الاحتلال يواصل تضليل المستهلكين وإخفاء منشأ تموره لمواجهة حملات المقاطعة
يأتي شهر رمضان الحالي، بالتزامن مع تصاعد الحملات العالمية لمقاطعة التمور الإسرائيلية، إذ يشهد هذا الشهر ذروة استهلاك التمور، ما يجعل هذه الحملات فرصة لتعزيز الوعي بالجرائم الاقتصادية التي يرتكبها الاحتلال.
وفي السياق، تركز حملات المقاطعة على أن التمور الإسرائيلية ليست مجرد سلع استهلاكية، بل هي نتاج استيطان غير شرعي، تُزرع في المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتُستغل في تمويل حروب الاحتلال وجرائمه.
كما تشدد حملات المقاطعة على أن المقاطعة تمثل أداةً فعالة لمساءلة الاحتلال اقتصاديًا، لا سيما مع استمرار إسرائيل في تصدير آلاف الأطنان من التمور سنويًا إلى أسواق أوروبا وأميركا وآسيا، واعتمادها أساليب تضليلية في التعليب والتغليف، من خلال وضع عبارات ورموز عربية، مثل اسم وعلم الدولة الفلسطينية أو الأردنية، أو عبر اللجوء إلى شركات وسيطة لخداع المستهلكين بشأن مصدر هذه المنتجات.
في المقال التالي، يرصد مسبار استمرار هذه الأساليب الاحتيالية التي تهدف إلى التأثير على قرارات المستهلكين الشرائية.
الاحتلال يطور أساليب مضللة جديدة للتحايل على حملات المقاطعة
أكدت حركة مقاطعة إسرائيل (BDS)، في تصريح لمسبار أن الاحتلال الإسرائيلي مستمر في تطوير أساليب متعددة لإخفاء منشأ منتجاته، بهدف التحايل على حملات المقاطعة.
مع انكشاف أساليب التلاعب وفشل بعض الشركات في تمويه منتجاتها، لجأت شركات إسرائيلية إلى بيع التمور في أكياس شفافة، دون أي تغليف أو علامات تشير إلى مصدرها. يهدف هذا الأسلوب إلى تجنب لفت الانتباه إليها، وتسهيل دمجها مع التمور الأخرى، مما يجعل تمييزها أمرًا صعبًا على المستهلكين.
وأشارت الحركة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يلجأ إلى التلاعب بتسمية المنتجات، عبر تسويق التمور الإسرائيلية على أنها تمور فلسطينية أو أردنية. على سبيل المثال، تقوم بعض الشركات الإسرائيلية في بريطانيا بوضع علامات توحي بأن المنتج فلسطيني، أو تمتنع عن ذكر بلد المنشأ بالكامل، وهو ما يعد انتهاكًا للقوانين البريطانية والأوروبية التي تشترط تقديم معلومات دقيقة عن بلد المنشأ، والشركة المصنعة والموردة، وتواريخ الاستهلاك.
بالإضافة إلى ذلك، يعتمد الاحتلال على شركات وسيطة في دول مختلفة، حيث تعيد هذه الشركات تغليف التمور وتصديرها تحت مسميات محايدة، مما يتيح تسويقها كمنتجات لدول أخرى بهدف الالتفاف على حملات المقاطعة.
ومن بين الأساليب الأخرى التي يعتمدها الاحتلال للتحايل على حملات المقاطعة، تغيير تصميم عبوات التمور الإسرائيلية بشكل دوري، من خلال تجديد الشعارات والألوان. يهدف هذا التكتيك إلى عرقلة جهود حملات المقاطعة التي تعتمد على نشر صور العلامات التجارية الإسرائيلية، مما يجعل تتبع المنتجات عبر الصور السابقة أكثر صعوبة.
مسبار يرصد كيف يتحايل الاحتلال الإسرائيلي على حملات المقاطعة
في تقرير سابق، تناول مسبار بالتفصيل أساليب التحايل الإسرائيلي على حملات المقاطعة، موضحًا كيف يعمد الاحتلال إلى تضليل المستهلكين، إضافةً إلى تسليط الضوء على آليات كشف هذه الأساليب لتجنب الوقوع فيها.
كما كشف مسبار، استنادًا إلى توثيقات نشطاء، كيف يعمد الاحتلال الإسرائيلي إلى إزالة اسم "إسرائيل" من المنتجات المصدّرة عالميًا، واستبدال بيانات ملصق بلد المنشأ – المطلوب قانونيًا على التمور قبل طرحها في الأسواق – بأسماء دول مثل الجزائر، جنوب أفريقيا، وكولومبيا، وذلك بهدف إخفاء المصدر الحقيقي للمنتجات.
إضافة إلى ذلك، يوثّق النشطاء أساليب التمويه التي يعتمدها الاحتلال في تسويق منتجاته، حيث يتم توظيف هذه التوثيقات كأدلة على ممارساته التضليلية. ويسهم ذلك في تعزيز وعي المستهلكين – لا سيما الملتزمين بالمقاطعة – بأهمية التحقق من مصدر المنتجات.
من جهة أخرى، رصد التقرير الانتشار المتزايد لحملات المقاطعة على المستويين العربي والعالمي منذ بدء العدوان على غزة، والتأثير المباشر لهذه الحملات على الشركات الإسرائيلية المنتجة والمصدّرة للتمور، مما تسبب في خسائر اقتصادية كبيرة.
