التسويق والتضليل: ما مدى دقة وصف مواد التجميل بالآمنة؟
تُباع علاجات تجميلية جديدة على أنها طبيعية وآمنة، لكن بعضها يدخل الأسواق دون المرور بأي مراجعة تنظيمية أو اختبار سريري، ما يطرح تساؤلات حول سلامتها. تُستخدم عبارات مثل: "آمنة 100%"، "نتيجة فورية"، و"مستخدمة عالميًا"، لتسويق منتجات مثل إبر النضارة، والبولينيوكليوتيدات (المعروفة تسويقيًا باسم خلايا السلمون)، والإكسزوم، بوصفها "علاجات ثورية" تُعيد الشباب وتُحسّن نوعية الجلد.
لكن ما مدى دقة هذه الادعاءات؟ وهل كلمة "آمنة" تعني أن هذه المواد خضعت فعلًا لاختبارات سريرية وموافقات رسمية؟ ماذا تقول الدراسات العلمية؟ وهل يُمكن لعيادة تجميلية أن تروّج لحقن تُستخدم عبر أجهزة غير مرخصة دون رقابة؟
في هذا التحقيق، يفحص "مسبار" هذه الادعاءات ويسبر حقيقة الادعاءات الإعلانية الرائجة على مواقع التواصل، عن المنتجات التي باتت شائعة في عيادات التجميل.
كيف تكون المنتجات الطبية "آمنة ومرخّصة"؟ ومن يمنح هذا الترخيص؟
كثيرًا ما نرى تعبيرات مثل آمنة أو مرخصة، تُستخدم لإضفاء شرعية علمية على المنتجات التجميلية. لكن هذه العبارات قد تكون مضلّلة في بعض السياقات. الدراسات العلمية قد تتباين في العديد من الحالات مع تركيز الباحثين على جوانب محددة لدراسة المنتج، لذلك يبرز الترخيص من جهة موثوقة طبيًا كإدارة الغذاء والدواء الأميركية (Food and Drug Administration-FDA)، أو وكالة الأدوية الأوروبية (European Medicines Agency-EMA) كمعيار أساسي فهو لا يُمنح بسهولة، ويتطلب مرور المنتج بمراحل دقيقة من التجارب السريرية، وتقييم السلامة والفعالية بدقّة.
وتُعدّ هيئة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) ووكالة الأدوية الأوروبية (EMA)، من أهم الهيئات الرقابية على مستوى العالم، ليس فقط في مراقبة الأدوية بل أيضًا في تنظيم الأجهزة الطبية والإجراءات التجميلية. تمتاز هاتان الهيئتان بصرامتهما العلمية والتقنية، إذ تخضع المنتجات والإجراءات لمراجعات دقيقة تشمل السلامة، الفعالية، وجودة التصنيع. حتى وإن كان المنتج أو الإجراء يُستخدم خارج الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، فإن ترخيص FDA أو EMA يعد معيارًا ذهبيًا يُعتمد عليه عالميًا في تقييم سلامة الإجراءات التجميلية، لما له من تأثير على حماية المستهلكين وضمان نتائج صحية آمنة.
في كتابه Reputation and Power، الصادر عن جامعة برينستون، يوضح الباحث دانيال كاربنتر أن تأثير إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA لا يقتصر على السوق المحلي الأميركي، بل يمتد كقوة تنظيمية تتجاوز الحدود الأميركية.
بحسب الكتاب، تأخذ العديد من الحكومات والشركات حول العالم بموافقة FDA، كمرجعية أساسية دون إلزام قانوني لأن هذه الموافقة تمنح المنتج شرعية تجارية وطبية عالية، تُعتبر بمثابة "ختم جودة" في الأسواق العالمية. وبهذا المعنى، تصبح FDA فاعلًا دوليًا غير رسمي في صياغة معايير السلامة والفعالية، تتجاوز كونها مجرّد هيئة تنظيمية وطنية.
من جانب آخر، تحظى الهيئة الأوروبية للأدوية (EMA) بمكانة مرموقة عالميًا كإحدى أهم الهيئات الرقابية في مجال الأدوية والإجراءات الطبية، وهي تُعد من المعايير الذهبية التي يعتمد عليها حتى خارج الاتحاد الأوروبي. يعكس تصنيف EMA من قبل منظمة الصحة العالمية ضمن قائمة الهيئات المُعترف بها عالميًا (WHO Listed Authorities) أهمية ترخيصها في ضمان جودة وفعالية المنتجات الطبية والإجراءات التجميلية. هذا التصنيف يثبت أن الموافقة من EMA ليست مقتصرة فقط على الاتحاد الأوروبي، بل تعدّ معيارًا دوليًا يعزز الثقة في السلامة الطبية، ما يجعل ترخيصها ذا قيمة كبيرة في السوق العالمية.
