سياسة

الاحتلال يبرر إعدام شاب أعزل في نابلس بمزاعم محاولة الاستيلاء على سلاح

ذكرى ثبتةذكرى ثبتة
date
11 يونيو 2025
آخر تعديل
date
5:11 ص
15 يونيو 2025
الاحتلال يبرر إعدام شاب أعزل في نابلس بمزاعم محاولة الاستيلاء على سلاح
مزاعم إسرائيلية لتبرير إعدام الشقيقين نضال وخالد عميرة في نابلس | مسبار

يوم أمس الثلاثاء، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي البلدة القديمة في مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، ونفذت مداهمات تخللتها اشتباكات استمرت لساعات.

خلال الاقتحام، وثقت مقاطع فيديو لحظة إطلاق جنود الاحتلال النار على شاب فلسطيني أعزل في حي القصبة، ما أثار تفاعلًا واسعًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي. في المقابل، سارعت وسائل إعلام إسرائيلية، إلى جانب جيش الاحتلال، إلى ترويج رواية تزعم أن الشاب حاول الاستيلاء على سلاح أحد الجنود، في محاولة لتبرير قتله.

في المقال التالي، يفند مسبار المزاعم الإسرائيلية بالاستناد إلى لقطات الفيديو وشهادات شهود العيان، ويعرض سياق الاستهداف كما وثقته الكاميرات ومصادر ميدانية مستقلة.

مزاعم إسرائيلية لتبرير إعدام شاب أعزل في نابلس

نشرت القناة 14 الإسرائيلية وصحيفة "إسرائيل اليوم" مقطع فيديو التقطه الصحفي الفلسطيني عبد الله أبو صبرا، يُظهر لحظة إطلاق قوات الاحتلال النار على شاب أعزل في حي القصبة في مدينة نابلس.

وفي محاولة لتبرير الجريمة، روجت وسائل الإعلام الإسرائيلية مزاعم تفيد بأن "عملية لإحباط هجوم إرهابي" كانت جارية، وأن "إرهابيين" نصبا كمينًا للقوات، وتمكن أحدهما من الاستيلاء على سلاح أحد الجنود وإطلاق النار باتجاه الأرض.

وادّعت التقارير أن الشابين هاجما الجنود، وأن أحدهما أطلق خمس رصاصات من السلاح قبل أن يُقتل، مضيفة أن "القوات قامت بتحييد وتصفية المخربين" في المكان.

القناة 14 الإسرائيلية تروج لمزاعم تفيد بأن الشابين حاولا الاستيلاء على سلاح أحد الجنود
القناة 14 الإسرائيلية تروج لمزاعم تفيد بأن الشابين حاولا الاستيلاء على سلاح أحد الجنود
صحيفة إسرائيل اليوم تزعم أن الجريمة جاءت ردًا على محاولة خطف سلاح جندي
صحيفة إسرائيل اليوم تزعم أن الجريمة جاءت ردًا على محاولة خطف سلاح جندي

وفي السياق ذاته، نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي بيانًا رسميًا عبر موقع إكس، أعلن فيه أن قواته، بمشاركة جهاز "الشاباك" ووحدة "دوفدوفان"، نفذت عملية أمنية واسعة في حي القصبة استهدفت ما وصفه بـ"نشاط إرهابي".

وزعم البيان أن القوات فتشت أكثر من 250 مبنى، واعتقلت ستة فلسطينيين، وصادرت أسلحة من بينها بنادق "كارلو" محلية الصنع. كما روج البيان للمزاعم ذاتها بشأن محاولة الشابين انتزاع سلاح أحد الجنود، مشيرًا إلى أن "نتيجة لمحاولة خطف السلاح، أُطلقت عدة طلقات، ما أدى إلى إصابة جندي بجراح متوسطة، وثلاثة آخرين بجراح طفيفة، قبل أن تردّ القوة بإطلاق النار على المخربين وقتلهما".

مزاعم جيش الاحتلال لتبرير جريمة إعدام الشابين في نابلس
مزاعم يروّجها جيش الاحتلال لتبرير جريمة إعدام الشابين في نابلس

شهادات ميدانية تدحض المزاعم الإسرائيلية 

في إطار التحقق من الرواية الإسرائيلية، جمع مسبار شهادات من صحفيين ميدانيين كانوا في موقع الحدث خلال اقتحام وقع في البلدة القديمة من نابلس.

أكّد الصحفي عبد الله أبو صبرا لمسبار، وهو مصوّر المقطع الذي تداولته وسائل الإعلام الإسرائيلية واستخدمته لدعم روايتها، أن الشاب المستهدف كان أعزل تمامًا، ورفع يديه في محاولة لإظهار أنه لا يشكل أي تهديد.

وأوضح أبو صبرا أن حوارًا قصيرًا دار بين الشاب وأحد جنود الاحتلال، قبل أن يُقدم الجندي على ركله والاعتداء عليه بالضرب، ما دفع الشاب لمحاولة الدفاع عن نفسه، قبل أن يُطلق عليه الجنود النار بثوان.