إسرائيل تنتهك قرار محكمة العدل الأوروبية بشأن وسم المنتجات
يعد التلاعب الإسرائيلي بملصقات تعليب التمور انتهاكًا صريحًا لقرار محكمة العدل الأوروبية الصادر عام 2019، والذي يفرض ضرورة الإشارة بدقة إلى مصدر المنتجات الإسرائيلية.
ألزمت المحكمة دول الاتحاد الأوروبي بضمان أن تحمل المنتجات القادمة من المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة ملصقات تُظهر بوضوح مصدرها ومنطقة منشأها، بما يمكّن المستهلكين من اتخاذ قراراتهم بناءً على اعتبارات أخلاقية والتزامات القانون الدولي، ويمنع أي تضليل للمستهلك.
منظمة أميركية تجدّد حملتها ضد التمور الإسرائيلية خلال رمضان
تزامنًا مع شهر رمضان، جددت منظمة "المسلمون الأمريكيون من أجل فلسطين" (AMP) دعوتها إلى مقاطعة التمور الإسرائيلية في الأسواق الأميركية، والتي تُسوّق بأساليب مضللة على أنها تمور فلسطينية.
وفي إطار حملتها السنوية، نشرت المنظمة قائمة بعلامات تجارية إسرائيلية، من بينها "نافا فريش"، "كينغ سليمان دايتس"، و"جوردان ريفر"، داعيةً إلى مقاطعتها. كما قدمت إرشادات تفصيلية حول كيفية فحص الملصقات المرفقة بالتمور، وقراءة بياناتها، والتحقّق من صحة مصدرها.
وفي السياق ذاته، أكدت المنظمة نجاح حملة المقاطعة التي أطلقتها منذ عام 2012، مشيرةً إلى أن هذه الجهود أسهمت في خفض حصة التمور الإسرائيلية في السوق الأميركية، إذ بلغت نسبتها 25% عام 2015، لكنها لم تتجاوز اليوم 12.9%.
وأشارت المنظمة إلى أن تأثير حملات المقاطعة انعكس في رفض عدد من المتاجر الأميركية عرض التمور الإسرائيلية على رفوفها. بناءً على ذلك، دعت المنظمة إلى مواصلة تبني خطاب المقاطعة وتعزيز الوعي العام، بهدف حظر بيع التمور الإسرائيلية نهائيًا في الولايات المتحدة.
كيف تتحقق من مصدر التمور وتتجنب المنتجات الإسرائيلية؟
تعتمد الشركات الإسرائيلية على أساليب متعددة لإخفاء منشأ التمور، ما يجعل التحقق من مصدرها ضرورة للمستهلكين. يعد التدقيق في ملصقات التمور عند الشراء خطوة أساسية، حيث إن غياب الملصق، أو الاكتفاء بذكر موقع التعبئة دون تحديد بلد المنشأ، قد يكون مؤشرًا على محاولة إخفاء المصدر الحقيقي. تلجأ بعض الشركات إلى استخدام عبارات مبهمة مثل "منتج من وادي الأردن" أو "تمور الشرق الأوسط"، ما يستدعي الحذر عند الاختيار.
التحقق من الجهة الزراعية المنتجة وشهادة المنشأ يساعد في تجنب المنتجات مجهولة المصدر، والتي غالبًا ما تكون صادرة عن شركات إسرائيلية تتعمد إخفاء منشأها. طلب شهادة المنشأ عند الشراء من الأسواق أو المتاجر الكبرى يضمن عدم الحصول على منتجات تم تصديرها عبر وسطاء لإخفاء مصدرها الحقيقي.
يمكن أن يكون الباركود مؤشرًا إضافيًا، حيث إن المنتجات الإسرائيلية غالبًا ما تحمل رمزًا يبدأ بـ 729، رغم أن بعض الشركات تلجأ إلى استخدام رموز دول أخرى للتحايل على المقاطعة. البحث المسبق عن العلامات التجارية والشركات الإسرائيلية المنتجة للتمور يساعد في تجنب المنتجات التي يتم تصديرها بأسماء تجارية جديدة لإخفاء مصدرها.
المغرب: نجاح ملحوظ لحملة مقاطعة التمور الإسرائيلية
أعلنت حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) في المغرب عن نجاح حملتها لمقاطعة التمور الإسرائيلية، مشيرةً إلى أن جهودها أسفرت عن تحقيق نتائج ملموسة بعد حملة توعوية واسعة النطاق.التحقق من مصدر التمور قبل شرائها يساهم في الحد من انتشار المنتجات الإسرائيلية في الأسواق، ويعزز دعم البدائل الموثوقة.
وفي بيان عبر صفحتها على فيسبوك في مارس/آذار الجاري، أكدت الحركة اختفاء العلامات التجارية الإسرائيلية للتمور من الأسواق المغربية، معتبرةً ذلك نتيجة مباشرة للحملات التوعوية المكثفة والجهود المستمرة في تعزيز المقاطعة.
من جهة أخرى، حذرت الحركة من لجوء بعض المستوردين إلى أساليب احتيالية لإدخال التمور الإسرائيلية إلى الأسواق المغربية، إما عبر شركات فلسطينية أو أردنية، أو من خلال شركات مغربية تستوردها بالجملة ثم تعيد تغليفها تحت أسماء تجارية محلية.
اقرأ/ي أيضًا