مع المكانة التنظيمية التي تحتلها كل من FDA وEMA عالميًا، يثير أي منتج أو إجراء تجميلي لا يحمل موافقتهما تساؤلات مشروعة، خاصة في البلدان ذات الرقابة الأقل صرامة. وفي بعض الأحيان، لا تكون المشكلة مجرد غياب الترخيص، بل يصدر تحذير رسمي من هاتين الهيئتين حول منتجات معينة، ما يعكس حجم المخاطر المحتملة التي قد تواجه المستخدمين. لذلك تبرز أهمية الفارق بين منتج يُسوَّق بأنه ثورة علمية أو آمن وبين آخر خضع لاختبارات سريرية وحصل على موافقات تنظيمية، هذا الفارق قد يحدد ما إذا كان الإجراء التجميلي بسيطًا وآمنًا، أو محفوفًا بمخاطر صحية خطيرة.
إبر النضارة
في العديد من المقاطع الترويجية المتداولة على منصات التواصل الاجتماعي، تُقدَّم "إبر النضارة" أو ما يسمى بـ Skin Boosters على أنها الحل الطبيعي البسيط الذي يُعيد ترطيب البشرة ويمنحها نضارة فورية تحت مسميات وأنواع تجارية متعددة. تنتشر هذه العروض بشكل خاص على حسابات مراكز تجميل ومؤثرين غير مختصين بزخم تسويقي كبير، ما يثير تساؤلات عن الأمان والنتائج المرجوة من هذه الإجراءات.
تُسوَّق هذه الإبر أحيانًا على أنها تحمي من الترهل وتمنح شدًا فوريًا للبشرة، في حين تُحقن في الغالب بواسطة أطباء مختصين. ومع ذلك، فإن الأدلة العلمية لا تجزم بفعاليتها على المدى الطويل. أظهرت دراسة علمية أن حقن حمض الهيالورونيك كـskin booster، وهو المكون الرئيسي لمعظم أنواع إبر النضارة، قد يحسن مرونة الجلد حتى أربعة أشهر، لكنه لم يُثبت تأثيرًا مهمًا إحصائيًا على الرطوبة للمدة نفسها. إذ وجدت الدراسة أن رطوبة الجلد تحسنت ظاهريًا بعد أسبوع لكن لم تسجل زيادة ذات دلالة إحصائية بعد أربعة أشهر، ما يشير إلى أن الأثر قصير الأمد وغير موثوق من الناحية الإحصائية.
ومع محدودية ديمومة الفعالية، تبرز أهمية المخاطر المتعلقة بالحقن بحد ذاته، إذ حذرت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، من المخاطر المرتبطة بالحقن التجميلي، خاصة عند استخدام أجهزة غير معتمدة. إذ قد تؤدي هذه الممارسات إلى مضاعفات تشمل التهابات، تحسسات، أو حتى تلفًا دائمًا في الأنسجة.

وفي الواقع، العديد من منتجات "إبر النضارة" تعتمد على أجهزة حقن خالية من الإبر (needle-free injection devices)، وهي أدوات لم تُمنح أي موافقة تنظيمية من إدارة الغذاء والدواء (FDA) لا من ناحية السلامة ولا من ناحية الفعالية. وقد حذّرت الهيئة في بيان عام 2021 من استخدامها في حقن الحشوات الجلدية أو أي مادة تجميلية، نظرًا لمخاطرها المحتملة مثل الحقن غير المتساوي أو وصول المادة إلى أوعية دموية حساسة.
ورغم انتشار مصطلح "إبر النضارة" في الحملات الترويجية، إلا أنه لا يُعد تصنيفًا طبيًا معترفًا به من قِبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، أو وكالة الأدوية الأوروبية (EMA). فلا توجد أي إبر معتمدة رسميًا بهذا الاسم أو للاستخدام العام على أنها "تعزز نضارة البشرة". الدراسات الطبية تشير إلى أنه لم يُحدد بعد تعريف محدد وشامل لمصطلح إبر النضارة أو Skin Boosters، وعادةً تُستخدم فيها تركيبات غير موحدة من حمض الهيالورونيك أو الفيتامينات أو الأحماض الأمينية، ما يجعلها خارج التصنيف العلاجي المنظم ويزيد من صعوبة تقييم سلامتها وفعاليتها بشكل علمي.
