سياسة

دور المعلومات المضللة في تفاقم ظاهرة الإسلاموفوبيا داخل المجتمعات الغربية

محمد عبد اللطيف خرواط محمد عبد اللطيف خرواط
date
7 أبريل 2025
آخر تعديل
date
4:48 ص
8 أبريل 2025
دور المعلومات المضللة في تفاقم ظاهرة الإسلاموفوبيا داخل المجتمعات الغربية
تساهم شخصيات عامة على مواقع التواصل بالتحريض على المسلمين

يشهد العالم اليوم تصاعدًا حادًا في الإسلاموفوبيا وخطاب الكراهية ضد المسلمين، وتتقاطع المصالح الانتخابية مع التحريض الإعلامي والتلاعب بالمعلومات، لتقديم المسلمين كتهديد للأمن والقيم. في ظل غياب رقابة فعالة على المحتوى الرقمي، تحولت منصات التواصل الاجتماعي مثل منصة إكس إلى ساحات مفتوحة لنشر روايات مشوّهة تُوظف لتبرير سياسات متطرفة ضد المسلمين، وتعمق الانقسامات داخل المجتمعات.

في هذا المقال، يتتبع مسبار انتشار الإسلاموفوبيا في الفضاءات الرقمية لعدد من الدول الغربية، ويوضح كيف تساهم شخصيات عامة في المجتمع في تأجيج خطاب الكراهية ضد المسلمين وشرعنة العنف ضدهم، مثل الهند وبريطانيا والولايات المتحدة.

الهند: الإسلاموفوبيا كاستراتيجية انتخابية

شهدت الهند العام الفائت ذروة جديدة في توظيف الكراهية ضد المسلمين كأداة سياسية. إذ استخدم حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، بقيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، المنصات الرقمية لنشر روايات تزعم أن المسلمين يمثلون تهديدًا ديموغرافيًا وثقافيًا للهند.

وثق تقرير "مختبر الكراهية المعني بتقديم بيانات حول خطاب الكراهية والجريمة في المجتمعات، زيادة بنسبة 74% في خطابات الكراهية الرقمية ضد المسلمين في الهند بالتزامن مع الانتخابات الأخيرة، حيث انتشرت أخبار كاذبة ومنشورات تحريضية تروّج لمفاهيم مثل "الأسلمة القسرية" أو "جهاد الحب" ، وهي نظريات مؤامرة تزعم أن المسلمين يتعمدون الزواج من نساء هندوسيات لتحويلهن إلى الإسلام. 

وفقًا للتقرير، فإن هذه الحملات كانت مموّلة ومنسّقة، إذ استخدمت جيوشًا إلكترونية تعمل على تضخيم الخطاب المتطرف، وتستهدف شخصيات مسلمة عامة ومؤسسات دينية، ما خلق مناخًا عامًا من العداء والتمييز.

الإسلاموفوبيا في الهند

بريطانيا: تحريض سياسي وإعلامي ضد المسلمين

وفي بريطانيا، وثقت منظمة "تيل ماما" 5837 حادثة معادية للمسلمين خلال عام 2024، بزيادة حادة مقارنة بالعام الذي سبقه. وقد لعب الإعلام الرقمي دورًا رئيسيًا في إشعال التوتر، خاصة بعد انتشار معلومات غير موثوقة حول حادثة ساوثبورت، وهي حادثة طعن جماعي ضمن حفل للأطفال في مدينة ساوثبورت في ميرسيسايد، على بعد نحو 10 أميال شمالي ليفربول في المملكة المتحدة، أودت بحياة عدد من الأطفال كما أُصيب آخرون.

عقب هذه الحادثة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصًا منصة إكس، معلومات مضللة حول هوية المهاجم وانتماؤه، الذي كشفته الشرطة في وقت متأخر. 

وفقًا لبيانات الشرطة فإن منفذ الهجوم يدعى أكسل روداكوبانا، يبلغ من العمر 17 عامًا وهو من مواليد كارديف في ويلز البريطانية، لأبوين من رواند.

