تكنولوجيا

كيف استفاد الاحتلال الإسرائيلي من شركات التكنولوجيا الكبرى خلال حربه على غزة؟

محمود سمير حسنينمحمود سمير حسنين
date
2 فبراير 2025
آخر تعديل
date
7:37 ص
3 فبراير 2025
كيف استفاد الاحتلال الإسرائيلي من شركات التكنولوجيا الكبرى خلال حربه على غزة؟
استخدمت إسرائيل خدمات الذكاء الاصطناعي في الحرب على غزة

طيلة عام ونيف من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، نُشرت العديد من التقارير الصحافية والاستقصائية التي تفيد بتعاون الجيش الإسرائيلي مع شركات التكنولوجيا الكبرى ومواقع التواصل الاجتماعي التابعة لها. يستعرض في هذا المقال أهم التقارير التي تُظهر دور شركات التكنولوجيا كبرى في الحرب الإسرائيلية على غزة.

تكنولوجيا التجسس واستهداف التطبيقات المشفرة

تأسست "باراغون سوليوشنز" عام 2019 على يد خريجي وحدة الاستخبارات 8200 في جيش الاحتلال الإسرائيلي. وتركز الشركة على تطوير أدوات قادرة على جمع المعلومات من التطبيقات المشفرة، مثل "واتساب" و"تليغرام" و"فيسبوك مسنجر" و"سيجنال". 

من جانبها، تدّعي الشركة أنّ تقنياتها تُباع فقط للحكومات في "دول ديمقراطية مستقرة"، لكن الاكتشافات الأخيرة تشير إلى أنّ هذه الأدوات استُخدمت ضد أفراد في المجتمع المدني.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2024، استحوذت شركة الاستثمار الأميركية AE Industrial Partners على "باراغون" في صفقة بلغت قيمتها نصف مليار دولار، مع توقعات بارتفاع القيمة إلى 900 مليون دولار عند تحقيق أهداف النمو. يعكس هذا الاستحواذ اهتمام المستثمرين المتزايد بتقنيات المراقبة الإلكترونية، رغم المخاوف الأخلاقية والقانونية المرتبطة بها.

وتمثل برامج التجسس التجارية تحديًا كبيرًا للخصوصية والأمان الرقمي، إذ تُستخدم أحيانًا بطرق تتجاوز الأغراض الأمنية المعلنة. على سبيل المثال، سبق أن واجهت شركة "NSO Group" الإسرائيلية، المطورة لبرنامج "بيغاسوس"، انتقادات حادة بعد اكتشاف استخدام تقنياتها للتجسس على صحفيين ومعارضين سياسيين حول العالم.

في هذا السياق، تدعو منظمات حقوقية إلى وضع ضوابط أكثر صرامة على بيع ونقل تقنيات التجسس، خشية استغلالها في انتهاك حقوق الأفراد وحرية التعبير.

كيف ساعدت شركات التكنولوجيا الكبرى إسرائيل في حربها على غزة؟

في إطار الكشف عن أشكال التعاون بين كبرى شركات التكنولوجيا العالمية والجيش الإسرائيلي، أفادت صحيفة ذا واشنطن بوست يوم 21 يناير الفائت، أنها تحصلت على وثائق مسّربة تثبت مساعدة مجموعة من موظفي شركة غوغل لجيش الاحتلال الإسرائيلي، إذ حاولت المجموعة تزويد الاحتلال بأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي منذ الأيام الأولى للحرب على غزة.

غوغل ساندت الاحتلال الإسرائيلي بالذكاء الاصطناعي خلال خربها على غزة

يكشف التقرير أنه في أعقاب عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تقدمت وزارة الدفاع الإسرائيلية بطلبات إلى قسم "الحوسبة السحابية" في غوغل، بهدف توسيع نطاق استفادتها من تقنيات الذكاء الاصطناعي التي يوفرها هذا القسم، والتي يمكن أن تعزز قدرات قوات الاحتلال في حربها على غزة.

