سياسة

حملة إلكترونية ضد صحيفة ذا غارديان: التضليل عبر تضخيم تأثير الهاشتاغ

فريق تحرير مسبارفريق تحرير مسبار
date
29 أبريل 2025
آخر تعديل
date
10:06 ص
30 أبريل 2025
حملة إلكترونية ضد صحيفة ذا غارديان: التضليل عبر تضخيم تأثير الهاشتاغ
وصفت الصحيفة خطأً الرئيس المصري بالرئيس السابق | مسبار

في سياق تغطيتها لوفاة بابا الفاتيكان فرانسيس، نشر الموقع الإلكتروني لصحيفة ذا غارديان البريطانية، نعي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للبابا فرانسيس، ووصفته خطأً بـ"الرئيس المصري المؤقت"، قبل أن تصحح الخطأ، وتوضح أنها أجرت التعديل على الصياغة الخاطئة صباح يوم 22 إبريل/نيسان 2025.

 نشر الموقع الإلكتروني لصحيفة ذا غارديان البريطانية، نعي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للبابا فرانسيس، ووصفته خطأً بـ"الرئيس المصري المؤقت"

إثر ذلك، انطلقت حملة على منصة إكس استهدفت ذا غارديان بخطاب تضمن اتهامات وعبارات غير لائقة. في البداية رصد مسبار ردود فعل سلبية تجاه خطأ ذا غارديان، لكن ما لبثت أن تحولت ردود الفعل إلى وسم "#الجارديان_تحت_أحذية_المصريين"، رفقة مجموعة أخرى من الوسوم المكررة التي سبق استخدامها قبل ذلك الحادث بفترات طويلة.

وسم الغارديان تحت أحذية المصرييناتهامات للغاردين

تضخيم متعمد للوسم المناهض لصحيفة ذا غارديان

يُعد استخدام وسوم قديمة في التفاعل مع الوسم الجديد، سواء بنشر الوسوم القديمة مع الوسم الجديد، أو التعليق بالوسوم القديمة على منشور يتضمن الوسم الجديد، أو العكس، طريقة تقليدية لتضخيم التفاعل على الوسم الجديد من خلال ربطه بمحتوى حقق تفاعلًا قبل ذلك.

ويتضح ذلك من تحليل الوصول المحتمل للوسم، إذ يُقدّر بنحو 2.5 مليون وصول، في حين أن إجمالي التفاعلات على الوسم لا تتخطى ستة آلاف و534 تفاعلًا. ويعني ذلك أن دائرة وصول الوسم أوسع من المتفاعلين عليه، إذ تشمل دوائر الوصول لوسوم أخرى رُبط هذا الوسم بها.

إضافة إلى ذلك، فإن العديد من المنشورات التي تضمنت وسم #الجارديان_تحت_أحذية_المصريين، لا علاقة مباشرة لها بموضوع الوسم نفسه، أي بالخطأ التحريري الذي وقعت فيه صحيفة ذا غارديان. ويمثل هذا النمط أيضًا محاولة موجهة لتضخيم الوسم ليتصدر التريند دون أن يكون معبرًا عن رأي عام حقيقي.

تضخيم متعمد للوسم المنهاض لصحيفة ذا غارديان

شبكة منظمة من الحسابات الموجهة

يؤكد تحليل الحسابات التي تقف وراء الوسم، أنها شبكة تعمل على إنتاج محتوى موجه بشكل منظم عبر منصة إكس. وتُعرف هذه اللجنة بـ"الدولجية"، استنادًا إلى حملات سابقة نظّمتها نفس تلك الحسابات، واجتماعات صوتية عبر خاصية "Spaces" على إكس -سبق أن اطلع عليها مسبار- نُظمت خلالها حملات أطلقتها نفس الشبكة لاحقًا.

شبكة منظمة من الحسابات الموجهة

وكما يتضح، يقود تلك الشبكة حساب باسم "المايسترو"، وشارك المايسترو على وسم #الجارديان_تحت_أحذية_المصريين بمنشورين فقط، في المقابل نشر عشرات التعليقات التي لم تتضمن سوى الوسم فقط، وخلال فترة لم تتجاوز نصف ساعة، وهي نفسها الفترة الأكثر زخمًا بالنسبة للوسم، في يوم 22 إبريل الجاري، ما بين الساعة الرابعة والخامسة مساءً.

