ما حقيقة تجاوز معدل خصوبة المهاجرات غير النظاميات ثلاثة أضعاف معدل خصوبة التونسيات؟
كشفت النائب بالبرلمان التونسي فاطمة المسدي، خلال مداخلة لها في إذاعة جوهرة أف أم (الخاصة)، بتاريخ الخامس من مارس/آذار الجاري، عن معطيات قالت إنها تلقتها من المستشفى الجامعي هادي شاكر بمحافظة صفاقس، تفيد بتسجيل 470 ولادة للمهاجرات غير النظاميات في هذا المستشفى خلال عام 2024 من أصل 50 ألف مهاجر غير نظامي في البلاد.
وأضافت أن "هذا الرقم يقابله 6670 ولادة جديدة في ولاية تونسية كاملة، وهو ما يعتبر رقمًا كبيرًا".
كما أفادت المسدي أن الإحصائيات تفيد بأن معدل خصوبة المهاجرات غير النظاميات يتجاوز 3 مرات عدد التونسيات "ما يجعلنا نتخوف من حدوث تغيير جذري للتركيبة السكانية" على حد قولها.
وبينت أن التوقعات المستقبلية لمحافظة صفاقس، تشير إلى أنه خلال العشر سنوات المقبلة سيمثل المهاجرون الأفارقة من جنوب الصحراء، قرابة 5 في المئة من السكان و18 في المئة عام 2040.
فأي دراسة اعتمدتها المسدي؟ وهل فعلا يتجاوز معدل خصوبة المهاجرات غير النظاميات 3 مرات خصوبة التونسيات؟
لا توجد إحصائية رسمية حول خصوبة المهاجرات غير النظاميات في تونس
تواصل "مسبار" مع النائب في البرلمان فاطمة المسدي للاستفسار حول الأرقام التي قدمتها في علاقة بمعدل خصوبة المهاجرات غير النظاميات، وتبين أنها لم تصدر عن جهة رسمية، حيث أكدت أنها قامت بالدراسة مع مجموعة من الخبراء ومازالت في طور الإنجاز ولم تُنشر إلى حد الآن، دون أن تقدم أكثر تفاصيل عنها.
كما تواصل مسبار مع المدير الجهوي الهادي شاكر بمحافظة صفاقس، منذر عابد، الذي أكد أن الأرقام المتداولة حول تسجيل 470 ولادة للمهاجرات غير النظاميات (ولادات عادية وقيصرية)، في هذا المستشفى خلال عام 2024 صحيحة.
وقال أستاذ الديموغرافيا أحمد عبد الناظر، في تصريح لمسبار، أنه لمعرفة نسبة الخصوبة في مجتمع ما سواءً كان ضيقًا أو كبيرًا، يتطلب القيام بدراسة استقصائية وإحصائية تحترم كل القواعد وهو مالم تتطرق إليه النائب بالبرلمان فاطمة المسدي من خلال الأرقام التي قدمتها.
وتابع "لا يمكن تعميم رقم الولادات الذي اعتمدتها المسدي (470 ولادة في مستشفى واحد بمحافظة صفاقس) على جميع المهاجرات غير النظاميات في بقية المحافظات الأخرى بسبب تفاوت النسب، خاصة أنّ محافظة صفاقس تعد أكبر مجمع للمهاجرين غير نظاميين".
وبحسب عبد الناظر فإنه حتى لو تم تسجيل نسبة كبيرة في الولادات للمهاجرات غير النظاميات، فإنه من الصعب تجاوز معدل خصوبة التونسيات بثلاث مرات.
وفي حديثه عن التوقعات المستقبلية المفترضة لمحافظة صفاقس، والتي قدمتها المسدي، أفاد عبد الناظر، أنه لتحديد هذه النسبة يفترض أن تكون هناك معرفة بالعدد الرسمي لعدد المهاجرين حاليّا وفي السنوات الفائتة، وإن كانت مرتفعة أم لا، مع تحديد عدد المجتازين للحدود خلسة وعدد المهاجرين الذين خيروا العودة طوعية إلى بلدانهم.
