قناة رؤية على يوتيوب وصناعة التضليل بالذكاء الاصطناعي
في عصر المعلومات الرقمية، حيث يُمكن لصوت واحد أن يصل إلى ملايين الأشخاص في ثوانٍ، برزت قنوات يوتيوب تحاول خلق تشابه يثير الالتباس مع منصات إعلامية معروفة، لخداع الجمهور والتأثير على الرأي العام. من بين هذه القنوات قناة رؤية "Ro'ya"، التي تستخدم اسمًا قريبًا جدًّا من القناة الأردنية رؤيا Roya، مع اختلاف بسيط في الكتابة، فهي تكتبها بالتاء المربوط رؤية Ro'ya، إلى جانب اعتماد ألوان مشابهة للونين البنفسجي والأبيض الذين تُعرف بهما القناة الأصلية، مما يدفع المشاهد إلى ربط المحتوى المضلل بها للوهلة الأولى، إذا لم يدقق جيدًا في طريقة كتابة الاسم.
أُنشئت قناة رؤية "Ro'ya" في عام 2016. لكنها بقيت غير نشطة مدة سنوات إلا من منشورات على قناة يوتيوب أغلبها لا يتضمن محتوى فعلي، قبل أن تبدأ إنتاجها الإعلامي بشكل مكثف عام 2024، بمجموع 48 مقطع فيديو. يذكر بأن القناة شهدت نموًا سريعًا لتصل إلى أكثر من مليون مشترك وملايين المشاهدات، ولا يوجد أي معلومات عن الدولة التي تنشط منها. وتجدر الإشارة بأنه يمكن تعديل تاريخ إنشاء القناة على يوتيوب، لذا يمكن أن يكون التاريخ المكتوب غير صحيح.
ارتفاع نشاط القناة بالتزامن مع التطورات في فلسطين ولبنان وسوريا
مع أنّ القناة أُنشئت منذ عام 2016 كما هو موضح في النبذة التعريفية لها، إلا أن نشاطها في إنتاج مقاطع الفيديو فعليًّا بدأ منذ ست أشهر فقط، إذ نشرت مقاطع فيديو مرتبطة بالشؤون الفنية والرياضية. وبدأت تلقى رواجًا بشكل مكثف بعد إنتاج مقاطع الفيديو الخاصة بتصاعد الأحداث في غزة ولبنان وسوريا، مستهدفة بشكل أساسي مشاهد تخص الحرب الإسرائيلية على غزة.
زاد إنتاج المحتوى بشكل ملحوظ خلال الأشهر الأخيرة، لكنه كان محتوى مضلل يعتمد على التلاعب بالمعلومات بطرق عدة من قبيل اقتطاع مشاهد من سياقها، أو التعديل الرقمي عليها، أو ترويج تصريحات مفبركة على لسان شخصيات معروفة، ما ساهم في نشر الفوضى المعلوماتية وزيادة الاستقطاب السياسي، لا سيما بما يتعلق بالأخبار المرتبطة بالأسيرات الإسرائيليات لدى حركة حماس.
استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة التضليل
إحدى أبرز التقنيات التي اعتمدت عليها قناة "Ro'ya" هي الذكاء الاصطناعي، الذي أتاح لها صناعة محتوى مزيف يبدو وكأنه حقيقي، صُمم أغلبه باستخدام موقع Heygen، الخاص بتوليد مقاطع فيديو مدعومة بالذكاء الاصطناعي ومصمم لإنشاء مقاطع فيديو تحوّل النص إلى كلام بأكثر من 300 صوت وبأكثر من 40 لغة، وباستخدام أكثر من 100 صورة رمزية.
إضافة إلى اعتمادها هذا الموقع، يبدو أن القناة استخدمت أداة التزييف العميق (Deepfake)، لتعديل مقاطع الفيديو بطريقة تبدو وكأنها تحتوي على تصريحات حقيقية من شخصيات سياسية وإعلامية بارزة. كذلك تركيب الصوت بالذكاء الاصطناعي عبر إنشاء تسجيلات صوتية مزيفة باستخدام تقنيات تحاكي أصوات شخصيات معروفة بدقة عالية. إلى جانب التلاعب بالصور والفيديو وتعديل مشاهد قديمة وإعادة تقديمها على أنها أحداث حديثة. هذه الأساليب تجعل من الصعب على الجمهور التمييز بين الحقيقة والتزييف، خاصةً مع انتشار المحتوى بسرعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يعاد نشره دون تحقق.
تحقيقات لمسبار فنّدت مشاهد مضللة نشرتها قناة "Ro'ya"
في إطار سعي مسبار لكشف التضليل والمعلومات المغلوطة، رصد فريق مسبار عددًا من مقاطع الفيديو التي نشرتها القناة.
الفيديو ليس لاعتراف موظفة في مكتب نتنياهو بمساعدة المقاومة الفلسطينية
تداول مستخدمون على منصات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو على أنه لموظفة تعمل في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تعترف بتقديم المساعدة للمقاومة الفلسطينية خلال الحرب الأخيرة على غزة. لكن تحقيق "مسبار" كشف أن الفيديو مزيف بالكامل، إذ لم يتم العثور على أي مصدر رسمي أو إعلامي موثوق يدعم هذه الادعاءات.
