تكنولوجيا

دراسة تكشف ضعف القدرة على اكتشاف التزييف العميق وتزايد التهديدات الرقمية

فاطمة حمادفاطمة حماد
date
15 فبراير 2025
آخر تعديل
date
8:38 ص
16 فبراير 2025
دراسة تكشف ضعف القدرة على اكتشاف التزييف العميق وتزايد التهديدات الرقمية
ضعف الوعي الرقمي يزيد من انتشار التزييف العميق

في ظل التوسع المتسارع في استخدام الذكاء الاصطناعي، تزداد المخاوف بشأن قدرة الجمهور على التمييز بين المحتوى الحقيقي والمزيف، خاصة مع التطور المستمر لتقنيات التزييف العميق (Deepfake)، التي تُنتج صورًا ومقاطع فيديو تحاكي الواقع بدقة غير مسبوقة.

في السياق، كشفت دراسة حديثة أجرتها iProov، وهي شركة متخصصة في تقنيات التحقق البيومتري، عن فجوة كبيرة في قدرة المستهلكين على اكتشاف هذه التقنيات. شملت الدراسة ألفي مشارك من المملكة المتحدة والولايات المتحدة، حيث تم اختبار قدرتهم على التمييز بين محتوى حقيقي وآخر مزيف تم أُنشئ بواسطة الذكاء الاصطناعي، وأظهرت أن 0.1 في المئة فقط من المشاركين، تمكنوا من التمييز بدقة بين جميع المحتويات الحقيقية والمزيفة، سواء كانت صورًا أو مقاطع فيديو.

وتُبرز النتائج الحاجة الملحة لتعزيز الوعي بمخاطر التزييف العميق، وتأثيره على نشر المعلومات المضللة، والأمن الرقمي، وعمليات الاحتيال عبر الإنترنت. يحلل المقال التالي نتائج الدراسة، ويسلط الضوء على تداعياتها المحتملة.

ضعف القدرة على اكتشاف التزييف العميق يعزز انتشار المعلومات المضللة

كشفت الدراسة عن فشل كبير في قدرة المستهلكين على التمييز بين المحتوى الحقيقي والمزيف الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي، إذ لم يتمكن سوى 0.1 في المئة من المشاركين من تحديد جميع الصور ومقاطع الفيديو المزيفة والحقيقية بدقة. على الرغم من أن المشاركين في الدراسة كانوا مهيئين مسبقًا للبحث عن التزييف العميق، ما يعني أن قابلية الخداع في البيئات الحقيقية، حيث يكون الوعي أقل، قد تكون أعلى بكثير.

وعلى الرغم من انتشار المعلومات المضللة والتهديد المتزايد الذي يشكله التزييف العميق، أظهرت النتائج أن معظم المستهلكين لا يتحققون من صحة المحتوى الذي يشاهدونه عبر الإنترنت، ما يزيد من تعرضهم للخداع. فوفقًا للدراسة، ربع المشاركين فقط يبحثون عن مصادر معلومات بديلة عند الاشتباه في وجود تزييف عميق، بينما 11 في المئة فحسب يجرون تحليلًا للمصدر والسياق بطريقة نقدي، ما يعكس مدى ضعف الوعي الرقمي لدى الجمهور، ويؤكد الحاجة إلى تعزيز مهارات التحقق من المعلومات لمواجهة انتشار السرديات الزائفة التي قد تؤثر على الرأي العام والمجتمع بشكل أوسع.

كبار السن أكثر عرضة للتزييف العميق

كشفت الدراسة عن فجوة معرفية كبيرة بين الأجيال الأكبر سنًا فيما يتعلق بالتزييف العميق، ما يجعلهم أكثر عرضة للتضليل. ووفقًا للنتائج، لم يسمع 30 في المئة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 55 و64 عامًا، و39 في المئة ممن تزيد أعمارهم عن 65 عامًا بهذه التقنية من قبل، وهو ما يعكس ضعف الوعي الرقمي لدى هذه الفئة، وزيادة قابليتها للتأثر بالمحتوى المزيف الناتج عن الذكاء الاصطناعي.

