أسوشييتد برس: عمالقة التكنولوجيا الأميركية يدعمون الجيش الإسرائيلي في حروبه
كشف تحقيق لوكالة أسوشييتد برس أن شركات التكنولوجيا الكبرى في الولايات المتحدة مكنت إسرائيل سرًا من تسريع تتبع وقتل الأشخاص في غزة ولبنان، من خلال توفير خدمات الذكاء الاصطناعي والحوسبة.
ارتفاع استخدام الجيش الإسرائيلي لتقنيات مايكروسوفت وأوبن إيه بعد السابع من أكتوبر
لطالما تعاقدت الجيوش مع شركات خاصة لتطوير أسلحة مستقلة مخصصة. لكن الحروب الأخيرة لإسرائيل تبرز كمثال رئيسي على استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي التجارية أميركية الصنع في القتال الفعلي، رغم التحذيرات من أن هذه التقنيات لم تُصمم لاتخاذ قرارات الحياة والموت.
كشف تحقيق حديث أجرته وكالة أسوشييتد برس الأميركية، نُشر يوم 18 فبراير/شباط الجاري، أن عمالقة التكنولوجيا في الولايات المتحدة مكّنوا إسرائيل سرًا من استخدام الذكاء الاصطناعي وخدمات الحوسبة لتعقب وقتل المزيد من الأفراد في غزة ولبنان. ووفقًا للتحقيق، ارتفع استخدام إسرائيل لتقنيات مايكروسوفت وأوبن إيه آي بعد السابع من أكتوبر/تشرين الثاني 2023، بشكل ملحوظ.
يعتمد الجيش الإسرائيلي على الذكاء الاصطناعي لتحليل كميات هائلة من المعلومات الاستخباراتية والاتصالات المعترضة وبيانات المراقبة لاكتشاف الأحاديث أو السلوكات المشبوهة وتتبع تحركات أعدائه.
وكشف التحقيق عن تفاصيل جديدة حول كيفية اختيار أنظمة الذكاء الاصطناعي للأهداف والمخاطر المحتملة للأخطاء، بما في ذلك البيانات أو الخوارزميات الخاطئة، إذ استندت الوكالة في تحقيقها إلى وثائق داخلية وبيانات ومقابلات حصرية مع مسؤولين إسرائيليين حاليين وسابقين وموظفين في الشركات المعنية.
جاء في التحقيق، أن الجيش الإسرائيلي وصف الذكاء الاصطناعي بأنه "مغيّر لقواعد اللعبة" في تحديد الأهداف بسرعة بعد عملية السابع من أكتوبر 2023.
وفي السياق قالت هايدي خلف، كبيرة علماء الذكاء الاصطناعي في معهد إيه آي ناو (AI Now) والمهندسة السابقة في أوبن إيه آي "هذه هي المرة الأولى التي نحصل فيها على تأكيد بأن نماذج الذكاء الاصطناعي التجارية تُستخدم مباشرة في الحروب". وأضافت "الآثار المترتبة على ذلك هائلة فيما يتعلق بدور التكنولوجيا في تمكين هذا النوع من الحروب غير الأخلاقية وغير القانونية مستقبلًا".
اعتماد إسرائيل على الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية ازداد خلال الحرب الأخيرة
حافظت مايكروسوفت، على وجه الخصوص، على علاقة طويلة الأمد مع الجيش الإسرائيلي لعقود.
وكان تحقيق أجرته صحيفة ذا غارديان ومجلة +972 الإسرائيلية-الفلسطينية المستقلة، والمنصة العبرية لوكال كول، قد كشفوا استنادًا إلى وثائق حصل عليها من دروب سايت نيوز، عن تعمق علاقة مايكروسوفت مع الجيش الإسرائيلي.
ومع تحديث إسرائيل لقدراتها العسكرية، أصبحت خوادمها مثقلة، ما زاد من اعتمادها على مزودي الحوسبة السحابية من جهات خارجية.
ووفقًا لعرض قدمته الكولونيل راخيلي ديمبينسكي، كبيرة مسؤولي تكنولوجيا المعلومات في الجيش الإسرائيلي، قدم الذكاء الاصطناعي "فعالية عملياتية كبيرة جدًا" في غزة، وقد ظهرت خلفها، شعارات شركات مايكروسوفت أزور، وغوغل كلاود، وأمازون ويب سيرفيسز على شاشة كبيرة.
