تكنولوجيا

التأثير السلبي لانتشار المعلومات المضللة في مواقع التواصل على الأطفال

محمد عبد اللطيف خرواط محمد عبد اللطيف خرواط
date
13 فبراير 2025
آخر تعديل
date
6:33 ص
15 فبراير 2025
التأثير السلبي لانتشار المعلومات المضللة في مواقع التواصل على الأطفال
لا يملك الأطفال القدرة على تمييز الأخبار المضللة على الإنترنت

في ظل سهولة وصولهم إلى التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي، بات الأطفال أكثر تعرضًا للمعلومات المضللة من أي وقت مضى. فمع تزايد استخدامهم للإنترنت، كمصدر للأخبار والتعلم والترفيه، أصبحوا يواجهون معلومات غير دقيقة قد تؤثر على وعيهم وسلوكهم ومعتقداتهم، خاصة أنّ نضجهم المعرفي غير المكتمل، لا يخول لهم التمييز بين الأخبار الحقيقية والمضللة، مما يجعلهم عرضة للتأثير السلبي للمعلومات المغلوطة.

جيل رقمي في مواجهة طوفان المعلومات

أظهر مسح أجرته منظمة اليونيسف في 11 دولة، أن ما يصل إلى 75% من الأطفال يجدون صعوبة في تقييم مدى صحة المعلومات التي يواجهونها على الإنترنت. هذا الرقم يعكس مدى هشاشة الأطفال أمام سيل الأخبار المضللة التي تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي باتت المصدر الأساسي للمعلومات لديهم.
 

تشوه المعلومات المضللة التي يتعرض لها الأطفال فهمهم للواقع
تشوه المعلومات المضللة التي يتعرض لها الأطفال فهمهم للواقع

معظم المنصات الرقمية مثل فيسبوك وإنستغرام ويوتيوب وتيك توك، لا تقتصر على تقديم محتوى ترفيهي فقط، بل أصبحت أيضًا قنوات يستقي منها الجمهور الأخبار والمعلومات، مما يزيد من احتمالية تعرض المستخدمين الصغار للمعلومات المشوهة أو الزائفة. ورغم وجود قوانين مثل قانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت (COPPA)، فإن تجاوز القيود العمرية واستخدام حسابات الوالدين يجعل من السهل على الأطفال الوصول إلى المحتوى غير المناسب أو المضلل.

المراهقون أكثر عرضة لتصديق نظريات المؤامرة 

وفقًا لاستطلاع رأي جديد أجرته شركة Survation لصالح مركز مكافحة الكراهية الرقمية (CCDH)، فإن 49% من البالغين الأميركيين يوافقون على أربع عبارات على الأقل تتماشى مع نظريات المؤامرة الشائعة، وتشمل مواضيع مثل تفوق البيض، ومعاداة السامية، والتشكيك في اللقاحات، وإنكار تغير المناخ. لكن الأمر يصبح أكثر إثارة للقلق عند النظر إلى المراهقين، حيث ترتفع نسبة الإيمان بنظريات المؤامرة إلى 60% بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عامًا، وتصل إلى 69% بين أولئك الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لأكثر من أربع ساعات يوميًا.

المراهقون أكثر عرضة لتصديق نظريات المؤامرة عبر الإنترنت من البالغين (دراسة أميركية عام 2023)
المراهقون أكثر عرضة لتصديق نظريات المؤامرة عبر الإنترنت من البالغين (دراسة أميركية عام 2023)

 

لم تعد المعلومات المضللة تقتصر على المقالات المكتوبة أو الأخبار الزائفة، فقد أصبح الذكاء الاصطناعي التوليدي قادرًا على إنتاج صور ومقاطع فيديو ونصوص تحاكي الواقع بشكل مذهل. ومع تحسن التكنولوجيا، بات من الصعب حتى على البالغين التمييز بين الحقيقي والمزيف.

وفقًا لدراسة أجرتها Common Sense Media، يقول العديد من المراهقين إنهم خُدعوا بمحتوى مزيف، بما في ذلك المحتوى الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي. حوالي إثنان من كل خمسة (41%) من المراهقين يدركون أنهم رأوا صورًا أو مقاطع فيديو حقيقية ولكنها مضللة. أكثر من الثلث (35%) من المراهقين أفادوا بأنهم تعرضوا للخداع بسبب محتوى مزيف عبر الإنترنت. وحوالي واحد من كل خمسة مراهقين (22%) أبلغوا عن مشاركة محتوى اكتشفوا لاحقًا أنه كان مزيفًا. وأكثر من ربع المراهقين (28%) تساءلوا عما إذا كانوا يتحدثون مع روبوت محادثة أم مع إنسان.

يقول روبي تورني، المدير الأول لبرامج الذكاء الاصطناعي في Common Sense Media: "لا يرى العديد من الأطفال العيوب التي لم يتم تدريبهم على اكتشافها. ومع العلم أن الوسائط التي نستهلكها يمكن تعديلها أو حتى تزييفها، فمن الأهمية بمكان أن نتعلم جميعًا التفكير النقدي حول المعلومات التي نواجهها".