وتوضح الوثائق التي اطلعت عليها الصحيفة أنّ وزارة الدفاع الإسرائيلية سعت بشكل عاجل إلى زيادة استخدامها لمنصة غوغل المعروفة باسم "فيرتكس" (Vertex)، والتي تتيح لمستخدميها تنفيذ خوارزميات الذكاء الاصطناعي لمعالجة البيانات واستهداف مواقع محددة.

كما كشف إحدى الوثائق عن تحذير موظف في غوغل من أنّ عدم منح الجيش الإسرائيلي إمكانيات أوسع للوصول إلى الأداة قد يدفعه إلى التحول نحو الشركة المنافسة "أمازون"، التي تقدم خدمات مماثلة لحكومة الاحتلال بموجب اتفاقية "نيمبوس".

مشروع نيمبوس بين إسرائيل وأمازون وغوغل يتيح لجيش الاحتلال تخزين معلومات عن الفلسطنيين

بحسب تقرير صحيفة ذا واشنطن بوست، تصدّرت أداة "هاسبورة" قائمة مئات الخوارزميات الأخرى التي تقوم بتحليل بيانات الاتصالات وصور الأقمار الصناعية، بهدف تحديد إحداثيات الأهداف العسكرية المحتملة، مثل مواقع الصواريخ والأنفاق. ومع ذلك، أبدى بعض القادة الإسرائيليين مخاوف بشأن دقة هذه التقنية، وفقًا لما ذكرته الصحيفة. كما أعرب آخرون عن قلقهم من الاعتماد المفرط على توصيات الذكاء الاصطناعي، ما أدى إلى تراجع جودة التحليل الاستخباراتي الإسرائيلي.

وتعد غوغل واحدة من الشركاء الرئيسيين لحكومة الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 2021، عندما وقع عليها الاختيار إلى جانب أمازون، من قبل المسؤولين الإسرائيليين لتنفيذ مشروع "نيمبوس"، وهو اتفاق لتوفير خدمات "الحوسبة السحابية" لمؤسسات الدولة.

إسرائيل تستخدم الذكاء الاصطناعي لاستهداف المزيد من الفلسطينيين

إسرائيل تستخدم خدمات ميتا لتشويه سمعة الأونروا عالميًا

أما في تقرير آخر نشر في منتصف يناير/كانون الثاني من عام 2024، قالت مارا كروننفيلد أنها وأثتاء بحثها في غوغل عن اسم منظمتها غير الربحية، التي تجمع التبرعات في الولايات المتحدة لصالح الأونروا. فوجئت بإعلان مدفوع يظهر في أعلى نتائج البحث، بدا وكأنه تابع للأونروا، لكنه كان يوجه المستخدمين إلى موقع حكومي إسرائيلي. أدركت كروننفيلد أنها أمام حملة إعلانية مستمرة منذ أشهر، تهدف إلى تشويه سمعة الأونروا وتقليص تمويلها.

في ذلك الوقت، كانت إسرائيل قد اتهمت 12 موظفًا في الأونروا بالمشاركة في هجوم حماس على المستوطنات الإسرائيلية. وصفت الوكالة بأنها واجهة لحماس، وحثت الدول المانحة على وقف تمويلها. عندئذ، تأكدت كروننفيلد من أنّ إسرائيل لا تكتفي بالضغط الدبلوماسي، بل تحاول أيضًا التأثير على الرأي العام الأميركي لقطع التبرعات عن الأونروا.

وعقب متابعة الإعلانات الممولة من وكالة الإعلان الحكومية الإسرائيلية، سارعت كروننفيلد وفريقها المكون من سبعة أفراد إلى غوغل، مطالبين بمساعدتهم في التصدي لما وصفوه بحملة تضليل.

