أخبار

أدلة ميدانية وشهادات تفنّد مزاعم الاحتلال بشأن إعدام مسعفي رفح

أحمد كحلانيأحمد كحلاني
date
5 أبريل 2025
آخر تعديل
date
11:32 ص
6 أبريل 2025
أدلة ميدانية وشهادات تفنّد مزاعم الاحتلال بشأن إعدام مسعفي رفح
تفند الأدلة الميدانية مزاعم الاحتلال بشأن مجزرة استهداف المسعفين

بعد أكثر من ثمانية أيام على انقطاع الاتصال بـ15 فردًا من طواقم الدفاع المدني والهلال الأحمر الفلسطيني أثناء تأدية مهامهم الإنسانية، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، في بيان رسمي بتاريخ 31 مارس/آذار الفائت، العثور على جثامينهم.

وأوضح البيان أن الضحايا هم ثمانية مسعفين من جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وستة أفراد من طواقم الدفاع المدني الفلسطيني، بالإضافة إلى موظف يتبع وكالة الأونروا. وذلك عقب استهدافهم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي أثناء استجابتهم لنداء استغاثة عاجل أطلقه عدد من المصابين في منطقة الحشاشين بتل السلطان، التابعة لمحافظة رفح.

وأكد البيان أن قوات الاحتلال أقدمت على استهداف العاملين في المجالين الطبي والإنساني ميدانيًا وبشكل متعمد، حيث تم تكبيل أيديهم وإعدامهم ميدانيًا، مشيرًا إلى أن الاستهداف لم يكن عشوائيًا، بل مقصودًا بهدف تصفيتهم.

وأضاف أن الاحتلال تعمّد منع انتشال جثامينهم لمدة ثمانية أيام متتالية، في ما وصفه بسياسة ممنهجة لاستهداف الطواقم الطبية والإنسانية. واعتبر المكتب أن هذه السياسات تمثل "انتهاكًا فاضحًا لكافة الأعراف والمواثيق الدولية، وخاصة اتفاقيات جنيف التي تكفل الحماية الكاملة للعاملين في المجالين الإنساني والطبي".

الاحتلال يبرر استهداف الطواقم الطبية في رفح برواية مضللة

في أعقاب الاتهامات المباشرة، نفى كل من جيش الاحتلال ووزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر الاتهامات التي وجهتها المؤسسات الفلسطينية، كما نفى استهداف سيارات الإسعاف بشكل عشوائي.

وادعى جيش الاحتلال، في بيانات صدرت بلغات عدة، أن قواته رصدت اقتراب سيارات "بصورة مشبوهة" دون تشغيل الأضواء أو إشارات الطوارئ، ما دفعها إلى إطلاق النار على ما وصفه بـ"السيارات المشبوهة". وأضاف في بيانه أنه "بعد تقدير موقف أولي، ثبت أن القوات قضت على أحد عناصر الجناح العسكري لحركة حماس، المدعو محمد أمين إبراهيم الشوبكي، إلى جانب ثمانية آخرين منتمين إلى حماس والجهاد الإسلامي".

وزعم جيش الاحتلال كذلك أن ضحايا الاستهداف كانوا "مخربين"، مدّعيًا أنهم ينتمون إلى فصائل فلسطينية، ويستغلون المنشآت والمعدات الطبية لأغراض عسكرية، وينشطون في مناطق تشهد أعمالًا قتالية، وهو ما اعتبره مبررًا لاستهدافهم، بحسب البيان.

الاحتلال يبرر استهداف الطواقم الطبية في رفح

 تحليل لمزاعم الاحتلال بشأن استهداف سيارات الطوارئ في رفح

في تحليل مسبار لبيان جيش الاحتلال الإسرائيلي، تبيّن أن البيان تضمّن جملة من الادعاءات المضللة. فقد زعم الاحتلال أن قواته أطلقت النار فقط على "مركبات مشبوهة"، دون تنفيذ أي إجراء ميداني آخر، وهو ما يتناقض مع الأدلة المتوفرة، التي تشير إلى أن الجثث وُجدت مكبّلة وممزقة، وأن المركبات استُهدفت بوحشية ودُفنت تحت التراب.

