معلومات مضللة حول سياسات ترامب بشأن المهاجرين غير النظاميين

تُثير سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجديدة بشأن الهجرة غير النظامية جدلًا واسعًا داخل الولايات المتحدة وخارجها، نظرًا لطبيعتها الصارمة وتداعياتها الإنسانية والسياسية. فقد أعلن ترامب عن حملة واسعة لترحيل المهاجرين غير النظاميين، مانحًا آلاف الأشخاص مهلة قصيرة لمغادرة البلاد طوعًا قبل اتخاذ إجراءات قسرية بحقهم. تشمل هذه السياسات إعادة تفعيل مراكز الاحتجاز الجماعي، وزيادة الاعتماد على الحرس الوطني، وتشديد المراقبة على الحدود، لا سيما مع المكسيك.

كما تسعى الإدارة إلى تقليص عدد تأشيرات الإقامة والعمل، وربط الحصول على الخدمات العامة بوضع الهجرة، في محاولة للحد من "العبء الاقتصادي" وفقًا لتصريحات مسؤولي الإدارة. وتؤكد تقارير إعلامية أنّ هذه السياسات تستهدف أيضًا مواطنين من دول عربية، ويُنظر إلى هذه الإجراءات على أنها جزء من أجندة ترامب لإعادة تشكيل سياسة الهجرة الأميركية بطريقة أكثر تشددًا وصرامة.

وفي سياق انتشار ادعاءات مضللة حول الهجرة غير النظامية في الولايات المتحدة الأميركية، عُرضت في إبريل/نيسان 2025 حلقة من بودكاست باسم "All-In"، ادّعى فيها مستثمر الأسهم الخاصة أنطونيو غراسياس أنّ 1.3 مليون مهاجر غير "موثق"، ممن يمتلكون أرقام ضمان اجتماعي (SSNs) مسجلون في برنامج "ميديكيد"، واصفًا الأمر بأنه عبء متزايد على دافعي الضرائب.

كما زعم أنّ بعض هؤلاء المهاجرين من المجرمين، وممن يظهرون على قوائم المراقبة الإرهابية، وأنهم شاركوا في التصويت خلال الانتخابات الأميركية لعام 2024.

تتبع "مسبار" هذه الادعاءات وصولًا إلى رسم بياني عُرض خلال تجمع انتخابي في ولاية ويسكونسن بتاريخ 30 مارس/آذار 2025، حيث أطلق غراسياس وإيلون ماسك تحذيرات بشأن حصول غير المواطنين على المنافع العامة.

المهاجرون غير الموثقين لا يمكنهم الحصول على أرقام ضمان اجتماعي

تستند البيانات المُشار إليها في البودكاست إلى برنامج ما يسمى "الإدراج بعد الدخول" (Enumeration Beyond Entry – EBE)، وهو برنامج قانوني يصدر أرقام ضمان اجتماعي للمهاجرين الذين يتم التحقق من هوياتهم من قبل خدمات الجنسية والهجرة الأميركية. إلا أنّ هذه الادّعاءات تسيء تصوير طريقة عمل البرنامج، فالمهاجرون غير الموثقين غير مؤهلين للحصول على أرقام ضمان اجتماعي، كما أنّ مجرد امتلاك رقم ضمان اجتماعي لا يمنح صاحبه حق التصويت أو الوصول الكامل إلى مزايا الضمان الاجتماعي.

وأكّد تدقيق حكومي نُشر في سبتمبر/أيلول 2023 أنّ إدارة الضمان الاجتماعي (SSA) عالجت 99.8% من حالات المواطنين غير الموثقين بشكل صحيح. وتُمنح أرقام الضمان الاجتماعي الصادرة من خلال هذا البرنامج فقط للأشخاص الموجودين قانونيًا، مثل حاملي البطاقة الخضراء أو أولئك الذين لديهم تصاريح عمل.

مقتطف من تقرير مكتب المفتش العام لعام 2023

المهاجرون غير الموثقين غير مؤهلين للحصول على أرقام ضمان اجتماعي (SSNs)، ويستخدمون بدلًا منها أرقام التعريف الضريبي الفردية (ITINs) لدفع الضرائب، إذ ساهموا بمبلغ قُدر بـ25 مليار دولار من دخل النظام خلال عام 2022 فقط.

يشترط الوضع القانوني للهجرة للحصول على "ميديكيد"

في السياق ذاته، أكّد تقرير صدر عام 2019 عن مكتب المفتش العام أنّ جميع المتقدمين للحصول على رقم ضمان اجتماعي يتم التحقق منهم من قبل خدمات الجنسية والهجرة الأميركية (USCIS) قبل مشاركة بياناتهم مع إدارة الضمان الاجتماعي. وتُصدر أرقام الضمان الاجتماعي لغير المواطنين عبر برنامج "الإدراج بعد الدخول"(EBE)، وهو إجراء قانوني أُطلق عام 2017 خلال إدارة الرئيس دونالد ترامب الأولى.

ويُعد هذا البرنامج مبادرة مشتركة بين إدارة الضمان الاجتماعي وخدمات الجنسية والهجرة، ويمنح أرقام الضمان الاجتماعي فقط للأفراد الحاصلين على تصاريح عمل، أو إقامة دائمة، أو الجنسية الأميركية، وجميعهم أشخاص موجودون قانونيًا، وليسوا "مهاجرين غير شرعيين".

وبحسب مركز الأولويات المتعلقة بالميزانية والسياسات، فوجب أن يكون لدى غير المواطنين "وضع هجرة مؤهل"، للتقدم بطلب للحصول على "ميديكيد"، ويتم التحقق من هذا الوضع من خلال نظام "سيف" (SAVE) التابع لخدمات الجنسية والهجرة الأميركية. أما المهاجرون غير الموثقين، فهم بشكل عام غير مؤهلين للحصول على "ميديكيد"، باستثناء بعض الحالات المحدودة مثل خدمات الطوارئ. ومع ذلك، قد يكون المهاجرون الموجودون قانونيًا، مثل حاملي البطاقة الخضراء، مؤهلين بناءً على سياسات الولاية ومستوى الدخل.

ترامب يعيد تشكيل سياسة الهجرة الأميركية من خلال تغييرات جذرية

وفي أول يوم له في المنصب، أصدر الرئيس دونالد ترامب عشرة أوامر تنفيذية تضمنت تغييرات كبيرة في سياسة الهجرة الأميركية.

وقد أعادت العديد من هذه الأوامر تفعيل أو توسيع تدابير سابقة، مثل وقف استقبال اللاجئين، وتشديد قواعد اللجوء، وزيادة عمليات الترحيل، وتقييد المنافع العامة للمهاجرين غير الموثقين.

كما اقترح ترامب إجراءات جديدة وأكثر تطرفًا، منها إنهاء حق المواطنة بالولادة، وتصنيف الكارتلات كمنظمات إرهابية، وإنشاء أنظمة لتسجيل المهاجرين. وتشير هذه الأوامر بمجملها إلى إعادة تشكيل شاملة وحازمة لسياسة الهجرة في الولايات المتحدة.

اقرأ/ي أيضًا

الفيديو من 2024 وليس لحريق أمام البيت الأبيض خلال الاحتجاجات الأخيرة ضد ترامب

الترجمة مفبركة وليست لحديث ترامب عن المهندسة المغربية ابتهال أبو السعد