لكن ما حدث لاحقًا كشف عن العلاقة الحساسة التي تربط غوغل بإسرائيل كعميل إعلاني، وحدود قدرتها على مراقبة المحتوى المضلل. فقد أكد موظفون حاليون وسابقون في غوغل لمجلة وايرد أنّ الحملة ضد الأونروا ليست سوى واحدة من عدة حملات دعائية أطلقتها إسرائيل مؤخرًا، وأثارت انتقادات داخل الشركة وخارجها.

بين مايو/أيار ويوليو/تموز 2024، ظهرت الإعلانات الإسرائيلية في 44% من نتائج البحث المرتبطة بالأونروا، مقارنة بـ34% فقط لإعلانات الأونروا في الولايات المتحدة، وفقًا لتحليل حساب إعلانات غوغل التابع للوكالة.

جمعيات ممولة من إسرائيل تنشر إعلانات تشوه الأونروا على مواقع التواصل الاجتماعي

وانتشرت هذه الإعلانات عبر شبكة إعلانات غوغل، حيث ظهرت على مواقع إخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ووفقًا لمصادر داخل غوغل، قدم بعض المستخدمين شكاوى بشأن ترويج الإعلانات للمصالح السياسية الإسرائيلية.

لم يرد العديد من الناشرين في الدول العربية، مثل الإمارات ومصر والأردن والبحرين، على طلب الصحيفة للتعليق. وأوضح المتحدث باسم غوغل، جاكل بوث، أنّ الناشرين يمكنهم حظر الإعلانات السياسية أو المعلنين المحددين.

ذكر مصدر في غوغل أنّ هذه الحملة لفتت الانتباه، كونها أول استهداف سياسي إسرائيلي للدول العربية عبر الإعلانات منذ سنوات. وتوقفت الإعلانات في مايو الماضي، بعد استفسارات وايرد لوزارة الخارجية الإسرائيلية والناشرين في المنطقة. لكن المصدر أشار إلى أنه من غير الواضح ما إذا كانت ما تزال تُعرض بطرق أخرى. من جانبه، أكد بوث أنّ غوغل لا تملك سياسة تمنع إسرائيل من عرض إعلاناتها خارج حدودها.

لوبيات إسرائيلية تستخدم يوتيوب لتبرير قتل المدنيين في غزة

غوغل وأمازون تسهمان في الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين

وفي السياق نفسه، نقلت صحيفة إسرائيلية فلسطينية مستقلة تعرف باسم 972+ يوم العاشر من يوليو/تموز، أنّ قائدة وحدة مركز الحوسبة وأنظمة المعلومات في الجيش الإسرائيلي، راشيل ديمبينسكي، قولها في مؤتمر "تكنولوجيا المعلومات لجيش الدفاع الإسرائيلي" في ريشون لتسيون قرب تل أبيب، إنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي يستخدم "التخزين السحابي" وخدمات الذكاء الاصطناعي من شركات مثل Amazon Web Services (AWS)، وGoogle Cloud، وMicrosoft Azure في هجومه المستمر على قطاع غزة.

أما التخزين السحابي فهو وسيلة لحفظ البيانات خارج الموقع الرئيسي للمستخدم، وغالبًا ما تتم إدارته بواسطة طرف ثالث. أوضحت ديمبينسكي أنّ وحدة "مرام" العسكرية استخدمت "سحابة تشغيلية" على خوادم عسكرية داخلية بدلًا من السحابة العامة المدارة من الشركات المدنية. هذه السحابة كانت تحتوي على تطبيقات لتحديد أهداف التفجيرات، ومشاهد حية من الطائرات المسيّرة فوق غزة، بالإضافة إلى أنظمة القيادة والنيران.

لكن مع بداية الغزو البري للقطاع في أكتوبر 2023، أصبحت الأنظمة العسكرية الداخلية مثقلة بسبب العدد الكبير من المستخدمين الجدد، ما أدى إلى مشاكل فنية. مضيفة أنهم حاولوا حلّ المشكلة باستخدام الخوادم الاحتياطية وإنشاء مركز بيانات آخر، لكن هذا لم يكن كافيًا. لذلك، قرروا اللجوء إلى الخدمات السحابية من الشركات الكبرى مثل أمازون، غوغل ومايكروسوفت، مما سمح لهم بشراء خوادم تخزين ومعالجة غير محدودة بنقرة زر دون الحاجة لتخزينها في مراكز بيانات الجيش.

