أبرز الادعاءات المضللة عن الاشتباكات الجارية في السودان
دخلت الحرب السودانية مرحلة جديدة مع تحقيق الجيش السوداني سلسلة من الانتصارات، في ظل تراجع لقوات الدعم السريع. وتمثلت أبرز المكاسب العسكرية في استعادة الجيش لمقر قيادته العامة في الخرطوم، إلى جانب مناطق استراتيجية في أم درمان والخرطوم بحري، بعد انسحاب الدعم السريع من مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة.
وكان الجيش قد بدأ تحركاته لاستعادة مناطق استراتيجية وسط السودان في أكتوبر/تشرين الأول الفائت، عندما سيطر على منطقة جبل موية، التي تشرف على ولايات النيل الأبيض، وسنار، والجزيرة. ومع استعادة ود مدني في يناير الجاري، دون مقاومة تذكر، تسارعت وتيرة العمليات العسكرية، مما مهد الطريق لتقدم الجيش في الخرطوم بحري وأم درمان.
وفي 26 يناير/كانون الثاني، أعلنت القوات المسلحة السودانية نجاحها في فك الحصار عن القيادة العامة وسلاح الإشارة، حيث خاطب القائد العام للجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، جنوده داخل القيادة العامة، مؤكدًا اقتراب تحرير الخرطوم بالكامل من قبضة قوات الدعم السريع.
شهدت الاشتباكات الدائرة في السودان انتشارًا واسعًا للعديد من المشاهد المضللة التي زُعم أنها توثّق الأحداث الأخيرة. في هذا المقال، نستعرض أبرز تلك الادّعاءات التي فنّدها "مسبار" خلال الأيام القليلة الفائتة.
فيديو من 2023 وليس لاعتداءات جديدة للجيش السوداني على المدنيين في ود مدني
أعلن الجيش السوداني، يوم 11 يناير الجاري، عن دخوله مدينة ود مدني، بعد أكثر من عام من سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة. وأوضح الجيش في بيان رسمي أنّ القوات السودانية تمكّنت من دخول المدينة عبر عدة محاور، فيما شرعت في تمشيط المنطقة للتأكد من خلوها من عناصر قوات الدعم السريع.
من جانبه، أكّد قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، في منشور على موقع إكس، أنّ القوات المسلحة السودانية عازمة على استرداد وتطهير كل شبر "دنسته مليشيا آل دقلو ومرتزقتها"، ووجه البرهان تحية إلى الشعب السوداني، مثنيًا على صبره أمام "أذى المليشيا الإرهابية".
في المقابل، اعترفت قوات الدعم السريع بدخول الجيش السوداني إلى مدينة ود مدني والسيطرة عليها. وقال قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في رسالة صوتية بعث بها إلى عناصر قواته، إنّ "الحرب كر وفر، الحرب جولات، خسرنا جولة، ولكن لم نخسر المعركة".
مؤخرًا، نشر مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، زعمت أنّه يوثّق انتهاكات جديدة ارتكبها الجيش السوداني بحق مدنيين في مدينة ود مدني.
بالتحقّق من الادّعاء، تبيّن أنّه مضلّل، فقد نُشر الفيديو لأول مرة في حسابات ومنصات إعلامية سودانية في الأيام الأولى من الحرب السودانية في إبريل/نيسان 2023، وكان يُظهر اعتقال الجيش السوداني لعناصر من قوات الدعم السريع في مدينة مروي.
وقد أعلنت القيادة العامة للجيش السوداني، حينها، أنّها كانت تطارد عناصر الدعم السريع في محيط مدينة مروي وعدد من المدن الأخرى، ونجحت في أسر العشرات منهم في مطار المدينة بعد أن تمكّنت قوات الجيش من السيطرة عليه، قبل أن يتمكّن الدعم السريع من استعادته مرة أخرى.
الفيديو من 2024 وليس لظهور قيادي في قوات الدعم السريع خلال المعارك الأخيرة
تداولت حسابات وصفحات على موقع إكس، مقطع فيديو ادّعت أنّه يُظهر قائد عمليات قوات الدعم السريع، إدريس حسن، في مدينة بحري وسط المعارك الأخيرة مع الجيش السوداني يوم 24 يناير الجاري، مؤكدًا استمرارهم في القتال.
ولكن، بالتحقّق وجد مسبار أنّه مضلّل، إذ إنّ الفيديو قديم ويعود إلى يونيو/حزيران الفائت، ويُظهر اللواء إدريس حسن، قائد قوات الدعم السريع وسط جنوده، وهو يُعلن استعدادهم واستمرارهم في القتال ضد قوات الجيش آنذاك.

