مجزرة المساعدات في رفح: الجيش الإسرائيلي يتنصل من مسؤوليته والشهادات والأدلة تثبت تورطه
في الساعات الأولى من صباح الأول من يونيو/حزيران الجاري، توافد مئات الفلسطينيين إلى مركز توزيع المساعدات قرب ميدان العلم في حي المواصي، غربي مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة، استجابة لإعلان صادر عن شركة المساعدات الأميركية "مؤسسة غزة الإنسانية".
وخلال تجمعهم، فتحت آليات عسكرية إسرائيلية متمركزة في محيط الموقع، نيرانها باتجاه الحشود، تبعتها نيران القناصة والقذائف التي أطلقتها الدبابات، بالتزامن مع إلقاء طائرات مسيّرة قنابل على المنطقة بشكل عشوائي.
وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية بأن حصيلة "مجزرة الاحتلال" بحق المواطنين المحتشدين في المنطقة المخصصة لتوزيع المساعدات، بلغت أكثر من 200 حالة وصلت إلى المستشفيات، من بينهم 31 ضحية والعشرات من الإصابات الخطرة، موضحة أن كل مواطن وصل للمستشفيات تعرّض لطلق ناري واحد فقط في الرأس أو الصدر، مضيفة "ما يؤكد إصرار الاحتلال على القتل البشع بحق المواطنين".
الجيش الإسرائيلي يدّعي عدم إطلاق النار على المدنيين خلال توزيع المساعدات في رفح
عقب الاستهداف، سارع جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى التنصّل من مسؤوليته عن إطلاق النار على المدنيين، ونشر بيانًا عبر حسابه على منصة إكس نفى فيه وقوع إصابات نتيجة إطلاق نار من قواته خلال توزيع المساعدات، مشيرًا إلى أن الموضوع ما يزال قيد الفحص.
وفي بيان لاحق، أكد الجيش الإسرائيلي في تحقيق أولي أن قواته لم تطلق النار على مدنيين بالقرب أو في منطقة توزيع المساعدات الإنسانية في القطاع. وأشار البيان إلى انتشار "تقارير كاذبة" توجّه اتهامات خطيرة للجيش بإطلاق النار على المدنيين في محيط مجمع توزيع المساعدات، موضحًا أن التحقيقات الأولية ثبتت عدم صحة هذه الاتهامات.
وأضاف البيان أن القوات الإسرائيلية تعمل بالتعاون مع شركة (GHF) المدنية الأميركية ومنظمات الإغاثة الدولية لضمان توزيع المساعدات لأهالي غزة مع منع وقوعها في "أيدي حماس".
واتهم البيان حركة حماس بمحاولة عرقلة توزيع المساعدات الإنسانية في القطاع، واصفًا إياها بأنها "منظمة إرهابية" متوحشة تسعى لتجويع السكان والحفاظ على سيطرتها. داعيًا وسائل الإعلام إلى توخي الحذر في التعامل مع "المعلومات الكاذبة" التي تنشرها الحركة.

شهادات وأدلة تؤكد إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على منتظري المساعدات في رفح
في شهادتها، قالت سيدة فلسطينية كانت تستعد للذهاب إلى مركز توزيع المساعدات إنها كانت متواجدة عند جامع معاوية، في انتظار دخول منطقة العلم غربي رفح للحصول على المساعدات. وأشارت إلى أن المواطنين كانوا يريدون المرور ليلًا، لكن طُلب منهم الانتظار حتى الساعة السادسة صباحًا، مضيفة "عند السادسة، قالوا لنا إن نسلك ممرًا واحدًا آمنًا، من دون التوجه شمالًا أو يمينًا".
وتابعت أنه بمجرد أن بدؤوا السير في الممر، تعرضوا لإطلاق نار من جميع الجهات، حتى قبل أن يصلوا إلى منطقة العلم، ثم أطلقت دبابة عدة قذائف أحرقت المنطقة، وأضافت أن سيارات الإسعاف حاولت الوصول إلى المصابين، لكن الجيش أطلق النار عليها وأجبرها على التراجع، ما اضطرهم إلى نقل الجرحى لمركبات الإسعاف مستخدمين وسائل بدائية.
وتتطابق هذه الشهادة مع مقطع فيديو وثّقه الصحفي الفلسطيني، همام طه، يُظهر فلسطينيين منبطحين أرضًا وسط الظلام، مع سماع أصوات كثيفة لإطلاق نار من الجيش، في وقت لم تكن الشمس قد أشرقت فيه بعد.