ووفقًا لمصادر متعددة، تسمح الأنظمة السحابية العامة مثل AWS للجيش بالحصول على "مساحة تخزين غير محدودة" للاحتفاظ بمعلومات عن سكان غزة. أحد الجنود الذين استخدموا النظام السحابي خلال الحرب قال إنه كان يعمل بشاشتين؛ واحدة متصلة بأنظمة الجيش، والأخرى بـخدمات أمازون السحابية.

وأكدت مصادر عسكرية أخرى أنّ نطاق المعلومات الاستخبارية من مراقبة الفلسطينيين في غزة ضخم جدًا ولا يمكن تخزينه على الخوادم العسكرية فقط. وفقًا للمصادر الاستخباراتية، كان هناك حاجة لقدرات تخزين ومعالجة أكبر للاحتفاظ بمليارات الملفات الصوتية، ما دفع الجيش لاستخدام خدمات السحابة من شركات التكنولوجيا المدنية.

كما أكدت المصادر أنّ التخزين الهائل في سحابة أمازون ساعد في تحديد غارات الاغتيال الجوية في غزة، والتي أسفرت عن مقتل آلاف الضحايا المدنيين.

ووفقًا للتحقيق الذي أجرته الصحيفة، فإنّ إسرائيل وقّعت عقدًا مع غوغل وأمازون تحت اسم مشروع "نيمبوس"، بقيمة 1.2 مليار دولار، بهدف تشجيع الوزارات الحكومية على نقل أنظمتها إلى السحابة العامة للشركات الفائزة، بالإضافة إلى الاستفادة من خدمات متقدمة.

وكانت الصفقة مثار جدل واسع، مما دفع مئات من موظفي الشركتين للتوقيع على رسالة مفتوحة تدعو لقطع العلاقات مع الجيش الإسرائيلي. منذ السابع من أكتوبر 2023، تصاعدت الاحتجاجات من موظفي أمازون وغوغل تحت شعار "لا تكنولوجيا للفصل العنصري". وفي إبريل 2024، طردت غوغل 50 موظفًا شاركوا في احتجاج بمكاتبها في نيويورك.

احتجاجت من قبل موظفي غوغل وأمازون ضد اتفاقية نيمبوس

ميتا ودعمها لجيش الاحتلال الإسرائيلي في حربه على غزة

من جهتها، نشرت منظمة إيكو الرقابية الأميركية في السياق ذاته تقريرًا يكشف كيفية استخدام مؤثرين وجنود ومشرعين إسرائيليين لإعلانات ميتا المدفوعة لجذب التمويلات لصالح قوات الاحتلال الإسرائيلي. هذه الإعلانات تدعو لشراء أسلحة مثل الطائرات المسيّرة المتطورة والبنادق والمعدات التكتيكية المستخدمة في حرب غزة.

إذ ذكر التقرير أنه تم تحليل أكثر من 90 إعلانًا، معظمها موجهة لدول الاتحاد الأوروبي عبر جمعيات مؤيدة لإسرائيل. وأضاف أنّ الإعلانات تضمنت خطابًا يحض على الكراهية والعنف، ما يشكل انتهاكًا للقانون الدولي، بينما تستفيد ميتا من الترويج لهذه الإعلانات المدفوعة.

ويعرض التقرير أيضًا مخاوف من أنّ المنظمات التي تنشر هذه الإعلانات لا تخضع لقوانين الضرائب، ما يثير قضايا قانونية وفقًا للقوانين الأوروبية والأميركية بشأن المساهمات الخيرية للأغراض العسكرية. غالبًا ما تتضمن هذه الحملات دعوات من جنود إسرائيليين، بعضهم ينتمي إلى وحدات متورطة في انتهاكات للقانون الدولي، مثل لواء الكوماندوز رقم 551. إذ ظهر أحد أفراد هذا اللواء، وهو نقيب، في حملات يطلب فيها تبرعات لشراء معدات عسكرية مثل دروع واقية، خوذ تكتيكية، وطائرات مسيّرة من طراز DJI MAVIC PRO 3، التي يمكن تعديلها لحمل المتفجرات واستخدامها في الحرب ضد قطاع غزة.