الفيديو ليس لسيطرة الجيش السوداني على مقر القيادة العامة مؤخرًا
بعد نحو أسبوعين من استعادة الجيش السوداني مدينة ود مدني، أعلن الجيش السوداني، في 24 يناير الجاري، عن كسره حصارًا كانت تفرضه قوات الدعم السريع على قاعدة عسكرية في الخرطوم. وقد تمكّنت القوات السودانية من فك الحصار عن سلاح الإشارة في الخرطوم بحري بعد معارك شرسة مع قوات الدعم السريع.
وأوضح الجيش في بيان أنّ قواته أكملت المرحلة الثانية من عملياته العسكرية، إذ تم التحام قوات بحري وأم درمان مع القوات المرابطة في القيادة العامة.
كما هنأت هيئة قيادة القوات المسلحة قواتها المنتشرة في كافة محاور القتال على "الانتصار الكبير"، الذي تزامن مع "دحر هجوم ميليشيا آل دقلو الإرهابية" على مدينة الفاشر صباح اليوم ذاته، بالإضافة إلى طردهم من مصفاة الخرطوم للبترول في الجيلي ومنطقة التصنيع الحربي، بحسب البيان.
في السياق، تداولت حسابات على إكس، مقطع فيديو ادّعت أنّه يُظهر اقتحام الجيش السوداني لمقر القيادة العامة والسيطرة عليه خلال المعارك الأخيرة مع قوات الدعم السريع في الخرطوم.
أظهر تحقّق مسبار أنّ المقطع قديم ولا علاقة له بالمعارك الأخيرة. إذ نُشر الفيديو في 16 إبريل/نيسان عام 2023، ويُظهر مشاهد لانتشار جنود الجيش السوداني أمام مقر القيادة العامة في الخرطوم، وذلك في اليوم الثاني من اندلاع الحرب مع قوات الدعم السريع.
وكانت قوات الدعم السريع قد أعلنت يوم 15 من الشهر ذاته، سيطرتها على مقر القيادة العامة للقوات المسلحة، بالإضافة إلى مقر الإذاعة والتلفزيون وعدد من الإدارات الحكومية في مختلف مناطق الخرطوم والولايات الأخرى، وذلك بعد اندلاع الاشتباكات مع قوات الجيش في عدة مواقع بالعاصمة الخرطوم وأجزاء أخرى من البلاد.
الفيديو من تقرير يرصد دمار مطار الخرطوم عام 2023
أشارت تقارير إعلامية إلى اشتداد المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الأيام الأخيرة، خاصة في العاصمة الخرطوم وضواحيها، بما في ذلك مطار الخرطوم. وأعلن الجيش السوداني إحراز تقدم كبير في عدة مواقع جديدة في مناطق شرق الخرطوم، الخرطوم بحري، وشرق النيل.
وأضافت التقارير أنّ الجيش فتح جبهات هجوم واسعة ومتعددة، إذ تمكّن من إحكام سيطرته على جسر الحلفايا المؤدي إلى مدينة الخرطوم بحري، بالإضافة إلى جسر النيل الأبيض المؤدي إلى مناطق وسط الخرطوم. كما حرر الجيش عدة أحياء واستعاد مواقع استراتيجية داخل الخرطوم، وفتح خطوط إمداد لتعزيز تقدمه، مع استمرار محاولاته لإعادة السيطرة على القصر الرئاسي ومطار الخرطوم.
في هذا الصدد، نشرت حسابات مقطع فيديو، ادّعت أنّه يُظهر حجم الدمار في مطار الخرطوم، نتيجة المعارك الأخيرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
ولكن، بعد التحقّق من الادّعاء، تبيّن أنّ الفيديو قديم ويعود إلى تقرير مصوّر نشرته قناة العربية في الأول من يونيو/حزيران 2023، حيث رصد حجم الدمار الذي لحق بمطار الخرطوم نتيجة الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الأشهر الأولى من الحرب. ودخل مراسل قناة العربية في الخرطوم، عمار أبو شيبة، المطار لتوثيق الأضرار التي لحقت به في تلك الفترة.
الفيديو ليس لسيطرة الجيش السوداني على مطار الخرطوم حديثًا
مؤخرًا، نشر مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو، ادّعوا أنّه يوثّق مطار الخرطوم الدولي بعد سيطرة الجيش السوداني عليه، عقب مواجهات مع قوات الدعم السريع.
