أخبار

مسبار يفند المزاعم الإسرائيلية عن الرضيعة زينب أبو حليب بعدما فقدت حياتها جراء سوء التغذية

فريق تحرير مسبارفريق تحرير مسبار
date
23 أغسطس 2025
آخر تعديل
date
12:29 م
24 أغسطس 2025
مسبار يفند المزاعم الإسرائيلية عن الرضيعة زينب أبو حليب بعدما فقدت حياتها جراء سوء التغذية
تفاصيل حصرية لمسبار تفند المزاعم الإسرائيلية بشأن الرضيعة زينب أبو حليب | مسبار

في 26 يوليو/تموز الفائت، أودت مضاعفات سوء التغذية بحياة الرضيعة زينب أبو حليب في غزة، ولم تكن قصتها استثناء، إذ أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية لاحقًا أن 281 شخصًا، بينهم 112 طفلًا، قضوا بسبب سوء التغذية والتجويع حتى تاريخ اليوم السبت.

ومع ذلك، سرعان ما تحوّلت مأساة زينب إلى مادة للإنكار والتشكيك من جانب حسابات إسرائيلية ومؤيدة لإسرائيل، التي سعت إلى تهميش السبب الحقيقي لما جرى وإعادة صياغة السياق الإنساني الأوسع للأزمة.

في هذا المقال، يرصد مسبار سلسلة المنشورات التي نشرها حساب "غزة وود"، المعروف بتشكيكه المتكرر في المعاناة الإنسانية في غزة، إضافة إلى الحسابات التي روّجت روايته. ويعتمد التفنيد على الشهادات الطبية والميدانية والسجلات الرسمية والتقارير الأممية، مؤكدًا أن ما حدث لزينب يعكس واقع آلاف الأطفال في القطاع. كما يحيل إلى مواد سابقة لمسبار وثّقت حملات مشابهة للتشكيك في ضحايا سوء التغذية والجرائم الإنسانية في غزة.

التشكيك في مأساة زينب أبو حليب: محاولات إنكار التجويع في غزة

بدأ حساب "غزة وود" سلسلة منشوراته في 10 أغسطس/آب الجاري، عند الساعة 9:22 مساءً، بنشر صورة تجمع بين لقطة من تقرير بثّته شبكة سي إن إن وأخرى من مقابلة صحفية تناولت قصة الرضيعة زينب أبو حليب، وعلق بالقول "هل كانت زينب أبو حليب ضحية مجاعة في غزة؟".

وادّعى الحساب أن ما أودى بحياتها لم يكن سوء التغذية، زاعمًا أنها كانت تعاني من "حالة صحية معقدة"، من دون أن يقدّم أي تفاصيل موثوقة تدعم هذا الادعاء.

المنشور الأول في سلسلة "غزة وود" للتشكيك في مأساة زينب أبو حليب
المنشور الأول في سلسلة "غزة وود" للتشكيك في مأساة زينب أبو حليب

في منشوره الثاني ضمن السلسلة، نشر حساب "غزة وود" مقطعًا من مقابلة صحفية مع والدة زينب، تحدثت فيه عن إصابة الطفلة بجرثومة في الدم وانسداد في الأمعاء، وخضوعها لعملية استكشاف في المستشفى الأوروبي شملت استئصال الزائدة. وعلّق الحساب بالقول "في هذا الفيديو ستشاهدون والدتها تصف حالتها الصحية المعقدة".

وأرفق الحساب بجانب الفيديو لقطة شاشة من تقرير شبكة سي إن إن تصف زينب بأنها "ضحية مجاعة". جاء ذلك في محاولة لإظهار تناقض بين ما ورد في التقرير وما شرحته والدتها، بما يوحي بعدم دقة التغطية الإعلامية، ويعزز الرواية المشككة في السبب الذي أودى بحياتها.

غزة وود يروّج لرواية الحالة الطبية المعقدة

أما في المنشور الثالث ضمن السلسلة، اجتزأ حساب "غزة وود" مقطعًا آخر من المقابلة ذاتها، يظهر فيه تصريح حول خضوع الطفلة زينب لعملية استئصال الزائدة. وأعاد الحساب إرفاق صورة من تقرير سي إن إن، لتعزيز مزاعمه.