ميتا تتيح للاحتلال الإسرائيلي استدام منصاتها للترويج لدعاية تحض على الكراهية

في سياق آخر، أعلنت شركة ميتا، المالكة لموقعي فيسبوك وانستغرام، في يوليو عام 2024 عن حذف المزيد من المنشورات التي تستهدف "الصهاينة"، عندما يُستخدم المصطلح للإشارة إلى اليهود أو الإسرائيليين بدلًا من أن يكون مرتبطًا بمؤيدي الحركة السياسية.

وقالت ميتا في بيان نشرته يوم الثلاثاء التاسع من الشهر نفسه، إنّ استخدام مصطلح "الصهيونية" في المنشورات للتحريض على العنف أو إنكار وجود اليهود أو الإسرائيليين كان سببًا في هذا التحديث الجديد لقواعد النشر على منصاتها.

وأوضحت الشركة أنه رغم غياب توافق حول معنى المصطلح، قررت فرض القيود بعد تحقيق أظهر أنّ المصطلح يُستخدم للإشارة إلى اليهود أو الإسرائيليين في سياقات تحرض ضدهم، وهو ما يتعارض مع سياسة ميتا التي تحظر خطاب الكراهية، خاصة فيما يتعلق بالسمات مثل الدين والهوية التي تحميها قواعد المنصة.

ميتا تقوض الوصول للحسابات الفلسطينية

وتبرر الشركة تقييد استخدام مصطلح "الصهيونية" باعتباره شكلًا من معاداة السامية، من خلال الخلط بين الصهيونية واليهودية وإسرائيل. إذ أرسلت الشركة في 30 يناير/كانون الثاني العام الفائت، بريدًا إلكترونيًا إلى مجموعات المجتمع المدني، أعلنت فيه أنها تراجع سياسة خطاب الكراهية، خاصة بشأن مصطلح "صهيوني"، وطلبت تعليقات حول التعديلات المحتملة من جماعات الحقوق الرقمية.

من جهتها، دعت منظمة العفو الدولية ميتا إلى ضمان عدم تمييز سياساتها ضد الأصوات المؤيدة للفلسطينيين، عند مراجعة استخدامها لمصطلح "الصهيونية". وأكدت المنظمة أنّ فرض حظر على هذا المصطلح قد يقيد حرية التعبير ويمنع انتقاد الجرائم الإسرائيلية في غزة أو نظام الفصل العنصري ضد الفلسطينيين.

جمعيات إنسانية عالمية تنتقد قرارات ميتا فيما يخص تقويض الأصوات الفلسطينية

وجاءت التعديلات التي أملتها الشركة بالتزامن مع تقليص المساحة المتاحة للأصوات المؤيدة لفلسطين على منصاتها. فوفقًا لتقرير المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي (حملة) في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2023، تم تقليص الثقة في المحتوى الفلسطيني من 80% إلى 25%. هذا التغيير أدى إلى زيادة في الحذف التلقائي للمحتوى العربي "المخالف"، خاصة بعد الحرب الإسرائيلية على غزة عقب السابع من أكتوبر من عام 2023.

تقرير مركز حملة

وعلى خلفية مساندة شركة ميتا الأميركية جيش الاحتلال الإسرائيلي في حربها على غزة، كشفت منظمة "ذا انترسبت" الأميركية في تحقيق نشرته يوم الإثنين 21 أكتوبر عام 2024، أنّ مسؤولة سابقة في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، والتي تشغل حاليًا منصب رئيسة سياسة إسرائيل في ميتا، ضغطت لفرض الرقابة على حساب "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" على إنستغرام.

