تكنولوجيا

نماذج الذكاء الاصطناعي: قراءة في الفوائد والمخاطر

فريق تحرير مسبارفريق تحرير مسبار
date
5 فبراير 2025
آخر تعديل
date
7:39 ص
6 فبراير 2025
نماذج الذكاء الاصطناعي: قراءة في الفوائد والمخاطر
قدر تحليل أجرته نيوز غارد دقة نموذج ديب سيك بـ17%

لطالما ساد الاعتقاد في صناعة الذكاء الاصطناعي، بأن تطوير نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) يتطلب خبرة تقنية واسعة واستثمارات مالية ضخمة. كان هذا التصور عاملًا رئيسيًا وراء دعم الحكومة الأميركية لمشروع "ستارغيت" بقيمة 500 مليار دولار، كما أعلن الرئيس دونالد ترامب.

تحدّت شركة الذكاء الاصطناعي الصينية ديب سيك (Deep Seek)هذا المفهوم، وفي 20 يناير/كانون الثاني الفائت، أطلقت الشركة نموذجها اللغوي الكبير بتكلفة أقل بكثير من منافسيها في الصناعة. كما جعلت الشركة نماذجها متاحة بموجب ترخيص مفتوح المصدر، مما يسمح باستخدامها مجانًا.

في غضون أيام من الإطلاق، تصدّر المساعد الذكي من ديب سيك وهو تطبيق محمول يوفر واجهة دردشة قائمة على نموذج R1، متجر تطبيقات شركة آبل، متجاوزًا شعبية شات جي بي تي الذي طورته شركة أوبن إيه آي.

أدى هذا التبني السريع إلى اضطراب في الأسواق العالمية يوم 27 يناير 2025، حيث بدأ المستثمرون في التشكيك في قيمة شركات الذكاء الاصطناعي الأميركية الكبرى، بما في ذلك شركة نفيديا. وشهدت شركات التكنولوجيا العملاقة الأخرى، مثل مايكروسوفت وميتا وأوراكل وبرودكوم، تراجعًا مع إعادة تقييم السوق لقيمة شركات الذكاء الاصطناعي.

ما هي ديب سيك؟

ديب سيك هي شركة تطوير ذكاء اصطناعي مقرها مدينة هانغتشو في الصين، تأسست في مايو/أيار عام 2023 على يد ليانغ وينفنغ، خريج جامعة تشجيانغ. وينفنغ هو أيضًا أحد المؤسسين المشاركين لصندوق الاحتياط الكمي High-Flyer في الصين، والذي يمتلك ديب سيك. وعلى الرغم من أن ديب سيك تعمل كمختبر أبحاث مستقل في الذكاء الاصطناعي، إلا أنها لا تزال جزءًا من High-Flyer، إذ لم تكشف الشركة عن إجمالي تمويلها أو تقييمها السوقي.

تتخصص ديب سيك في نماذج اللغة الكبيرة مفتوحة المصدر، حيث أطلقت أول نموذج لها في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، ومنذ ذلك الحين، واصلت تحسين نموذجها الأساسي، وأصدرت عدة إصدارات منه. ومع ذلك، لم تحظ ديب سيك باعتراف دولي حتى يناير الفائت، عندما أطلقت نموذج R1 المخصص للاستدلال المنطقي (Reasoning Model).

مزايا وعيوب الذكاء الاصطناعي: الفوائد، المخاطر، والقضايا الأخلاقية

يوفر الذكاء الاصطناعي مجموعة كبيرة من الفوائد للعمل والأبحاث، لكنه يترافق مع العديد من مخاطر والمشاكل الأخلاقية. إحدى المخاوف الرئيسية المحيطة بالذكاء الاصطناعي هي إمكانية تضليل المستخدمين أو التسبب في أضرار، لا سيما من خلال المعلومات المضللة أو التحيزات. كما تعتبر الخصوصية أيضًا قضية مهمة، إذ تعالج نماذج الذكاء الاصطناعي كميات هائلة من البيانات الشخصية الحساسة.

