مسبار يكشف قناة مشبوهة على تلغرام تنشر بيانات مفبركة باسم عائلات وقبائل غزة
كشف "مسبار"، عن حساب على تطبيق تلغرام يزعم تمثيله لعائلات وقبائل قطاع غزة، عبر نشره بيانات تحمل طابعًا رسميًّا، منسوبة إلى ما يُقال إنها قبائل وعائلات محلية، تدعو إلى العصيان المدني ضد سلطة غزة المتمثلة في حركة حماس.
حسابات دعائية إسرائيلية تُروّج لبيان مضلل منسوب لعائلات غزة
تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، مطلع يونيو/حزيران الفائت، بيانًا منسوبًا إلى ما أُطلق عليه اسم "عائلات وقبائل المحافظات الجنوبية – قطاع غزة"، تحت عنوان "لقد طفح الكيل".
وانتقد البيان بشدة حكومة حماس، متهمًا إياها برفض وقف إطلاق النار، رغم تفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع. كما دعا إلى انتفاضة شعبية واسعة في الخامس من يونيو 2025، احتجاجًا على الإبادة الجماعية والمعاناة المتواصلة في غزة، محملًا إياها وفصائل فلسطينية أخرى مسؤولية الأوضاع المتدهورة.
وعبّر البيان عن دعمه لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، مطالبًا بقيادة جديدة تحت إشرافه، ومؤكدًا على الثقة الكاملة بشرعيته. كما حذّر من استغلال معاناة غزة لأهداف سياسية، وأدان تحويل القطاع إلى ورقة مساومة.
وقد سارعت عدة حسابات إسرائيلية على موقع إكس، معروفة بترويجها للدعاية الإسرائيلية (الهاسبارا)، إلى تداول البيان المزعوم، واعتبرته إعلانًا تاريخيًا، من كبرى عائلات غزة، وزعمت أنه يُظهر ليس فقط الانهيار العسكري لحماس، بل أيضًا تراجع الدعم الشعبي لها داخل القطاع.
قناة على تيلغرام تنتحل صفة صفحة رسمية لعائلات غزة
تمكّن فريق مسبار من تتبّع مصدر البيان المضلل الذي جرى تداوله على نطاق واسع، ليتبيّن أنه نُشر للمرة الأولى عبر قناة باللغة العربية على تلغرام تحمل اسم عائلات وقبائل المحافظات الجنوبية - قطاع غزة.
أُنشئت القناة في مارس/آذار عام 2024، ومنذ ذلك الحين بدأت بنشر سلسلة من البيانات التي تحمل طابعًا رسميًا وتهاجم حماس والحكومة في غزة. وتُظهر مراجعة مسبار لمحتوى القناة أنها تعمل كمنصة غير رسمية، وتزعم زورًا تمثيل عائلات وقبائل المحافظات الجنوبية. كما زعمت القناة حصولها على دعم من عائلات بارزة في غزة بعد تدشينها مباشرة.
وبعد وقت قصير من إطلاقها في 13 مارس 2024، نشرت القناة منشورات ادعت فيها أنها تلقت إشادات ودعمًا من عائلات بارزة في قطاع غزة. وتضمّنت تلك المنشورات بيانات منسوبة إلى عدد من العشائر، وُجهت فيها انتقادات لاذعة للحكومة التي تقودها الحركة.

الطعن في صفحات عشائرية أخرى
في اليوم ذاته، سعت القناة إلى التشكيك في مصداقية صفحات أخرى تمثل العائلات والعشائر الفلسطينية، وزعمت أنها الصوت الشرعي الوحيد لعائلات غزة. ويبدو أن هذه الخطوة هدفت إلى تعزيز مصداقية القناة في أوساط جمهورها المحدود، الذي يقل عن 1400 شخصًا.

بيان مزعوم يردّ على داخلية حماس ويدافع عن ماجد فرج
كما نشرت القناة بيانًا آخر يوم 13 مارس 2024، نُسب إلى العائلات والقبائل حسب وصفها، جاء ردًا منها على ما وصفته بـ"ما تُسمى وزارة داخلية حماس".
ودافع البيان عن اللواء ماجد فرج، وهو سياسي فلسطيني بارز وأحد القادة الكبار في حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، نافيًا ما ورد في تقارير اتهمته بتشكيل فصائل مسلحة، جنوبي قطاع غزة.
وسائل إعلام وقعت في فخ بيانات مزيفة منسوبة لعائلات غزة
لم تقتصر القناة على تضليل متابعيها على تليغرام فقط، بل نجحت في خداع عدد من وسائل الإعلام البارزة، التي قامت بترويج بيانات غير موثقة صادرة عنها دون التحقق من صحتها.
ففي 25 مارس 2025، نشرت القناة بيانًا دعت فيه إلى "انتفاضة ضد من يستغلون معاناة أبناء غزة لمصالح شخصية أو فئوية"، على حد تعبيرها، مُطالبة حماس بالتنحي الفوري عن الحكم في قطاع غزة.
