أخبار

الإرهاب: تهمة إسرائيل الجاهزة لاستهداف الصحفيين الفلسطينيين

بيان حمدانبيان حمدان
date
27 مارس 2025
آخر تعديل
date
10:06 ص
29 مارس 2025
الإرهاب: تهمة إسرائيل الجاهزة لاستهداف الصحفيين الفلسطينيين
مقتل 208 صحفيين خلال الحرب الجاربة على قطاع غزة

يوم الإثنين 24 مارس/آذار الجاري، أعلن الاحتلال الإسرائيلي مقتل الصحفيين الفلسطينيين حسام شبات ومحمد منصور، بغارات جوية، ليصل عدد القتلى من الصحفيين خلال الحرب الجارية على قطاع غزة، 208، وففًا لإحصاءات نقابة الصحفيين الفلسطينيين.

كيف برر الاحتلال مقتل الصحفيين حسام شبات ومحمد منصور؟

خرج المتحدث باسم جيش الاحتلال للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، في مقطع مصوّر، يوم الثلاثاء، وادعى أن شبات "إرهابيًا" وينتمي إلى كتيبة بيت حانون التابعة لحركة حماس، في محاولة لتبرير قتله بدم بارد. 

وقال أدرعي إن جيش الاحتلال كشف عبر وثائق نشرها في أكتوبر/تشرين الأول 2024، عن تلقي شبات تدريبات عسكرية في القناصة وانتمائه إلى كتبية عسكرية في حماس منذ عام 2019، مدعيًا أنه قام خلال الحرب بأعمال تخريبية وإرهابية. 

وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد نشر في أكتوبر الفائت، قائمة تتضمن ستة صحفيين عاملين في قناة الجزيرة، ادعى أنهم عناصر في حركتي حماس والجهاد الإسلامي، ونعتهم بـ"الإرهابيين"، من بينهم الصحفي حسام شبات.

من جهته، نفى مراسل قناة الجزيرة مباشر في شمال قطاع غزة حسام شبات الادعاءات الإسرائيلية، وأكد تعرضه حينها لحملة تحريض تمثلت في وصول رسائل تهديد له بالقتل من متطرفين إسرائيليين، وتعرض حساباته المختلفة على منصات التواصل الاجتماعي لبلاغات جماعية.

وقال في منشورات على حسابه بموقع إكس "لقد نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي ملفات ملفقة تتهمنا، نحن آخر الصحفيين المتبقين في شمال غزة، بالإرهابيين" مؤكدًا أن هذه "الاتهامات الكاذبة" تشكل تهديدًا بالاغتيال ومحاولة لتبرير القتل مسبقًا.

حسام شبات

مستخدمًا نفس الذريعة، أفاد جيش الاحتلال بأنه قصف مواقع لـ"إرهابيين تابعين لحركتي حماس والجهاد الإسلامي"، لتبرير قصف منزل الصحفي الفلسطيني محمد منصور التابع لقناة فلسطين اليوم، والذي أسفر عن مقتله رفقة زوجته وابنه، في نفس اليوم الذي قتل فيه شبات.

استهداف الصحفيين الفلسطينيين داخل وخارج قطاع غزة

يتعرض الصحفيون الفلسطينيون، لشتى أشكال الاعتداء وصولًا إلى القتل، ولا يقتصر الأمر على صحفيي القطاع، ففي تقرير نشرته شبكة الجزيرة مؤخرًا، تحدثت عن هجمة إسرائيلية ضد صحفيي القدس تصاعدت وتيرتها مؤخرًا، بعد أن بدأت في السابع من أكتوبر 2023، تمثلت باعتقال وإبعاد عشرات الصحفيين عن المسجد الأقصى، منعًا لتوثيق انتهاكات المستوطنين وتستر قوى الأمن الإسرائيلي عليها. 

والعامل المشترك في انتهاكات الاحتلال ضد الصحفيين الفلسطينيين سواء في قطاع غزة أو القدس، هو تهمة الإرهاب، التي يلصقها بأي صحفي.

استهداف الصحفيين الفلسطينيين

خلال الحرب الجارية على القطاع، انتهج الاحتلال أسلوب تصفية الصحفيين، فبعد استهدافه الصحفي إسماعيل الغول والمصور رامي الريفي بغارة جوية يوم 31 يوليو/تموز 2024، نشر الجيش الإسرائيلي والمتحدث باسمه، أفيخاي أدرعي، بيانًا ادعى فيه أن مراسل قناة الجزيرة في قطاع غزة، قد “شارك في عملية السابع من أكتوبر، ولعب دورًا فاعلًا في توثيق ونشر مقاطع لعمليات المقاومة في غزة. كما ادعى أنه ناشط في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، وأحد عناصر قوات النخبة.