كما يتعارض ادعاء "الاشتباه" مع شهادات وتقارير متعددة، أكدت أن سيارات الطواقم الإنسانية كانت مميزة بوضوح، من خلال تشغيل الأضواء الوامضة وصفارات الإنذار، وهو ما يجعل هويتها كسيارات طوارئ معروفة ومألوفة في مثل هذه الحالات.

وبالإضافة إلى ذلك، رصد مسبار أن تبريرات الاحتلال جاءت عبر اتهامات عامة وفضفاضة، دون إرفاق أي دليل ميداني. إذ زعم البيان أن فصائل المقاومة تستغل المركبات الطبية لأغراض عسكرية، وأنه جرى "تحييد" عنصر من كتائب القسام يُدعى محمد أمين إبراهيم الشوبكي، إلى جانب ثمانية آخرين منتمين لحركتي حماس والجهاد الإسلامي.

غير أن هذه الادعاءات، وفق ما وثّق التحقيق، لا تستند إلى أدلة ملموسة؛ إذ تبيّن أن جميع الضحايا كانوا من الطواقم الإنسانية، ولم يُذكر الاسم المذكور ضمن أي من القوائم أو الصور الرسمية للشهداء. كما أكد الناجون من الهجوم أن جميع من كانوا في الموقع هم أفراد معروفون من فرق الإسعاف والدفاع المدني، ولم يكن بينهم أي عناصر غير مصرح لهم.

الطواقم الإنسانية لم تدخل منطقة محظورة

في أول بيان صدر عن جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عند الساعة 08:38 من صباح الأحد، 23 مارس الفائت، أعلنت الجمعية أن قوات الاحتلال حاصرت عددًا من مركبات الإسعاف التابعة لها أثناء تغطيتها لاستهداف وقع في منطقة الحشاشين بمدينة رفح. وأشار البيان إلى إصابة عدد من المسعفين، وفقدان الاتصال بطاقم لا يزال محاصرًا منذ عدة ساعات.

وبحسب بيان صادر عن الدفاع المدني الفلسطيني، فإن الطواقم كانت قد توجهت قرابة الساعة 05:20 صباحًا، برفقة طاقم إسعاف من الهلال الأحمر، إلى منطقة تل السلطان لتنفيذ مهمة إنسانية.

ومن اللافت أن جيش الاحتلال لم ينشر في ذلك الوقت أي بلاغ أو تحديث عسكري يُفيد بفرض حظر للتحرك في المنطقة التي كانت تتحرك فيها الطواقم الإنسانية.

وفي الساعة 09:31 (أي بعد أكثر من ساعة على إعلان فقدان الاتصال بالمسعفين)، أعلن جيش الاحتلال، في بيان نشره، بدء هجوم عسكري في منطقة تل السلطان برفح، وهي ذات المنطقة التي فُقد فيها الاتصال بطاقم الإسعاف، محذرًا من التحرك عبر المركبات، ومطالبًا السكان بالإخلاء الفوري.

ويُظهر هذا التسلسل الزمني أن المنطقة لم تكن مصنّفة كمنطقة قتال أو محظورة لحظة تحرّك الطواقم الإنسانية، ما يُؤكد أن تحركاتهم كانت متماشية مع البروتوكولات الإنسانية المعمول بها لحماية طواقم الإسعاف.

آخر تحديث عسكري (شامل) نشره الاحتلال بشأن المناطق التي تعتبر "مناطق قتال خطيرة".. المنطقة المستهدفة ليست من بينهم
آخر تحديث عسكري (شامل) نشره الاحتلال بشأن المناطق التي تعتبر "مناطق قتال خطيرة".. المنطقة المستهدفة ليست من بينهم 

أدلة تُفنّد ادعاءات الاحتلال بأن المركبات كانت "مشبوهة"

بينما استمر فقدان الاتصال بالعاملين في المجالين الطبي والإنساني لمدة ثمانية أيام، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني رسميًا، يوم 30 مارس 2025، عن ارتقاء ثمانية من مسعفيها في رفح، إثر استهدافهم من قبل قوات الاحتلال أثناء تأديتهم لواجبهم الإنساني، مع بقاء مسعف تاسع في عداد المفقودين. كما أكد البيان استشهاد ستة من أفراد طواقم الدفاع المدني، إلى جانب موظف تابع للأمم المتحدة، تم انتشال جثامينهم لاحقًا.