ومنذ لحظة إعلان الأخبار عن الحادث حتى عصر اليوم التالي، بدأت تتزايد أعمال الشغب والعنف في شوارع بريطانيا، خصوصًا بعد انتشار روايات تدّعي أن "القاتل هو قاصر أجنبي مسلم"، وصبغت تلك الروايات بخطاب معاد للمسلمين والمهاجرين تصاعد على شكل أحداث عنف وتدمير للممتلكات.

الإسلاموفوبيا في بريطانيا

من جهة أخرى، لعبت قناة GB News دورًا محوريًا في التضليل الإعلامي ضد المسلمين في بريطانيا، إذ كشف تقرير مركز مراقبة الإعلام عن نمط مقلق من التحيز والترويج لأفكار اليمين المتطرف، إذ أظهرت التغطية أن المسلمين في 62% من تقارير الشغب الخاصة بالقناة تم تصويرهم كجناة لا كضحايا، رغم تعرضهم لاعتداءات مباشرة. إلى جانب ذلك، استخدمت القناة مصطلح الإسلاموفوبيا أكثر من ألف مرة، غالبًا في سياق إنكار وجودها أو التقليل من شأنها. ولم تكتفِ القناة بذلك، بل تبنت سرديات اليمين المتطرف من خلال الترويج لنظريات مؤامرة مثل "الاستبدال العظيم" ونشر مزاعم عن "استيلاء" المسلمين على الفضاء العام، وهو ما يعزز الانقسام ويغذي الكراهية في المجتمع البريطاني.

تحريض إعلامي على المسلمين في بريطانيا

إيلون ماسك واتهامات بتغذية الإسلاموفوبيا 

مؤخرًا، أثار تعليق رجل الأعمال الأميركي الشهير إيلون ماسك، حول حجم الدعم الذي قدمته منظمة USAID لجمعيات إسلامية وعربية أميركية ووصفها بالإرهاب عبر منشور على منصة "إكس" جدلًا واسعًا، إذ رد مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية المعروف اختصارًا بـ منظمة "كير"، معتبرًا وصف ماسك تحريضًا وتشويهًا متعمدًا. وأوضح أن تلك الجمعيات مرخّصة وتعمل وفق القانون، وبعضها تعاون مع الإدارات الأميركية السابقة.

وفي السياق، قال نهاد عوض المدير التنفيذي لكير، قال إن مثل هذه التصريحات "تعرّض الأبرياء للخطر وتغذي بيئة عدائية تهدد قيم العدالة والمساواة"، محذرًا من أن خطاب الكراهية حين يصدر من أصحاب النفوذ، يتحول إلى أداة تحريض فعالة ومُدمّرة.

منظمة كير ترد على إيلون ماسك

 شخصيات عامة متهمة بتغذية الإسلاموفوبيا على المنصات الرقمية

تنشط العديد من الشخصيات العامة على منصات التواصل الاجتماعي وتحديدًا منصة إكس، ببث محتوى معاد للمسلمين يفاقم مشكلة الإسلاموفوبيا في المجتمعات الغربية، إذ يربط الإسلام بالإرهاب، أو يصوّر المسلمين كتهديد مباشر للقيم الغربية.

على سبيل المثال، السياسي الهولندي اليميني المتطرف، جيرت فيلدرز، مؤسس وقائد حزب الحرية (PVV)، والمعروف بمواقفه المناهضة للإسلام والهجرة يصف الإسلام بأنه "أيديولوجية شمولية" وليس دينًا، ودعا إلى حظر القرآن في هولندا، مقارنًا إياه بكتاب "كفاحي" لهتلر. 

أنتج فيلدرز فيلم "فتنة" (2008) الذي يربط الإسلام بالعنف، ما أثار جدلًا واسعًا، آخر منشوراته المعادية للإسلام والمسلمين، كانت في فبراير/شباط الفائت، إذ نشر صورة لنبي الإسلام محمد، مرفقة باقتباس منسوب له يقول فيه "انتصرت بالإرهاب".