ونشر أدرعي، حينها صورة ادّعى أنها لوثيقة تتضمّن قائمة أسماء حصل عليها الجيش الإسرائيلي خلال عملياته في غزة، وقال "نكشف اليوم عن وثيقة من عام 2021 وُجدت في أجهزة حاسوب خاصة بحماس والتي صودرت في قطاع غزة وتتضمن قائمة بآلاف النشطاء في الجناح العسكري لحماس، حيث يُدرج إسماعيل الغول كمهندس في فرع غزة لحماس".

إسماعيل الغول

وكان "مسبار" قد راجع بيان الجيش الإسرائيلي حينها عن استهداف إسماعيل الغول، وتبين أنه يحتوي على مزاعم غير واضحة، كما لم يقدم معلومات دقيقة عن نشاط الغول.

كما اتضح أن ما جاء في البيان الإسرائيلي يتنافى مع حادثة اعتقال إسماعيل الغول، إذ سبق وأن اعتقلته قوات الاحتلال خلال اقتحام مجمع الشفاء الطبي في مارس/آذار الفائت، لمدة 12 ساعة وتم التحقيق معه ثم الإفراج عنه.

كما نفت قناة الجزيرة، حينها، جميع الاتهامات ضد الغول، وشككت في مصداقية الوثيقة الصادرة عن الجيش الإسرائيلي، مشيرة إلى أنها تحتوي على معلومات متناقضة، إذ زعمت أن الغول، المولود عام 1997، حصل على رتبة عسكرية في حماس عام 2007، أي عندما كان عمره 10 سنوات فقط. كما أشارت الوثيقة إلى أن الغول انضم إلى الجناح العسكري لحماس في عام 2014، عندما كان يبلغ من العمر 17 عامًا.

مقتل إسماعيل الغول

وقُتل أيضًا في هذه الحرب، الصحفي في قناة الجزيرة حمزة الدحدوح والمصور المستقل مصطفى ثريا في غارة إسرائيلية في السابع من يناير/كانون الثاني 2024، وزعمت إسرائيل حينها أنهما كانا "إرهابيين" يشغلان طائرة مسيرة "تشكل تهديدًا" للجنود الإسرائيليين. إلا أن تحليلًا أجرته صحيفة واشنطن بوست لمقاطع الطائرة المسيرة التي التقطها الصحفيان في ذلك اليوم لم يجد "أي مؤشرات على ممارستهما أية أعمال مشبوهة أو خارجة عن نطاق كونهما صحفيان في ذلك اليوم". إذ أظهرت اللقطات المتاحة أن الصحفيين لم يصورا أي قوات أو معدات عسكرية إسرائيلية، ولم تكن هناك أي مؤشرات على وجود قوات إسرائيلية في المنطقة التي صوراها.

كما أشار تحقيق واشنطن بوست إلى أن كلا الصحفيين مرّا عبر نقاط تفتيش إسرائيلية في طريقهما إلى جنوب غزة في بداية الحرب، وأن الدحدوح كان قد حصل على تصريح نادر لمغادرة غزة – وهو امتياز نادر لا يُمنح عادة لمن يُعرف بانتمائه لجماعة مسلحة.

استهداف الصحفيين الفلسطينيين دون أدلة مثبتة ضدهم

اتبعت إسرائيل هذا النمط لاستهداف الصحفيين في كل حروبها على غزة وعملياتها في الضفة الغربية، إذ تتبع تقرير للجنة حماية الصحفيين نُشر في التاسع من مايو/أيار 2023، مقتل 20 صحفيًا فلسطينيًا على مدار 22 عامًا على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي دون أن يثبت ضد أي منهم أدلة تفيد بتورطهم بأنشطة "إرهابية" ودون أن تتم محاسبة إسرائيل على أي من هذه الجرائم.

وجاء في التقرير، أنه في عام 2018، قُتل ياسر مرتجى، المصور الصحفي في شركة "عين ميديا" الإعلامية بغزة، برصاص إسرائيلي، وادعى وزير الدفاع الإسرائيلي، آنذاك، أفيغدور ليبرمان أنه "عضو في الجناح العسكري لحماس برتبة تعادل رتبة نقيب، وكان نشطًا في حماس لسنوات عديدة"، وهو ادعاء كرره اثنان من المتحدثين باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تويتر (إكس حاليًا). إلا أن ليبرمان لم يقدم أي دليل على ذلك، فيما ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن مرتجى خضع لتدقيق من الحكومة الأمريكية قبل منحه منحة من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لدعم "عين ميديا".