حساب المايسترو

خلال تلك الساعة فحسب تجاوز عدد المنشورات على الوسم 275 منشورًا بما في ذلك التعليقات التي تضمنت الوسم، من بينها 30% من حساب المايسترو وحده. وتمثل تلك الساعة ذروة النشر والتفاعل على الوسم، بالتزامن مع تصحيح ذا غارديان للخطأ.

تأثير وسم الغارديان تحت أحذية المصريين

ومنذ تلك اللحظة ازدادت المفردات المسيئة والخطاب التحريضي في المنشورات التي تضمنت الوسم، ليس ضد صحيفة ذا غارديان فحسب، بل ضد وسائل إعلامية أخرى.

الخطاب التحريضي في المنشورات التي تضمنت الوسم، ليس ضد صحيفة ذا غارديان فحسب، بل ذد وسائل إعلامية أخرى

جيش إلكتروني للإساءة والتحريض

وفق مشروع الدعاية الحاسوبية في جامعة أكسفورد، تُعرّف الجيوش الإلكترونية على أنها مجموعات منظمة من الحسابات التي تعمل بشكل منسق، لتحقيق أهداف خطابية سياسية أو إعلامية محددة، من خلال التلاعب بالمحتوى للتأثير على الرأي العام أو خلق انطباع زائف عن رأي عام طبيعي.

وتشير العديد من الأبحاث إلى أبرز خصائص الجيوش الإلكترونية، ومن بينها: التنظيم الهيكلي، والتنسيق المركزي، والاستراتيجية الموجهة، بمعنى وجود بنية قيادية تتمثل في الحسابات التي تقود الجيش الإلكتروني، وتطلق أو تنسق إطلاق الحملات، وتوزع الأدوار، كل ذلك وفقًا لاستراتيجية موجهة لتحقيق أهداف تتمثل عادة في: تضخيم رسائل معينة للتأثير على الرأي العام والنقاش المجتمعي، أو خلق رأي عام وهمي، أو الإساءة لأشخاص أو مؤسسات.

ينطبق ذلك التعريف على شبكة حسابات "الدولجية"، أولًا من جهة كونها مجموعة منظمة من الحسابات الإلكترونية، تعمل بشكل منسق على إطلاق وتضخيم حملات إلكترونية بغرض التأثير على الرأي العام أو خلق رأي عام وهمي، أو الإساءة لأشخاص ومؤسسات كما هو الحال مع وسم #الجادريان_تحت_أحذية_المصريين.

وتنطبق أيضًا الخصائص المُعرفة للجيوش الإلكترونية على تلك الشبكة، إذ تتميز بوجود قيادة واضحة تتمثل في حساب "المايسترو" الذي يقود إطلاق الوسوم، ويُنظم عمليات تدشينها من خلال الاجتماعات الصوتية التي يستضيفها عبر خاصية "Spaces". بالإضافة إلى التنسيق المركزي بشأن أنماط النشر والتضخيم، فنجد أن حسابات بعينها تعمل على التضخيم من خلال تكرار الوسم في المنشور الواحد مثل حساب "@SydMkyd".

شبكة حسابات مصرية

كما نجد استخدامًا مكثفًا لأسلوب ربط الوسوم الجديدة بالقديمة، وتخصص حسابات في ذلك مثل حسابي "MohamedRimthman" و"mohamed14680488". هذا الأسلوب يصفه إميليو فيرارا، أستاذ الحاسب وعلوم البيانات والشبكات الاجتماعية في جامعة جنوب كاليفورنيا، بأنه "استراتيجية مدروسة لاستثمار الانتشار الاجتماعي للوسوم الناجحة سابقًا".

ربط الوسوم القديمة بالجديدة

في دراسة نشرها عام 2019 بعنوان "Bots, elections, and social media: A brief overview"، يقول فيرارا إنّ هذا التكتيك يمثل "نموذجًا متطورًا من هندسة النشر الاجتماعي، يستفيد من فهم كيفية عمل الخوارزميات، ومن سلوك المستخدمين". ويشير التحليل الذي أجراه لعدد من الحملات الإلكترونية في عدد من البلدان على مدار ثلاثة أعوام، إلى أن الوقت الذي يحتاجه الوسم الجديد للوصول إلى قوائم التريند، يقل بنسبة 35% عند ربطه بوسوم قديمة. وبالجملة، فإن احتمال ظهور الوسم الجديد أمام المستخدمين تزيد بنسبة 70% مقارنة بالوسوم المنفردة.