قارن "مسبار" عددًا من المشاهد التي تُظهر عمليات نقل ضحايا ومصابين باستخدام عربات بدائية، بعد تعرضهم لإطلاق نار، إلى مستشفى اللجنة الدولية للصليب الأحمر الميداني في منطقة المواصي. وتبيّن من خلال التحليل البصري ومطابقة المعالم الجغرافية الظاهرة في المشاهد، أنها التُقطت بالقرب من نقطتين لتوزيع المساعدات التي أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن افتتاحهما غربي مدينة رفح، في 27 مايو/أيار الفائت.


وفي بيان صادر عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أفادت بأن مستشفاها الميداني في رفح استقبل، في وقت مبكر، من صباح الأول من يونيو/حزيران، 179 مصابًا ضمن إصابات جماعية، من بينهم نساء وأطفال. وذكرت أن معظم الإصابات نتجت عن طلقات نارية أو شظايا، وأن 21 شخصًا فقدوا حياتهم فور وصولهم إلى المستشفى، مشيرة إلى أن جميعهم كانوا في طريقهم إلى نقطة لتوزيع المساعدات.
بدوره، قال مدير الإسعاف والخدمات الطبية في شمالي غزة، فارس عفانة، إن قوات الاحتلال منعت طواقم الإسعاف من الوصول إلى موقع الاستهداف قرب مركز توزيع المساعدات غربي رفح.
كما وُثّقت شهادات عدة لأقارب الضحايا، أفادوا بأن أقرباءهم توجّهوا في وقت مبكر إلى موقع توزيع المساعدات بهدف جلب الطعام لعائلاتهم، إلا أن الجيش الإسرائيلي أطلق النار عليهم.
طائرات مسيّرة نادت الناس ثم استهدفتهم
نقل عدد من شهود العيان وناجين من المجزرة أن طائرات إسرائيلية مُسيّرة من طراز "كواد كابتر"، كانت مزوّدة بمكبرات صوت، قامت فجر يوم السبت، بمناداة المواطنين وإبلاغهم بوجود مساعدات إنسانية متوفرة في نقاط التوزيع، وهو ما دفعهم إلى التحرك نحو تلك النقاط صباحًا.
وبحسب الشهادات، ما إن وصل المواطنون إلى محيط المنطقة حتى تعرّضوا لإطلاق نار كثيف ومباشر من ثلاث جهات: من قِبل آليات عسكرية إسرائيلية، ومن قِبل قناصة وطائرات مُسيّرة، إضافة إلى قصف من زوارق حربية إسرائيلية. وأكد الشهود أن ما جرى "يشبه الكمين أو المصيدة".
ووفقًا لشهادات جمعها المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فقد وجّه الجيش الإسرائيلي، بالتنسيق مع مؤسسة المساعدات، نداءات عبر طائرات مسيّرة مزوّدة بمكبّرات صوت، تطلب من المدنيين التجمّع عند نقاط توزيع محددة لتلقي المساعدات، مع التأكيد على عدم الاقتراب قبل الساعة السادسة صباحًا. وفي الموعد المحدد، بدأ المدنيون بالتقدّم نحو إحدى بوابات التفتيش، قبل أن يتعرّضوا لإطلاق نار مباشر من طائرات رباعية المراوح، تلاه قصف من دبابات متمركزة في المنطقة، في وقت أطلقت فيه القوات الأميركية قنابل غاز مسيل للدموع لتفريق الحشود.
وقال شاهد عيان للمرصد، إن مئات الفلسطينيين تجمعوا منذ الساعة الثانية فجرًا قرب دوار العلم مؤكدًا أن طائرة مسيّرة بثّت عبر مكبرات الصوت "لسلامتكم، يُمنع الاقتراب من المزالق قبل الساعة السادسة صباحًا". ورغم ذلك، بدأ حشد كبير بالتقدّم، لتقوم الطائرة بإطلاق نار مباشر تسبب في إصابات عديدة قبل أن تتحطم بعد اصطدامها بعمود كهرباء، أعقب ذلك قصف عشوائي بالدبابات.
كما أورد شاهد آخر، أن المئات بقوا في الموقع رغم المجزرة، مدفوعين بالحاجة الشديدة للطعام. وفي السادسة صباحًا، وجّهت طائرة أخرى نداءً للمواطنين بالتوجه نحو الممرات، وعند الوصول لمكان التوزيع، تبيّن وجود عدد محدود من صناديق المساعدات لا يتناسب مع الحشود، وطُلب منهم المغادرة والعودة في صباح اليوم التالي.