إلى جانب ذلك، يثير انتشار التزييف العميق قلقًا متزايدًا بشأن تأثيره المجتمعي، خاصة بين كبار السن. فقد أظهرت الدراسة أن 74 في المئة من المشاركين يعبرون عن مخاوفهم تجاه تداعياته، بينما يعتبر 68 في المئة أن الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة هي أكبر تهديد ناتج عنه. وبرز هذا القلق بشكل أوضح لدى الأفراد الذين تزيد أعمارهم عن 55 عامًا، فأعرب 82 في المئة منهم عن خشيته من انتشار المعلومات الزائفة وتأثيرها على المجتمع.

نتائج الدراسة تُظهر مخاوف مجتمعية واسعة من التزييف العميق خاصة بين كبار السن
نتائج الدراسة تُظهر مخاوف مجتمعية واسعة من التزييف العميق خاصة بين كبار السن

مقاطع الفيديو المزيفة أكثر خداعًا من الصور

أوضحت الدراسة أن مقاطع الفيديو المزيفة تمثل تحديًا أكبر في الاكتشاف مقارنة بالصور المزيفة، حيث كان المشاركون أقل قدرة بنسبة 36 في المئة على التمييز الصحيح بين مقاطع الفيديو الحقيقية والمولدة بالذكاء الاصطناعي، مقارنة بالصور.

تسلط هذه الفجوة الضوء على مخاطر الاحتيال القائم على الفيديو، مثل انتحال الهوية في مكالمات الفيديو، أو استغلال تقنيات التزييف العميق في عمليات التحقق عبر الفيديو لتزوير الهوية.

الثقة المفرطة في كشف التزييف العميق تهدد الوعي الرقمي

تُشير النتائج إلى أنّ رغم الأداء الضعيف للمشاركين في اختبار التمييز بين المحتوى الحقيقي والمزيف، أبدى أكثر من 60 في المئة منهم ثقة مفرطة في قدرتهم على اكتشاف التزييف العميق، بغض النظر عن مدى صحة إجاباتهم. وبرز هذا الاتجاه بشكل خاص بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عامًا، ما يعكس فجوة واضحة بين الثقة الذاتية والقدرة الفعلية على اكتشاف المحتوى المزيف.

تشكّل هذه الثقة الزائفة تحديًا خطيرًا وفقًا للدراسة، إذ قد تدفع الأفراد إلى التعامل مع المحتوى الرقمي دون تدقيق كافٍ، ما يزيد من احتمال تعرضهم للخداع والتضليل. ومع تصاعد القلق العالمي بشأن انتشار التزييف العميق، ما يزال الوعي بهذه التقنية محدودًا، فقد كشفت الدراسة أن 22 في المئة من المستهلكين لم يسمعوا مطلقًا عن التزييف العميق قبل مشاركتهم في البحث. يعكس هذا الواقع الحاجة الملحة إلى تعزيز التوعية الرقمية، وتمكين الأفراد من أدوات التحقق الفعالة لمواجهة هذا التحدي المتنامي.

تراجع الثقة في وسائل التواصل الاجتماعي بسبب انتشار التزييف العميق

باتت منصات التواصل الاجتماعي بيئة خصبة لانتشار التزييف العميق، إذ أظهرت الدراسة أن Meta (فيسبوك وانستغرام) بنسبة 49 في المئة ومنصة تيك توك بنسبة 47 في المئة، هما أكثر المنصات التي يُرجح العثور فيها على هذا النوع من المحتوى.

وقد انعكس هذا الواقع على مستوى الثقة في المعلومات الرقمية، إذ أفاد 49 في المئة من المشاركين بأنهم أصبحوا أقل ثقة بوسائل التواصل الاجتماعي بعد معرفتهم بتقنيات التزييف العميق، ما يشير إلى تزايد الشكوك في صدقية المحتوى المنشور عبر هذه المنصات. ورغم ذلك، ما يزال الإبلاغ عن المحتوى المشبوه محدودًا، إذ أعرب واحد من كل خمسة أشخاص  فقط، عن استعداده للتبليغ عن التزييف العميق عند رصده.

ضعف آليات الإبلاغ والوعي بالتزييف العميق يعزز انتشاره

رغم تزايد القلق بشأن التزييف العميق، ما تزال آليات الإبلاغ عنه غير واضحة للعديد من المستخدمين، ما يسهم في تفشيه دون رقابة فعالة. إذ أوضحت النتائج أن أقل من ثلث المشاركين (29 في المئة) لا يتخذون أي إجراء عند رصد محتوى يشتبه في كونه مزيفًا، وهو ما يرجع في الغالب إلى عدم معرفة 48 في المئة منهم بكيفية الإبلاغ عنه. في المقابل، أبدى ربع المشاركين عدم اكتراثهم عند مشاهدة تزييف عميق مشتبه به، مما يعكس غياب الوعي الكافي حول مخاطر التزييف العميق وتأثيره على انتشار المعلومات المضللة.

