سياسة

ازدواجية أفيخاي أدرعي في تقييم التطرف: تشويه التعليم العربي وتجاهل التطرف الإسرائيلي

هاجر عبيدي هاجر عبيدي
date
31 يناير 2025
آخر تعديل
date
6:59 ص
2 فبراير 2025
ازدواجية أفيخاي أدرعي في تقييم التطرف: تشويه التعليم العربي وتجاهل التطرف الإسرائيلي
يصف أفيخاي تعليم الناشئة في الدول العربية وخاصة في غزة بالتطرف والعنف

نشر الناطق باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي أفيخاي أدرعي، في التاسع من يناير/كانون الثاني الجاري، مقطع فيديو في حسابه الرسمي على موقع اكس ادّعى فيه أنه ضد تربية الأطفال على فكر القتل والإرهاب، معتبرًا أن ذلك ليس فحسب خطأً تربويًا بل جريمة إنسانية. كما تساءل عن كيفية تبرير كلام طفل لم يعرف بعد معنى الحياة وكيف يتم الاقتناع بأن تغذية الأطفال على الكراهية تخدم القضية. 
هذا المنشور جاء في سياق انتقاده لبرنامج "ميني مافيا" الذي عرض مؤخرًا على قناة الجديد اللبنانية وأثار جدلًا في لبنان بعد ظهور أطفال يتحاورون بشان حزب الله وصرح أحدهم بأنه مقاتل صغير ويريد المحاربة والاستشهاد.

هذه المغالطات التي يحاول أفيخاي تسويقها للعالم ليست الأولى من نوعها، فقد سبق وأن نشر مقطع فيديو زعم فيه أن التعليم في غزة يدعو للإرهاب والعنف والتطرف، قائلًا "في الوقت الذي تتمحور فيه تربية الأطفال في العالم حول قيم المحبة والإنسانية وتقديس الحياة والتفكير النقدي فإن القيم السائدة في نظام التعليم في غزة مختلفة لان المعلمين من نشطاء حماس ويسعون لتوعية الجيل القادم في غزة بعقيدة حماس بالتالي فان التعليم الداعي للإرهاب والعنف والتطرف يمثل سمة أساسية لنظام التعليم في غزة في ظل حكم حماس".

منشور أدرعي يدعي فيه أنذ التعليم في غزة في يد حماس/ تيك توك
منشور أدرعي يدعي فيه أن التعليم في غزة في يد حماس

ولئن يزعم أدرعي أنه يناهض تنشئة الأطفال على القتل والإرهاب، استنادًا إلى فيديو انتقدته السلطات في لبنان واعتذرت القناة على بثه، فإن العديد من الدراسات والمقالات، كشفت عن أدلجة الطفل الإسرائيلي وأثبتت كيف تتم تنشئة الأطفال الإسرائيليين على العنصرية والكراهية تجاه العرب والمسلمين من بينها دراسة الكاتب المصري أحمد الزلط.

الأدب العبري يغرس في أطفال إسرائيل الحقد والعداء 

يبين الكاتب المصري احمد الزلط في دراسة نشرت له سنة 2007 بعنوان "مؤثرات إيديولوجية في أدب الطفل العبري(مقاربة تأويلية)" أنه في الأدب العبري يتعرض أطفال إسرائيل إلى قولبة مشاعرهم وأدمغتهم لكراهية العرب ونبذهم وتغرس فيهم طباع العنف والتمييز العنصري والتعصب والعداء.

ويرى الزلط أن عالم الطفولة يفترض أن ينأى عن تنفيذ المتطلبات الصادرة عن المؤسسة العسكرية والدينية أو المناهج التربوية الإسرائيلية التي تضغط على عقول الأطفال، مبينًا أن الهدف الأول في فلسفة الحركة الصهيونية العالمية هو تكريس عنصرية الجنس والدين والتحريض على كراهية الشعوب والعدوان عليها، لافتًا إلى أن "الصهاينة يحرصون في أدبهم اشد الحرص على تغذية أطفالهم بالأفكار والخيالات التي تخدم أيديولوجيتهم وأن الكتابات الأدبية للطفل العبري تبث في سياق أنواعها وعناصرها الممارسات والمتغيرات الاجتماعية والدينية التي يطوعها الإسرائيليون لمصلحة أيديولوجيتهم". ونوه إلى أن الأناشيد الوطنية والأشعار والقصص التي تتربى عليها الناشئة العربية، والتي تحث على إعلاء روح الوطنية ومقاومة المحتل ما هي إلا وعي بالمواطنة والذود عن الوطن ما دامت الشعوب العربية لا تتعصب في عنصرية الجنس واللون والدين ولا تبادر بالعدوان.