هذا الغموض الطبي يقابله توثيق متزايد في الأدبيات العلمية للمخاطر المحتملة المرتبطة بهذا الحقن، ففي مراجعة نقدية جمعت نتائج 98 دراسة تناولت الآثار الجانبية للإجراءات التجميلية غير الجراحية، بما فيها حقن حمض الهيالورونيك كما يُستخدم في ما يُعرف بـ"إبر النضارة"، كانت الأعراض الموضعية مثل الاحمرار والتورم هي الأكثر شيوعًا، ووثّقت في 53 دراسة. ورغم أن بعض المضاعفات الخطيرة نادرة الحدوث إلا أن شدتها تثير قلقًا طبيًا بالغًا، إذ سُجّل العمى المؤقت أو الدائم في 10 دراسات، واضطرابات مناعية في 8، ومشاكل رئوية حادة في 6، وتلف عصبي في 5، بالإضافة إلى انسدادات شريانية في 3 دراسات، بل وأُبلغ عن حالتي وفاة. ما يثير تساؤلات حقيقية حول تبرير تعريض المرضى لهذه المخاطر مقابل نتائج تجميلية قد لا تدوم طويلًا، ولا توجد دراسات سريرية كافية تثبت فعاليتها على المدى الطويل.

خلايا السلمون
ما يُروّج له تسويقيًا باسم "خلايا السلمون" هو في الواقع مستحضر يحتوي على بولينيوكليوتيدات (Polynucleotides)، وهي جزيئات تتكون من سلاسل قصيرة من الأحماض النووية (DNA أو RNA)، تُستخلص من الأنسجة التناسلية أو السائل المنوي لسمك السلمون، وتُنقّى لتشبه الحمض النووي البشري. تستخدم هذه البولينيكليوتيدات في الطب التجديدي بفضل قدرتها المحتملة على تحفيز عمليات إصلاح وتجديد الخلايا، لكن فعاليتها في مجال العناية بالبشرة ما تزال موضوعًا قيد البحث العلمي ولا توجد حتى الآن دراسات سريرية واسعة النطاق تثبت تأثيرها المباشر في تحسين مظهر الجلد بشكل قاطع.
تختلف البولينيكليوتيدات المستخدمة في المستحضرات التجميلية عن تلك الطبية من ناحية التركيز، طريقة التركيب، ومستوى النقاء، مما يجعل نتائج استخدامها في منتجات التجميل أقل وضوحًا وأقل دعمًا بالأدلة العلمية مقارنة بالعلاجات الطبية المعتمدة. وفي حين يُروّج لهذه المنتجات كعلاجات شاملة للهالات، التجاعيد، التصبغات، ومرونة الجلد، فإن هذه الادعاءات تطرح العديد من التساؤلات.
في أحد المنشورات الترويجية على منصة انستغرام، يُقدَّم هذا المنتج كعلاج شامل للهالات، التجاعيد، التصبغات، ومرونة الجلد، ويُقال إنه يعزز عملية التمثيل الغذائي للبشرة.

بالعودة إلى الموقع الرسمي للشركة المصنعة، يُقدَّم المنتج الظاهر في المنشور على أنه مخصص لإصلاح المناطق الحساسة من الوجه مثل محيط العينين، والمنطقة المحيطة بالفم، والرقبة، ومنطقة الصدر، وندبات حب الشباب، بالإضافة إلى استخدامه بعد جلسات التقشير أو إجراءات الأجهزة المعتمدة على الطاقة EBD. وتُشير التوقعات التجميلية المُعلن عنها إلى تحسين ترطيب البشرة ومرونتها، وتقليل علامات التعب، وتحسين ملمس الجلد، وحتى تقليل الخطوط الدقيقة في البشرة الأصغر سنًا.

المتاجر الطبية التي تعرض المنتج للبيع تكشف تفاصيل أكثر حساسية: فهو يحتوي على بولينيوكليوتيدات عالية النقاء (15 ملغ)، وهي أجزاء من سلاسل الحمض النووي الطبيعية المستخرجة من السائل المنوي لسمك السلمون عبر عملية إنتاج فريدة من نوعها، وتُصمّم لتشبه الحمض النووي البشري. ويُروّج للمنتج باعتباره "ابتكارًا فاخرًا وآمنًا لتجديد البشرة"، معتمدًا على جاذبية التركيبة غير التقليدية.
