سياسة

إسرائيل تروّج لكذبة أن مرح أبو زهري توفت باللوكيميا لا التجويع

date
21 أغسطس 2025
آخر تعديل
date
7:40 ص
24 أغسطس 2025
ترجمة:
فريق تحرير مسبار
إسرائيل تروّج لكذبة أن مرح أبو زهري توفت باللوكيميا لا التجويع
أنكر الاحتلال الإسرائيلي تعرض أبو زهري للتجويع | مسبار

واجه قطاع غزة انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي، وموجة واسعة من سوء التغذية اتسعت رقعتها بتصاعد وتيرة الصراع والنزوح، وانخفاض الوصول إلى المساعدات الإنسانية إلى مستويات غير مسبوقة.

وحتى 17 أغسطس/آب الجاري، قالت وزارة الصحة الفلسطينية إن 263 شخصًا، بينهم 112 طفلًا قد توفوا بسبب التجويع.

رغم ذلك، تنكر إسرائيل باستمرار وجود أزمة إنسانية في غزة. وبعد وفاة مرح أبو زهري، وهي شابة فلسطينية تبلغ من العمر 20 عامًا كانت تعاني من سوء تغذية حاد توفيت في مستشفى إيطالي، زعمت العديد من الحسابات الإسرائيلية على وسائل التواصل الاجتماعي أن وفاتها لم تكن بسبب سوء التغذية.

وادعى مسؤولون إسرائيليون أن وفاة مرح سببها حصرًا مرض اللوكيميا (سرطان الدم)، مستبعدين الجوع كعامل في تدهور حالتها.

فند "مسبار" هذا الادعاء بشهادات رسمية وتقارير دولية تدين سياسة التجويع الممنهجة في غزة.

إسرائيل تنفي معاناة مرح أبو زهري من سوء التغذية

يوم 17 أغسطس الجاري، نشر حساب "منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية" على منصة إكس تقريرًا طبيًا قال إنه صادر عن مركز غزة للأورام في مستشفى ناصر، وعلّق: "الحقيقة التي لم يذكرها التقرير أن الشابة مرح أبو زهري (20 عامًا) كانت تعاني من اللوكيميا".

وأضاف الحساب أن السلطات الإيطالية تواصلت مع إسرائيل لطلب إجلاء مرح بسبب مرضها، وقد وافقت إسرائيل على ذلك. 

في اليوم نفسه، شارك داني دانون، سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، التقرير ذاته مرفقًا بتعليق: "نشرت بي بي سي تقريرًا كاذبًا عن امرأة من غزة يُزعم أنها (تعرضت لسوء تغذية) وتوفيت في مستشفى إيطالي نُقلت إليه. اليوم تبيّن أن المرأة كانت مصابة باللوكيميا. ننتظر اعتذارًا بي بي سي".

Danny Danon

كما نشر السفير الإسرائيلي لدى إيطاليا، جوناثان بيلد، التقرير ذاته في 19 أغسطس الجاري وعلّق بالإيطالية: "إسرائيل، بالتنسيق مع إيطاليا، تعاونت لتسهيل خروج مرح أبو زهري من غزة".

وقال إن تشخيص اللوكيميا المزعوم، كما ورد في السجلات الطبية، صادر عن مستشفى ناصر في غزة.

مضيفًا: "لهذا السبب، يجب توجيه أي اعتراضات بهذا الخصوص إلى الأطباء الفلسطينيين الذين أعدوا التقرير. إسرائيل ترحب بمراجعة مصداقية المعلومات الواردة من غزة، ومن المؤسف أن ذلك يحدث فقط عندما تقدم إسرائيل معلومات من مصادر فلسطينية، بينما لا يُثار أي اعتراض عند نشر حماس أخبارها الكاذبة".

Jonathan Peled

أول اختبارين للوكيميا كانا سلبيين

وصلت مرح أبو زهري إلى توسكانا في الليلة الفاصلة بين 13 و14 أغسطس الجاري، عبر جسر جوي طبي من إيلات إلى بيزا لتلقي العلاج.

تقول رئيسة قسم أمراض الدم، البروفيسورة سارة غاليمبرتي: "وصلت مرح إلى القسم عند الساعة 2:40 فجر يوم 14 أغسطس، بتشخيص أولي يُشتبه في إصابتها باللوكيميا، لكن أول اختبارين أجريا كانا سلبيين. بعد ذلك تبيّن أن لديها انخفاضًا حادًا في البروتين وحالة هزال، لا أستطيع تحديد إن كان سببها سوء التغذية أو مرض لم نتمكن من اكتشافه".

وأضافت: "كانت لدى مرح اضطرابات في مؤشرات التجلط، إضافة إلى مستويات بروتين منخفضة للغاية، ولذلك استشرنا أخصائي تغذية وبدأنا لها نظامًا غذائيًا عالي السعرات".

بعد 36 ساعة من دخولها مستشفى تشيزانيللو، توفيت مرح بسبب "حالة تدهور عضوي شديد"، وفق بيان صادر عن مستشفى جامعة بيزا، الذي أوضح أنها عند الساعة 3:30 عصر يوم 15 أغسطس، تعرضت لأزمة تنفسية مفاجئة تبعها توقف قلبي.

وفاة شابة فلسطينية تعاني سوء تغذية في بيزا

في 16 أغسطس الجاري، نشرت وكالة الأنباء الإيطالية (أنسا) تقريرًا بعنوان: "وفاة شابة فلسطينية (20 عامًا) تعاني سوء تغذية في بيزا".