للذكاء الاصطناعي قدرة على توليد نتائج أسرع وأكثر دقة، مما يقلل من الأخطاء ويحد من المخاطر في المجالات الحرجة. كما يمكن استخدامه في تنفيذ المهام الخطرة أو المعقدة مما يساعد في تجنب إصابة البشر. إلى جانب ذلك، يعمل الذكاء الاصطناعي دون الحاجة إلى فترات راحة، مما يزيد من الإنتاجية.

ويساعد الذكاء الاصطناعي في تخفيف العبء المرتبط بالمهام المملة والمتكررة، مما يسمح للبشر بالتركيز على المهام الإبداعية والاستراتيجية. ويمكن له أن يحلل كميات هائلة من البيانات والكشف عن أنماط غير مرئية للبشر، مما يساعد في توليد الأفكار وتخصيص الخدمات عبر مختلف الصناعات، ودفع الابتكار في العديد من المجالات.

ومع ذلك، فإن الذكاء الاصطناعي له عيوب أيضًا. فقد يبدو أحيانًا خاليًا من الإبداع والمشاعر، خاصة عند إنشاء المحتوى. وعلى الرغم من قدرته على توليد الأفكار، إلا أنها غالبًا ما تفتقر إلى الأصالة.

من جهة أخرى، وجدت دراسة أن الذكاء الاصطناعي يميل إلى إسناد مشاعر سلبية للأشخاص غير البيض أكثر من غيرهم، مما يسلط الضوء على خطر إدامة التحيزات القائمة.

الذكاء الاصطناعي متحيز ضد البشر غير البيض

أضف إلى ذلك، فإن حقيقة تقدم الذكاء الاصطناعي في أماكن العمل، قد يؤدي إلى فقدان الوظائف، خاصة تلك التي تعتمد على تكرار المهام.

من جهة أخرى، يعتقد البعض أن الذكاء الاصطناعي سيخلق وظائف جديدة تعادل أو تفوق تلك التي يستبدلها، لكن هذه التحولات تتطلب إعادة تدريب القوى العاملة، وإلا فإن الكثيرين قد يواجهون تحديات في مواكبة التغيرات السريعة.

ثأثر الوظائف حول العالم بالذكاء الاصطناعي

وفي هذا السياق، قال مارك زوكربيرغ في مقابلة مع مجلة فورتشيون: "ربما في عام 2025، سيكون لدينا في ميتا وكذلك في الشركات الأخرى التي تعمل في هذا المجال، ذكاء اصطناعي يمكنه العمل كمبرمج متوسط المستوى، وكتابة الشيفرات البرمجية". يُذكر أن استثمارات مارك زوكربيرغ في تطوير ذكاء اصطناعي للبرمجة في ميتا تقدر بـ65 مليار دولار.

65 مليار دولار يستثمرها زوكربيرغ في الذكاء الاصطناعي

كشفت الدراسة أيضًا أن الباحثين في مرحلتي الدكتوراه والماجستير هم الأكثر استخدامًا لأدوات الذكاء الاصطناعي. في المقابل، يقل استخدام الذكاء الاصطناعي بين الباحثين الأكثر خبرة، مما يعكس تزايد المخاوف بشأن دقة وموثوقية النتائج البحثية التي ينتجها الذكاء الاصطناعي وتداعياتها الأخلاقية.

أثارت هذه النتائج نقاشات، خاصة حول كيفية تحقيق التوازن بين وتيرة الابتكار التكنولوجي السريعة والحاجة إلى الحفاظ على المعايير الأخلاقية الأكاديمية الراسخة. 

دقة نماذج الذكاء الاصطناعي

ذكرت رويترز، استنادًا إلى تحليل أجرته نيوز غارد وهي خدمة لتقييم موثوقية الأخبار أن نموذج ديب سيك حقق معدل دقة بلغ 17% فقط عند تقديم الأخبار والمعلومات، إذ احتل المرتبة العاشرة من أصل 11 مقارنة بمنافسيها الغربيين مثل شات جي بي تي وجيميني.