ما يبرز الحاجة الملحة إلى تعزيز الوعي الرقمي وتطوير آليات إبلاغ أكثر سهولة ووضوحًا، لضمان مشاركة المستخدمين في الحد من انتشار المحتوى المزيف وحماية الفضاء الرقمي من التضليل الإعلامي.

لا يمكن الاعتماد على الحكم البشري وحده لكشف التزييف العميق

مع تزايد تهديدات التزييف العميق، يؤكد خبراء الأمن الرقمي أن المؤسسات لم تعد قادرة على الاعتماد على قدرة الأفراد في التمييز بين المحتوى الحقيقي والمزيف، ما يستدعي تبني حلول تقنية متطورة لمكافحة هذه الظاهرة.

في السياق، يشير البروفيسور إدغار وايتلي، خبير الهوية الرقمية في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، إلى أن التزييف العميق لم يعد مجرد تهديد نظري، بل أصبح واقعًا يستهدف الأفراد والمؤسسات على حد سواء. ويوضح أن نتائج الدراسة تؤكد أن الاعتماد على الحكم البشري وحده لم يعد كافيًا لكشف المحتوى المزيف، ما يستوجب البحث عن آليات تحقق أكثر تقدمًا لمصادقة مستخدمي الأنظمة الرقمية والخدمات الإلكترونية.

من جانبه، شدد أندرو بود، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة iProov، على خطورة الاعتماد على التقييم الذاتي في كشف التزييف العميق، وأضاف أن المجرمين يستغلون ضعف قدرة المستهلكين على التمييز بين الصور الحقيقية والمزيفة، ما يعرض البيانات الشخصية والأمن المالي لخطر حقيقي.

ويؤكد بود أن المسؤولية تقع على عاتق شركات التكنولوجيا لتعزيز الحماية الرقمية عبر تنفيذ تدابير أمنية أكثر صرامة. ويشدد على أن استخدام القياسات البيومترية للوجه مع خاصية التحقق من الحيوية يمثل وسيلة مصادقة موثوقة، توازن بين الأمان والسيطرة الفردية، وتساعد المؤسسات والمستخدمين على مواكبة التهديدات المتزايدة والحماية منها بفعالية.

ووفقًا لتقرير iProov للاستخبارات حول التهديدات لعام 2024، سجلت تقنية استبدال الوجوه، وهي أحد أشكال التزييف العميق، زيادة بنسبة 704 في المئة خلال الأشهر الـ 12 الماضية.

اختبار تفاعلي لقياس قدرة المستخدمين على كشف التزييف العميق

لقياس قدرة المستخدمين على التمييز بين المحتوى الحقيقي والمزيف، أطلقت iProov اختبارًا تفاعليًا عبر الإنترنت لاختبار مهاراتهم في كشف التزييف العميق. ورغم أنه لا يُعد مقياسًا علميًا دقيقًا، إلا أنه يسلط الضوء على التحديات التي تواجه الجمهور في التعرف على المحتوى المزيف.

يعرض الاختبار للمشاركين عشرة صور أو مقاطع فيديو لوجوه، واحدة تلو الأخرى، ويطلب منهم تحديد ما إذا كان كل منها حقيقيًا أم مولدًا بالذكاء الاصطناعي، مما يمنحهم تجربة عملية في كشف التزييف العميق، وللتجربة، يمكنكم فتح الاختبار من الرابط هنا.

اختبار تفاعلي تعرضه iproov علر موقعها لقياس قدرة اكتشاف التزييف العميق
اختبار تفاعلي تعرضه iproov علر موقعها لقياس قدرة اكتشاف التزييف العميق

اقرأ/ي أيضًا

كيف نحمي أنفسنا من الوقوع في فخ التزييف العميق؟

تأثير التزييف العميق على نزاهة الانتخابات مقارنةً بالأخبار والنصوص الزائفة

المصادر

اقرأ/ي أيضًا

الأكثر قراءة

مؤشر مسبار
سلّم قياس مستوى الصدقيّة للمواقع وترتيبها
مواقع تم ضبطها مؤخرًا
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
عرض المواقع
bannar