ورغم ادعاء جيش الاحتلال أن المركبات التي اقتربت من قواته كانت "مشبوهة"، أوضحت المديرية العامة للدفاع المدني في بيان صدر بعد الحادثة أن طواقمها وصلت إلى الموقع قبل نحو ساعة ونصف من إعلان جيش الاحتلال أن المنطقة أصبحت منطقة عسكرية مغلقة. وأكد البيان أن المسعفين كانوا يرتدون زيّهم الرسمي وستراتهم البرتقالية المعروفة عالميًا، وكانوا يستقلّون مركبة إطفاء ومركبتي إسعاف تحملان شارات الحماية المدنية الدولية.

وأشار البيان إلى أن هذه المركبات كانت مرمّزة بأرقام تعريفية مسبقًا، بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وقد تم تزويد الجانب الإسرائيلي بتقرير مصور يوثق هذه الرموز على جميع جوانب المركبات، إضافة إلى وضوح مصابيح الإنارة الخاصة بها.

وتُظهر الصور التي وُثّقت أثناء عملية انتشال الجثامين صحة ما ورد في بيان الدفاع المدني؛ إذ تبدو جثامين المسعفين وهم يرتدون زيهم الرسمي وستراتهم البرتقالية، فيما تُظهر لقطات أخرى مركبات الهلال الأحمر والدفاع المدني والأمم المتحدة وعليها إشارات واضحة تدل على طبيعتها الإنسانية. كما تظهر إحدى الصور شعار الأمم المتحدة بارزًا على مركبة حتى بعد تدميرها، بينما توثق صورة أخرى مركبة حمراء اللون كُتب عليها "الدفاع المدني" والرقم 102 بوضوح، رغم تضررها ودفنها جزئيًا تحت الرمال.

صور تُظهر لحظة العثور على جثامين المسعفين الذين استهدفهم الاحتلال ومركباتهم
صور تُظهر لحظة العثور على جثامين المسعفين الذين استهدفهم الاحتلال ومركباتهم

شهادات وأدلة تؤكد تعمّد الاحتلال إعدام الطواقم الإنسانية

في شهادة حديثة، روى الناجي الوحيد، منذر عابد، أحد متطوعي الهلال الأحمر الفلسطيني، والذي اعتُقل واستُخدم كدرع بشري قبل الإفراج عنه لاحقًا، تفاصيل الحادثة التي شهدها.

وأوضح عابد أن مركبات الإسعاف المشاركة في مهمة الإنقاذ كانت ملتزمة بكافة بروتوكولات السلامة، إذ حملت شعارات الهلال الأحمر بشكل واضح، وكانت تعمل بأضوائها الداخلية والوامضة، إلى جانب صفارات الإنذار، عند تعرضها لإطلاق نار مفاجئ.

وأشار إلى أن قوات الاحتلال أطلقت النار أولًا على سيارة الإسعاف التي كان يستقلها، ما أدى إلى إصابة زملائه، قبل أن تتقدم وحدة خاصة وتعتقله، حيث تم تجريده من ملابسه والتحقيق معه ميدانيًا.

وأضاف أنه بعد لحظات، وصلت مركبتان، إحداهما للدفاع المدني والأخرى للإسعاف، توقفتا إلى جانب السيارة المستهدفة في محاولة لإنقاذ المصابين، إلا أن قوات الاحتلال باغتتهم بإطلاق نار كثيف ومباشر استمر نحو خمس دقائق.

وتابع عابد شهادته قائلًا إنه لاحقًا لمح سيارتي إسعاف قادمتين من بعيد من خلال أضوائهما الوامضة الحمراء، ومع ذلك تم استهدافهما أيضًا بإطلاق نار مباشر، ثم لحقت بهما سيارة إسعاف أخرى تابعة للهلال الأحمر تعرضت للمصير نفسه. وأشار إلى أن مركبة تابعة لوكالة الأونروا كانت تمر في الموقع نفسه وتعرضت للاستهداف كذلك.

وفي ختام شهادته، أكد عابد أنه رأى بوضوح إطلاق النار على طواقم الدفاع المدني أثناء وجودهم داخل سياراتهم، كما شاهد قيام آليات الاحتلال بتدمير مركبات الإسعاف والدفاع المدني، ثم حفر حفرة عميقة ودفن المركبات فيها وطمرها بالرمال.

