إسرائيل تنشر مشاهد مضللة بعد قصفها المستشفى الأوروبي في غزة
في أعقاب الغارات الجوية الإسرائيلية العنيفة التي استهدفت المستشفى الأوروبي في مدينة خان يونس جنوبيّ قطاع غزّة، والتي أدت إلى سقوط 28 ضحية على الأقل، حاول الجيش الإسرائيلي تبرير قصف المستشفى بزعمه استهداف "مركز قيادة وتحكم" تابع لحركة حماس، غير أن المشاهد الجوية التي أرفقها الجيش الإسرائيلي لدعم مزاعمه، ليست للمستشفى الأوروبي.
عشرات الضحايا في غارات جوية إسرائيلية على المستشفى الأوروبي
أفادت فرق الإنقاذ ومنظمة الدفاع المدني في غزة، يوم الثلاثاء 13 مايو/أيار الجاري، أن الغارات الجوية الإسرائيلية على المستشفى الأوروبي في خان يونس أسفرت عن سقوط 28 ضحية على الأقل. وأضافت أن الغارات طاولت مناطق سكنية قريبة من المستشفى، وتسببت بدمار واسع. وأشارت إلى أن شدة القصف حالت دون انتشال بعض الجثث، حيث تناثرت الأشلاء في المكان.
وأفادت التقارير الإخبارية بأن موجة ثانية من الصواريخ الإسرائيلية استهدفت المنطقة ذاتها، في محاولة لإعاقة عمليات الإنقاذ. وأشارت إلى أن القوات الإسرائيلية تعمدت استهداف كل من حاول الوصول إلى المصابين.
في السياق ذاته، ذكرت مصادر طبية في غزة أن المستشفى الأوروبي اضطر إلى إجلاء جميع المرضى والطواقم الطبية، بعد تعرض ساحته والمناطق المحيطة به لقصف متكرر على مدار يومي الثلاثاء والأربعاء.
ومن جانبها، أوضحت وزارة الصحة في غزة أن الهجوم الإسرائيلي المتواصل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أدى إلى سقوط ما لا يقل عن 52,928 ضحية فلسطينية وإصابة 119,846 آخرين.
إسرائيل تدّعي استهداف مركز قيادة لحماس داخل المستشفى
زعم الجيش الإسرائيلي أنه نفذ "ضربة دقيقة" استهدفت عناصر من حركة حماس كانوا يستخدمون "مركز قيادة وتحكم تحت الأرض" داخل مجمع المستشفى الأوروبي في خان يونس.
ووفقًا لوسائل إعلام إسرائيلية، فإن الضربة كانت تستهدف محمد السنوار، الذي يُعتقد أنه تولّى قيادة حركة حماس في غزة عقب اغتيال شقيقه يحيى في أكتوبر 2024.
وعقب الهجوم، أصدر الجيش الإسرائيلي عبر حساباته الرسمية بيانًا أعلن فيه استهداف "بنية تحتية إرهابية تحت الأرض" تابعة لحركة حماس أسفل المستشفى الأوروبي في خان يونس. وجاء في نص البيان "الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك دمّرا بنية تحتية إرهابية تابعة لمنظمة حماس الإرهابية تحت المستشفى الأوروبي في خان يونس، جنوبيّ قطاع غزة".
إلى جانب البيان، نشر الجيش الإسرائيلي مقطع فيديو وصورة ادعى أنهما يظهران نتائج قصف "البنية التحتية التابعة لحركة حماس" أسفل المستشفى الأوروبي.
مسبار يكشف تضليل المشاهد الجوية الإسرائيلية
رغم أن التسمية العبرية على الصورة التي نشرها الجيش الإسرائيلي تشير إلى "المستشفى الأوروبي في خان يونس بعد الهجوم"، إلا أن المنطقة المحددة بالدائرة الحمراء لا تتطابق مع موقع المستشفى الفعلي على الخريطة.
ومن خلال مقارنة الصورة التي نشرها الجيش على حساباته الرسمية في وسائل التواصل الاجتماعي مع خرائط غوغل، تبيّن لـ"مسبار" أن الموقع هو مبنى مختلف يقع بالقرب من المستشفى الأوروبي، وليس المستشفى نفسه.
وقارن مسبار لقطة شاشة من الفيديو الذي نشره الجيش الإسرائيلي، والذي زعم أنه يُظهر المستشفى الأوروبي، مع صورة جوية من خرائط غوغل تظهر مدرسة مجاورة.
وتُظهر الصور أسفله تطابقًا كاملًا بين لقطة الشاشة من مقطع الفيديو على الجانب الأيسر، وموقع المدرسة على خرائط غوغل على الجانب الأيمن، إضافة إلى وجود عدة أوجه تشابه بصرية تؤكد أن الموقع الظاهر في لقطات الجيش الإسرائيلي هو في الواقع مدرسة، وليس المستشفى الأوروبي.
إضافة إلى ذلك، استخدم مسبار أدوات رسم الخرائط لقياس المسافة الفعلية بين المستشفى الأوروبي والمبنى الظاهر في مقطع الفيديو الذي نشره الجيش الإسرائيلي. وأظهرت التحليلات أن الموقعين يفصل بينهما مئات الأمتار، ما يؤكد أنهما مكانان مختلفان.
هذا، وأكد مصدران لـ"مسبار"، بعد مراجعة الخريطة والصور، أن المبنى الذي حدّدته القوات الإسرائيلية على أنه "مجمع قيادة وتحكم لحماس تحت المستشفى الأوروبي" هو في الواقع مدرسة جنين الثانوية للبنين.
ورغم أن مقطع الفيديو تضمن صورًا لمسار نفق مدمر خارج المستشفى، زعمت إسرائيل أنه نتيجة الضربة التي استهدفت الموقع، إلا أن هذا الادعاء يثير العديد من علامات الاستفهام، إذ من غير المرجح أن تتمكن تقنيات التصوير الحراري من الكشف عن نفق بسيط بهذه الدقة والوضوح.
وبالنظر إلى هذه التناقضات، تزداد احتمالية أن تكون اللقطات المنشورة من قبل الجيش الإسرائيلي قد تم التلاعب بها أو عرضها بشكل مضلل، خاصةً إذا أخذنا في الاعتبار السجل الطويل لإسرائيل في تزييف مثل هذه المواد، لا سيما فيما يتعلق بشبكات الأنفاق المزعومة في غزة. وكان مسبار قد دحض بشكل متكرر مزاعم إسرائيلية حول وجود أنفاق نشطة في غزة.
وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، يؤآف غالانت، قد اعترف في 22 إبريل/نيسان الفائت، بأن الجيش الإسرائيلي نشر صورة مضللة تزعم اكتشاف نفقًا مزعومًا في قطاع غزة، ذلك في محاولة لإفشال صفقة تبادل أسرى كانت محتملة حينها.
اقرأ/ي أيضًا
بعد فبركة قصة النفق في رفح.. مسبار يكشف زيف ادعاءات إسرائيلية أخرى عن أنفاق فيلادلفيا
الاحتلال الإسرائيلي يتراجع عن ادعاءات مضللة بعد الاستفادة من تأثيرها إعلاميًا