وفي عام 2014، قُتل حميد شهاب، السائق في وكالة "ميديا 24" الإخبارية بغزة، في غارة جوية إسرائيلية بينما كان يقود سيارة تحمل علامة "TV". وزعمت إسرائيل أن السيارة كانت تُستخدم لنقل أسلحة، إلا أن الجيش الإسرائيلي لم يقدم أي دليل على أن شهاب كان عضوًا في حماس، واكتفى بالقول إن "الاستخدام العسكري للمركبة لنقل الأسلحة جعل الضربة مشروعة قانونيًا بغض النظر عن العلامات الصحفية عليها".

وفي عام 2012، قُتل المصوران حسام سلامة ومحمود الكومي من قناة الأقصى في غارة جوية إسرائيلية، وزعمت إسرائيل أنهما "عناصر في حماس". لكن تحقيقًا أجرته منظمة هيومن رايتس ووتش لم يجد أي دليل على أنهما كانا مقاتلين.

وفي عام 2004، قُتل محمد أبو حليمة، الصحفي الطلابي في إذاعة جامعة النجاح الوطنية في نابلس، برصاص القوات الإسرائيلية. وقالت إسرائيل إنه كان قد أطلق النار على قواتها، لكن منتج أبو حليمة أفاد بأنه كان على اتصال هاتفي مع الصحفي قبل لحظات من مقتله، وكان يصف المشهد المحيط به فقط.

استهداف الصحفيين الفلسطينيين

إدانات أممية وحقوقية ودعوات لمحاسبة إسرائيل

دعت لجنة حماية الصحفيين CPJ، في أغسطس/آب 2024، إسرائيل إلى التوقف عن تقديم ادعاءات غير مثبتة بأن الصحفيين الذين تقتلهم قواتها إرهابيون أو منخرطون في أنشطة مسلحة، مطالبة بإجراء تحقيقات دولية وسريعة ومستقلة في عمليات القتل هذه.

وقال مدير برنامج لجنة حماية الصحفيين، كارلوس مارتينيز دي لا سيرنا، إنه “حتى قبل بدء الحرب بين إسرائيل وغزة، وثقت لجنة حماية الصحفيين النمط الذي تتبعه إسرائيل في اتهام الصحفيين بأنهم إرهابيون دون تقديم أدلة موثوقة لإثبات ادعاءاتهم”. مضيفًا "إن حملات التشهير تعرض الصحفيين للخطر وتؤدي إلى تآكل ثقة الجمهور في وسائل الإعلام. ويجب على إسرائيل وضع حد لهذه الممارسة والسماح بإجراء تحقيقات دولية مستقلة في مقتل الصحفيين ".

في 6 أغسطس/آب، نددت إيرين خان، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحرية الرأي والتعبير، بـ"الاستهداف المتعمد" الإسرائيلي للصحفيين، وحثت المحكمة الجنائية الدولية على التحرك السريع لمقاضاة قتل الصحفيين في غزة باعتباره جريمة حرب. وقالت خان: "يبدو أن الجيش الإسرائيلي يوجه اتهامات دون أي دليل ملموس، كنوع من الترخيص لقتل الصحفيين، وهو ما يخالف القانون الإنساني الدولي تمامًا".

الأمم المتحدة

وأدانت الأمم المتحدة مقتل شبات ومنصور، في قطاع غزة، إذ قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك “هذا تذكير بالأخطار التي يواجهها الصحفيون في قطاع غزة. من الضروري توفير الحماية لهم وعدم استهدافهم أبدًا”.

من جانبها، شددت “مؤسسة حرية الصحافة” على ضرورة محاسبة جميع المسؤولين عن قتل الصحفيين في غزة، بمن فيهم المسؤولون الأميركيون الذين يواصلون تمويل جرائم الحرب، وقالت المؤسسة للجزيرة مباشر “الصحفيون مدنيون، واستهدافهم غير قانوني وغير مبرر على الإطلاق”، معربة عن أسفها لاستشهاد حسام شبات بغارة إسرائيلية.

فيما دعت لجنة حماية الصحفيين إلى “إجراء تحقيق دولي مستقل، يكشف إذا ما كان استهداف الصحفيَّين حسام شبات ومحمد منصور متعمَّدًا.

مقتل شبات ومنصور

اقرأ/ي أيضًا

ما حقيقة المزاعم التي نشرها الجيش الإسرائيلي حول الصحفي إسماعيل الغول بعد اغتياله؟

ازدواجية المعايير الإسرائيلية: اتهام الصحفيين الفلسطينيين بالإرهاب وتجاهل انتهاكات الصحفيين الإسرائيليين
 

المصادر

اقرأ/ي أيضًا

الأكثر قراءة

مؤشر مسبار
سلّم قياس مستوى الصدقيّة للمواقع وترتيبها
مواقع تم ضبطها مؤخرًا
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
عرض المواقع
bannar