مقاطع فيديو لشهادة الناجي الوحيد من الاستهداف الإسرائيلي منذر عابد
مقاطع فيديو لشهادة الناجي الوحيد من الاستهداف الإسرائيلي منذر عابد

تدعم شهادة الناجي منذر عابد مقطع فيديو نشرته صحيفة ذا نيويورك تايمز، قبل ساعات، يُظهر لحظة مقتل عمال الإغاثة في رفح تحت وابل من النيران، وكان قد صوّره أحد المسعفين أثناء إطلاق قوات الاحتلال النار عليهم.

يوثّق الفيديو استهداف مركبات الهلال الأحمر الفلسطيني والدفاع المدني، رغم أنها كانت تُشغّل المصابيح الأمامية والومّاضة، وتحمل إشارات وعبارات واضحة تُعرّف بهويتها الإنسانية. كما يظهر في التسجيل اثنان على الأقل من الطواقم وهم يرتدون زيهم الرسمي، على النحو الذي أكدته المديرية العامة للدفاع المدني في بيانها، وهو ما يناقض تبريرات الاحتلال بشأن ظروف الاستهداف.

وبما يتوافق مع وصف منذر عابد، يُظهر الفيديو لحظة تعرض القافلة الإنسانية لإطلاق نار مباغت، بعدما توقفت لإسعاف مركبة إسعاف أخرى كانت قد انحرفت عن الطريق، دون أن يدركوا أنها كانت قد استُهدفت من قبل.

وبحسب الصحيفة، يتضمن الفيديو صوت المسعف الذي وثّق الحادثة، وهو يلقي بالشهادة، ويوجّه رسالة مؤثرة لوالدته، ويقول إنه لم يدرك أنهم تحت نيران قوات الاحتلال إلا في اللحظة التي بدأ فيها التسجيل.

وأكدت الصحيفة أن الكاميرا واصلت التصوير لمدة خمس دقائق دون انقطاع، وهو ما يتطابق مع شهادة عابد، التي أشار فيها إلى أن قوات الاحتلال واصلت إطلاق النار المباشر والكثيف على الطواقم لمدة خمس دقائق متواصلة.

فيديو يوثق حقيقة الاستهداف الإسرائيلي لمسعفين رغم وضوح شاراتهم وإضاءة سياراتهم
فيديو يوثق حقيقة الاستهداف الإسرائيلي لمسعفين رغم وضوح شاراتهم وإضاءة سياراتهم.

شهادات وأسماء تدحض مزاعم الاحتلال حول هوية المستهدفين

خلافًا لادعاءات جيش الاحتلال بأن المستهدفين في الحادثة هم عناصر من فصائل المقاومة استغلوا المركبات الطبية لأغراض عسكرية، وزعمه "القضاء" على ثمانية من عناصر حماس والجهاد الإسلامي، بينهم شخص يُدعى محمد أمين إبراهيم الشوبكي من كتائب القسام، تبيّن لاحقًا أن الاسم المذكور لا يظهر في أي من قوائم الضحايا الرسمية، ولا بين الجثامين التي تم انتشالها من موقع الاستهداف.

ومن بين الضحايا الـ15 الذين أودى الاستهداف المتعمد بحياتهم، نشرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أسماء ثمانية من مسعفيها وهم مصطفى خفاجة، عز الدين شعت، صالح معمر، رفعت رضوان، محمد بهلول، أشرف أبو لبدة، محمد الحيلة، ورائد الشريف. كما أعلنت عن فقدان المسعف أسعد النصاصرة الذي لا يزال مصيره مجهولًا حتى اللحظة.

من جانبه، أعلن الدفاع المدني الفلسطيني عن ست ضحايا من عناصر طواقمه في الاستهداف، وهم الضابط أنور عبد الحميد العطار قائد المهمة الإنسانية، وسائق الإطفاء زهير عبد الحميد الفرا، وضابط الإطفاء سمير يحيى البحابصة، وضابط الإطفاء إبراهيم نبيل المغاري، وسائق الإسعاف فؤاد إبراهيم الجمل، وضابط الإسعاف يوسف راسم خليف. كما أكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ارتقاء أحد موظفيها في هذا الاستهداف.