شهادات أطباء تكشف تفاصيل طبيعة الإصابات وتوقيتها
في المستشفيات الميدانية جنوبي القطاع، روى عدد من الأطباء تفاصيل عن طبيعة الإصابات التي استقبلوها فجر الأول من يونيو. وأفادوا لصحيفة ذا واشنطن بوست، بأنهم استيقظوا قبل الساعة الخامسة صباحًا بقليل على أصوات مركبات الإسعاف وهي تنقل أعدادًا كبيرة من الجثث والمصابين. وأشاروا إلى أن بعض الضحايا وصلوا وهم ما يزالون يحملون الأكياس البلاستيكية التي كانوا ينوون جمع المساعدات الغذائية بها.
وقال أحمد الفارعة، طبيب في مستشفى ناصر، إن المستشفى استقبل 20 جثة جرّاء الاستهداف، بالإضافة إلى 43 مصابًا يتلقون العلاج، موضحًا أن معظم القتلى أُصيبوا بطلقات نارية مباشرة في الرأس أو الصدر.
من جهتها، أوضحت فيكتوريا روز، جرّاحة بريطانية متطوعة في المستشفى، أن الضحايا واصلوا الوصول إلى المستشفى حتى بعد ساعات الظهر، مشيرة إلى أن فريقها، الذي اعتاد التعامل مع إصابات ناجمة عن غارات جوية تترك جروحًا في الأطراف السفلية، لاحظ أن غالبية الضحايا هذه المرة كانوا مصابين بطلقات نارية في الأجزاء العلوية من أجسادهم.
أما الدكتور أحمد أبو سويد، وهو طبيب أسترالي يعمل في المستشفى، فقد أكد أن الضحايا الذين نُقلوا من محيط مركز توزيع المساعدات أُصيبوا بطلقات نارية وشظايا، لافتًا إلى أن الإصابات تركّزت في الرأس والصدر.
بدورها، ذكرت نور السقا، مسؤولة الاتصالات في منظمة "أطباء بلا حدود"، أن ممرات المستشفى كانت مكتظة بالمصابين، موضحة أن الغالبية كانوا من الرجال، مضيفة "كانوا في حالة ذهول وانهيار، بعد أن خرجوا بحثًا عن طعام لأطفالهم، فعادوا مصابين وخاليي الوفاض"، مؤكدة تلقيهم نبأ مقتل شقيق أحد زملائهم أثناء محاولته الحصول على مساعدات من نقطة التوزيع.
وتتسق هذه الشهادات الطبية مع صور التُقطت لمصابين داخل مستشفى ناصر، أظهرت تركّز الإصابات في الأجزاء العلوية من الجسم، لا سيما الرأس والصدر، بما يعزز إفادات الأطباء حول طبيعة الإصابات.
مطابقة قوائم الضحايا وبيانات النعي تدحض نفي إسرائيل لوقوع المجزرة
أجرى مسبار عملية تحقق موسعة شملت مراجعة قوائم الضحايا التي نُشرت عبر وسائل إعلام محلية، إلى جانب ما تم تداوله من منشورات على منصات التواصل الاجتماعي. وتمّت مطابقة بيانات 20 اسمًا من بين ضحايا المجزرة مع إعلانات نعي رسمية نشرها ذووهم بتاريخ الأول من يونيو. كما عُثر على صور تُظهر عددًا من الضحايا داخل الأكفان. وقد شكّلت هذه المعطيات، إلى جانب روايات الشهود والتقارير الطبية، دليلًا إضافيًا يدحض نفي الجيش الإسرائيلي وقوع المجزرة، ويؤكد سقوط ضحايا.
مؤشرات تكشف زيف مقطع فيديو نشره الجيش الإسرائيلي يُظهر مسلحين يطلقون النار على المدنيين
بعد ساعات من نفيه وقوع المجزرة، نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي عبر حسابه على إكس مقطع فيديو، قال إنه يُظهر لقطات التُقطت بواسطة طائرة مسيّرة، تُبيّن مسلحين في غزة يطلقون النار على مدنيين أثناء توجههم لتلقّي المساعدات، مدعيًا أن "حماس تبذل قصارى جهدها لمنع توزيع الغذاء بنجاح في غزة"، في محاولة واضحة للإيحاء بأن حماس هي المسؤولة عن استهداف المدنيين في مجزرة رفح.