وعلى غرار ما روّجه الحساب، شاركت حسابات إسرائيلية وألمانية المزاعم نفسها، من بينها حسابا Syl Via و Cheryl E. وقد أعادا نشر الادعاءات مع تجاهل السجل الطبي الرسمي، وتغافلا عن الظروف الإنسانية الكارثية في قطاع غزة خلال الحرب الإسرائيلية وحالة التجويع.

تقرير سي إن إن: مأساة الرضيعة زينب أبو حليب بسبب سوء التغذية

بالعودة إلى تقرير شبكة سي إن إن الذي استخدمه حساب "غزة وود" لترويج مزاعمه بتاريخ 26 يوليو الفائت، والمعنون: "بين أحضان والدتها.. وفاة رضيعة فلسطينية عمرها 5 أشهر في غزة بسبب الجوع".

أورد التقرير أن الرضيعة زينب أبو حليب، البالغة من العمر 5 أشهر، كانت تعاني من سوء تغذية حاد، وأن حياتها أُزهقت بين أحضان والدتها أثناء محاولة نقلها إلى مستشفى في جنوب غزة. وروت والدتها، إسراء أبو حليب، الصعوبات التي واجهتها قائلة: "اضطررت للمشي لأكثر من 30 دقيقة لعدم وجود وسائل نقل.. كان الطريق الترابي طويلًا للغاية، وكان الطقس حارًا جدًا، لكنني واصلت المشي رغم أنني كنت جائعة ولم يكن لدي ماء". وأضافت: "فجأة شعرت أنها توقفت عن الحركة والتنفس، أصبح جسدها أثقل".

كما أكد الدكتور منير البرش، مدير عام وزارة الصحة، في منشور على موقع إكس، أن ما أودى بحياة زينب كان مضاعفات سوء التغذية الحاد، مشيرًا إلى أن أكثر من 260 ألف طفل دون سن الخامسة في غزة يعانون من سوء التغذية.

وأحال التقرير إلى تصريحات أطباء بلا حدود والأمم المتحدة، التي وثقت الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة، مؤكدة أن مأساة زينب ليست حالة فردية، بل جزء من واقع يعيشه آلاف الأطفال الفلسطينيين.

تقرير سي إن إن يوثق مأساة زينب أبو حليب كضحية سوء التغذية في غزة

المقابلة الكاملة: ما تجاهله حساب "غزة وود"

من خلال الرجوع إلى المقابلة الكاملة التي اجتزأ منها حساب "غزة وود" مزاعمه، والتي نُشرت على حساب translating_falasteen في موقع انستغرام، بتاريخ الرابع من يونيو/حزيران الفائت، ويظهر السياق الحقيقي لحالة الرضيعة زينب أبو حليب.

بدأت المقابلة بمشاهد للرضيعة، إذ أكدت والدتها أن وزنها كان خمسة كيلوغرامات وانخفض إلى كيلوغرامين فقط عند عمر أربعة أشهر. ثم جاء المقطع الذي اجتزأه الحساب، وفيه أشارت إلى إصابتها بجرثومة في الدم وانسداد في الأمعاء، وخضوعها لعملية استكشاف واستئصال الزائدة في المستشفى الأوروبي.

وتابعت الأم موضحة أن الطفلة كانت تعاني من سوء تغذية شديد، ما تسبب في عدم قدرتها على الرضاعة بشكل طبيعي واضطرارها للتغذية عبر السرنجة. كما ناشدت لتوضيح أن ابنتها تعاني من نقص الغذاء وعدم توفر الحليب اللازم لها.

هذا السياق الكامل يوضح أن حساب "غزة وود" اجتزأ المقابلة لتقديم رواية مشككة، متغافلًا عن الأزمة الغذائية الحادة التي شكلت العامل الأساسي في مأساة زينب.

المقابلة الكاملة لوالدة الرضيعة زينب أبو حليب

مسبار يحصل على السجل الطبي للرضيعة

حصل مسبار على نسخة كاملة من السجل الطبي للرضيعة زينب أبو حليب، إضافة إلى توضيح من رئيس قسم الولادة والأطفال في مجمع ناصر الطبي، الدكتور أحمد الفرا.