التأثير النفسي والاجتماعي للمعلومات المضللة

الشك المتزايد لدى المراهقين لا يقتصر على المحتوى الرقمي فحسب، بل يمتد ليشمل المؤسسات الرسمية والتعليمية والإعلام التقليدي. أصبح التشكيك في الأخبار والتاريخ وحتى في المناهج الدراسية أمرًا شائعًا بين المراهقين، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الثقة بالمعلومات والمصادر الموثوقة. 

تشير الأبحاث إلى أن التعرض المستمر للمعلومات المضللة يمكن أن يؤدي إلى زيادة القلق والارتباك بسبب تضارب المعلومات وتشويه وجهات النظر حول القضايا الاجتماعية والسياسية، وتراجع مهارات التفكير النقدي مما يسهل على الشباب الوقوع ضحية للأخبار الكاذبة وانعدام الثقة بالمؤسسات، سواء الإعلامية أو الحكومية أو حتى التعليمية.

ولمواجهة التحديات الناجمة عن استخدام الأطفال لمواقع التواصل الاجتماعي، لجأت بعض الدول إلى فرض قيود قانونية صارمة لتنظيم هذا الاستخدام.

وافقت أستراليا، على حظر استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لمن هم دون 16 عامًا، مما يجبر شركات مثل ميتا وتيك توك، على تطبيق قيود صارمة، مع فرض غرامات تصل إلى 32 مليون دولار على الشركات التي لا تلتزم بهذه القواعد. 

أستراليا تحظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون سن 16 عامًا
أستراليا تحظر استخدام مواقع التواصل الاجتماعي للأطفال دون سن 16 عامًا/ رويترز

أما في أوروبا، فقد اتخذت عدة دول خطوات لتنظيم وصول الأطفال إلى الإنترنت. في فرنسا، أصبح من الضروري الحصول على موافقة الوالدين لإنشاء حسابات للأطفال دون 15 عامًا، وتفرض ألمانيا وبلجيكا قيودًا مماثلة، حيث يُسمح للأطفال باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي فقط بموافقة الوالدين حتى سن 16 عامًا في ألمانيا و13 عامًا في بلجيكا. في الوقت نفسه، تدرس النرويج إمكانية رفع السن الأدنى لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي إلى 15 عامًا، في حين فرضت هولندا حظرًا على استخدام الأجهزة المحمولة في الفصول الدراسية اعتبارًا من يناير 2024، في خطوة تهدف إلى الحد من تشتيت انتباه الطلاب وتعزيز بيئة تعليمية أكثر تركيزًا.

كيف نحمي الأطفال من المعلومات المضللة؟

مع تزايد انتشار المعلومات المضللة، من الضروري اتخاذ خطوات فعالة لحماية الأطفال وتزويدهم بالمهارات اللازمة للتعامل مع المحتوى الرقمي. وهنا بعض الحلول المقترحة: 

  • تصنيف المحتوى المنتج بالذكاء الاصطناعي: أكثر من 73% من المراهقين يرون ضرورة وضع علامات مائية أو تحذيرات على المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي، وهو ما قد يساعدهم في التمييز بين ما هو حقيقي وما هو منشأٌ رقميًا.

  • تعزيز الوعي بمخاطر المعلومات المضللة: يجب أن تلعب المدارس وأولياء الأمور دورًا أكبر في تثقيف الأطفال حول كيفية تحليل المعلومات، واستخدام تقنيات التحقق من الأخبار مثل البحث العكسي عن الصور والتأكد من مصادر الأخبار قبل تصديقها.

  •  تحسين الخوارزميات ورفع مستوى الشفافية: يتعين على مواقع التواصل الاجتماعي تحمل مسؤولية أكبر في مكافحة انتشار الأخبار الكاذبة، من خلال تحسين خوارزمياتها لتفضيل المحتوى الموثوق على المثير، وزيادة الشفافية حول كيفية ظهور المحتوى في صفحات المستخدمين.

  • تعزيز التفكير النقدي منذ الصغر بدلًا من تحذير الأطفال: يجب أن نعلمهم كيف يحللون المعلومات، وطرح الأسئلة المناسبة مثل: "من نشر هذا الخبر؟"، و"لماذا قد يكون هذا المحتوى مضللًا؟". 

اقرأ/ي أيضًا

كيف تعزز الألعاب الإلكترونية التوعية بالأخبار الزائفة ومجابهتها؟

قناة رؤية على يوتيوب وصناعة التضليل بالذكاء الاصطناعي

المصادر

اقرأ/ي أيضًا

الأكثر قراءة

مؤشر مسبار
سلّم قياس مستوى الصدقيّة للمواقع وترتيبها
مواقع تم ضبطها مؤخرًا
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
عرض المواقع
bannar