مجزرة استراحة الشاطئ: قنبلة تزن 500 رطل تُكذب ادعاء الاحتلال بالتخطيط الدقيق للضربات
استهدفت غارة جوية إسرائيلية، فجر يوم الاثنين 30 يونيو/حزيران، مقهى شعبيًا يُعرف بـ"استراحة الباقة" على شاطئ مدينة غزة، ما أودى بحياة حوالي 34 فلسطينيًّا وإصابة عشرات المدنيين، بينهم صحفيون ونساء ومسنون.
ووفقًا لشهود عيان وتقارير ميدانية، فإن الغارة استهدفت تجمعًا للمدنيين الذين كانوا قد لجأوا إلى الشاطئ باعتباره المتنفس الوحيد المتاح للهروب من القصف والانهيار المعيشي في ظل الحصار المتواصل.
تحقيق يكشف كذب الرواية الإسرائيلية حول مجزرة استراحة الشاطئ
وبعد وقوع المجزرة، قال المتحدث العسكري باسم الجيش الإسرائيلي إن الهجوم على المقهى، كان لاستهداف "عناصر إرهابية من حركة حماس"، مشيرًا إلى أن الضربات نُفذت بعد مراقبة جوية دقيقة، مؤكدًا أنه "تم اتخاذ الإجراءات للحد من خطر إيذاء المدنيين" قبل تنفيذ الغارة، كم أوضح أن هذه العملية "قيد المراجعة".
لكن صحيفة ذا غارديان البريطانية كشفت في تحقيق لها عن مجزرة المقهى، أن الجيش الإسرائيلي استخدم قنبلة تزن 500 رطل (230 كغم) من طراز MK-82 أميركية الصُنع، والتي تُعد من الأسلحة شديدة الانفجار وواسعة التأثير، خلال الغارة التي استهدفت "استراحة الباقة".
وبحسب خبراء ذخيرة وفحص صور شظايا القنبلة الملتقطة من موقع المجزرة، فإن السلاح المستخدم هو قنبلة جوية تقليدية غير موجهة، ذات قدرة تدميرية عالية، غالبًا ما تُستخدم لتدمير البنى التحتية أو الأهداف العسكرية الثقيلة، لا المناطق المدنية.
وأكد خبراء في القانون الدولي الإنساني أن استخدام قنبلة بهذا الحجم في منطقة مدنية مكتظة يُعد "عملًا غير قانوني، وقد يُصنف جريمة حرب".
الاحتلال كان يعلم أن المكان مكتظ بالمدنيين
أوضح التحقيق أن المقهى المستهدف كان مكونًا من طابقين ومكشوفًا بشكل واضح من الجو، يقصده المدنيون، بمن فيهم النساء والأطفال وكبار السن، طلبًا للراحة وسط أجواء الحرب، ولم تُصدر قوات الاحتلال أي أوامر إخلاء للمنطقة قبيل القصف، ولم تُعرف أهداف عسكرية محددة داخله.
وأكد الباحث في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، جيري سيمبسون، أن "الجيش الإسرائيلي يعلم جيدًا أن المقهى كان مكتظًا، وأن استخدام هذا النوع من القنابل في مثل هذا المكان سيؤدي إلى قتل وجرح عدد كبير من المدنيين"، مضيفًا أن ذلك "يرجح أن الهجوم غير قانوني، وغير متناسب، ويستدعي تحقيقًا كجريمة حرب".
وأكدت وسائل إعلامية وحسابات فلسطينية على مواقع التواصل الاجتماعي، أن القصف الإسرائيلي على استراحة الشاطىء، أودى بحياة حوالي 34 فلسطينيًّا بينهم أطفال ومسنون ونساء.
وأسفر عن مقتل المخرج والمصور الصحفي إسماعيل أبو حطب والفنانة التشكيلية الفلسطينية آمنة السالمي، وإصابة الصحفية بيان أبو سلطان.
ونعى منتدى الإعلاميين الفلسطينيين إسماعيل أبو حطب، قائلًا في بيان "على درب الحرية المعبّد بالدماء والتضحيات، وفي سبيل نصرة الشعب الفلسطيني المظلوم ونقل معاناته إلى العالم أجمع، ارتقى الصحفي إسماعيل أبو حطب بغارة إسرائيلية على استراحة الباقة عند شاطئ مدينة غزة".
وأشار المنتدى إلى أنه "بذلك يرتفع عدد الصحفيين الذين استشهدوا منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى 228 صحفيًا".
الاستخدام العشوائي وغير المتناسب للقوة في مناطق المدنيين
من جانبه، اعتبر الدكتور أندرو فورد، أستاذ مساعد في القانون الدولي في جامعة دبلن، أن الضربة "مثال صارخ على الاستخدام العشوائي وغير المتناسب للقوة في مكان مدني مزدحم"، ما ينتهك بوضوح اتفاقيات جنيف.
ورغم امتلاك الجيش الإسرائيلي لأسلحة دقيقة قادرة على تنفيذ اغتيالات بأقل قدر من الأضرار الجانبية، إلا أن استخدام قنبلة ضخمة كهذه في مكان معروف بأنه مخصص للتنزه المدني يكشف بحسب خبراء، عن "نية هجومية غير مبررة"، خاصة أن عدد الضحايا المدنيين تجاوز العشرات.
وتتناقض هذه الوقائع بشكل مباشر مع ادعاءات الاحتلال بأن عملياته تستهدف فقط مقاتلين ، وأنه "لا يستهدف المدنيين".
اقرأ/ي أيضًا
سرقة المساعدات في غزة: ما دور إسرائيل في ظهور ودعم ميليشيا ياسر أبو شباب؟
أدرعي وانقلاب السردية: دعاية إسرائيلية تُحمّل الفلسطينيين مسؤولية معاناتهم