وقال رئيس المجلس الإقليمي، أنطونيو ماتسيو: "لم تمت مرح بمرض، بل قتلها الجوع: في سن العشرين يجب أن يضحك الإنسان، ويجري وراء أحلامه، ويخوض تجارب الحياة وحبها، لكنها اضطرت لمواجهة أقسى سلاح: الحرمان من الخبز والماء وحق الحياة. لقد قُتلت بالجوع الذي فُرض عمدًا واستُخدم كسلاح حرب".

وكالة الأنباء الإيطالية

وأشارت مستشارتان إقليميتان، أليساندرا نارديني ومونيا موني، صراحة، إلى عامل "سوء التغذية"، كسبب في وفاة مرح. إذ قالت نارديني: "كان من الممكن إنقاذ حياة مرح بفضل مهنية وإنسانية أطباء بيزا، لكن جسدها كان منهكًا للغاية بسبب سوء التغذية وتدهور الأعضاء، حتى إنها لم تستطع بعد ساعات قليلة التشبث بالحياة".

وأضافت أن اختبارات بيزا لم تؤكد وجود سرطان، وبالتالي فإن اتهام المستشفى بالتقصير غير صحيح.

Alessandra Nardini

أما موني فقالت "مرح أبو زهري توفيت بسبب سوء التغذية. ماتت جوعًا، والجوع فُرض واستُخدم كسلاح حرب".

regional councilor Monia Monni

وأكد وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني أن إيطاليا نقلت نحو 120 فلسطينيًا على متن ثلاث طائرات إلى روما وميلانو وبيزا، ضمن عمليات إجلاء طبية بدأت منذ يناير 2024.

وفي 18 أغسطس الجاري، حاولت المدعية العامة في بيزا، تيريزا أنجيلا كاميليو، تسوية الجدل القائم بين إيطاليا وإسرائيل بشأن الحالة الطبية لمرح، بعد دخولها إلى مستشفى "تشيزانيللو" في بيزا، حيث وصلت وهي في حالة "تدهور عضوي حاد"، لكنها لم تكن تعاني من اللوكيميا كما زعمت تل أبيب، وذلك وفقًا لوكالة الأنباء الوطنية الإيطالية.

إسرائيل تنكر المجاعة في غزة رغم الإجماع الدولي

وفق تصنيف الأمن الغذائي المتكامل (IPC)، فإن أسوأ سيناريوهات المجاعة يتحقق حاليًا في غزة. وتُظهر الأدلة المتزايدة أن الجوع وسوء التغذية والأمراض تؤدي إلى ارتفاع الوفيات.

وذكر أحدث تحليل لـ IPC، أن جميع سكان قطاع غزة سيواجهون مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي بحلول سبتمبر 2025، بما في ذلك نصف مليون شخص في "المرحلة الخامسة" التي تتسم بنقص شديد في الغذاء.

كما توقّع أن يصل سوء التغذية إلى مستويات حرجة في شمالي قطاع غزة ومدينة غزة ورفح، مع تسجيل أكثر من 70 ألف حالة بين الأطفال دون سن الخامسة و17 ألف حالة بين النساء الحوامل والمرضعات.

وبين مايو ويوليو 2025، تضاعفت معدلات سوء التغذية الحاد في خان يونس وارتفعت بنسبة 70 في المئة في دير البلح. أما في مدينة غزة فقد وصلت النسبة إلى 16.5 في المئة في النصف الأول من يوليو، متجاوزة عتبة المجاعة.

Israel Denies Famine Despite International Consensus

وفي السياق ذاته، ذكر برنامج الأغذية العالمي في تقرير صدر في 12 أغسطس أن ثلث سكان غزة يمضون أيامًا بلا طعام، ونصف مليون على حافة المجاعة.

مرح ليست الحالة الوحيدة في غزة

كان "مسبار" قد تتبع عدة ادعاءات إسرائيلية متعلقة بالأزمة الإنسانية في قطاع غزة، ونشر تحقيقات متعددة كشف فيها أنماطًا متكررة من التضليل.

وفي الرابع من أغسطس الجاري، نشر مسبار تحقيقًا يكشف أن الطفل أسامة الرقّب ضحية تجويع قسري، خلافًا لادعاء إسرائيل أنه يعاني من مرض وراثي، إذ نشر أفيخاي أدرعي صورتين للطفل أسامة على "إكس" مدعيًا أن حماس تستخدم الأطفال "كدروع إعلامية"، وزعم أن معاناته سببها مرض التليف الكيسي الوراثي.

لكن مسبار حصل حصريًا على نتائج الاختبار الذي أجري لأسامة في مستشفى جامعة فيرونا في إيطاليا يوم 17 يونيو/حزيران الفائت، والذي أثبت أن نسبة الكلوريد في عَرَقه 13 مل/لتر، وهي ضمن المعدل الطبيعي للأطفال، ما ينفي بشكل قاطع إصابته بالتليف الكيسي وفق المعايير الطبية الدولية.

أسامة الرقب

اقرأ/ي أيضًا

بالاستناد إلى روايات مضللة: كيف رد الإسرئيلي بن هيلتون على تصريحات الأم أغابيا؟

انحياز وتضليل: كيف روّجت صحيفة بيلد للرواية الإسرائيلية وتجاهلت المعاناة في غزة؟

المصادر

اقرأ/ي أيضًا

الأكثر قراءة

مؤشر مسبار
سلّم قياس مستوى الصدقيّة للمواقع وترتيبها
مواقع تم ضبطها مؤخرًا
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
عرض المواقع
bannar