تقارير أممية وصحفية توثق تعمّد الاحتلال إعدام طواقم العمل الإنساني

أكدت صحيفة ذا غارديان البريطانية، في تقرير لها، أن الطواقم الطبية والإنسانية التي استهدفتها قوات الاحتلال في رفح تعرّضت لعملية إعدام ميداني. ونقلت الصحيفة عن مستشار الطب الشرعي، الدكتور أحمد ظاهر، الذي فحص خمس جثث تم انتشالها في مستشفى ناصر بمدينة خانيونس، أن جميع الضحايا قُتلوا عن قرب، وليس من مسافة بعيدة.

وأشار ظاهر إلى أن مواضع الجروح كانت دقيقة ومركّزة، إذ أصيب أحدهم برصاصة مباشرة في الرأس، وآخر في القلب، فيما تلقى ثالث ست رصاصات في منطقة الجذع. وأوضح أن تعذّر تحديد مواضع الإصابة بدقة في بقية الجثامين يعود إلى التحلل، إلا أن غالبية الرصاصات وُجهت إلى المفاصل مثل الكتفين أو الكوعين أو الكاحلين.

وفي تقرير آخر للصحيفة، أفاد أحد الشهود بأنه رأى ثلاث جثث على الأقل مقيّدة الأيدي، وعليها آثار إصابات بالرصاص في الصدر أو الرأس. كما أشار شاهد آخر إلى أنه شاهد جثة مربوطة الساقين، وكانت تحمل إصابات واضحة في منطقة الصدر، وهو ما يعزز رواية تعرض الضحايا لعملية إعدام ميداني.

أدلة تؤكد تعمد جيش الاحتلال إعدام الطواقم
أدلة تؤكد تعمد جيش الاحتلال إعدام الطواقم

من جهته، دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لمساءلة جميع المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في جريمة القتل العمد لـ15 مسعفًا ومستجيبًا من الهلال الأحمر الفلسطيني والدفاع المدني، إضافة إلى موظف من وكالة الأونروا، في مدينة رفح جنوب قطاع غزة. ووصف المرصد الحادثة بأنها "أكبر عملية إعدام جماعي لعاملين إنسانيين في تاريخ الحروب الحديثة".

وفي تسلسل الحادثة، أفاد التقرير أنه بعد تنسيق مع جهات دولية، تمكّنت طواقم الإسعاف والدفاع المدني من العثور على جثة قائد المهمة، الضابط أنور عبد الحميد العطار، يوم الجمعة 28 مارس الفائت، وقد كانت ممزقة إلى أشلاء. وفي يوم الأحد 30 مارس، تم العثور على بقية جثث طواقم الهلال الأحمر والدفاع المدني مدفونة في حفرة واحدة، في حين عُثر على جثة موظف الأونروا قرب منطقة "البركسات" غرب رفح.

ونقل المرصد شهادة من أحد أفراد الدفاع المدني المشاركين في عملية انتشال الجثث، سفيان أحمد، الذي أوضح أن المعاينات الأولية كشفت عن تعرّض الضحايا لوابل من الرصاص، وأن معظم الإصابات كانت في منطقة الصدر. كما أظهرت المعاينات أن بعض الضحايا كانوا أحياء حين تم تقييدهم بالأرجل، ويُرجّح أنهم دُفنوا وهم على قيد الحياة.

وتابع "كانت جثة إبراهيم المغاري تبدو وكأنه كان مقيّد الأرجل، وعلى جسده آثار تعذيب وكدمات شديدة، وأصيب بطلق ناري في مؤخرة الرأس أدى إلى تمزّق وجهه بالكامل". وأضاف "أما جثة فؤاد الجمل، فكانت جمجمته مفتتة كالعظام المطحونة، نتيجة إصابته برصاصة مباشرة من مسافة قريبة جدًا". كما أشار إلى أن موظفي الهلال الأحمر الفلسطيني أُصيبوا جميعًا بطلقات في الرأس من الجهتين اليمنى واليسرى، بينما أظهرت شهادة أخرى أن إحدى الجثامين تلقّت أكثر من 20 رصاصة في منطقة الصدر.