واستحضر أحمد الزلط في دراسته رواية "في مكان ما" للكاتب الإسرائيلي "عاموس عوز" الذي يقول فيها "في نفس كل إسرائيلي لا يرى أي موجب لاحترام العربي أو تقديس حقوقه" مبينًا أن عوز شأنه شأن العديد من الشعراء والروائيين الإسرائيليين، يرون أن إبادة العرب مسألة أساسية "لدعم المشروع الصهيوني".

وتحدث الزلط في دراسته عن إمعان إسرائيل في بث كل ما تريده من أفكار في نفوس أطفالها عبر ما تقدمه لهم من قصص تغرس فيهم أفكار الصهيونية وتتعمد تشويه صورة العرب والمسلمين لتنشئتهم منذ نعومة أظافرهم على كره وحقد كل ما هو عربي إسلامي، فيوصف العربي في قصصهم بالجبان والغبي والكذاب، بينما يفرد الإسرائيلي بصفات الأذكى والأقوى، مبينًا أن إسرائيل لم تغفل في أدب الطفل العبري عن تثبيت الوعي عند الأطفال بأحقيتهم في أرض فلسطين وأنها إرث لهم وأرضهم الدينية والتاريخية حتى أنه كثيرًا ما تستعمل مقولة "لتنسني يميني إذا نسيتك يا أورشليم" في قصص الأطفال.

كما بين أن أدباء العبرية حرصوا على تنشئة الطفل تنشئة ترتكز على العنف والعنصرية حيث تسير التربية الوجدانية في خط متواز مع التربية العسكرية لمواجهة العرب، إذ روج الأدب العبري للشعار الذي رسمته الصهيونية السياسية ونفذه الجيش الإسرائيلي وهو "من يتقدم لقتلك اسبق أنت لقتله"، مستحضرًا الأغنية التي يسعى أدباء العبرية لتلقينها للطفل الإسرائيلي والتي تقول "سوف نهاجم الأعداء ..  خلال الظلام بكل قوة .. لأنه لا يوجد لدينا لذة.. غير لذة الجريمة" وهي من تأليف الكاتب الإسرائيلي للأطفال هازي لابين.

وهازي لابين مشهور بكتاباته الموجهة للطفل الإسرائيلي، التي تحقن فيه العدائية للعرب فيقول لتبرير شحنه للأطفال بالطبيعة الإجرامية التي نظرت لها الصهيونية "نحن نعيش في زمن صراع مع العرب..نعيش فيما يمكن أن نطلق عليه (حقول الدم) لهذا من واجبنا أن نبتعد عن كتابة القصص الجميلة التي تتحدث عن الفراشات والزهور.. فهذا سيوقعنا في ورطة نحن في غنى عنها.. ماذا سيكون موقف الطفل الذي تداهمه الحرب وهو يقرأ قصة عن الطائر المغّد؟ ماذا سيفعل؟ لا شك أنه سيفقد ثقته بنفسه وينهار.. وهذا تضليل لا يمكن أن نسمح به.. إني أريد خلق الجيل الذي ينتقم لي ويأخذ ثأري، وهذا الجيل هو مئات الآلاف من القراء الذين يسارعون لقراءة كتبي".

"لابين" ليس الكاتب "الإسرائيلي" الوحيد الذي يحاول ترسيخ الكراهية والحقد في الطفل الإسرائيلي فغيره كثر نذكر منهم "يائيل ديان" التي تقول في إحدى قصصها "وهو عندما يغادر عربته المصممة على شكل دبابة يخاطبه والده: اقتل ببرود.. ولا تخف.. فهذا الذي ينسكب من العربي ليس دما..". و"افرايم سيدون" الذي يقول في قصيدته له "كل النساء في صيدا وصور.. كل الأمهات كل الحوامل .. كل المسنين والأرامل .. ها نحن قادمون لنعاقبكم.. لنقتص منكم". كما قال في قصيدة الطفلة الصغيرة ذات الرداء الأحمر " وتسألني لماذا.. لو لم يكن والدك مخربًا عنيدًا وشقيقك اللعين صياد دبابات لأجبتك يا طفلتي الصغيرة أنه ما كان يجب أن تموتي".