ويختم محدثنا القول "في حال لم تحدد هذه المعطيات فإن الاستنتاجات التي قدمتها النائب في البرلمان تبقى انطباعية ومضللة".
تغيير التركيبة الديمغرافية: خطاب لترهيب المهاجرين؟
من جهته، أكد الباحث في علم الاجتماع خالد الطبابي في منشور له على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أنّ الأرقام المقدمة حول حالات الإنجاب لا مصادر رسمية لها وأن بعض النخب المناهضة للمهاجرين تعمل على تضخيم الأعداد بهدف ترهيب المهاجرين.
وأفاد الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر، لمسبار، أن ما حدث في محافظة صفاقس، حملة منسقة وسببها ليس ارتفاع عدد المهاجرين، لأن الخطاب الرسمي التونسي يتحدث عن انخفاض عدد المهاجرين في تونس نتيجة المقاربة الأمنية التي اعتمدتها السلطات التونسية، قائلًا "هذه الحملة كانت بدفع من نواب عن محافظة صفاقس من أجل تحقيق أهداف سياسية" .
وتابع بن عمر "وقع التلاعب بالمعطيات الديمغرافية من قبل النائب بالبرلمان فاطمة المسدي لأعداد المهاجرين غير النظاميين في محافظة صفاقس، واعتبار وجودهم خطرًا على الأمن القومي وتهديد ديمغرافي".
ومن جهته أفاد رئيس مرصد حقوق الانسان(غير حكومي)مصطفى عبد الكبير، في تصريحات لمسبار أن مثل هذه الدراسات تطلب جانبًا كبيرًا من الدقة، ولا يمكن أن تصدر إلا عن طريق فريق علمي متخصص وتحتاج سنوات من البحث، مؤكدًا، أن ملف المهاجرين غير النظاميين لا يمكن حله إلا عن طريق إرساء هيئة وطنية ممثلة عن كل الوزارات وتشمل منظمات وطنية وإنسانية وبالشراكة مع منظمات دولية قادرة على حل الملف.
رابطة حقوق الإنسان تدعو لوضع استراتيجية للتعامل مع المهاجرين غير النظاميين
أكدت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، في بيان لها، أن التعامل مع ظاهرة الهجرة غير النظامية، لا يمكن أن يكون فقط عبر مقاربات أمنية بل من خلال سياسات شاملة تحترم القوانين التونسية والمعاهدات الدولية.
وشددت الرابطة على ضرورة وضع سياسات هجرة "عادلة وإنسانيّة" تضمن سلامة المهاجرين واحترام حقوقهم وتراعي في الوقت نفسه التحدّيات الاقتصادية والاجتماعيّة التي تواجهها تونس.
وطالبت الرّابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بوضع "استراتيجيّة وطنية واضحة وشفافة" في التعامل مع تدفّقات المهاجرين غير النظاميين تقوم على التعاون مع الدّول المعنيّة والمنظّمات الدّولية، بما يضمن مصلحة البلاد واحترام السّيادة الوطنيّة والالتزامات الحقوقية لتونس.
وتعوّل السلطات التونسية على برامج العودة الطوعية للمهاجرين غير النظاميين التي أطلقته خلال العامين الفائتين لحل ملف الهجرة.
وكان محمد بن عياد كاتب الدولة بوزارة الخارجية التونسية قد أكد أثناء كلمة ألقاها أمام البرلمان في شهر يناير الفائت، أن تونس وبالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة تمكنت من إعادة ما مجموعه 7250 مهاجرًا غير نظامي إلى بلادهم خلال عام 2024.
اقرأ/ي أيضًا
كم تبلغ أعداد المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء في تونس؟
ادعاءات مضللة ترافق أزمة المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء في تونس