كما قدّم مراسل التلفزيون العربي في الضفة الغربية، الصحفي عميد شحادة، شهادة ميدانية لمسبار، أوضح فيها أن الشاب الذي ظهر في المقطع المتداول كان يحاول الدخول إلى منطقة الاقتحام لإجلاء أفراد عائلته، وكان يرفع يديه بوضوح في إشارة إلى أنه لا يشكّل أي تهديد.

 ولدى اقترابه من جنود الاحتلال، على مسافة لا تتجاوز مترًا واحدًا، طُلب منه رفع قميصه لتفتيشه، ثم طلب منه أحد الجنود خلع بنطاله أيضًا.

وأشار شحادة إلى أنه شاهد الجندي يدفع الشاب بقوة ويركله، ما أدى إلى نشوب اشتباك بالأيدي. في تلك اللحظة، اقترب شقيق الشاب، الذي كان يرتدي قميصًا أسود، برفقة أحد المسعفين، وكان يبعد عنهما نحو عشرة أمتار. وخلال لحظات الاشتباك، سُمع صوت إطلاق نار في المكان.

وأكد شحادة، استنادًا إلى مشاهداته المباشرة، أن الجندي هو من بادر بالاعتداء على الشاب، وأن الأخير كان يحاول الدفاع عن نفسه دون أن يشكل أي تهديد مسلح. وأضاف أن الجندي هو من أطلق النار بشكل مباشر، ولم يُشاهد أي محاولة من الشاب للاستيلاء على سلاح الجندي، كما ورد في الرواية الإسرائيلية.

وختم شحادة شهادته بالتأكيد على أن ما جرى لم يكن سوى عراك جسدي استمر لثوان، وانتهى بإطلاق النار وسحب الشبان من المكان، مشيرًا إلى أن الجندي استخدم سلاحه لتهديد الشاب قبل أن يُطلق عليه النار، وكل ذلك جرى أمام أعين المسعفين والصحفيين الذين كانوا في الموقع.

من جانبه، أوضح مراسل قناة رؤيا، الصحفي حافظ أبو صبرا لمسبار، أن عملية الإعدام وقعت في أحد الأزقة المؤدية إلى خان التجار في البلدة القديمة من مدينة نابلس، حيث كانت قوات الاحتلال تنتشر في المنطقة، وتمركز عدد من الجنود قنّاصة.

وأضاف أنه كان برفقة مجموعة من الصحفيين والمسعفين، من بينهم طواقم الهلال الأحمر والإغاثة الطبية، الذين عملوا على إجلاء المدنيين من الموقع قبل دقائق من إطلاق النار.

ووفقًا لشهادته، فقد أُجليت عائلة فلسطينية مكونة من رجل مسن وثلاث نساء وطفلة صغيرة، بمساعدة طواقم الإسعاف، بينما كان الشاب الذي يظهر في الفيديو مرتديًا قميصًا أبيض يحاول الوصول إلى عائلته لإجلائها. وكان يرفع يديه أثناء تقدمه نحو الجنود، ثم لحق به شقيقه الذي كان يرتدي قميصًا أسود، برفقة أحد المسعفين.

وأشار أبو صبرا إلى أنه عند اقتراب الشاب ذي القميص الأبيض من الجنود، قام أحدهم بتفتيشه، ثم اعتدى عليه بالضرب وركله، ما أدى إلى اشتباك جسدي، حين حاول الشاب الدفاع عن نفسه. أعقب ذلك إطلاق نار مباشر من مسافة صفر من قبل جنود الاحتلال، ما أسفر عن إعدام الشابين وإصابة أحد المسعفين.

اقتحام واعتداءات في البلدة القديمة في نابلس

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، يوم أمس الثلاثاء، عن مقتل الشقيقين نضال وخالد عميرة (40 و35 عامًا) برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، خلال اقتحام واسع للبلدة القديمة في نابلس، مؤكدة أن قوات الاحتلال تحتجز جثمانيهما. كما أفادت بإصابة عشرات الفلسطينيين، بينهم من أُصيبوا بالرصاص الحي، وآخرون بشظايا القنابل والغاز السام، إضافة إلى عشرات حالات الاختناق. وتركز الاقتحام في أزقة البلدة القديمة، حيث فرضت قوات الاحتلال حصارًا مشددًا، وأغلقت جميع المداخل، وداهمت المحال التجارية.

اقتحام البلدة القديمة في نابلس

ويأتي هذا الاقتحام في سياق عدوان إسرائيلي متواصل على مدن الضفة الغربية لا سيما في نابلس وجنين وطولكرم، بالتزامن مع الحرب الإسرائيلية الجارية في قطاع غزة.

مشاهد توثّق لحظة إعدام الشاب نضال عميرة في نابلس

كما وثّقت عدسات وسائل الإعلام لحظة إعدام الشاب نضال عميرة، الذي ظهر في تسجيل مصوّر وهو يرفع يديه دون أن يُشكل أي تهديد، قبل أن تطلق عليه قوات الاحتلال النار بشكل مباشر. كما أُعدم شقيقه خالد عميرة خلال الاقتحام الإسرائيلي. وتعرضت الطواقم الصحفية والطبية للاعتداء بقنابل الغاز، ما أسفر عن إصابات في صفوفهم.

