سياسة

هل وثّق تقرير "الاتجاهات العالمية 2040" مخططًا لتغيير ديموغرافي في تونس؟

زينة البكريزينة البكري
date
22 مارس 2025
آخر تعديل
date
11:19 ص
23 مارس 2025
هل وثّق تقرير "الاتجاهات العالمية 2040" مخططًا لتغيير ديموغرافي في تونس؟
التقرير صادر عن مجلس الاستخبارات الوطني الأميركي وليس عن CIA

خلال مداخلة في الإذاعة الرسمية التونسية بتاريخ 20 مارس/آذار الجاري، تحدث أستاذ العلوم الجيوسياسية، رافع الطبيب، عما وصفه بمخطط لتغيير التركيبة الديمغرافية في تونس، مستندًا إلى كتاب "العالم سنة 2040". ووفقًا لما ذكره، فإن موجات الهجرة من دول أفريقيا جنوب الصحراء ستؤثر على دول شمال أفريقيا، وقد تؤدي إلى تغييرات في هويتها الوطنية.

كما نشرت الإذاعة التونسية مقتطفات من مداخلته تحت عنوان "هناك مخطط لتغيير التركيبة الديمغرافية في تونس، وهذا موثق في كتاب العالم سنة 2040 وفق رؤية مخابرات CIA" (في إشارة إلى وكالة المخابرات المركزية الأميركية CIA).

مخطط لتغيير التركيبة الديمغرافية في تونس موثق في كتاب العالم سنة 2040

هل ذكر تقرير "الاتجاهات العالمية 2040" وجود مخطط لتغيير التركيبة الديموغرافية في تونس؟

تحقّق "مسبار" من تصريح أستاذ العلوم الجيوسياسية رافع الطبيب ووجد أنّ "العالم سنة 2040" ليس كتابًا، وإنما تقرير صادر عن مجلس الاستخبارات الوطني الأميركي (NIC) بعنوان "الاتجاهات العالمية 2040: عالم أكثر تنافسًا".

ويُحدد التقرير أربع قوى هيكلية رئيسية يُتوقع أن تشكّل مستقبل الدول، وهي: التركيبة السكانية، البيئة، الاقتصاد، والتكنولوجيا. إلا أنه لا يشير إلى أي "مخطط" لتغيير التركيبة الديمغرافية في تونس أو غيرها من الدول، بل يناقش اتجاهات عالمية عامة قد تؤثر على العديد من المناطق بدرجات متفاوتة.

تقرير "الاتجاهات العالمية 2040" عن التغيرات المستقبلية والأمن القومي
تقرير "الاتجاهات العالمية 2040" عن التغيرات المستقبلية والأمن القومي

وبالعودة إلى النسخة الأصلية للتقرير الصادرة باللغة الإنجليزية، وجد مسبار أن الصفحة التي أشار إليها أستاذ الجيوسياسية، والتي تحمل الرقم 73 في النسخة الفرنسية، تعادل الصفحة 28 في النسخة الإنجليزية. وقد ادّعى أنها تتحدث عن وجود مخطط لضرب الهوية الوطنية لسكان شمال أفريقيا، إلا أن محتوى التقرير لا يدعم هذا الادعاء.

وبالاطلاع على نص التقرير، لم يرد فيه أي إشارة إلى أن المهاجرين القادمين من دول أفريقيا جنوب الصحراء سيؤثرون على التركيبة الديموغرافية لدول شمال أفريقيا أو هوية الدولة التونسية تحديدًا. كما لم ترد أي إشارة إلى تونس عند الحديث عن قضايا الهجرة العالمية (الصفحتان 27 و28 من التقرير).

وخلال تناوله لموضوع الهجرة، أوضح التقرير أن الحاجة المتزايدة للعمال في الدول التي تعاني من الشيخوخة تمثل عامل جذب متزايدًا للمهاجرين، خصوصًا في أوروبا وآسيا. كما أشار إلى أن الدول الأوروبية سجلت أكبر عدد إجمالي للمهاجرين عبر الحدود بحلول نهاية عام 2019، إذ بلغ عددهم نحو 70 مليونًا، ثلثهم من أوروبا الشرقية.

كما أشار التقرير إلى أن الاتجاهات الديموغرافية والتنموية البشرية ستفرض ضغوطًا متزايدة على الحكومات لزيادة الاستثمار العام وإدارة الهجرة، وقد تؤدي إلى عدم الاستقرار في بعض البلدان، بينما ستُسهم في تعزيز صعود آسيا، ما يضيف عبئًا إضافيًا على أجندة مؤسسات التنمية الدولية التي تواجه بالفعل ضغوطًا متزايدة.

واعتبر التقرير أن المهاجرين يمكن أن يساعدوا الاقتصادات المتقدمة في مواجهة آثار شيخوخة السكان من خلال تعزيز الإنتاجية الاقتصادية، وتقديم الخدمات، وتوسيع القاعدة الضريبية.

في المقابل، تطرق التقرير إلى الضغوط المعاكسة الناجمة عن ارتفاع أعداد المهاجرين، مثل النزعة الثقافية القوية للحفاظ على الهوية الوطنية والتجانس العرقي، والتي قد تؤدي إلى تصاعد ردود الفعل المناهضة للهجرة في العديد من الدول المتقدمة، وكذلك في بعض الدول النامية ومتوسطة الدخل التي تعاني من تقلص القوى العاملة، مثل الصين. ولم يذكر التقرير أي بلد من بلدان شمال أفريقيا، كما لم يتناول أي تأثير للهجرة على تونس.