إلا أن تحليل المقطع يكشف عن تناقضات واضحة، إذ تظهر في المشهد الأول حشود من المدنيين يحمل بعضهم أكياس طحين، ثم يُقطَع فجأة إلى مشهد آخر لعدد محدود من الأفراد دون ظهور الأكياس، ما يثير شكوكًا حول تسلسل الأحداث.
يُظهر المقطع أيضًا مسلحًا يُطلق النار، دون أن تظهر اللقطات حالة فرار أو هلع بين المدنيين، ما يشير إلى أن إطلاق النار لم يكن عشوائيًا أو واسع النطاق كما في مجزرة رفح. إذ أظهرت الشهادات أن إطلاق النار كان من جميع الجهات، وأسفر عن أكثر من 200 قتيل وجريح، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
يُضاف إلى ذلك أن توقيت المجزرة، وفق شهادات شهود العيان، وقع عند الساعة السادسة صباحًا مع بزوغ الشمس، وهو ما يتعارض مع التوقيت الظاهر في الفيديو المنشور.
من جهته، صرّح المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن المقطع الذي نشره الجيش الإسرائيلي "مفبرك"، ويهدف للتغطية على الجريمة، موضحًا أن المشاهد التُقطت شرقي خانيونس، وليس في محيط مراكز توزيع المساعدات غربي رفح. وأشار البيان إلى أن الفيديو يُظهر توزيع أكياس طحين، في حين أن مراكز المساعدات الإسرائيلية الأميركية لا توزع الطحين أصلًا، بل سُجّلت حالات توزيع لمواد استولت عليها قوات الاحتلال من مؤسسات دولية، قبل استهداف المدنيين أثناء محاولتهم الحصول عليها.
وأكد البيان أن مجموعات محلية معروفة بعلاقتها الأمنية مع الاحتلال، هي من أطلقت النار في الهواء بعد نهب المساعدات، تحت تغطية الطيران الإسرائيلي، لبثّ الذعر في صفوف المنتظرين.
كما أن الجيش الإسرائيلي لم يستهدف المسلّح الظاهر في المقطع، رغم وجود سوابق موثّقة لاستهدافه المباشر لأفراد زعم لاحقًا انتماءهم لحماس، حتى عندما كانوا في محيط مدنيين. إضافة إلى ذلك، فإن جيش الاحتلال، وفقًا لبيانه، أنشأ مراكز توزيع المساعدات بهدف "ضمان عدم وقوع المساعدات الإنسانية في أيدي عناصر حركة حماس الإرهابية" وفق تعبيره، وهو ما يجعل تجاهله الواضح للمسلحين في هذه المقطع أمرًا يفتقر إلى المنطق ويُضعف الرواية المقدمة.
علاوة على ذلك، يُظهر التدقيق في المعالم الجغرافية الظاهرة في الفيديو الذي نشره جيش الاحتلال وجود أشجار ومبانٍ قائمة، ما يتناقض بوضوح مع طبيعة المنطقة المحيطة بمركزي توزيع المساعدات في تل السلطان ومحور موراج غربي رفح، التي تظهر كمنطقة قاحلة ومدمّرة وتخلو من أي منشآت أو غطاء نباتي. هذا التباين يعزّز الشكوك بشأن صحة نسب الفيديو إلى موقع المجزرة.
المكتب الإعلامي الحكومي: 52 ضحية و340 إصابة في مجازر مراكز توزيع المساعدات
أفاد المكتب الإعلامي الحكومي بأن عدد ضحايا مجازر مراكز توزيع ما يُسمى بـ"المساعدات" في منطقتي رفح وجسر وادي غزة، ارتفع إلى 52 ضحية و340 مصابًا، منذ بدء العمل بتلك المراكز، بتاريخ 27 مايو الفائت.
وأوضح المكتب أن الأول من يونيو الجاري، شهد سقوط 31 مواطنًا في مجزرة مركز التوزيع في رفح، إلى جانب أكثر من 200 مصاب، بالإضافة إلى ارتقاء مواطن و32 إصابة في مركز توزيع المساعدات في جسر وادي غزة.
وأضاف البيان أن الاحتلال ارتكب، صباح اليوم الثلاثاء، جريمة أخرى قرب مراكز توزيع المساعدات في رفح، أودت بحياة 3 مدنيين مجوَّعين، وأدت إلى إصابة 35 آخرين، استمرارًا لسياسة التجويع والاستهداف الممنهج للمدنيين منذ 93 يومًا.
