حسابات إسرائيلية تشكك في صحة صورة طفلة فلسطينية فقدت قدميها خلال الحرب على غزة

تداولت حسابات مروجة للدعاية الإسرائيلية في الآونة الأخيرة، مزاعم تفيد بأن صورة انتشرت على نطاق واسع على موقع إكس، تُظهر فتاة من غزة مبتورة الساقين، هي صورة مزيفة ومولدة بالذكاء الاصطناعي. وقد دعمت هذه الحسابات مزاعمها من خلال مشاركة ردود من تشات جي بي تي ونظام جروك التابع لموقع إكس، واللذين وصفا الصورة بأنها مولدة عن طريق الذكاء الاصطناعي، إلا أنّ فريق "مسبار" فنّد هذه الادعاءات الإسرائيلية الكاذبة.

حسابات مؤيدة لإسرائيل تشكك في صورة فتاة من غزة تعرضت لبتر مزدوج

من جانبه، نشر حساب باسم awesome jew على موقع إكس يوم 22 مايو/أيار الجاري، ردًا على صورة لفتاة من غزة مبتورة الساقين، زاعمًا أن الصورة مزيفة. وأرفق المستخدم ادعاءه بمشاركات تتضمن لقطات شاشة لردود من تشات جي بي تي، ونظام جروك، إذ قال تشات جي بي تي "تبدو الصورة وكأنها معدلة رقميًا أو مولدة بالذكاء الاصطناعي"، فيما قدم نظام إكس (جروك) إجابة مشابهة. وقد أوضح كلا النظامين الأسباب التي قد تدفع للاعتقاد بأن صورة الفتاة معدلة أو مولدة.

وطالب المستخدم بإضافة ملاحظات المجتمع Community Notes الخاصة بإكس لتصنيف صورة الفتاة على أنها صورة مولدة بالذكاء الاصطناعي. وكتب معلقًا إلى جانب لقطات الشاشة "كل ما يفعلونه هو نشر الأكاذيب، والمؤسف حقًا هو عدد الأشخاص السذج الذين يصدقونها".

مسبار يفنّد المعلومات المضللة التي تستهدف الطفلة رهف ذات الأعوام الثلاثة

بدوره، تحقّق فريق مسبار من الادعاء المتداول ووجد أن الصورة حقيقية. فهي تُظهر الطفلة رهف، البالغة من العمر ثلاث سنوات، من قطاع غزة، والتي فقدت ساقيها نتيجة غارة جوية إسرائيلية في سبتمبر/أيلول عام 2024.

وفي السياق، نشرت قناة الجزيرة في الثامن من سبتمبر 2024، مقطع فيديو للطفلة رهف سعد، أفادت فيه أنها فقدت ساقيها خلال غارة إسرائيلية استهدفت منزلها في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.

ووثق المصور الفلسطيني حسن اصليح الذي اغتالته إسرائيل في غارة جوية استهدفت أحد المستشفيات مؤخرًا، مقطع الفيديو ونشره على حسابه في انستغرام بتاريخ الثامن من سبتمبر العام الفائت، موضحًا أن الطفلة رهف سعد فقدت أطرافها جراء الهجوم الإسرائيلي.

غطّت وسائل إعلام عدة قضية الطفلة رهف سعد، وصرّح والد رهف لـلمركز الفلسطيني للإعلام، بأن الجيش الإسرائيلي قصف منزلهم رغم وقوعه داخل ما تُعرف بـ"المنطقة الآمنة" التي حددتها إسرائيل.

وقد استهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية المنزل دون سابق إنذار، ما أدى إلى فقدان رهف لأطرافها على الفور، ومقتل جدّها في القصف.

لم يكن داخل المنزل وقت القصف سوى رهف، وجدّها الراحل، وشقيقها الذي أصيب بجروح متعددة. ومنذ الهجوم، تعاني رهف من صدمة نفسية شديدة نتيجة فقدانها أطرافها السفلية.