غريت فيلدرز

وكان فيلدرز قد دعا في أكثر من مناسبة إلى تحرير المجتمعات من "وحشية الإسلام" وحذر من نبيه محمد واتهمه باغتصاب الفتيات وعدم احترام النساء.

من جهة أخرى، ينشط البريطاني اليميني المتطرف تومي روبنسون مؤسس رابطة الدفاع الإنجليزية (EDL) ضد الإسلام في بريطانيا، إذ يركز على ربط الإسلام بالجريمة والإرهاب، مدعيًا أن "الشريعة" تهدد القيم الغربية.

فمؤخرًا عقب حادثة ساوثبورت زعم روبنسون أن هجوم الطعن كان "دليلًا إضافيًا على أن الإسلام يمثل مشكلة تتعلق بالصحة العقلية أكثر من كونه دين سلام".

إلى جانب هذا، ينشر الكاتب الأميركي ومؤسس موقع "Jihad Watch" روبرت سبنسر، محتوى يومي على حسابه في منصة إكس، يهاجم فيه الإسلام ويسمه بسمات التعصب والتطرف والحقد والعنف. 

وفي آخر منشوراته حول الموضوع ادعى سبنسر أن 99.5% من محتوى القرآن هو تنديدات غاضبة بالكفار وأن هذا دليل على "عقيدة الحقد" في القرآن.

وفي مدونة خاصة، نشرها سبنسر مؤخرًا، انتقد مساعي ولاية نيفادا لتخصيص شهر للاحتفاء بالتراث الإسلامي. مشيرًا إلى أنّ شهر التراث الإسلامي المقرر في نيفادا والولايات التي اعتمدته بالفعل، والتي تشمل كونيتيكت وميشيغان ونيوجيرسي ويوتا، قد أنشأته ليس لامتلاكها تراثًا إسلاميًا تستحقّ الاعتراف به، بل لتعزيز أجندة اليسار في مجال التنوع والإنصاف والشمول.

الإسلاموفوبيا في الولايات المتحدة

من جهتها، تنشط الأميركية باميلا غيلر التي شاركت في تأسيس "مبادرة الدفاع الأمريكية عن الحرية" (AFDI) بشكل مستمر على حسابها في منصة إكس بحملات ضد الإسلام والمسلمين. وهي معروفة بمعارضتها بناء المساجد، مثل مشروع "مسجد بارك 51" قرب موقع 11 سبتمبر. تصف غيلر الإسلام بأنه "تهديد للحضارة". تُتهم بترويج نظريات مؤامرة، مثل الادعاء بأن الشريعة تتسلل إلى القوانين الأميركية، دون أدلة قانونية موثوقة.

 حديثًا، أشادت غيلر بإعلان رئيسة الاستخبارات الأميركية، تولسي غابارد، الإرهاب الإسلامي بأنه التهديد الأكثر إلحاحًا للأمن القومي. مضيفة "إنها بداية جيدة. لكن الإرهاب الإسلامي ليس متطرفًا على الإطلاق. فهو مُؤمَر به في النصوص والتعاليم الإسلامية. لا وجود للإسلاموية، بل الإسلام فقط". الإرهابيون الإسلاميون يتبعون تعاليم الإسلام، ويقتلون الكفار. 

وأوضحت "علاوة على ذلك، يجب تصنيف الجماعات المرتبطة بالإرهاب الإسلامي، مثل مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (CAIR)، والجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية (ISNA)، وطلاب العدالة والسلام (SJP)، والدائرة الإسلامية لأمريكا الشمالية (ICNA)، كمنظمات إرهابية".

اقرأ/ي أيضًا

حملة تضليل ضد المسلمين في الهند ودور وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز خطاب الكراهية

 كيف ساهمت الأخبار المضللة بصعود خطاب الكراهية ضد المسلمين في بريطانيا؟

المصادر

اقرأ/ي أيضًا

الأكثر قراءة

مؤشر مسبار
سلّم قياس مستوى الصدقيّة للمواقع وترتيبها
مواقع تم ضبطها مؤخرًا
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
عرض المواقع
bannar