 الهجرة وتأثيرها على الاقتصادات والسياسات العالمية
الهجرة وتأثيرها على الدول المتقدمة والعمالة والسياسات

التقرير صادر عن مجلس الاستخبارات الوطني الأميركي وليس عن CIA

أثناء نشرها جزءًا من مداخلة الخبير عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، أشارت الإذاعة التونسية إلى أن التقرير صادر عن وكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA)، وهو ما تبيّن أنه غير دقيق. فقد تحقّق مسبار ووجد أن التقرير صادر عن مجلس الاستخبارات الوطني الأميركي (National Intelligence Council - NIC).

التقرير صادر عن مجلس الاستخبارات الوطني الأميركي
التقرير صادر عن مجلس الاستخبارات الوطني الأميركي

ومنذ عام 1997، يقدم المجلس تقرير "الاتجاهات العالمية" لكل إدارة رئاسية أميركية جديدة أو مستمرة، باعتباره تقييمًا غير سري للبيئة الاستراتيجية. يهدف التقرير إلى مساعدة صانعي السياسات والمواطنين على توقع مختلف السيناريوهات المستقبلية والاستعداد لها.

ويُعد مجلس الاستخبارات الوطني الذراع التحليلية الاستراتيجية طويلة المدى لمجتمع الاستخبارات الأميركي، حيث يقدم تقييمات معمقة حول القضايا العالمية والتحديات المستقبلية.

مجلس الاستخبارات الوطني يصدر تقارير استراتيجية لدعم صناع القرار الأميركيين
مجلس الاستخبارات الوطني يصدر تقارير استراتيجية لدعم صناع القرار الأميركيين

قيس سعيّد يعتبر تدفق المهاجرين إلى تونس ترتيبًا لتغيير ديموغرافي

سبق أن صرح الرئيس التونسي قيس سعيّد، بأن تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين من دول أفريقيا جنوب الصحراء إلى تونس هو "ترتيب إجرامي" يهدف، وفق رأيه، إلى تغيير التركيبة الديموغرافية للبلاد.

وخلال اجتماع لمجلس الأمن القومي في فبراير/شباط 2023، قال سعيّد إن "هذا الوضع غير طبيعي، وهناك ترتيب أُعدّ منذ مطلع هذا القرن لتغيير التركيبة الديموغرافية لتونس، حيث تلقت بعض الجهات أموالًا طائلة بعد سنة 2011 لتوطين المهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء في تونس".

وأشار إلى أن "الهدف غير المعلن لهذه الموجات المتعاقبة من الهجرة غير النظامية هو اعتبار تونس دولة أفريقية فقط، دون ارتباطها بالأمتين العربية والإسلامية".

قيس سعيّد يعتبر تدفق المهاجرين إلى تونس ترتيبًا لتغيير ديمغرافي

تونس ترفض اتهامها بالعنصرية وتعلن إجراءات لدعم المهاجرين

في مارس/آذار 2023، وبعد أن أثارت تصريحات سعيّد جدلًا واسعًا وواجهت انتقادات من جهات حقوقية، أكدت تونس رفضها اتهامها بالعنصرية، مشيرة إلى أنها تعدّ من مؤسسي منظمة الوحدة الإفريقية، التي تحولت لاحقًا إلى الاتحاد الإفريقي.

وأعلنت حينها مجموعة من الإجراءات لدعم المهاجرين غير النظاميين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، شملت تسهيل عمليات المغادرة الطوعية، وتعزيز الإحاطة بالمهاجرين، وزيادة المساعدات الاجتماعية والصحية والنفسية لجميع المهاجرين واللاجئين من الدول الإفريقية. كما شددت على ضرورة مكافحة جميع أشكال الاتجار بالبشر، والحد من استغلال المهاجرين غير النظاميين من خلال تكثيف حملات الرقابة.

تصاعد الخطاب المعادي للمهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء في تونس

يواجه المهاجرون غير النظاميين من دول أفريقيا جنوب الصحراء في تونس تصاعدًا في الخطاب المعادي لهم، إذ طالب بعض السكان المحليين بترحيل المهاجرين، خصوصًا الذين يقيمون بالقرب منهم في مناطق غير منظمة.

وأظهر تقرير حديث صادر عن المنظمة الدولية للهجرة أن إجمالي عدد المهاجرين الدوليين في تونس، بما في ذلك المهاجرين غير النظاميين، بلغ نحو 63 ألف شخص عام 2024.

عدد المهاجرين الدوليين في تونس عام 2024 يبلغ 63.2 ألف شخص
عدد المهاجرين الدوليين في تونس عام 2024 يبلغ 63.2 ألف شخص

اقرأ/ي أيضًا

تحولت إلى مادة للتضليل بين مؤيدي ومعارضي سعيّد: أبرز ملامح سياسة الاقتراض في تونس

ادعاءات مضللة ترافق أزمة المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء في تونس

المصادر

كلمات مفتاحية

اقرأ/ي أيضًا

الأكثر قراءة

مؤشر مسبار
سلّم قياس مستوى الصدقيّة للمواقع وترتيبها
مواقع تم ضبطها مؤخرًا
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
عرض المواقع
bannar