سياسة

هل البرلمان التونسي السابق برئاسة الغنوشي هو من أقر المحاكمة عن بعد؟

وحيدة قادروحيدة قادر
date
28 مارس 2025
آخر تعديل
date
10:00 ص
29 مارس 2025
هل البرلمان التونسي السابق برئاسة الغنوشي هو من أقر المحاكمة عن بعد؟
مرسوم المحاكمة عن بعد أقره رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ

قال المحلل السياسي باسل ترجمان، بأن البرلمان التونسي برئاسة راشد الغنوشي هو من أقر مرسوم المحاكمة عن بعد، وزعم أن كتلة حركة النهضة هي التي تولت إضافة فقرة مفادها أنه في حال كانت هناك محاكمة لأشخاص يشكلون خطرًا على الأمن العام يمكن محاكمتهم عن بعد. 

وأضاف خلال مداخلة له في برنامج "ضيف الانترفيو" الذي بثته الإذاعة الوطنية التونسية (عمومية) في 26 من مارس/آذار الجاري، بأن العديد من المحامين ممن دافعوا بالأمس عن المتهمين في قضية التآمر على أمن الدولة، كانوا قد شاركوا في جلسات المحاكمات عن بعد ولم يعترضوا عليها.

مداخلة باسل ترجمان في برنامج ضيف الإنترفيو على الإذاعة الوطنية
مداخلة باسل ترجمان في برنامج ضيف الإنترفيو على الإذاعة الوطنية التونسية/ 26 مارس 2025

مرسوم المحاكمة عن بعد أقره رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ

استند قرار المحاكمة عن بعد على الفصل 141 مكرر( الذي تمّت إضافته لمجلّة الإجراءات الجزائية في تونس) بموجب المرسوم الصادر عن رئيس الحكومة (إلياس الفخفاخ) تحت رقم 2020-12 بتاريخ 27 إبريل/نيسان 2020، وليس عن البرلمان التونسي برئاسة راشد الغنوشي.

واتخذ إلياس الفخفاخ هذا الإجراء، بعد أن صادق البرلمان في الرابع من إبريل من العام نفسه، على قانون يتعلق بالتفويض إلى رئيس الحكومة في إصدار مراسيم لغرض مجابهة تداعيات انتشار فايروس كورونا، حينها.
ويسمح هذا القانون للفخفاخ بإصدار تشريعات في عدة ميادين، منها ميدان الحقوق والحريات وضبط الجنايات والجنح والمخالفات والعقوبات والإجراءات أمام المحاكم. ويشمل تدابير منها "إقرار أحكام استثنائية في الآجال والإجراءات في الدعاوى والطعون أمام مختلف أصناف المحاكم وبصفة عامة في كل الإجراءات والآجال المتعلقة بالالتزامات المدنية والتجارية وغيرها".
 

قانون التفويض إلى رئيس الحكومة في إصدار مراسيم لغرض مجابهة تداعيات انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19)
قانون يتعلق بالتفويض إلى رئيس الحكومة التونسية في إصدار مراسيم لغرض مجابهة تداعيات انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19) عام 2020

وجاء في الفصل 141 مكرر "أنه يمكن للمحكمة أن تقرر من تلقاء نفسها أو بطلب من النيابة العمومية أو المتهم حضور المتهم المودع بالسجن بجلسات المحاكمة والتصريح بالحكم الصادر في شأنه باستعمال وسائل الاتصال السمعي البصري المؤمنة للتواصل بين قاعة الجلسة المنتصبة بها المحكمة والفضاء السجني المجهز للغرض وذلك بعد عرض الأمر على النيابة العمومية لإبداء الرأي وشرط موافقة المتهم على ذلك".

الفصل 141 مكرر حول المحاكمة عن بعد
الفصل 141 مكرر، في مرسوم من رئيس الحكومة عدد 12 لسنة 2020 مؤرخ في 27 أفريل 2020 يتعلق بإتمام مجلة الإجراءات الجزائية

ويضيف "يجوز للمحكمة في حالة الخطر الملم أو لغاية التوقي من إحدى الأمراض السارية أن تقرر العمل بهذا الإجراء دون التوقف على موافقة المتهم المودع بالسجن".