المربية مس رايتشل تلتقي بالطفلة المصابة رهف

وفي السياق ذاته، نشرت المربية الأميركية للأطفال، مس رايتشل، يوم 22 مايو مقطع فيديو يوثّق لقاءها مع الطفلة رهف، التي أُجليت مؤخرًا من غزة إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

نشرت رايتشل غريفين أكورسو، المعروفة باسم "مس رايتشل"، مقطع الفيديو مساء الأربعاء، إذ ظهرت وهي تلتقي بالطفلة رهف ذات الثلاثة أعوام، مسلطة الضوء على القصف الإسرائيلي الوحشي على غزة وتأثيره المدمر على الأطفال.

تغني رايتشل لرهف في الفيديو، بينما تحاول الطفلة الرقص، رغم الصعوبة الواضحة التي تواجهها نتيجة استخدام أطراف صناعية.

وفي التعليق المرافق للفيديو، أوضحت مس رايتشل، أن إخوة رهف الصغار ووالدها ما زالوا في غزة، التي تعاني من قصف إسرائيلي يومي عنيف لا يتوقف. كما سلّطت الضوء على الكارثة الإنسانية الكُبرى التي يشهدها قطاع غزة، الخاضع لحصار شامل منذ أكثر من شهرين.

وقد تداولت وسائل إعلام دولية مقطع الفيديو، فيما أجرت شبكة سي إن إن مقابلة مع والدة رهف، أكدت خلالها أن ابنتها وصلت إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج بعد أشهر من الإصابة والمعاناة.

وسبق أن عبّرت رايتشل عن قلقها تجاه الأوضاع المأساوية في غزة، بما في ذلك الارتفاع الحاد في معدلات سوء تغذية الأطفال داخل القطاع.

وفي الشهر الفائت، استهدفتها منظمة مؤيدة لإسرائيل بسبب مواقفها الإنسانية، حيث وجّهت منظمة StopAntisemitism، وهي مجموعة أميركية مؤيدة لإسرائيل، اتهامات لها بوصفها بوقًا لحماس وادعت أنها تنشر "دعاية حماسية"، وذلك لأنها أعربت عن تضامنها مع الأطفال الفلسطينيين ومعاناتهم تحت الحصار والقصف.

ففي مقابلة مع الشبكة الإخبارية الأميركية سي إن إن، نفت رايتشل بشكل قاطع خطاب الكراهية المتصاعد الذي تتبناه جهات مؤيدة لإسرائيل، قائلة "أنا أهتم بجميع الأطفال، سواء كانوا إسرائيليين أم فلسطينيين".

هل يمكن الاعتماد على جروك في الكشف عن الصور المُولدة بالذكاء الاصطناعي؟

طرح فريق مسبار هذا السؤال على نموذجي دردشة الذكاء الاصطناعي، وهما شات جي بي تي وجروك التابع لموقع إكس، اللذين زعما سابقًا أن صورة رهف زائفة.

وقد أجاب تشات جي بي تي التابع لشركة OpenAI بأن النظام "لا يمكنه بشكل موثوق الكشف عن الصور المزيفة أو المُولدة بالذكاء الاصطناعي، وذلك لأنه نموذج معتمد على النصوص فقط، ولا يملك القدرة التقنية على تحليل الصور مباشرة".

وبالمثل، عندما طرح فريق مسبار السؤال نفسه على نظام جروك التابع  لإكس، أجاب "قدراتي الحالية، لم تصمم خصيصًا كأداة لاكتشاف الصور المُولدة بالذكاء الاصطناعي".

علاوة على ذلك، حذر فريق مسبار من المعلومات المضللة التي قد تنتجها نماذج الدردشة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي. ففي مارس 2023، طرح الفريق على شات جي بي تي عدة أسئلة، وقد أجاب النظام عليها بشكل غير صحيح.

وفي السياق نفسه، كشف "مسبار" أن مستخدمي موقع إكس باتوا يعتمدون على نظام جروك للتحقق من صحة المعلومات والصور ومقاطع الفيديو المنشورة على الموقع، إلا أن نموذج الذكاء الاصطناعي غالبًا ما يُنتج إجابات خاطئة تمامًا.

اقرأ/ي أيضًا

غزة-وود حملات إسرائيلية مستمرة للطعن بصدقية مشاهد موت الفلسطينيين

الخارجية الإسرائيلية تبحث تخصيص 150 مليون دولار لتوسيع حملات الهاسبارا