إذ لعبت هذه المجموعة دورًا بارزًا في تنظيم احتجاجات ومظاهرات طلابية في الجامعات الأميركية لدعم القضية الفلسطينية، وطالبت الجامعات بقطع علاقاتها مع الشركات الممولة للاحتلال الإسرائيلي، تضامنًا مع الفلسطينيين في ظل الحرب الإسرائيلية على غزة التي بدأت في الثامن من أكتوبر.

ويفيد التقرير أنه من خلال مداولات داخلية لشركة ميتا اطلعت عليها "ذا انترسبت" أنّ جوردانا كاتلر، مسؤولة سياسة إسرائيل والشتات اليهودي في الشركة، استخدمت "أدوات تصعيد المحتوى" للإبلاغ عن أربع منشورات على الأقل من حساب "طلاب من أجل العدالة في فلسطين"، ما عرضها للمراجعة. كما تمت مراجعة محتوى آخر يعبر عن مواقف مخالفة للسياسة الإسرائيلية.

أوضحت المصادر أنّ كاتلر استشهدت بسياسة ميتا المتعلقة بـ "المنظمات والأفراد الخطرين"، التي تمنع المستخدمين من مناقشة أو "تمجيد" الكيانات المدرجة في قائمة سوداء سرية لدى الشركة. ورغم ذلك، تتيح السياسة بشكل محدود تداول "الخطاب الاجتماعي والسياسي" بشأن تلك الكيانات.

وتفيد المنظمة، نقلاً عن مصدر مطلع على قرارات جوردانا كاتلر، أنّ هذه الجهود شملت ممارسة ضغوط لحذف المنشورات التي تتضمن اقتباسات من الروائي الفلسطيني الراحل غسان كنفاني، الذي كان متحدثًا باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قبل نحو ستة عقود، وتم اغتياله على يد القوات الإسرائيلية عام 1972.


بل ويُشار إلى أنّ كاتلر ليست الوحيدة في شركة ميتا التي تساهم في تعزيز العلاقات بين الشركة والحكومات العالمية. فقد انضم زميلها جويل كابلان، الذي شغل منصب نائب رئيس موظفي البيت الأبيض خلال إدارة جورج بوش، إلى فيسبوك في 2011 ليتولى قيادة عمليات الشركة في واشنطن العاصمة. وذكرت صحيفة "ذا نيويورك تايمز" أنّ هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز علاقات الشركة مع المشرعين الجمهوريين في الكونغرس.

وعلى خلفية استخدام الاحتلال مواقع التواصل الاجتماعي للترويج للبروباغاندا الإسرائيلية، نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في 12 ديسمبر 2023، تحقيقًا يكشف أنّ وحدة الحرب النفسية التابعة للجيش الإسرائيلي تدير قناة على منصة تيليغرام تحت اسم "72 فيرجنز أنسنسورد"، التي لا تخضع لرقابة المحتوى وتعرض مقاطع فيديو عنيفة.

وأوضحت الصحيفة أنّ القناة توثق تفاعل الجنود مع جثث مقاتلي فصائل المقاومة الفلسطينية، بالإضافة إلى مشاهد تدمير قطاع غزة خلال الهجوم الإسرائيلي المستمر.

وأشار التحقيق إلى أنّ الجيش الإسرائيلي نفى في البداية مسؤوليته عن القناة، إلا أنّ مسؤولًا عسكريًا رفيعًا، طلب عدم الكشف عن هويته، اعترف بتشغيلها منذ التاسع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. وقال المسؤول إن "إدارة الجنود لهذه القناة المريبة أمر مرفوض".