وتتطابق المشاهد المصورة مع شهادات الصحفيين التي جمعها مسبار، حيث يظهر نضال عميرة في مقاطع الفيديو وهو يتقدم نحو الجنود رافعًا يديه، غير مسلح، قبل أن يباشر أحد الجنود بركله والاعتداء عليه بالضرب.

ويُظهر الفيديو أن نضال حاول صد الاعتداء بيديه، دون أي محاولة للاستيلاء على سلاح، كما زعمت الرواية الإسرائيلية، قبل أن يُطلق عليه الجنود النار من مسافة قريبة، في عملية إعدام ميداني موثّقة بالصوت والصورة.

إعدام الشاب نضال عميرة في نابلس

الاحتلال يعدم الشاب رامي الكخن في نابلس بمزاعم أنه كان مسلحًا

يواصل الاحتلال الإسرائيلي ترويج مزاعم مضللة لتبرير جرائمه المستمرة في مختلف المناطق الفلسطينية. ففي مايو/أيار الفائت، زعمت الرواية الإسرائيلية أن الشاب رامي سامي الكخن (30 عامًا) "كان مسلحًا ويُشكّل خطرًا"، في محاولة لتبرير إعدامه ميدانيًا.

بعد أيام من الاغتيال، نُشر مقطع فيديو يوثق لحظة إعدام الكخن على يد قوة إسرائيلية خاصة كانت متخفية بلباس مدني، خلال اقتحام نفذته وحدة خاصة من جيش الاحتلال في البلدة القديمة في مدينة نابلس، شمالي الضفة الغربية.

ويُظهر الفيديو الشاب وهو يتحدث إلى شخص آخر، قبل أن يُباغته جندي إسرائيلي يرتدي ملابس مدنية ويُطلق عليه النار من مسدس، رغم أنه كان يرفع يديه مستسلمًا.

الاحتلال يعدم الشاب رامي الكخن في نابلس بمزاعم أنه كان مسلحًا

تحقيقات مسبار تكشف زيف الرواية الإسرائيلية وانتهاكات بحق المدنيين في الضفة

تجدر الإشارة إلى أن مسبار أنجز سلسلة تحقيقات سابقة، فندت المزاعم الإسرائيلية التي تُستخدم لتبرير انتهاكات بحق المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية.

ففي فبراير/شباط الفائت، فنّد مسبار مزاعم إسرائيلية بشأن استهداف "عناصر إرهابية" في غارات جوية، وأظهر التحقيق، استنادًا إلى أدلة ميدانية، أن الضربات طالت مناطق سكنية مأهولة وأسفرت عن مقتل مدنيين، بينهم أطفال، في تناقض مباشر مع الرواية الإسرائيلية.

استهداف المدنيين في الضفة

أما في أكتوبر/تشرين الأول 2024، فقد تناول تقرير تحليلي كيفية تواطؤ بعض وسائل الإعلام الغربية في ترويج رواية الاحتلال، من خلال استخدام مصطلحات تُفرغ الجرائم من مضمونها الإنساني والسياسي، وصياغة الأحداث بلغة محايدة أو منحازة، ما يُسهم في شرعنة العنف ضد الفلسطينيين وتضليل الرأي العام العالمي.

وفي يوليو/تموز من العام نفسه، وثّق مسبار استخدام الجيش الإسرائيلي للمدنيين كدروع بشرية أثناء عملياته، في انتهاك واضح لاتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني. واستند التقرير إلى مقاطع مصوّرة وشهادات شهود عيان، أظهرت جنودًا يختبئون خلف مدنيين أو يقتادونهم في مناطق اشتباك، رغم الإنكار الإسرائيلي المتكرر لهذه الممارسات.

كما عرض مسبار في يونيو/حزيران من العام ذاته، استخدام جنود إسرائيليين لمواطن فلسطيني كدرع بشري، مشيرًا إلى تعتيم بعض وسائل الإعلام على الحادثة أو ترويج روايات مضللة. وكشف التقرير كيف تجاهلت بعض المنصات تفاصيل موثقة بالفيديو، أو أعادت صياغتها بما يُخفف من خطورتها، في نمط يعكس انحيازًا إعلاميًا متكررًا.

تضليل وتعنيم وسائل الإعلام

كيف يمكن لصور الخرائط والمصادر المفتوحة كشف توسع المستوطنات في الضفة الغربية؟

جيش الاحتلال استهدف مدنيين في غاراته الجوية على الضفة الغربية خلافًا للادعاءات الإسرائيلية

المصادر

كلمات مفتاحية

اقرأ/ي أيضًا

الأكثر قراءة

مؤشر مسبار
سلّم قياس مستوى الصدقيّة للمواقع وترتيبها
مواقع تم ضبطها مؤخرًا
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
عرض المواقع
bannar