سياسة

العنصرية والعداء للمهاجرين.. ادعاءات مضللة حول البابا ليو الرابع عشر

لانا عثمانلانا عثمان
date
26 مايو 2025
آخر تعديل
date
1:57 م
28 مايو 2025
العنصرية والعداء للمهاجرين.. ادعاءات مضللة حول البابا ليو الرابع عشر
البابا ليو الرابع عشر يحيي أتباعه من شرفة كنيسة القديس يوحنا

في الثامن من مايو/أيار الجاري، أعلن كبير الكرادلة في الفاتيكان من الشرفة الرئيسية لكاتدرائية القديس بطرس انتخاب الكاردينال الأميركي، روبرت فرانسيس بريفوست، بابا جديدًا للكنيسة الكاثوليكية، ليصبح أول أميركي يشغل هذا المنصب التاريخي، حاملًا اسم ليو الرابع عشر خلفًا للبابا الراحل فرنسيس

وجاء الإعلان بالعبارة اللاتينية الشهيرة "Habemus Papam" (لدينا بابا)، وسط حضور حاشد في ساحة القديس بطرس. وبعد نحو ساعة من تصاعد الدخان الأبيض من مدخنة كنيسة سيستين، خرج البابا الجديد مخاطبًا العالم، مؤكدًا في أولى كلماته على "السلام والحوار من دون خوف"، من أجل أن "نتمكن جميعًا من السير معًا".


ومع ذلك، لم يخلُ هذا الحدث التاريخي من حملة تضليل واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، إذ انتشرت، خلال ساعات من إعلان انتخابه، ادعاءات مضللة على مواقع التواصل، بلغات عدّة.

في هذا السياق، فنّد "مسبار" العديد من الادعاءات المضللة حول البابا ليو الرابع عشر في عدة مواد، ويستعرض هذا المقال أبرز الادعاءات المضللة التي نُسبت إليه، والتي ادعت تبنّيه خطابًا عنصريًا وعداءً تجاه المهاجرين وذوي البشرة السمراء.

الفيديو ليس للبابا ليو الرابع عشر وهو يرفض تقبيل أحد الكرادلة من ذوي البشرة السمراء

انتشر مقطع فيديو زُعم أنه يُظهر البابا ليو الرابع عشر أثناء مراسم تنصيبه، وهو يرفض تقبيل أحد الكرادلة ذوي البشرة السمراء بينما يقبّل آخرين من ذوي البشرة البيضاء. وقد حقق الفيديو انتشارًا واسعًا وتفاعلًا كبيرًا، مصحوبًا بتعليقات حادة اتهمت بابا الفاتيكان بالعنصرية، من بينها أن مراسم التنصيب تكشف عن تمييز غربي ضد الأفارقة حتى داخل صفوف الكرادلة، بالإضافة إلى الإشارة إلى التفاوت الواضح في تقبّل التهاني، إذ يقبّل البابا جميع الكرادلة البيض باستثناء الكاردينال الأسود.

مقطع فيديو زُعم أنه يُظهر البابا ليو الرابع عشر أثناء مراسم تنصيبه، وهو يرفض تقبيل أحد الكرادلة ذوي البشرة السمراء

لكن، كشف تحقيق لمسبار أن الادعاء مضلل، إذ تبيّن أن مقطع الفيديو قديم ولا يعود إلى مراسم تنصيب بابا الفاتيكان الجديد ليو الرابع عشر.

نُشر الفيديو الأصلي في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2023، على منصة تيك توك، وباستخدام أدوات البحث العكسي على لقطات ثابتة من الفيديو، وجد مسبار أنه يوثّق مراسم تنصيب بطريرك القدس بييرباتيستا بيتسابالا خلال اجتماع الكرادلة الذي ترأسه البابا الراحل فرنسيس في سبتمبر/أيلول من العام ذاته.

الفيديو ليس من مراسم تنصيب البابا ليو الرابع عشر

كما تداولت حسابات وصفحات على منصات التواصل الاجتماعي، ادعاءات تزعم وجود ممارسات تعبّر عن "العبودية الحديثة" في الفاتيكان، عقب انتشار مقطع فيديو يُظهر مجموعة من الأشخاص يحملون رجلًا يرتدي زيًا كنسيًا على الأكتاف. وزعم ناشرو الفيديو أنه يوثّق لحظة من مراسم تنصيب البابا الجديد ليو الرابع عشر، في إيحاء بأن المشهد يُجسّد رمزية عنصرية واستعلائية.

فيديو متداول على أنه يوثّق لحظة من مراسم تنصيب البابا الجديد ليو الرابع عشر

أظهر تحقق مسبار أن الادعاء مضلل، إذ إن مقطع الفيديو المتداول لا يمت بصلة لمراسم تنصيب البابا ليو الرابع عشر، بل يعود إلى عام 2024، ويوثّق طقسًا خاصًا بالكنيسة الكاثوليكية البالمارية.

ويُظهر الفيديو البابا بطرس الثالث، زعيم الكنيسة، جالسًا على كرسي رسولي ذهبي، يُحمل على أكتاف 12 كاهنًا يرمزون إلى تلاميذ المسيح، ضمن موكب احتفالي داخلي تقليدي يُعد جزءًا من طقوسها الدورية، في 18 مايو/أيار 2024.