وفي سياق التعتيم المعلوماتي على مواقع التواصل الاجتماعي على حساب الأصوات المدافعة عن الفلسطينيين، نشرت شبكة بي بي سي في 18 ديسمبر/كانون الأول 2023 تحقيق، كشف تفاصيل تفيد بأنّ فيسبوك قلص بشكل كبير قدرة وسائل الإعلام الفلسطينية على الوصول إلى جمهورها أثناء الحرب الإسرائيلية على غزة. وفي الوقت نفسه، أظهر التحليل أنّ تفاعل الجمهور مع وسائل الإعلام الإسرائيلية قد شهد زيادة ملحوظة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

فوفقًا لتحقيق بي بي سي، أظهرت بيانات تحليل التفاعل مع صفحات فيسبوك لعشرين مؤسسة إخبارية فلسطينية انخفاضًا كبيرًا في التفاعل بعد السابع من أكتوبر 2023. من بين هذه الصفحات، صفحة تلفزيون فلسطين ووكالة وفا للأنباء، حيث تم ملاحظة انخفاض بنسبة 77% في التفاعل مقارنة بالعام السابق. وتظهر الإحصائيات أيضًا أن عدد المشاهدات على صفحة تلفزيون فلسطين انخفض بنسبة 60%، رغم أن الصفحة تملك 5.8 مليون متابع.


الذكاء الاصطناعي والحرب على غزة

بخصوص استخدام الاحتلال الإسرائيلي للذكاء الاصطناعي خلال حربه على غزة، نشرت مجلة 972+ الإسرائيلية تقريرًا يفيد بتطوير الاحتلال أدوات جديدة لاستهداف وتعقب الفلسطينيين أثناء الحرب.

إذ نشر قائد المخابرات الإسرائيلية "Brigadier General Y.S" كتابًا يتحدث فيه عن تصميم جهاز يعتمد على الذكاء الاصطناعي لمعالجة البيانات بسرعة، بهدف تحديد أهداف عسكرية للغارات. لاحقًا، تم الكشف عن وجود برنامج "لافندر"، الذي طورته إسرائيل لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تحديد أهداف الاغتيالات، وشارك في الهجمات على غزة.

في بداية الحرب، كان الجيش الإسرائيلي يعتمده لتوليد قوائم اغتيال بسرعة، دون التحقق من دقة الأهداف. ووفقًا لمصادر، كان الطاقم البشري يوافق على هذه القرارات في وقت قياسي، على الرغم من علمهم بوجود أخطاء في تحديد الأهداف.

نتيجة لاستخدام "لافندر"، وقع العديد من الضحايا الفلسطينيين، خصوصًا من النساء والأطفال، بسبب ضربات جوية إسرائيلية. كما يتواجد نظام "لافندر" بجانب نظام آخر يُسمى "The Gospel"، الذي يحدد المواقع التي يُعتقد أن المقاتلين يهاجمون منها.


وفي نهاية شهر يناير من العام 2025 الجاري، كشف تقرير جديد عن وثائق مسربة تؤكد أنّ شركة مايكروسوفت قدمت خدمات سحابية وذكاء اصطناعي للجيش الإسرائيلي خلال العدوان على غزة في 2023. الوثائق تكشف عن علاقة متعمقة بين الشركة ووزارة الدفاع الإسرائيلية، حيث قامت بتوفير خدمات حوسبة وتخزين ضخمة في صفقات تجاوزت قيمتها 10 ملايين دولار.

كما أظهرت الوثائق أن الجيش الإسرائيلي اعتمد بشكل متزايد على شركات التكنولوجيا الكبرى مثل مايكروسوفت لتحليل البيانات الاستخباراتية ودعم العمليات العسكرية.

اقرأ/ي أيضًا

كيف وظّفت إسرائيل التكنولوجيا في حربها على غزة وقمع المحتوى الفلسطيني عام 2024؟

الخارجية الإسرائيلية تبحث تخصيص 150 مليون دولار لتوسيع حملات الهاسبارا

المصادر

اقرأ/ي أيضًا

الأكثر قراءة

مؤشر مسبار
سلّم قياس مستوى الصدقيّة للمواقع وترتيبها
مواقع تم ضبطها مؤخرًا
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
عرض المواقع