أظهرت التحليلات أن المشاهد المستخدمة في الفيديو تم توليدها بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي، إذ تضمنت صورًا قديمة لنتنياهو خضعت لتعديلات رقمية. إضافة إلى ذلك، تبيّن أن إحدى الصور المستخدمة في المقطع مأخوذة من حدث رسمي قديم يعود لعام 2012، وتم التلاعب بها بصريًا لإعطاء انطباع بأنها حديثة.
في ادعاء آخر، انتشر مقطع فيديو زُعم أنه يُظهر أسيرة إسرائيلية تتحدث عن تفاصيل احتجازها في غزة بعد الإفراج عنها، لكن تحقيق "مسبار" كشف أن الفيديو مولد بالكامل بواسطة تقنية الذكاء الاصطناعي.
الفيديو لأسيرة إسرائيلية مفرج عنها تتحدث عن تفاصيل أسرها في غزة
انتشر مقطع فيديو حديثًا يُزعم أنه يُظهر أسيرة إسرائيلية تتحدث عن تفاصيل أسرها في غزة بعد الإفراج عنها، لكن تحقيق "مسبار" كشف أن الفيديو مزيف. إذ أظهر التحليل أن الفيديو أُنشئ باستخدام موقع HeyGen، الذي يتيح إنتاج مقاطع فيديو بأصوات وصور مزيفة اعتمادًا على النصوص المدخلة، مع القدرة على محاكاة أكثر من عشرات اللغات. كما أوضح التحقيق أن الصورة المستخدمة في الفيديو لم تكن لشخص حقيقي، بل لصورة رمزية متحركة تم توليدها رقميًا.
إضافة إلى ذلك، أظهرت مراجعة فريق مسبار للفيديو أن المشهد الأول منه، الذي يُظهر لحظة لقاء الأسرى المحررين بذويهم، حقيقي. لكن الجزء الذي يعرض حديث الأسيرة المزعومة أُنشئ رقميًا بالكامل، وهو مشهد مُعاد استخدامه في مقاطع أخرى غير مرتبطة بقضية الأسرى، ما يؤكد زيف الادعاء.
الفيديو ليس لأسيرة إسرائيلية أسلمت تأثرًا بمعاملة فصائل المقاومة لها
في ظل تداول حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو على أنه لإحدى الأسيرات الإسرائيليات، التي أُفرج عنها من غزة، اعتنقت الإسلام بعد تأثرها بحسن معاملة فصائل المقاومة الفلسطينية للأسرى الإسرائيليين. لكن بعد التحقق، كشف فريق "مسبار" أن هذا الادعاء مضلل، إذ إنّ الفيديو المتداول قديم ويعود إلى عام 2023.
الفيديو الأصلي مأخوذ من مقابلة مع الصحفية البريطانية لورين بوث في بودكاست The Thinking Muslim، والتي كانت بعنوان "الحرب على المرأة المسلمة- حظر العباءات والأوهام الأوروبية". خلال المقابلة، ناقشت بوث قضايا تتعلق بالحجاب في أوروبا ولم تتطرق بأي شكل إلى قضية الأسر في غزة. كما أظهر التحليل الفني للفيديو أنه تعرض للتلاعب، إذ أُضيفت إليه دبلجة غير متطابقة مع الصوت الأصلي، ما أدى إلى تغيير مضمون الحديث ليبدو وكأنه اعتراف من أسيرة إسرائيلية باعتناق الإسلام، بينما في الحقيقة لم يكن للفيديو أي علاقة بهذا الادعاء.
الفيديو مفبرك وليس لأسيرة إسرائيلية هربت هي وزوجها بسبب الحياة الليلية
نشرت قناة رؤية فيديو تداولته بعض الحسابات على فيسبوك وإكس ادعت بأنه لحوار أسيرة إسرائيلية هربت هي وزوجها من الجيش بسبب الحياة الليلية في المعسكر، وكان الفيديو يدعي زوجان قررا الانضمام إلى الجيش مُصورًا روايةً عن تحول تجربتهما العسكرية إلى فساد أخلاقي، إذ لا أحد يهتم بأي شيء سوى غرائزه.
وبعد التحقق تبين أن الفيديو يتكون من جزأين، فالمشاهد الأولى للجنود والمجندات هي مقتطفات من فيديو وثائقي بعنوان القوات الخاصة الإسرائيلية: وحدة النخبة في الجيش والذي نشر عام 2024.
أما مقاطع المقابلات والمرأة والرجل وهما يتكلمان بالعبرية، فمولّد بالذكاء الاصطناعي، إذ أُنشئ بواسطة تطبيق HeyGen، عبر استخدام الصورة الرمزية للمستخدمين، مع إمكانية تخصيص الصوت، والملابس، والخلفية.
الفيديو ليس لامرأة أجبروها على خلع حجابها في إسرائيل
نشرت القناة فيديو تدعي فيه بأنه لسيدة تروي تفاصيل ما حدث عندما أجبرتها إسرائيل على خلع حجابها.
بعد تدقيق الفيديو تبين أن الفيديو يعود لامرأة مسلمة تدعى ليلى سوليز، تقاضي مقاطعة نوكس بسبب نشر صورة لها بدون حجاب عبر خبر صحفي على قناة WBIR Channel 10.
اقرأ/ي أيضًا
بانوراما مسبار لأبرز الأخبار الزائفة في عام 2024
الفيديو مجتزأ من فيلم وثائقي لشبكة بي بي سي وليس للسنوار في شبابه