وكرر ادعاءات خاطئة بنسبة 30% من الوقت، وقدم إجابات غير مفيدة أو غامضة بنسبة 53%، مما أدى إلى معدل فشل إجمالي قدره 83%. مشيرًا إلى أن أداءها كان أسوأ بكثير من المعدل العام لفشل النماذج الغربية والذي وصل إلى 62%.

ووجد التحليل أنه في ثلاثة من أصل 10 أسئلة، كررت ديب سيك وجهة نظر الحكومة الصينية، حتى عندما لم يكن للسؤال علاقة بالصين، مثل حادث تحطم طائرة أذربيجان إيرلاينز.

ديب سيك تصل دقتها إلى 17%

تطور الذكاء الاصطناعي: من المفاهيم المبكرة إلى التطبيقات المتقدمة

وفقًا لنيجل تون، مؤلف كتاب "كيف يفكر الذكاء الاصطناعي: كيف بنيناه، كيف يمكن أن يساعدنا، وكيف يمكننا التحكم فيه"، يعود مفهوم الذكاء الاصطناعي إلى عام 1955، عندما اقترح جون مكارثي، أستاذ علوم الكمبيوتر في كلية دارتموث، إقامة ورشة صيفية تهدف إلى تطوير نهج جديد لعلوم الكمبيوتر.

جمعت الورشة مجموعة من الباحثين المتميزين، بما في ذلك كلود شانون، ومارفن مينسكي، ونايثانييل روتشستر. صاغ مكارثي مصطلح "الذكاء الاصطناعي" للتأكيد على الإمكانات غير المستغلة التي يمكن أن توفرها التطورات في علوم الكمبيوتر، بالنظر إلى التقدم العلمي والصناعي السريع في ذلك الوقت. تصور مكارثي الذكاء الاصطناعي كآلات مبرمجة لمحاكاة الذكاء البشري، والتفكير مثل البشر، وتقليد سلوكياتهم.

على الرغم من أن هذه الورشة الصيفية لم تحقق أهدافها المقصودة، إلا أنها نجحت في لفت الانتباه إلى مجال بحثي جديد وهو الذكاء الاصطناعي. منذ ذلك الحين، كان التقدم العلمي في هذا المجال تدريجيًا، خاصة مع الجهود المبكرة في التعلم الآلي وارتباطه بالاستدلال المنطقي، وهو ما يتماشى بشكل أكبر مع النماذج الحالية للبرمجيات والخوارزميات. ومع ذلك، واجه هذا المسار العديد من التحديات التي أعاقت قدرته على تحقيق نجاح واسع النطاق ومؤثر.

وفقًا لتون، استغرق الأمر أكثر من 90 عامًا حتى يصل الذكاء الاصطناعي إلى مستواه الحالي من التطور، إذ حدث التقدم بطرق مختلفة وبمعدلات متفاوتة، اعتمادًا على التطورات التكنولوجية في كل مرحلة. في أيامه الأولى، كما كان الحال في مراحله المبكرة، كان الذكاء الاصطناعي مقيدًا ببيئة تقنية بدائية، مما حدّ من مهامه في حل مشكلات بسيطة ومحددة مسبقًا بناءً على قواعد البرمجة. ومع ذلك، في الآونة الأخيرة، اتخذ الذكاء الاصطناعي اتجاهًا جديدًا، مدفوعًا بظهور تطبيقات متقدمة قادرة على تحليل وإنتاج محتوى أكثر تعقيدًا وواقعية.

اقرأ/ي أيضًا

تصاعد مخاوف الخبراء من استغناء ميتا عن مدققي المعلومات وحلول مقترحة لتفادي الأزمة

هل يؤثر قرار ميتا بإيقاف التعاون مع مدققي المعلومات على انتشار التضليل؟

المصادر

اقرأ/ي أيضًا

الأكثر قراءة

مؤشر مسبار
سلّم قياس مستوى الصدقيّة للمواقع وترتيبها
مواقع تم ضبطها مؤخرًا
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
عرض المواقع
bannar