متجر غوغل وتيك توك ونتفليكس.. هل رُفع الحظر عن الخدمات الرقمية في سوريا؟

يتداول مستخدمون على منصات التواصل الاجتماعي أخبارًا تفيد برفع الحظر المفروض على عدد من الخدمات والمنصات الرقمية في سوريا، ذلك عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا.

أثارت هذه المنشورات جدلًا بين المستخدمين، خاصة في ظل تداول أنباء تفيد بإمكانية الوصول إلى تطبيقات وخدمات رقمية كانت محجوبة سابقًا، دون استخدام أدوات وبرامج تجاوز الحجب.

في هذا الإطار، تحقّق "مسبار" من هذه الادعاءات، وراجع السياق القانوني والسياسي المرتبط بالعقوبات الأميركية والحظر الرقمي المفروض على سوريا، إضافة إلى رصد واقع الوصول إلى المنصات الرقمية من داخل البلاد.

حقيقة رفع الحظر عن الخدمات الرقمية في سوريا

خلال تتبع الادعاءات المتداولة، رصد مسبار عددًا من المنشورات، تدّعي رفع الحظر على بعض الخدمات والمنصات في سوريا، وأن المستخدمين باتوا قادرين على الوصول إلى تطبيقات مثل Google Play Store دون الحاجة إلى استخدام بروكسي أو VPN.

منشورات أخرى ادعت رفع الحظر عن تطبيقات أخرى مثل Google Maps، مع تحديثات شملت رفع العلم السوري الجديد على واجهة الخدمة.

رغم الإقبال الكبير على تداول هذه الادعاءات التي تحمل صيغة خطابية توحي بأنها معلومات مؤكدة، فإن أيًا من المنشورات لم تُقدّم دليلًا موثوقًا على وجود تغيير فعلي في وضع الخدمات الرقمية المحظورة في سوريا.

وتزامن انتشار هذه المنشورات مع تصاعد النقاشات العامة حول رفع العقوبات الأميركية، ما دفع كثيرين إلى التساؤل عمّا إذا كان الحظر قد رُفع فعلًا، أم أن الأمر يتعلق بتجارب فردية أو تغيّرات تقنية مؤقتة.

تحقق ميداني داخل سوريا من صحة فك الحظر عن الخدمات الرقمية

للتحقّق من صحة المزاعم التي انتشرت على فيسبوك حول إلغاء الحظر الرقمي المفروض على سوريا، أجرى مسبار تجربة تقنية مباشرة من داخل سوريا، شملت محاولة الوصول إلى عدد من المنصات والخدمات الرقمية التي لطالما كانت محجوبة دون استخدام VPN أو أدوات تجاوز الحجب.

بالتوازي مع ذلك، راجع السياسات الرسمية لشركات التكنولوجيا المعنية، من خلال صفحات "شروط الاستخدام" التي تُحدَّث دوريًا وتوضح الدول الخاضعة للقيود الأميركية.

كما شمل التحقق مراجعة قواعد بيانات وزارة الخزانة الأميركية (OFAC)، والبحث عن أي إعلانات رسمية حديثة تتعلّق بدخول رفع العقوبات التكنولوجية عن سوريا حيز التطبيق، عقب إعلان ترامب رفع العقوبات.

ما التطبيقات الإلكترونية التي لا تعمل في سوريا؟

رغم الادعاءات المتداولة عن رفع الحظر، ما تزال مجموعة من التطبيقات والمنصات الرقمية غير متاحة جزئيًا أو كليًا رسميًا للمستخدمين في سوريا دون استخدام أدوات كسر الحجب مثل VPN أو البروكسي. وتشمل هذه التطبيقات خدمات تواصل اجتماعي شهيرة، ومنصات تعليمية، وخدمات تقنية احترافية، إلى جانب تطبيقات تجارية وترفيهية.

خدمات ميتا

تخضع خدمات شركة ميتا، بما في ذلك "فيسبوك" و"انستغرام"، لقيود جزئية في سوريا منذ سنوات، استنادًا إلى العقوبات الأميركية على الكيانات والأفراد داخل البلاد.

وعلى الرغم من تمكّن بعض المستخدمين من الوصول إلى هذه المنصات جزئيًا، إلا أن تحميل التطبيقات أو تحديثها من المتاجر الرسمية مثل متجر غوغل (غوغل بلاي) يتطلب اتصال VPN، كما تُحظر الميزات المدفوعة كالإعلانات والترويج. ولا تُتيح "ميتا" رسميًا خدماتها التجارية أو دعم المعلنين من سوريا وفقًا لسياساتها.

تيك توك

خلافًا للمنشورات المزعومة المتداولة بأن تيك توك يعمل في سوريا، أظهرت التجربة المباشرة أنه محجوب بالكامل، ولا يمكن فتحه أو استخدامه دون اللجوء إلى VPN أو أدوات تجاوز الحجب. ويعود سبب ذلك إلى التزام الشركة بسياسات العقوبات المفروضة على سوريا، ما يجعل التطبيق غير متاح رسميًا ضمن نطاق IP السوري، سواء عبر المتصفح أو التطبيق المحمول.

نتفليكس وخدمات البث الترفيهي أخرى

لا تتوفر خدمات نتفليكس في سوريا، إذ يواجه مستخدمو المنصة صعوبات في استخدامها بسبب العقوبات الأميركية.

