" على تفنيدها وتتبع مصادرها، وفي هذا المقال نعرض لكم أبرز تلك الادعاءات المضللة والزائفة حول موقف مصر من الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع.

فيديو إعلان السلطات المصرية في بدء إجراءات ترحيل اللاجئين قديم وليس عقوب سقوط الأسد

مقطع فيديو نشرته صفحات وحسابات على موقفي التواصل الاجتماعي إكس وفيسبوك، يوم 15 ديسمبر/كانون الأول عام 2024، أي بضعة أيام من سقوط نظام الأسد، ادعى ناشروه أنه يوثق إعلان مصر تنفيذها إجراءات عاجلة لترحيل كل اللاجئين من أراضيها، مع إضافة تعليق "بما يتوافق مع القانون المصري".

وبالتحقق وجد مسبار أنّ الادّعاء مضلل، إذ إنّ مقطع الفيديو الذي انتشر وقتئذ نشر أول مرة على حساب قناة القاهرة الإخبارية على حسابها بتيك توك منذ يونيو/حزيران عام 2024، ولم يظهر فيه إعلان السلطات المصرية اعتزامها ترحيل اللاجئين من أراضيها إلى بلدانهم. 

وفي 28 يونيو الفائت، نقلت قناة "القاهرة الإخبارية" عن مصدر مصري مسؤول، لم تسمِّه، قوله إن جهات إنفاذ القانون المصرية تلتزم بالإطار القانوني والتشريعي في تعاملها مع ملف اللاجئين.

ووضح أنّ الفيديو الذي نقلته قناة القاهرة الإخبارية يوم 28 يونيو العام الفائت، كان يتحدث عن إنّ جهات إنفاذ القانون المصرية تلتزم بالإطار القانوني والتشريعي في تعاملها مع ملف اللاجئين، وأكملت المذيعة أنّ تنفيذ إجراءات ترحيل الأجانب من الأراضي المصرية يتم وفق ما ينص عليه القانون المصري. 

فيديو الرئيس السيسي قديم ولم يعلق على سقوط نظام بشار الأسد

تداولت حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، يوم 17 ديسمبر العام الفائت، مقطع فيديو زعم ناشروه أنه تصريحات حديثة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حول التطورات الأخيرة في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد وهروبه إلى روسيا.

بالتحقق من الادعاء وجد "مسبار" أنه مضلل، إذ إنّ الفيديو قديم ولا يُظهر تصريحًا حديثًا للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حول سوريا، بعد إسقاط هيئة تحرير الشام لنظام بشار الأسد نهاية عام 2024 الفائت.

وبالبحث يظهر أنّ المقطع نشر أول مرة شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 2019، وجاء ضمن خطاب للرئيس السيسي خلال الندوة التثقيفية ال 31 والتي نظمتها القوات المسلحة المصرية بمناسبة احتفالات نصر أكتوبر، وأقيمت الندوة في مركز المنارة بمنطقة التجمع الخامس في القاهرة تحت عنوان "أكتوبر إرادة وتحدي". 

وأثناء إلقاء السيسي لكلمة، تطرق الرئيس السيسي إلى الأزمة السورية والتدخلات الأجنبية فيها، إذ قال "اللي تدخل في سوريا واللي ممكن ييجي يتدخل في مصر، لن يحدث ذلك إلا بضعفنا. وأضاف "والله لا يستطيع أحد.. طب حد يفكر كده يقرب من مصر". 

الشرع لم يصرح بأنّ مصر مطالبة بخوض حرب ضد إسرائيل

انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي في الأسبوع الأول من سقوط بشار الأسد وتولي هيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع السلطة في سوريا، تصريحًا نسب إلى الشرع زعمت الحسابات التي تداولته أنه يقول فيه "لن ندخل في صراع مع إسرائيل ومصر فقط هي المطالبة بدخول حرب مع إسرائيل".