الفيديو ليس للبابا ليو الرابع عشر وهو يصف هجرة المسلمين إلى أوروبا بالغزو الجماعي

كذلك، انتشرت ادعاءات مضللة سعت إلى تصوير البابا ليو الرابع عشر على أنه يتبنّى مواقف متشددة تجاه المهاجرين، إذ تداولت حسابات وصفحات على منصات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، ادعى ناشروه أنه يُظهر البابا ليو الرابع عشر وهو يصف الهجرة إلى أوروبا بـ"الغزو الجماعي الذي يؤدي إلى أسلمة القارة"، معتبرًا إياها "تهديدًا حضاريًا للغرب".

مقطع فيديو زعم أنه يُظهر البابا ليو الرابع عشر وهو يصف الهجرة إلى أوروبا بـ"الغزو الجماعي"

إلا أن تحقق مسبار كشف أن الادعاء مضلل، إذ تبيّن أن مقطع الفيديو قديم ويعود إلى عام 2024، ولا يظهر فيه بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر.

والفيديو الأصلي يعود لأسقف كازاخستان، أثناسيوس شنايدر، نُشر في التاسع من أغسطس/آب 2024، و جاء في سياق رد الأسقف على سؤال حول النمو السكاني للمسلمين في أوروبا، حيث عبّر عن مخاوفه من استمرار تدفق الهجرة، واصفًا إياها بأنها جزء من استراتيجية متعمدة لتغيير الهوية المسيحية للقارة. وأكد شنايدر أن سياسات الهجرة الحالية ليست أزمة لاجئين، بل "غزو جماعي" يهدف إلى أسلمة أوروبا، مضيفًا أن العملية مستمرة منذ أكثر من خمسين عامًا.

البابا ليو الرابع عشر يدعو لاحترام كرامة المهاجرين

في أول خطاب له أمام دبلوماسيي العالم، أكد البابا ليو الرابع عشر، ضرورة احترام كرامة المهاجرين، في موقف قد يتعارض مع سياسات إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب.

ونشر مؤخرًا عبر حسابه الرسمي على إكس، محتوى ينتقد سياسات الرئيس ترامب المتعلقة بالهجرة، كما أعاد نشر منشورات تنتقد مواقف نائب الرئيس جيه دي فانس المرتبطة بالدين.

وأشار البابا إلى جذوره الشخصية قائلًا "قصتي هي قصة مواطن من سلالة مهاجرين اختار الهجرة بدوره". وأضاف "كلنا، في مراحل مختلفة من حياتنا، قد نجد أنفسنا أصحاء أو مرضى، موظفين أو عاطلين عن العمل، نعيش في وطننا أو في بلاد أجنبية، لكن كرامتنا تظل ثابتة، فهي كرامة مخلوق أراده الله وأحبه".

وشدد البابا على أن احترام كرامة الإنسان يجب أن يشمل الجميع، من الأجنة إلى كبار السن، ومن المرضى إلى العاطلين عن العمل، ومن المواطنين إلى المهاجرين على حد سواء.

البابا ليو الرابع عشر يدعو لاحترام كرامة المهاجرين
البابا ليو الرابع عشر يدعو لاحترام كرامة المهاجرين

كما ركز البابا ليو الرابع عشر في خطابه على عدد من القضايا المحورية، منها السلام، والعدالة، والجذور العميقة للنزاعات، إضافة إلى أهمية الدبلوماسية متعددة الأطراف في معالجة تحديات العصر. وأوضح أن تجربته الشخصية في العيش عبر قارتي أميركا الشمالية والجنوبية، إلى جانب رحلاته العالمية، منحته القدرة على تجاوز الحدود الثقافية والاجتماعية للقاء شعوب وثقافات متنوعة.

كما أكد البابا ليو التزامه بمواصلة نهج أسلافه في السفر حول العالم، ساعيًا لتعزيز رسالة الكنيسة. وشدد على موقف الكنيسة الراسخ المناهض للإجهاض، مشيرًا إلى أن الكنيسة لن تتردد في تبني "لهجة حازمة" للتعبير عن الحقيقة في مواجهة قوى العالم، دفاعًا عن قيمها ومبادئها الثابتة.

ويُعرف البابا ليو الرابع عشر بتبنيه عددًا من أولويات سلفه البابا فرنسيس، لاسيما في ما يتعلق بحماية البيئة، والتواصل مع المهمّشين، تحديدًا الفقراء والمهاجرين، بحسب تقرير صادر عن مجمع الكرادلة أعدّه صحافيون مختصون بالشأن الفاتيكاني.

وفي مواقف سابقة، أعرب عن تأييده للاحتجاجات التي نظمتها حركة "حياة السود مهمة" بعد مقتل جورج فلويد، وكتب في تغريدة عام 2020 "نحن بحاجة إلى سماع المزيد من قادة الكنيسة، لنبذ العنصرية والسعي لتحقيق العدالة".

اقرأ/ي أيضًا

الفيديو لرفع بابا الكنيسة البالمارية على الكرسي الرسولي وليس من مراسم تنصيب البابا الجديد

بين الادعاءات المضللة وخطاب الكراهية: ردود فعل المجتمع الإسرائيلي على وفاة البابا فرنسيس

المصادر

اقرأ/ي أيضًا

الأكثر قراءة

مؤشر مسبار
سلّم قياس مستوى الصدقيّة للمواقع وترتيبها
مواقع تم ضبطها مؤخرًا
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
عرض المواقع
bannar