إلا أنّ تحقّق مسبار كشف أنّ الادّعاء مضلل، إذ نشرت مقطع الفيديو الأصلي وسائل إعلام على يوتيوب وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، يوم 12 مايو/أيار عام 2023، وذكرت أنّه لأضرار لحقت بمطار الخرطوم الدولي نتيجة الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، آنذاك.
الصورة ليست لتنكر عناصر من الدعم السريع بزي نسائي للهروب من شرق النيل
أعلنت قوات الجيش السوداني، أول أمس، عن تحقيق تقدّم ميداني جديد في عدة مواقع شرقي الخرطوم، بما في ذلك الخرطوم بحري وشرق النيل، إذ يواصل الجيش تطويق المنطقة من الريف الشرقي.
ويأتي هذا الإعلان بالتزامن مع زيارة قام بها قائد الجيش السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، إلى المناطق التي استعادها الجيش مؤخرًا شمالي الخرطوم، حيث شملت زيارته منطقتي الجيلي وقري.
وفي كلمته أمام المواطنين الذين استقبلوه، أشاد البرهان بـ"الانتصارات الأخيرة" التي حققتها قوات الجيش، مؤكدًا أنّ هذه النجاحات لم تكن لتتحقق إلا بفضل "الالتفاف الشعبي الكبير حول الجيش والقوات النظامية الأخرى"، مشيرًا إلى أنّ هذه القوات تعتبر "صمام أمان السودان" في هذه المرحلة الحساسة.
في السياق، تداولت حسابات صورة زعم ناشروها أنّها تُظهر عناصر من قوات الدعم السريع السودانية متنكرين في زي نسائي، أثناء محاولتهم الهروب من محلية شرق النيل التابعة لولاية الخرطوم بعد المعارك الأخيرة مع الجيش السوداني.
لكن بالتحقّق من صحة الصورة، تبيّن أنّها قديمة ولا علاقة لها بالأحداث الجارية في السودان. حيث تعود الصورة إلى يناير/كانون الثاني عام 2016، على أنّها تُوثّق توقيف أشخاص من الجنسية الإثيوبية متنكرين في زي نسائي عند إحدى نقاط التفتيش في مدينة ذمار شمالي اليمن.
الفيديو ليس لفرار قوات الدعم السريع من الخرطوم حديثًا
نشر مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي، حديثًا، مقطع فيديو ادّعوا أنّه يُظهر فرار قوات الدعم السريع بعد سرقة أمتعة وممتلكات المواطنين عقب تقدم الجيش السوداني في العاصمة الخرطوم.
إلا أنّ تحقّق مسبار أظهر أنّ الفيديو صُوّر في تشاد، ويُظهر قبائل ليبية توجهت للمشاركة في ملتقى حواري. ونُشر الفيديو الأصلي في حسابات شخص يدعى "باباي انكازي" على منصتي انستغرام وتيك توك منذ 13 يناير الجاري، دون وصف يحدد مكان تصويره. وأكّد انكازي الذي ينحدر من الجنوب الليبي لـمسبار أنّه التقط المشاهد في تشاد.
وعند التدقيق في لوحات السيارات، يظهر أنها تحمل اسم ليبيا. كما يُلاحظ شعار مكتوب عليه "الملتقى الإقليمي للحوار والتضامن برعاية أبناء وأحفاد هوكتياء". وبالبحث تبيّن أنّ الملتقى هو حدث حواري شاركت فيه قبائل من ليبيا وتشاد والنيجر بهدف تعزيز التعاون الثقافي والاجتماعي والاقتصادي. وقد اختتمت فعالياته في ولاية تبيستي التشادية يوم 21 يناير الجاري، وفقًا لما ذكرته وسائل الإعلام التشادية.

الجيش السوداني يعلن السيطرة على الخرطوم بحري
أعلن مصدر عسكري في الجيش السوداني، اليوم الأربعاء، استكمال السيطرة على مدينة الخرطوم بحري، مؤكدًا أنّ القوات المساندة "نجحت في تطهير معظم أحياء المدينة"، ولم يتبقّ سوى جيوب للمقاومة في الجزء الجنوبي الغربي.
وفي تصريح خاص لقناة الجزيرة، أشار المصدر إلى أنّ الجيش يعمل بالتنسيق مع الجهات المختصة لضمان عودة المدنيين إلى منازلهم في أقرب وقت ممكن.