وفي تصريح لـ"مسبار" أفاد المحامي مختار الجماعي، بأن نظام المحاكمة عن بعد جاء في إطار قانوني وواقعي واضح ومحدد في ظل مواجهة أزمة كورونا وما تطلبته المرحلة من تعديلات قانونية وإجراءات اتخذتها السلطة التنفيذية متمثلة في رئاسة الحكومة للحماية من هذا الوباء في تلك الفترة.

وطبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 70 من الدستور التونسي، يعتبر التفويض إجراءً استثنائيًا يتنازل بموجبه المشرع الأصلي عن دوره الأساسي لفائدة السلطة التنفيذية ولا يكون التفويض إلا لغرض معين، فجاء القانون عدد 19 لسنة 2020 المؤرخ في 12 إبريل، ليمنح رئيس الحكومة تفويضًا بإصدار مراسيم لغرض مجابهة فايروس كورونا وكان ذلك لمدة محددة.

كما أوضح المحامي أن وزارة العدل استغلت هذا المرسوم خارج سياقه الواقعي والزمني، والقانوني رغم انقضاء السبب الذي تم بموجبه إرساء هذا المرسوم، لتعتمده أساسًا لخيار المحاكمة عن بعد، وهو ما يعتبر مسًا بالمبادئ العامة للقضاء.

وحول تصريحات المحلل السياسي باسل ترجمان، ومفادها أن العديد من المحامين ممن دافعوا بالأمس عن المتهمين في "قضية التآمر على أمن الدولة"، كانوا قد شاركوا في جلسات المحاكمات عن بعد ولم يعترضوا عليها، قال المحامي مختار الجماعي لمسبار بأن هؤلاء المحامين الذين تحدث عنهم ترجمان كانوا قد ترافعوا برغم ذلك الإجراء على متهمين بحالة سراح وليس على متهمين بحالة إيقاف، مشيرًا إلى أنه حتى وإن ترافعوا في حالة إيقاف، فإن هذا الأمر يلزم المحامي في ذلك الملف بالذات دون غيره، على حد قوله.

ومن جانبه أكد المحامي والقيادي في حركة النهضة سمير ديلو، في منشور له على موقع التواصل فيسبوك بأن مرسوم المحاكمة عن بعد لم يعد له أي أثر قانوني اليوم وأصبح في حكم المعدوم.

وأشار إلى أن المرسوم صدر بهدف الحدّ من انتشار فايروس كورونا وضمان استمرارية الخدمات الحيوية بشكل منتظم”، و"كان من المفترض أن تتمّ المصادقة عليه في غضون 10 أيام من انتهاء مهلة الشهرين الممنوحة بموجب قانون التفويض، أي في موعد أقصاه 22 يونيو/حزيران 2020".


المحاكمة عن بعد في قضية "التآمر": خرق للإجراءات؟

وكانت رئاسة المحكمة الابتدائية بتونس قد وجهت قبل انطلاق أولى جلسات المحاكمة في قضية ما يعرف بالتآمر على أمن الدولة، في الثالث من آذار/مارس الجاري، مراسلة إلى الفرع الجهوي للمحامين بالعاصمة التابع للهيئة الوطنية للمحامين بتونس، عللت فيها قرارها بإجراء المحاكمة عن بعد وعدم جلب المتهمين إلى مقر المحكمة بوجود خطر حقيقي، على حد تعبيرها.

ومع انطلاق أولى جلسات المحاكمة عن بعد لعدد من السياسيين المتهمين في قضية ما يعرف بالتآمر على أمن الدولة في الرابع من مارس الجاري، سارع العديد من الحقوقيين إلى الدعوة لإيقاف جلسات المحاكمة عن بعد وإحضار المتهمين إلى قاعة الجلسات.

وتشمل قضية "التآمر على أمن الدولة" 40 متهمًا من بينهم سياسيون ومسؤولون سابقون ومحامون ورجال أعمال.

وتقدم المحامي سمير ديلو عضو هيئة الدفاع عن المتهمين في القضية رفقة المحامي أحمد صواب بقضيتين أمام المحكمة الإدارية، لإيقاف المحاكمة عن بعد من قبل المحكمة الإدارية في العاصمة. وأشارا إلى "الخروقات" في الاعتماد على هذا الفصل لتعليل المحاكمة عن بعد.