تحقق مسبار من الادعاء المتداول، ووجد أنه زائف، إذ إنّ التصريح الذي نسب للشرع مفبرك، ولم تنشره حسابات قناة الشرق الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي أو عب موقعها الإلكتروني، كما لم تنشر أي مصادر إعلامية أو منصات إخبارية موثوقة الخبر المتداول. وبالبحث في الحسابات الرسمية التابعة لقناة "الشرق" الإخبارية، لم يتحصل فريق مسبار على أي نتائج تشير إلى التصريح المتداول. كما لم يصرح رئيس الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع لأي وسيلة إعلام بأنّ مصر عليها خوض الحرب ضد إسرائيل.

فيديو قديم للسيسي ولم يوجه فيه رسالة إلى الشعب السوري بعد سقوط الأسد

نشرت حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، في 18 ديسمبر العام الفائت، مقطع فيديو ادعت فيه أنه يظهر الرئيس السيسي وهو يوجه رسالة إلى الشعب السوري بعد سقوط نظام الأسد وهروبه إلى روسيا. 

بالتحقّق من الادعاء وجد "مسبار" أنه مضلل، إذ إنّ مقطع فيديو الرئيس عبد الفتاح السيسي قديم ولم يكن موجهًا فيه رسالة إلى الشعب السوري بعد إسقاط نظام بشار الأسد.

بل اتضح أنّ المقطع يعود إلى الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني 2018، وهو مجتزأ من خطبة ألقاها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أثناء مشاركته في جلسة بعنوان "ما بعد الحروب والنزاعات: آليات بناء المجتمعات والدول"، في إطار فعاليات اليوم الثاني لمنتدى شباب العالم في مدينة شرم الشيخ المصرية. 

إذ قال السيسي في خطابه إنّ "سوريا تحتاج إلى 300 مليار دولار كحد أدنى، وتريليون دولار كحد أقصى لإعادة إعمارها وإعادتها كما كانت"، مشيرًا إلى أنّ الأمر سيكون صعبًا على أي سلطة قد تصل للحكم في سوريا.

إعلان مفبرك عن إغلاق مصر السفارة السورية في القاهرة عقب سقوط نظام بشار الأسد

تداوت حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، في 26 ديسمبر العام الفائت، خبرًا زعم ناشروه أنّ الحكومة المصرية قررت إغلاق السفارة السورية في القاهرة، حتى إشعار آخر. 

لكن بالتحقق وجد مسبار أنّ الادعاء المتداول زائف، إذ إنّ الحكومة المصرية لم تعلن رسميًا إغلاقها سفارة سوريا على أراضيها.

وبالرجوع إلى الصفحتين الرسميتين لرئاسة الوزراء ووزارة الخارجية المصريتين على مواقع التواصل الاجتماعي، لم يجد مسبار أي إعلان رسمي يفيد بإغلاق السفارة السورية في القاهرة، كما لم ينشر الخبر أي مصدر إعلامي أو إخباري موثوق. وظهر أنّ قناة عراقية إخبارية غير موثوقة باسم "آي نيوز" هي مصدر الخبر المفبرك، إذ نشرته في 25 ديسمبر من نهاية عام 2024 ولم تُشر فيه إلى مصدرها للخبر. 

من جانبها كانت قد أغلقت السفارة السورية في القاهرة أبوابها لمدة يومين، وذلك امتثالًا لقرار حكومة تصريف الأعمال في سوريا باتخاذ يومي الأربعاء والخميس إجازة رسمية.

فيديو مفبرك لمطالبة الأمين العام للمجلس الإسلامي علي الحسيني السيسي بالتنحي

وبالتزامن مع ظهور وسم "جاك الدور يا ديكتاتور" الذي أطلقه المصري أحمد المنصور في مطلع العام الجاري، انتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، زعم ناشروه أنه لأمين المجلس العربي الإسلامي، محمد علي الحسيني، محذرًا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال كلمة وجهها إليه عبر قناة العربية.

وبالتحقق من الادّعاء وجد فريق مسبار أنّه زائف، إذّ إنّ مقطع الفيديو المتداول مركب ومجتزأ من مقابلة للحسيني مع قناة العربية، نشرت يوم التاسع من أكتوبر/تشرين الأول عام 2024، بينما اجتزِئ التصريح من مقابلة أجرتها معه القناة ذاتها في 25 سبتمبر/أيلول 2024، لكن كان تحذيره موجهًا إلي الأمين العام لحزب الله اللبناني السابق، حسن نصر الله، وليس للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كما ذكر في الادعاء. 