في سياق متصل، أفاد الإعلام العسكري للفرقة السادسة في مدينة الفاشر، عاصمة إقليم دارفور، بأنّ الطيران الحربي السوداني شنّ فجر اليوم غارات جوية استهدفت مواقع تابعة لقوات الدعم السريع، وذلك في إطار العمليات المستمرة لاستعادة السيطرة على المناطق الخاضعة لسيطرة هذه القوات.
من جهة أخرى، أعلن مستشار قائد قوات الدعم السريع، عمران عبد الله، مقتل القائد الميداني رحمة الله المهدي، المعروف بلقب "جلحة"، يوم أمس الثلاثاء. ولم يكشف المستشار عن تفاصيل الحادثة.
اتهامات لقوات الدعم السريع بقصف مستشفى في الفاشر ومقتل 70 شخصًا
اتهمت حكومة إقليم دارفور في السودان قوات الدعم السريع بشنّ قصف على المستشفى السعودي في مدينة الفاشر المحاصرة، يوم السبت الفائت، ما أدى إلى مقتل 70 شخصًا وإصابة 19 آخرين.
ووصف المدير العام لوزارة الصحة بولاية شمال دارفور، إبراهيم خاطر، استهداف المستشفى بأنّه "جريمة حرب" استهدفت المدنيين والمؤسسات الطبية، مشيرًا إلى أنّ الضحايا شملوا مرضى وأفرادًا من الطاقم الطبي.
من جانبه، قال حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، إنّ طائرة مسيّرة تابعة لقوات الدعم السريع قصفت قسم الطوارئ بالمستشفى، مما تسبب في سقوط قتلى بينهم نساء وأطفال.
وفي السياق ذاته، أدان المتحدث باسم الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الهجوم، لافتًا إلى أنّه استهدف المستشفى الوحيد الذي لا يزال يعمل في أكبر مدن دارفور، وذلك بعد أكثر من 21 شهرًا من الصراع الذي أضرّ بشدة بقطاع الرعاية الصحية في السودان.

وجدد غوتيريش دعوته لحماية المرضى والعاملين في المجال الصحي والمنشآت الطبية، وفقًا للقانون الدولي الإنساني، مشددًا على ضرورة محاسبة مرتكبي الانتهاكات، حيث قد يشكل استهداف المنشآت الطبية عمدًا "جريمة حرب". داعيًا جميع الأطراف إلى وقف القتال فورًا واتخاذ خطوات نحو تحقيق سلام دائم يلبي تطلعات الشعب السوداني.
الصليب الأحمر يحذر من كارثة إنسانية جراء استهداف البنية التحتية في السودان
من جهة أخرى، أعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن قلقها العميق إزاء التصعيد الأخير في استهداف البنى التحتية المدنية الحيوية في السودان، محذرة من تداعيات كارثية على المدنيين.
وأوضحت اللجنة، في بيان رسمي، أنّ الهجمات التي طالت محطات توليد الطاقة ومحطات المياه والسدود في ولايات الشمالية، نهر النيل، سنار، النيل الأبيض، والقضارف، تسببت في أضرار جسيمة وعرّضت الفرق الفنية والصيانة للخطر، مما أدى إلى اضطراب حاد في توفر الخدمات الأساسية للسكان.
وقالت رئيسة عمليات اللجنة الدولية في السودان، دورسا ناظمي سلمان "نشهد نمطًا مقلقًا من الهجمات على البنى التحتية المدنية الضرورية لبقاء السكان. نوجه نداءً عاجلًا إلى جميع الأطراف لاحترام التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني وتعهداتها في اتفاق جدة، وحماية هذه المرافق الحيوية."
وأكّدت اللجنة أنّ تدمير البنية التحتية أدى إلى انقطاع واسع النطاق في إمدادات المياه والكهرباء، مما أثر بشكل خطير على المستشفيات والخدمات الصحية، ورفع خطر تفشي الكوليرا والأوبئة الأخرى. كما اللجنة دعت جميع الأطراف إلى اتخاذ تدابير عاجلة لحماية المرافق الحيوية، محذرة من أنّ استمرار استهدافها قد يؤدي إلى كارثة إنسانية تفاقم معاناة المدنيين الذين يعانون بالفعل من آثار النزاع المستمر.
اقرا/ي أيضًا
أبرز المشاهد المضللة التي رصدها مسبار حول وقف إطلاق النار في غزة
ادعاءات مضللة وزائفة حول موقف مصر من الإدارة السورية الجديدة