شهادة إضافية من أحد أفراد الدفاع المدني المشارك في عملية انتشال الجثامين للمرصد الأورومتوسطي
شهادة إضافية من أحد أفراد الدفاع المدني المشارك في عملية انتشال الجثامين للمرصد الأورومتوسطي

إدانات واتهامات مباشرة لإسرائيل

في تعليقها على الحادثة، أدانت عدة دول ومنظمات أممية استهداف قوات الاحتلال لـ15 من العاملين في المجالين الطبي والإنساني في رفح، ووجّهت اتهامات مباشرة لإسرائيل بارتكاب جريمة إعدام ميداني، واعتبرت ما حدث انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية. وفي السياق، دان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الجريمة التي ارتكبها جيش الاحتلال ضد قافلة العاملين الإنسانيين، مشيرًا إلى أن الضحايا قُتلوا ودُفنت جثثهم قرب مركباتهم المدمرة، رغم أنها كانت تحمل علامات تعريفية واضحة. وطالب تورك بإجراء تحقيق شامل في الحادثة ومحاسبة المسؤولين عنها.

كما دعت منظمة العفو الدولية إلى فتح تحقيق مستقل في ملابسات قتل ما لا يقل عن 15 من طواقم الإسعاف والإنقاذ أثناء أداء مهامهم الإنسانية، مؤكدة ضرورة محاسبة مرتكبي الجريمة وعدم إفلاتهم من العقاب.

من جانبه، وصف وزير الخارجية النرويجي، إسفن بارث إيد، التقارير التي تشير إلى مقتل ودفن 15 من العاملين في المجال الإنساني بأنها "مقلقة للغاية"، وأكد أن القانون الإنساني الدولي يحظر بشدة مثل هذه الهجمات، مشددًا على أهمية فتح تحقيق ومحاسبة الجناة.

بدوره، قال وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، إن قطاع غزة بات أخطر مكان في العالم على عمال الإغاثة، مشيرًا إلى مقتل أكثر من 400 عامل إنساني منذ بداية العدوان، ودعا إلى اتخاذ خطوات حاسمة لضمان المساءلة عن هذه الجرائم المتكررة.

الاحتلال واتهام الضحايا بالإرهاب لتبرير استهدافهم المتكرر

لم تكن هذه المرة الأولى التي يستخدم فيها الاحتلال تهمة "الإرهاب" وعبارات من قبيل "المخربين" لتبرير جرائمه، إذ اعتاد منذ بداية عدوانه على غزة ترويج هذه الادعاءات عقب كل جريمة مروّعة يرتكبها. ولم تسلم من هذه التهم طواقم الدفاع المدني، ولا الكوادر الطبية، ولا حتى الصحفيون الذين يعملون على توثيق الانتهاكات.

وفي السياق، أنجز مسبار مؤخرًا مقالًا تحليليًا تناول فيه توظيف الاحتلال لاتهامات "الإرهاب" كذريعة لاستهداف الصحفيين الفلسطينيين، سواء في قطاع غزة أو في القدس.
وسلّط المقال الضوء على حالة الصحفي حسام شبات، الذي برّر الاحتلال اغتياله بزعم انتمائه إلى الجناح العسكري لحركة حماس، وضلوعه في وحدة القنص بكتيبة بيت حانون، إلى جانب الصحفي إسماعيل الغول، الذي وُجّهت إليه اتهامات مشابهة. وهي تهم تتقاطع في صياغتها مع ما يسوّقه الاحتلال لتبرير جريمة استهداف العاملين في المجال الإنساني.

مقال مسبار عن تبرير الاحتلال استهدافه للصحفيين بتهم الإرهاب

تصاعد استهداف الطواقم الإنسانية في غزة

أسفر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عن عدد غير مسبوق من الضحايا في صفوف العاملين في المجال الإنساني، إذ أودى بحياة ما لا يقل عن 408 من عمال الإغاثة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينهم 280 موظفًا من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، و34 من طواقم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.

اقرأ/ي أيضًا

مؤشرات تفند الرواية الإسرائيلية حول استهداف مبنى الأمم المتحدة في دير البلح

الاحتلال استهدف النازحين والطواقم الطبية في مجمع الشفاء خلافًا للمزاعم الإسرائيلية

المصادر

اقرأ/ي أيضًا

الأكثر قراءة

مؤشر مسبار
سلّم قياس مستوى الصدقيّة للمواقع وترتيبها
مواقع تم ضبطها مؤخرًا
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
عرض المواقع
bannar