رغم الأدلة.. حسابات تشكك في صورة طفلة فلسطينية تعاني من المجاعة في غزة

إثر تصعيد إسرائيل حصارها الكامل على قطاع غزة، بدأت تظهر آثار المجاعة على سكان القطاع. ومع تفاقم الأزمة، يحاول المدافعون عن إسرائيل التقليل من شأن استخدامها للجوع سلاحًا ضد المدنيين، إذ شككت حسابات إسرائيلية على وسائل التواصل الاجتماعي، مؤخرًا، في حالة طفلة تعاني من سوء التغذية، متهمين سكان غزة بنشر معلومات مضللة.

65 ألف طفل يواجهون خطر المجاعة مع تصعيد إسرائيل الحصار على غزة

يوم الجمعة التاسع من مايو/أيار الجاري، حذرت السلطات في غزة من أن أكثر من 65 ألف طفل يواجهون خطر الموت الوشيك بسبب المجاعة الناتجة عن الحصار الإسرائيلي المستمر ومنع الإمدادات الأساسية إلى القطاع، إذ أدى الإغلاق التام للمعابر، منذ الثاني من مارس/آذار الفائت، إلى حملة متعمدة من التجويع تستهدف المدنيين.

وقال المكتب الإعلامي في غزة في بيان "الاحتلال الإسرائيلي يرتكب مجاعة ممنهجة ضد 2.4 مليون شخص، من خلال إغلاق المعابر ومنع 39 ألف شاحنة مساعدات، تحمل طعامًا ووقودًا ودواءً"، متهمًا إسرائيل بانتهاك القانون الدولي.

وكشف البيان أن جميع المخابز في غزة قد أُغلقت مدة 40 يومًا متتالية، ما ترك السكان دون إمكانية الوصول إلى الخبز.

تأتي هذه التحذيرات في الوقت الذي انتقد فيه مسؤولو الأمم المتحدة بشدة خطة المساعدات الإنسانية الجديدة المقترحة من إسرائيل لغزة، محذرين من أنها قد تزيد الأزمة سوءًا وتفشل في تلبية المعايير الإنسانية الأساسية.

إسرائيليون يزعمون أن سكان غزة كذبوا بشأن الطفلة التي تعاني من سوء التغذية

في محاولة لتجاهل الأدلة على التجويع الممهنج الذي ترتكبه إسرائيل في غزة، تداول مستخدمون مؤيدون لإسرائيل صورتين لطفلة تعاني من سوء التغذية، مدعين أن الصور لم تُلتقط في غزة.

رصد فريق "مسبار" منشورات عدة باللغات الإنجليزية والعبرية والألمانية والإيطالية، تزعم أن سكان غزة يستخدمون صورًا من دول أخرى لإلقاء اللوم على إسرائيل في التسبب بمجاعة داخل القطاع.

حاول الناشرون دعم روايتهم باستخدام لقطات شاشة من عمليات بحث عكسي عن الصور عبر أداة غوغل لينس Google Lens، التي تُظهر أن الصور قديمة.

على سبيل المثال، ادعى مستخدم على منصة إكس، أن الصورة التُقطت في المغرب عام 2019.

كرر حساب دعائي آخر الادعاء، قائلًا "الحقيقة: الصورة التُقطت في المغرب عام 2019 لطفلة صغيرة تعاني من مرض وراثي، على الأرجح منذ الولادة".

بالإضافة إلى ذلك، تداولت حسابات إسرائيلية على وسائل التواصل الاجتماعي صورة أخرى للطفلة نفسها التي تعاني من سوء التغذية، مدعين هذه المرة أنها تُظهر طفلة عراقية من عام 2017.

المصور يؤكد لمسبار صحة صورة الطفلة المتضررة من المجاعة

تتبع فريق مسبار مصدر الصورة المتداولة على نطاق واسع، وتبيّن أنها تعود للمصور الفلسطيني أسامة الكحلوت، الذي نشرها على حسابه في انستغرام.

وبحسب وصف الصورة، فهي تُظهر طفلة بجسد هزيل بسبب المجاعة والحصار الإسرائيلي المستمر، الذي ما يزال يمنع دخول الأدوية والمساعدات الإنسانية.

إضافة إلى الصورة، شارك المصور مقطع فيديو تظهر فيه والدة الطفلة، التي تحدثت عن الحالة الحرجة لطفلتها واحتياجاتها الملحة. وقد حذّرت من أن حياة ابنتها معرضة لخطر شديد بسبب عدم توفر التغذية السليمة والرعاية الطبية اللازمة.

وأكد المصور أسامة الكحلوت لـ"مسبار" أنه التقط كل من الصورة والفيديو للطفلة، دانا الحاج، في دير البلح قبل أيام قليلة، وأخبر "مسبار" أن دانا تعاني من سوء تغذية حاد، وفي مقطع الفيديو الذي صوره الكحلوت، قالت والدتها إن دانا قد تموت ما لم يتم إجلاؤها بشكل عاجل من غزة لتلقي العلاج الطبي.

مسبار يؤكد أن الصور التُقطت حديثًا في غزة

اختبر فريق التحقيق في "مسبار"، الأداة نفسها المستخدمة من قبل الحسابات الداعمة لإسرائيل، ووجد أنها غالبًا ما تقدم نتائج غير دقيقة.

وتعود هذه الأخطاء إلى مشكلات في فهرسة الصور داخل أداة غوغل لينس، إذ إن النقر على المصادر المقترحة قد يؤدي إلى صور مختلفة تمامًا.

وتحقق فريق "مسبار" من مصدر الصورة الأولى، وتبين أن المستخدم على فيسبوك الذي يحمل اسم "Marokkanisches Leben الحياة المغربية" قد شارك بالفعل صورة دانا قبل ثلاثة أيام، ولكن بتعليق نصه: "العالم يراقب غزة".

وهذا يشير بوضوح إلى أن الصورة كانت تشير إلى غزة، وليس المغرب، ويكشف أن نتيجة غوغل لينس غير صحيحة.

ووصل "مسبار" إلى المصدر الذي استندت إليه الحسابات المضللة بالبحث عن نفس التعليق والوسوم والتاريخ المذكور في نتائج Google Lens، وأظهرت النتيجة أن التعليق ظهر بجانب صورة مختلفة تمامًا (الصورة الظاهرة في الجانب الأيسر) في حساب فيسبوك ذاته، ما يؤكد أن أداة غوغل لينس غالبًا ما تُنتج تطابقات مضللة.

بالإضافة إلى ذلك، تحقق مسبار من  مصدر موقع المنار الإسباني الذي ادعت بعض الحسابات أن صورة الطفلة دانا من العراق استنادًا إليه، ولكن تبين أن المقال الأصلي كان يتضمن صورة مختلفة تمامًا، وهي صورة لرئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي مع آية الله خامنئي من عام 2017، وقد تلاعبت الحسابات بعنوان المقال باللغة الكتالونية، والذي يُترجم إلى "فتوى آية الله العظمى علي السيستاني التي أنقذت العراق"، لتزعم زورًا أن صورة دانا تعود إلى العراق.

اقرأ/ي أيضًا

كيف استغلت إسرائيل حرائق الغابات لتشويه صورة الفلسطينيين؟

بعد فبركة قصة النفق في رفح.. مسبار يكشف زيف ادعاءات إسرائيلية أخرى عن أنفاق فيلادلفيا