ورغم أن وصف المنتج على الموقع الرسمي لا يذكر مكوناته بشكل تفصيلي، إلا أن الشركة تشدد على "أمان" منتجاتها، لأنها تعتمد على حمض الهيالورونيك كمكوّن رئيسي.

السؤال هنا: ما المعايير التي تستند إليها الشركات عندما تصف هذه المنتجات بأنها "آمنة"؟
وجود حمض الهيالورونيك وهو مكوّن شائع في منتجات العناية بالبشرة لا يعني بالضرورة أن المنتج خالٍ من المخاطر. فسلامة وفعالية أي مستحضر طبي تستند إلى اختبارات سريرية صارمة، واعتمادات رسمية من هيئات رقابية معترف بها مثل إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) أو وكالة الأدوية الأوروبية (EMA). وهنا تحديدًا تبدأ المشكلة: هذه المنتجات لا تخضع لأي رقابة طبية معترف بها. لم تُدرج إدارة الغذاء والدواء المنتج ضمن قائمة المستحضرات المعتمدة، ولم تُصدر وكالة الأدوية الأوروبية تقييمًا علميًا بشأنه. كما أن الجهتين لم تصدِرا حتى تحذيرات رسمية بخصوصه، ليس لأنه آمن بالضرورة، بل لأنه ببساطة لا يقع ضمن نطاقهما التنظيمي. بمعنى آخر، هذه المنتجات لم تدخل أصلًا دائرة الفحص أو المراجعة العلمية، ما يضعها في منطقة رمادية تمامًا: لا هي مرخصة، ولا هي مرفوضة، بل مجهولة من الجهات المختصة.
وحتى على المستوى الأكاديمي، ما يزال الجدل قائمًا حول فعالية هذه المواد. فمراجعة علمية نُشرت عام 2024 عن استخدام البولينيوكليوتيدات في الطب التجميلي أشارت إلى نتائج متباينة: إذ أظهرت بعض الدراسات "تحسينات ملحوظة في مرونة الجلد وترطيبه"، بينما أفادت أخرى "بفوائد محدودة أو معدومة".

هذا الواقع يضع هذه المنتجات في منطقة رمادية تنظيمية وعلمية، إذ تفتقر إلى البيانات السريرية المحكمة التي تثبت سلامتها وفعاليتها. وغياب التقييمات المستقلة من هيئات رقابية يعني عدم وجود ضمانات بشأن نقاء المكونات، أو الاستجابة المناعية المحتملة، أو حتى الآثار الجانبية طويلة الأمد. في ظل هذا الفراغ التنظيمي، تتحول هذه المنتجات التجميلية إلى تجربة شخصية غير مضمونة العواقب، ولا تستند إلى تقييم علمي واضح. رهان جمالي محفوف بالمخاطر، يكون وجه المستخدم هو الحقل التجريبي الأول وربما الأخير.
الإكسزوم
الإكسزوم هو جزيء نانوي تفرزه الخلايا للتواصل فيما بينها، وقد أظهرت بعض الأبحاث أنه قد يُستخدم لنقل الإشارات بين الخلايا في عمليات تجديد الأنسجة. ومع تزايد الاهتمام بالأبحاث حول دور الإكسزومات في تجديد الأنسجة بدأت بعض الشركات والعيادات في تسويق منتجات تجميلية تعتمد على الإكسزومات، مصحوبةً بادعاءات متباينة حول فعاليتها وتأثيرها على البشرة.
في مارس/آذار 2025، روّجت طبيبة تجميل عبر حسابها على "فيسبوك" لمنتج من شركة Dermoaroma الإيطالية، ونشرت صورة عبوة من عائلة منتجات "Purasomes"، مع تعليق يفيد بأنه حصل على جائزة "أفضل إكسزوم في العالم"، نُسب إلى مؤتمر دولي يُعنى بطب الجلد التجميلي. لم يُذكر اسم المنتج صراحة، ما سمح بخلط غير دقيق بين منتج "HSC50+"، المخصص أساسًا لتحفيز نمو الشعر، ومنتجات أخرى ضمن العائلة نفسها تُسوق على أنها مخصصة لتجديد البشرة مثل "SGC100+".