الإسرائيلية "نوريت بيلد" تنتقد المحتوى العنصري المقدم لأطفال إسرائيل

يدعي أدرعي في فيديوهاته التي ينشرها في حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، أنه يناصر تنشئة الأطفال على قيم الإنسانية والمحبة وينبذ زرع بذور الكره والحقد في الناشئة، زاعمًا أن العرب وحماس يعملون على ذلك وهي إستراتيجية تضليل ينتهجها لتشويه صورة العرب والتعتيم على جرائم إسرائيل المتمثلة في السعي وراء خلق جيل مشحون بالحقد والكراهية والعصبية تجاه العرب عامة والفلسطينيين خاصة.

وهو ما ذهبت إليه نوريت بيلد إلحنان، وهي عالمة لغوية إسرائيلية وأستاذة اللغة والتعليم في الجامعة العبرية في القدس وناشطة في مجال حقوق الإنسان، التي بينت في كتابها "فلسطين في الكتب المدرسية في إسرائيل.. الأيديولوجيا والدعاية في التربية والتعليم"، أن الخلفية الأيديولوجية العامة التي تجمع الكتب المدرسية في إسرائيل ترسخ لدى الإسرائيلي فكرة الحقوق التاريخية في "أرض إسرائيل" والتهديد الذي يشكله العرب وكراهيتهم لليهود وأنه للعرب 21 بلدًا وللإسرائيليين بلد واحد فيما تتمثل الافتراضات المقترحة في أن الفلسطينيين مشكلة ديموغرافية يمكن أن تتوسع وتطور إلى تهديد ديموغرافي ما لم يتم التحكم بها وان الفلسطينيين في الأرض المحتلة يمثلون تهديدًا دائمًا وجب السيطرة عليه "وإلا سوف يذبحوننا". كما تشير الباحثة إلى وجود عمليات شرعنة في الروايات الواردة بشأن المجازر الإسرائيلية المرتكبة بحق الفلسطينيين.

وتشير نوريت إلى أن الجميع يتساءل كيف للأطفال اليهود الأبرياء أن يتحولوا إلى وحوش بمجرد ارتدائهم للزي العسكري، لتجيب بأن السبب الرئيسي هو التعليم وهو ما دفعها لتبحث كيف تصور الكتب الإسرائيلية الفلسطينيين؟

تقول الكاتبة اليهودية إن الكتب الإسرائيلية المدرسية تصور الفلسطينيين على أنهم "إرهابيون ولاجئون ومزارعون بدائيون
تقول الكاتبة اليهودية إن الكتب الإسرائيلية المدرسية تصور الفلسطينيين على أنهم "إرهابيون ولاجئون ومزارعون بدائيون"

وفي خضم الحرب على غزة، طرحت العديد من الأسئلة حول قدرة الجيش الإسرائيلي على ارتكاب فضائع وجرائم بشعة، فتذهب الدكتورة والباحثة في تحليل الخطاب الاستعماري المرئي والنصي "آنا سيف" في مقال لها بعنوان "كيف يخدم التعليم الإسرائيلي الاحتلال والإبادة الجماعية في غزة؟" إلى أن الجهاز المؤسسي لإسرائيل ووسائل إعلامها ومؤسساتها الدينية والعسكرية خلقت أجيالًا لا تتعاطف مع إسرائيل معتبرة أن الجزء الأكبر خبثًا في ترسانة التلقين هو نظام التعليم من رياض الأطفال حتى نهاية المدرسة الثانوية، عندما يتم إطلاق العنان لهؤلاء المجندين الإسرائيليين الشباب على الفلسطينيين.

اقرأ/ي أيضًا

ادعاءات مضللة روّج لها أفيخاي أدرعي خلال العدوان الإسرائيلي على غزة

أفيخاي أدرعي ينشر صورًا تذكارية ويدعي أنها من تدريب حماس للأطفال على حمل السلاح

المصادر

اقرأ/ي أيضًا

الأكثر قراءة

مؤشر مسبار
سلّم قياس مستوى الصدقيّة للمواقع وترتيبها
مواقع تم ضبطها مؤخرًا
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
عرض المواقع
bannar