راجعت وكالة أسوشييتد برس بيانات داخلية للشركات وكشفت أن استخدام إسرائيل للذكاء الاصطناعي الخاص بمايكروسوفت وأوبن إيه آي ارتفع في مارس/آذار 2024 إلى ما يقرب من 200 ضعف المستويات المسجلة قبل السابع من أكتوبر.
بين أكتوبر 2023 ويوليو/تموز 2024، تضاعفت البيانات المخزنة على خوادم مايكروسوفت لتصل إلى 13.6 بيتابايت. ووفقًا للتحقيق، زاد اعتماد الجيش الإسرائيلي على خدمات مايكروسوفت السحابية بنحو الثلثين خلال أول شهرين من الحرب.
كما كشفت الوثائق أن إسرائيل تصل إلى نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة لأوبن إيه آي عبر منصة مايكروسوفت أزور السحابية. وبينما تنكر أوبن إيه آي أي علاقات مباشرة مع الجيش الإسرائيلي، فقد عدّلت سابقًا شروطها للسماح بـ"حالات استخدام تتعلق بالأمن القومي".
وجاء في التحقيق أن الجيش الإسرائيلي أخبر وكالة أسوشييتد برس أن الأنظمة المساعدة بالذكاء الاصطناعي تساعد في تحديد الأهداف مع ضمان الامتثال للقانون الدولي.
شركات تكنولوجية أميركية أخرى تدعم العمليات العسكرية الإسرائيلية
تقدم كل من غوغل وأمازون خدمات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي بموجب مشروع نيمبوس، وهو عقد بقيمة 1.2 مليار دولار تم توقيعه مع الحكومة الإسرائيلية عام 2021، وهو نفس العام الذي أطلقت فيه إسرائيل أنظمة الاستهداف المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.
توفر كل من سيسكو وديل وريد هات، وهي شركة تابعة لشركة IBM، أيضًا خدمات الحوسبة السحابية للجيش الإسرائيلي. فيما تعمل شركة بالانتير تكنولوجيز، الشريك الدفاعي الرئيسي لمايكروسوفت، بشكل وثيق مع إسرائيل وتقدم أنظمة ذكاء اصطناعي لتعزيز جهودها الحربية.
وبعد أن عدّلت أوبن إيه آي سياستها العام الفائت للسماح باستخدام الذكاء الاصطناعي لغايات "الأمن القومي"، اتبعت غوغل النهج ذاته وأزالت القيود المفروضة على تطبيقات الذكاء الاصطناعي للأسلحة والمراقبة.
وأعادت الشركة تأكيد التزامها بتطوير الذكاء الاصطناعي الذي "يحمي الناس، ويعزز النمو العالمي، ويدعم الأمن القومي".
استخدام الذكاء الاصطناعي التجاري وأخطاؤه
يعالج الجيش الإسرائيلي المعلومات الاستخباراتية التييحصل عليها من تقنيات المراقبة الجماعية باستخدام مايكروسوفت أزور. كما يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحويل وترجمة الاتصالات. يتم بعد ذلك التحقق من هذه البيانات بمساعدة أنظمة الاستهداف بالذكاء الاصطناعي لتعقب الأفراد والمواقع.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، كثفت إسرائيل استخدام الذكاء الاصطناعي في عمليات النسخ والترجمة، بالإضافة إلى نماذج أوبن إيه آي، لكن التفاصيل ما تزال غير واضحة.
من جهة أخرى، يحذر الخبراء من أن الترجمات المستندة إلى الذكاء الاصطناعي، خاصة في اللغات غير الإنجليزية، عرضة للأخطاء. وقد عُرف عن نموذج Whisper الخاص بأوبن إيه آي أنه يختلق نصوصًا أحيانًا، مضيفًا خطابًا عنصريًا أو عنيفًا.
من جانبهم، يعترف ضباط المخابرات الإسرائيليون بمخاطر الأخطاء الناتجة عن الذكاء الاصطناعي، وبينما يؤكد الجيش أن متحدثين باللغة العربية يتحققون من الترجمات، أقر ضابط استخبارات بأنه شهد أخطاءً في الاستهداف بسبب ترجمات ذكاء اصطناعي خاطئة من العربية إلى العبرية.
اقرأ/ي أيضًا
كيف استفاد الاحتلال الإسرائيلي من شركات التكنولوجيا الكبرى خلال حربه على غزة؟