وبعد وقت قصير من صدور البيان، قامت عدة وسائل إعلام، من بينها الحدث فلسطين التابعة لقناة العربية، بنشر الادعاءات التي وردت في القناة. ووصفت الحدث بأن البيان يأتي في هيئة "خبر عاجل"، مدعية أن "عائلات وقبائل المحافظات الجنوبية قطاع غزة" تدعو إلى العصيان المدني ضد الحكومة التي تقودها حماس.
كما استخدمت قناة العربية العبارات ذاتها التي وردت في القناة المشبوهة، في تقرير مصوّر بثته، وأرفقته بتعليق يفيد بأن "عائلات الجنوب في غزة تطالب باحتجاجات جماهيرية وتدعو حماس للاستقالة".
من جهة أخرى، ذهبت وسائل إعلام مصرية، من بينها القاهرة الإخبارية، الشروق، المصري اليوم وغيرها، إلى تبني الرواية نفسها، مستندة إلى قناة تيلغرام كمصدر وحيد، وزعمت أن عائلات وقبائل غزة دعت للمشاركة في احتجاجات جمعة الغضب المقررة في 28 مارس 2025.
في السياق ذاته، أفادت مصادر فلسطينية محلية عدّة يوم 26 مارس الفائت، أن العائلات والقبائل في المحافظات الجنوبية أصدرت بيانًا رسميًا تنفي فيه ما ورد في التقرير المتداول.
وجاء في البيان نفي قاطع لأي دعوات للاحتجاج ضد الحكومة في غزة، ووصفت ما نُشر بأنه "ادعاء كاذب ومضلل". وأكدت المجموعة التزامها بالحفاظ على النسيج الاجتماعي في القطاع، والوقوف صفًا واحدًا مع المقاومة في ظل هذه المرحلة الحرجة.
وأدانت ما وصفته بـ"المحاولات المشبوهة والمحرّضة" لإثارة الفتنة الداخلية، داعية وسائل الإعلام والصحفيين إلى الالتزام بالمعايير المهنية، وتجنّب فبركة التصريحات، والتحقق من المعلومات عبر مصادر موثوقة.
لجنة القبائل تنفي لمسبار صحة قناة تلغرام
من جهتها، أكدت الهيئة العليا لشؤون العشائر في المحافظات الجنوبية، برئاسة أبو سلمان المغني، في تصريح خاص لموقع مسبار، أن التصريحات المنسوبة لعائلات وقبائل غزة، والمنشورة عبر قناة تلغرام، "مفبركة بالكامل".
واتهمت الهيئة الاحتلال الإسرائيلي بالوقوف وراء إنتاج هذه التصريحات، بهدف تضليل الرأي العام في قطاع غزة. وأوضحت أن جميع البيانات الرسمية الصادرة عنها تُنشر حصريًا عبر صفحتها الرسمية والموثّقة على موقع "فيسبوك"، مضيفة: "أي بيانات أخرى تُعتبر مزوّرة ومشبوهة ومدعومة من الاحتلال وأعوانه".
وتجدر الإشارة إلى أن الصفحة الرسمية للهيئة العليا لشؤون العشائر في المحافظات الجنوبية فعّالة منذ التاسع من يونيو/حزيران 2013، وتواظب على نشر الإعلانات الرسمية والتصريحات المتعلقة بالشأن الاجتماعي والعشائري في القطاع.
وتجدر الإشارة إلى أن منسق حكومة الاحتلال الإسرائيلي للشؤون المدنية في غزة، قد حاول في 13 مارس 2024، التواصل مع عائلات بارزة داخل القطاع بغرض التعاون مع سلطات الاحتلال، إلا أن هذه المحاولات قوبلت برفض قاطع.
وشدّد أبو سلمان المغني على أن العشائر ليست بديلًا عن الحكومة، موضحًا أن "العشائر لا تدير البلاد، بل تساند الحكومة في القيام بواجباتها".
وختم المغني، محذرًا من مغبة انخراط أي أفراد يدّعون تمثيل العشائر الفلسطينية فيما وصفه بـ "الحراك المشبوه"، مؤكدًا رفضه الشخصي للانخراط فيه، وداعيًا سكان غزة إلى عدم الانخداع بمثل هذه المزاعم.
ومؤخرًا، رفض المغني الادعاءات الإسرائيلية التي تفيد بأن حركة حماس تحتكر توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة المحاصر.
وفي بيان رسمي، أكدت اللجنة العليا لشؤون العشائر أن توزيع المساعدات يتم تحت إشراف كامل من قبل الجهات المعنية في غزة، وبمتابعة حصرية من المؤسسات الإنسانية الدولية.
اقرأ/ي أيضًا
الخطر على مصر من غزة لا من إسرائيل.. تصريحات مضللة لإبراهيم عيسى
سرقة المساعدات في غزة: ما دور إسرائيل في ظهور ودعم ميليشيا ياسر أبو شباب؟