الأمر ذاته ينطبق على منصتي "برايم فيديو" و"ديزني بلس"، ما يحرم المستخدمين السوريين من الاشتراك في أبرز منصات البث العالمية.

تطبيقات الاجتماعات

منصة زوم غير متاحة أيضًا في سوريا بسبب العقوبات الأميركية، ورغم أن الحاجة لهذه المنصات قد أصبحت أكثر إلحاحًا خلال جائحة كوفيد-19، التي تطلبت إجراء تغييرات في آليات الاجتماعات الخاصة بالعمل والتعليم، إلا أن الحظر ظل مستمرًا.

أدوات الذكاء الاصطناعي

يمتد الحظر ليشمل بعض أدوات الذكاء الاصطناعي، وعلى رأسها تشات جي بي تي، الذي لا يمكن الوصول إليه من داخل سوريا.

وبحسب إدارة المنصة، فإنّ الحظر مرتبط بالعقوبات الأميركية التي تمنع تقديم البرمجيات والخدمات التقنية لسوريا، إضافة إلى العقوبات المالية التي تعيق اشتراك المستخدمين في الخدمات العالمية.

متاجر التطبيقات الإلكترونية في سوريا

يواجه المستخدمون السوريون صعوبات في الوصول إلى متجر غوغل "غوغل بلاي"، ما يجعل تنزيل التطبيقات أو تحديثها أمرًا معقدًا. وبرغم بقاء بعض خدمات "غوغل" متاحة، إلا أن التطبيقات المدفوعة مثل "يوتيوب بريميوم"، لا يمكن استخدامها داخل سوريا.

أمازون وآبل في سوريا

على غرار كبرى الشركات العالمية، تفرض كل من أمازون وآبل قيودًا صارمة على خدماتهما في سوريا، حيث تشمل هذه القيود عدم توفر متجر "آب ستور" التابع لآبل، إضافة إلى خدمات التجارة الإلكترونية والتخزين السحابي التي تقدمها "أمازون".

تطبيقات النقل العالمية في سوريا

لا تعمل شركة أوبر في سوريا، حيث لم تطلق خدماتها رسميًّا في البلاد بسبب العقوبات الأميركية. وإضافة إلى ذلك، فإن تشغيل "أوبر" يتطلب بنية تحتية متقدمة مثل المدفوعات الرقمية ونظام تحديد المواقع "جي بي إس" (GPS)، وهي خدمات تواجه قيودًا بسبب محدودية وصول سوريا إلى الأنظمة المصرفية الدولية والخدمات الرقمية.

تطبيقات توصيل الطعام في سوريا

لا تعمل شركات توصيل الطعام العالمية مثل "دليفيرو"، و"غلوفو"، و"فوودباندا" في سوريا، حيث تمنع العقوبات الدولية هذه الشركات من مزاولة أعمالها هناك.

متى فُرض الحظر الرقمي على سوريا؟

فرضت الولايات المتحدة والدول الغربية قيودًا تقنية صارمة على سوريا تعود جذورها إلى عقود مضت، وتحديدًا إلى عهد حافظ الأسد. فبحسب القوانين الأميركية، يُحظر على الشركات الأميركية تزويد سوريا بأي برمجيات أو خدمات أو تقنيات دون الحصول على ترخيص خاص ومحدود.

وتعود العقوبات الأميركية على سوريا إلى عام 1979، حين أدرجت وزارة الخارجية الأميركية سوريا على قائمة "الدول الراعية للإرهاب"، ما فتح الباب أمام سلسلة من الإجراءات العقابية المستمرة. وفي عام 2004، صدر الأمر التنفيذي 13338 تطبيقًا لقانون "محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية"، الذي أقره الكونغرس عام 2003.

ومع اندلاع الثورة السورية في آذار 2011، كثفت واشنطن من عقوباتها على النظام المخلوع، مستهدفة مصادر تمويله وقدرته على قمع المحتجين. وكان من أوائل هذه الخطوات صدور الأمر التنفيذي رقم 13572 في إبريل/نيسان 2011، الذي قضى بتجميد أصول شخصيات سورية متهمة بانتهاك حقوق الإنسان، وشمل ذلك عقوبات طاولت قطاعات حيوية، من بينها التكنولوجيا.

كيف سيرفع الحظر الرقمي في سوريا؟

وفقًا لتقرير نشرته وكالة رويترز، تبدأ عملية رفع الحظر عن سوريا بقرار رئاسي، يستخدم فيه الرئيس الأميركي صلاحيات الإعفاء المنصوص عليها في قانون حماية المدنيين في سوريا (قانون قيصر).

ثم تُصدر وزارة الخزانة الأميركية تراخيص عامة تسمح بتخفيف العقوبات تدريجيًا، خاصة في قطاعات مثل إعادة الإعمار، ذلك بناءً على طلب جهات فاعلة دولية. كما يظل الكونغرس الأميركي يراقب هذه الخطوات، وقد يفرض شروطًا إضافية أو يقيم التقدم المحرز.

اقرأ/ي أيضًا

هل رفع الاتحاد الأوروبي العقوبات عن حلب بعد سيطرة فصائل المعارضة السورية عليها؟

ترامب لم يُعلن عن تغييرات مرتقبة في ليبيا وسوريا من بينها بناء برج ترامب في دمشق