وعلى عكس السلوك الشائع بين العديد من اللجان الإلكترونية، المتمثل في اختراق وسوم قديمة رائجة لكن ليست ذات صلة بالوسم الجديد، يكشف تحليل أنماط سلوك شبكة الدولجية عن استخدامها وسوم قديمة قامت هي نفسها بإطلاقها وتضخيمها، ودمج الوسوم الجديدة بها، وذلك بالاعتماد على سنوات من النشاط الفعال الذي خلق تفاعلًا واسعًا للشبكة ووسومها يجعلها قادرة على الاستثمار وإعادة الاستثمار في محتواها الخاص.

على سبيل المثال في حالة وسم #الجارديان_تحت_أحذية_المصريين، سنجد أنه ارتبط بمجموعة أخرى من الوسوم القديمة، جميعها من إنشاء شبكة"الدولجية"، وجميع تلك الوسوم حققت وتحقق تفاعلًا كبيرًا، وهي بمثابة وسوم دائمة الاستخدام، وتُستغلّ في لحظات الحملات الحادثة أو المؤقتة مثل الحملة ضد ذا غارديان.

ربط الوسوم القديمة بالجديدة

ومن بين هذه الوسوم، وسم "#الجيش_المصري_قادر_وجاهز"، والذي أطلق قبل سنوات، ويمثل وسمًا رئيسيًا لتلك اللجنة الإلكترونية، التي قامت بدمجه مع وسم #الجارديان_تحت_أحذية_المصريين لتضخم وصول الأخير. 

وخلال فترة إطلاق وسم "#الجارديان_تحت_أحذية_المصريين" فقط (ما بين 21 و27 إبريل 2025)، حقق وسم #الجيش_المصري_قادر_وجاهز وصولًا بلغ 12 مليونًا.

وسوم تدعم الجيش المصري

ومن تلك الوسوم أيضًا وسم "#السيسي_زعيم_بحجم_عالم"، الذي تم ربطه بالحملة المستهدِفة ذا غارديان 200 مرة على الأقل. يُستخدم هذا الوسم منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وخلال أقل من أسبوع، حقق الوسم 4.2 مليون وصول محتمل، أي قرابة ضعف ما حققته الحملة ضد ذا غارديان خلال الفترة نفسها. هذا بالإضافة إلى وسوم أخرى مثل "#مصر_في_النهاية_تنتصر"، الذي أُطلق قبل نحو عامين في 2023 أيضًا، وغيرها.

علاقة الوسوم

إذًا في المحصلة، يُبرز تحليل شبكة "الدولجية" نمطًا واضحًا من التنظيم والتنسيق المركزي، واستراتيجيات نشر تستثمر في مراكمة الوصول الرقمي على مدار سنوات، بشكل يتطابق مع التعريفات والتوصيفات الأكاديمية للجيوش الإلكترونية. 

من جهة أخرى تكشف الحملة المنظمة ضد صحيفة ذا غارديان، أن الخطأ التحريري لم يكن سوى ذريعة لتفعيل شبكة منظمة تستثمر في خبرات متراكمة من التضليل وتضخيم الوسوم، باستخدام استراتيجيات محسوبة لإعادة إنتاج السرديات الدعائية وتوسيع دوائر التأثير.

وبالجملة فإن النتائج التي توصل لها هذا التقرير، تكشف عن واقع الاختراق والتلاعب المنظم بالنقاشات العامة الحقيقية، وتُسلط الضوء على أثر سيطرة الجيوش الإلكترونية على الفضاء الرقمي في الوقت الذي تراجعت فيه سياسات شركات وسائل التواصل الاجتماعي، مثل "إكس" و"ميتا"، عن التزاماتها السابقة بمكافحة حملات التضليل واللجان الإلكترونية المنظمة.

اقرأ/ي أيضًا

هل اخترق طالب مصري منصة إكس؟

أبرز الادعاءات المضللة المرتبطة بزيارة ماكرون الأخيرة إلى مصر

المصادر

كلمات مفتاحية

اقرأ/ي أيضًا

الأكثر قراءة

مؤشر مسبار
سلّم قياس مستوى الصدقيّة للمواقع وترتيبها
مواقع تم ضبطها مؤخرًا
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
عرض المواقع
bannar