مجازر المساعدات: نمط متكرر من الاستهداف الإسرائيلي للمدنيين الجوعى
لا تُعد مجزرة استهداف المدنيين قرب مركز التوزيع في رفح هي المرة الأولى التي يستهدف فيها الاحتلال المدنيين الجوعى، ففي 29 فبراير 2024، وقعت مجزرة دوار النابلسي، التي شهدت مقتل أكثر من 115 فلسطينيًا وإصابة المئات أثناء استلامهم مساعدات إنسانية في شمالي القطاع. دخلت حينها 30 شاحنة محمّلة بالمساعدات من معبر كرم أبو سالم، واحتشد آلاف المواطنين الجائعين عند محور النابلسي على شارع الرشيد الساحلي، حيث كانت دبابات الاحتلال تراقب العملية قبل أن تفتح النار على الحشود.
الروايات الإسرائيلية حول الحادثة كانت متضاربة، حيث أرجع مسؤول إسرائيلي الحصيلة إلى تدافع ودهس بين الفلسطينيين، ثم ادعى الجيش أنه أطلق النار بشكل محدود بعد تعرض قواته للخطر. فيما نفى المتحدث باسم الجيش لاحقًا استهداف قافلة المساعدات، وزعم أن الدبابات كانت تؤمّن الممر الإنساني وحاولت تفريق من وصفهم بـ"العصابة" عبر طلقات تحذيرية قبل التراجع.
لكن تحقيقات المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أكدت مسؤولية الاحتلال عن قتل عشرات الفلسطينيين، مشيرة إلى إصابات نارية على الضحايا وأكياس المساعدات الملطخة بالدماء، بالإضافة إلى تسجيلات صوتية وتحليل بصمة صوت الرصاص التي تطابقت مع أسلحة الجيش الإسرائيلي. كما أظهرت لقطات جوية وجود دبابات وجثث على مسارها، في حين لم تُسجّل وجود مسلحين في الموقع.
وراجع مسبار مقاطع الفيديو الجوية، وأظهرت أشخاصًا مُلقى بهم على الأرض على مسار الدبابات، دون أي مؤشرات على وجود خطر مباشر على الجنود، ما يضعف الروايات الإسرائيلية التي حاولت تبرير إطلاق النار بحالة تهديد.
وفي مجزرة أخرى، عقب استهداف الجيش مدنيين في غزة، بتاريخ 14 مارس 2024 أثناء انتظارهم مساعدات قادمة من جنوبي القطاع عند دوار الكويت، والذي أودى بحياة عشرات الضحايا، تبرأت إسرائيل من الحادثة وحمّلت المسؤولية لمسلحين فلسطينيين.
آنذاك، نشرت إسرائيل فيديو ادعت فيه أنه "يوثق مسلحين فلسطينيين يطلقون النار قرب مواطنين غزيين قرب دوار الكويت"، وزعمت أنها تحقق في مقتل المدنيين، مدعية توثيق مشاهد لمسلحين يطلقون النار تجاه المدنيين.
لكن، مسبار راجع اللقطات الجوية التي نشرها الجيش ووجد أنها لا تُظهر مسلحين، وإنما يظهر في الفيديو شخص واحد يبدو مسلحًا لكنه لم يُطلق النار تجاه أي من المارين، كما لم تُسجل أي إصابات بين المدنيين حوله. ولاحظ مسبار عدم وجود حالات هلع أو هروب بين المدنيين في الفيديو، ما يشير إلى أن الشخص الظاهر لم يُطلق النار على أحد، خلافًا للرواية الإسرائيلية.
إلى جانب ذلك، وثّقت وسائل إعلام وصحفيون شهادات ناجين من المجزرة أكدوا أن الجيش الإسرائيلي تعمّد استهداف المدنيين العزل أثناء انتظارهم المساعدات في منطقة دوار الكويت.
في السياق، فنّد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رواية الجيش الإسرائيلي، حيث خلصت تحقيقاته والمعطيات الميدانية وشهادات المدنيين إلى مسؤولية الاحتلال الإسرائيلي عن مقتل عشرات الفلسطينيين، خلال تجمعهم للحصول على مساعدات إنسانية قرب دوار الكويت.
اقرأ/ي أيضًا
مجزرة دوار النابلسي: دلائل ومؤشّرات تدين الاحتلال الإسرائيلي
شهادات ودلائل تدين الاحتلال في مجزرة دوار الكويت وتنافي الرواية الإسرائيلية
المصادر






