تحقق "مسبار" أظهر أن الجائزة التي حصلت عليها الشركة في مؤتمر AMWC في موناكو تعود لمنتج واحد ضمن فئة "استعادة الشعر"، وليس لأي من منتجات البشرة، ولم ترد أي إشارة رسمية في منشورات المؤتمر إلى منح لقب "أفضل إكسزوم في العالم" بحسب الموقع الرسمي للمؤتمر والمنشورات الصادرة عن الجهة المنظمة.
هذا الترويج اعتمد أسلوب تضليل شائع، يقوم على استثمار الجاذبية العلمية لمصطلحات مثل "الإكسزوم" والتلويح بجوائز دولية دون توثيق، ما يخلق انطباعًا زائفًا بأن المنتج مدعوم بأدلة علمية أو مرخّص من هيئات تنظيمية.
الموقع الرسمي للشركة المصنعة يؤكد أن المنتج الذي تروج له الطبيبة يحتوي على إكسزومات مستخلصة من الكولستروم العضوي وعوامل نمو بيولوجية نشطة، وهو ما يجعل من وصفه كمنتج يعتمد على تقنية الإكسزومات صحيحًا من الناحية التركيبية، لكن الجائزة التي نالها لا تعني اعترافًا رسميًا شاملًا أو تصنيفًا عالميًا بهذا الوصف.
المشكلة لا تكمن فقط في أسلوب التسويق الذي يتعمد الإغراق بالمعلومات العلمية الاختصاصية، واللغة المبهمة عن جوائز أو مؤتمرات دولية، توحي بأن المنتج حائز على اعتراف عالمي أو مرخّص من جهة رسمية، بل في المزاعم الطبية التي ترافق المنتج. إذ يُروَّج له كعلاج لتصبغات الجلد، وندبات الحروق، والكلف، وتساقط الشعر، والتقصف، والصلع، وحتى تحسين نوع الشعرة. كل هذا دون أن يكون المنتج حاصلًا على أي اعتماد من FDA أو EMA. بل على العكس، أصدرت إدارة الغذاء والدواء عدة تحذيرات من هذه المنتجات، ووصفتها بأنها غير مجازة، وقد تكون ضارة عند حقنها دون موافقة واضحة أو تجارب سريرية كافية.
ورغم أن الإكسزوم يثير الكثير من الضجة مؤخرًا، إلا أن استخدامه التجميلي ما يزال موضع جدل علمي كبير. دراسة منشورة عام 2020 حذّرت من احتمال تسببه في استجابات مناعية غير متوقعة في حال استخدامها كمستحضرات تجميلية أو علاجية دون رقابة صارمة. إذ تعمل الإكسوزومات على نقل وتقديم جزيئات معينة تُعرف بالببتيدات المناعية، وتحفز مسارات خلوية تؤدي إلى التعبير عن جينات التهابية، ما ينبه الجهاز المناعي. وهذا يفتح المجال لاحتمال حدوث ردود فعل مناعية غير متوقعة، خصوصًا إذا كانت الإكسوزومات تحتوي على شوائب أو إذا لم تُعرف هوية الخلايا المانحة بدقة.

ما الذي يمكن اعتباره آمنًا اليوم؟
في غياب رقابة واضحة وتراخيص صريحة، يبقى دور المستهلك في طرح الأسئلة حاسمًا. هل هذا المنتج معتمد من جهة تنظيمية دولية؟ هل توجد بيانات سريرية منشورة؟ وهل يُستخدم بجهاز مرخّص؟ الإجابة على هذه الأسئلة هي ما يصنع الفارق بين علاج تجميلي فعّال، وتجربة غير محسوبة النتائج.
أما على مستوى الممارسة الطبية، فيبقى على الأطباء مسؤولية مضاعفة في التحقق من مصادر المنتجات التي تُستخدم في ممارستهم اليومية، وعدم الانجرار وراء الضغوط التجارية أو مطالب السوق. الالتزام بالمصادر التنظيمية والعلمية المعتمدة هو السبيل الوحيد لحماية المرضى من الوقوع في فخ المنتجات "الآمنة ظاهريًا"، والمجهولة فعليًا.
اقرأ/ي أيضًا
دراسة: أكثر من نصف نصائح الصحة النفسية على تيك توك مضللة
نظريات المؤامرة حول شركات الأدوية: ما تأثيرها على الصحة العامة والثقة المجتمعية؟