وكانت التصريحات التي وردت على لسان الحسيني في الفيديو المتداول، وهي "اجمع شملك، واعهد عهدك، واكتب وصيتك، من اشتراك بالأمس باعك اليوم"، مجتزأة من مقابلة أجرتها معه قناة العربية في 25 سبتمبر عام 2024.

إذ وجه الحسيني، حينها، رسالة تحذيرية للأمين العام السابق لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، قبيل اغتياله على يد الاحتلال الإسرائيلي بـ48 ساعة.

فيديو قديم وليس لكلمة حديثة وجهها السيسي إلى الحكومة الجديدة بسوريا

وفي الخامس من يناير الشهر الجاري، انتشر مقطع فيديو تداولته حسابات على موقعي التواصل الاجتماعي فيسبوك وإكس، ادعى ناشروه أنه يحمل رسالة تهديد من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى حكومة تصريف الأعمال الجديدة في سوريا. 

لكن تحققًا لمسبار أظهر أنّ الادعاء المتداول حينها مضلل، إذ إنّ المقطع مجتزأ من كلمة وجهها السيسي للشعب المصري عقب هجوم إرهابي استهدف عناصر أمن مصريين في محافظة شمال سيناء، يوم 30 يناير من عام 2015. 

وقد شهدت مدينة العريش يوم 30 يناير من عام 2015، إطلاق مسلحين قذائف هاون على نادي وفندق القوات المسلحة ومقر الكتيبة 101 الكائنة بالعريش، واستراحة للضباط قرب قسم الشرطة. معلنة من جهتها ما تسمى بجماعة ولاية سيناء المعروفة "بأنصار بيت المقدس" سابقًا مسؤوليتها عن الهجوم، الذي أسفر عن مقتل 45 شخصًا وأكثر من 74 مصابًا من العسكريين والمدنيين.

القبض على أحمد المنصور السياسي المصري الذي هدد السيسي من سوريا

نقلت وكالة رويترز البريطانية اليوم الموافق 15 من يناير/كانون الثاني عام 2025، عن مصادر مطلعة بوزارة الداخلية السورية أنّ السلطات قد ألقت القبض على المصري أحمد المنصور، وذلك بعد بثه مقاطع فيديو مصورة هدد فيها السيسي وتوعد بإطاحته، ودعا في المقاطع التي بثها عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي إكس، إلى نزول المصريين لشوارع مصر في ذكرى ثورة 25 يناير القادمة. 

وبالتزامن مع انتشار المعلومات المضللة حول الأوضاع في مصر عقب سقوط النظام السوري، انتشرت ادعاءات مضللة وأخرى زائفة حول خروج مظاهرات في مدن مصرية عدة، ادعى ناشروها أنها لمتظاهرين يطالبون برحيل السيسي وسقوط حكومته، وذلك بعد موجة غضب اجتاحت مواقع التواصل في مصر إثر ظهور الرئيس عبد الفتاح السيسي في قصر العاصمة الإدارية الجديد في ديسمبر/كانون الأول عام 2024 الفائت. 

العلاقات المصرية السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد

ومن جهته وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي كلمة إلى الشعب السوري يوم التاسع من يناير الجاري، وأكد فيها حرص مصر على وحدة سوريا وسلامة أراضيها، وضرورة أن تشمل العملية السياسية جميع الأطياف السورية، مشددًا على أنّ مصر سوف تقف دومًا مع الشعب السوري الشقيق، حسبما جاء في كلمته التي ألقاها أمام رئيسة البرلمان الأوروبي في زيارتها الأخيرة لمصر. 

وفي حين لم يزر أي وفد مصري إلى دمشق حتى الآن، أرسلت القاهرة يوم السادس من يناير الجاري، أول طائرة مساعدات مصرية إلى مطار دمشق الدولي منذ سقوط نظام بشار الأسد، حملت فيها ما يزن 15 طن من الاحتياجات الأولية. 

اقرأ/ي أيضًا

أبرز الادعاءات المضللة التي رصدها مسبار حول خروج مظاهرات تطالب بإسقاط السيسي حديثًا

مؤيدو الأسد يقودون حملة تضليل واسعة قد تعزز الانقسامات في سوريا