وتعلقت القضية الأولى بإلغاء تنظيم المحاكمة عن بُعد أما الثانية فتطالب بتأجيل وتوقيف تنفيذ المحاكمة.

بحسب ديلو، يشترط الفصل 141 مكرر، موافقة المتهم على إجراء المحاكمة عن بعد، و"يجوز للمحكمة في حالة الخطر الملمّ أو لغاية التوقي من إحدى الأمراض السارية أن تقرر العمل بهذا الإجراء دون التوقف على موافقة المتهم المودع بالسجن"، أما القرار بمحاكمة المتهمين في قضية "التآمر"، فاستند إلى مبرّر مختلف هو "الخطر الحقيقيّ" والعبارتان، وفقه، ليستا مترادفتين فلكلّ منهما دلالة محدّدة تختلف عن الأخرى.

وأكد أنّ الفصل 73 من قانون مكافحة الإرهاب والفصل 141 مكرّر من مجلة الإجراءات الجزائيّة، يستعملان عبارة الخطر المُلِمّ، بينما استعمل القرار عبارة لها مدلول مختلف هي "الخطر الحقيقي"، فقد يكون الخطر حقيقيّا ولكنّه غير مُلِمّ. وبين أنّ الحالة الوحيدة التي استعمل فيها الفصل 73 هذه العبارة لم تكن تتعلّق بالمحاكمة عن بعد بل بالمحاكمة غير العلنيّة وينص على أنّه :"في الحالات الاستثنائية وعند وجود خطر حقيقي قد ينجم عن المحاكمة العلنية، يمكن للجهة القضائية المتعهدة أن تقرر من تلقاء نفسها أو بطلب من ممثل النيابة العمومية أو بناء على طلب كل من له مصلحة في ذلك إجراء الجلسات بصورة سرية".

كما ذكر بأنّ الفصل 141 مكرّر في فقرته الثالثة، يشترط أن يكون القرار "كتابيّا ومعلّلا" ويعني ذلك أن يشرح الخطر واستتباعاته، و"هو ما أهمله من أصدر القرار ممّا جعل الخطر وهميّا خاصّة وأنّ القرار شمل بالإضافة إلى قضيّة التّآمر، 148 قضيّة أخرى ممّا يعني أنّ الخطر ليس في علاقة بقضيّة التّآمر".

وأضاف "رغم ما يجمع القضايا الـ149، بأنّ جلساتها معيّنة في شهر مارس، فإنّ ما نصّ عليه القرار من أنّه يبقى ساريًا  "إلى أن يقع البتّ في القضايا المذكورة"، وهو ما يجعل "الخطر الحقيقي" قابلًا للامتداد لسنوات قادمة".

كما تساءل القاضي عفيف الجعيدي، في منشور له عبر حسابه على موقع فيسبوك، عن مدى إحترام المحاكمة عن بعد الحق في المحاكمة العادلة وما إذا كان يمكن إعتمادها في حال أن النص القانوني الذي أرساها تعلق بمجابهة الكورونا.

وبدوره كان رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان بسام الطريفي، قد انتقد قرار المحكمة الابتدائية القاضي بمحاكمة المتهمين عن بعد في قضية "التآمر على أمن الدولة".

يذكر أن الدائرة الجنائية المختصّة في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، كانت قد قررت تأخير قضية ما يُعرف بـ "التآمر على أمن الدولة" إلى جِلسة بتاريخ 11 إبريل المقبل وفق ما نقلته وكالة تونس أفريقيا للأنباء عن مصدر قضائي. وستكون جلسة المحاكمة عن بعد أيضًا.

اقرأ/ي أيضًا

هل وثّق تقرير "الاتجاهات العالمية 2040" مخططًا لتغيير ديموغرافي في تونس؟

ما حقيقة تجاوز معدل خصوبة المهاجرات غير النظاميات ثلاثة أضعاف معدل خصوبة التونسيات؟

المصادر

اقرأ/ي أيضًا

الأكثر قراءة

مؤشر مسبار
سلّم قياس مستوى الصدقيّة للمواقع وترتيبها
مواقع تم ضبطها مؤخرًا
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
عرض المواقع
bannar