وأوضح الفرا أن زينب وُلدت ولادة طبيعية، لكن والدتها لم تتمكن من الإرضاع الطبيعي، ما استدعى تزويدها بحليب خاص من نوع Extensive Hydrolysed Formula. وبسبب الحصار ومنع دخول المساعدات، لم يكن هذا الحليب متوفرًا، ما اضطر العائلة لاستخدام حليب بديل تسبب للطفلة بقيء وإسهال شديدين وأدخلها في حالة سوء تغذية حاد.

ونتيجة لانخفاض مناعتها، أصيبت زينب بتجرثم الدم والتهابات في الأمعاء وانسداد معوي، واضطر الأطباء لإجراء فتح بطن في المستشفى الأوروبي. ورغم تعافيها من التجرثم والانغلاق، فإنها لم تحصل على الحليب المناسب، فتفاقم سوء التغذية حتى أودى بحياتها بعد نحو شهر ونصف من إصابتها الأولية، وفقًا للفرا.

كما زوّد الفرا مسبار بالسجل الطبي الكامل الذي وثّق تسلسل حالتها الصحية، مؤكدًا أن السبب المباشر لما جرى هو سوء التغذية الحاد وعدم توفر الحليب المناسب.

وتشير الورقة الطبية الأولى إلى أن الطفلة زينب أبو حليب أُدخلت إلى المستشفى بتاريخ 29 مايو/أيار الفائت، وغادرت في الرابع من يونيو/حزيران، وتم التخريج بناءً على طلب ذويها.

نموذج الدخول والخروج من المستشفى للرضيعة زينب أبو حليب

توضح الورقة الطبية الثانية، المؤرخة في 29 مايو الفائت، أن الرضيعة زينب أبو حليب أُدخلت إلى قسم الأطفال وهي تعاني من حرارة مرتفعة (38.2)، وسعال وإسهال، مع مؤشرات على انسداد معوي. وأثبت التشخيص إصابتها بتجرثم دم (Sepsis)، وعولجت بمضادات حيوية قوية.

واضطر الفريق الطبي إلى إجراء استئصال للزائدة للتعامل مع الالتهاب والانسداد المعوي الذي تعرضت له، وذلك كجزء من التدخلات الطبية الطارئة لضمان استقرار حالتها الصحية، وفقًا للدكتور الفرا.

حالة الرضيعة زينب أبو حليب

وتظهر الورقة التي تليها أن الرضيعة زينب أبو حليب شُخصت بـ Acute Gastroenteritis (A.G.E)، أي نزلة معوية حادة، وهو ما ساهم في تفاقم حالتها الصحية الهشة.

الرضيعة زينب تعاني من نزلة معوية حادة

أما الوثيقة الطبية التالية، فتوضح أن الطفلة زينب أبو حليب أُعطيت أنواعًا بديلة من الحليب الصناعي، من بينها إيزوميل (Isomil Milk) و LF Milk، وذلك لعدم توفر النوع الغذائي المناسب لحالتها. وأوضح الدكتور أحمد الفرا، أن زينب كانت بحاجة إلى حليب خاص من نوع Extensive Hydrolysed Formula، المخصص للأطفال الذين يعانون من حساسية تجاه الحليب البقري. إلا أن هذا النوع لم يكن متوفرًا بسبب الحصار، ما اضطر الفريق الطبي إلى استخدام بدائل لم تلائم حالتها، وأسهم ذلك في تفاقم سوء التغذية وتدهور وضعها الصحي.

أنواع الحليب التي أُعطيت للطفلة

كما تُظهر إحدى ملاحظات التمريض بتاريخ 29 مايو أن الرضيعة زينب أبو حليب، البالغة من العمر شهرين ونصف، حُولت من قسم الطوارئ وأُدخلت إلى قسم الأطفال. وسجّل الكادر الطبي في خانة الشكوى أنها تعاني من إسهال وتقيؤ وسوء تغذية وفقر دم، ما يثبت بشكل مباشر أن حالة سوء التغذية كانت موثقة رسميًا منذ لحظة دخولها المستشفى.

الرضيعة زينب تعاني من سوء تغذية

وتوثق ملاحظات التمريض بتاريخ الثالث من يونيو الفائت، معاناة الرضيعة زينب أبو حليب من إسهال مائي متكرر وتقيؤ مرتين خلال اليوم، وسُجل أن العلامات الحيوية بقيت ضمن الحدود الطبيعية. وتشير الملاحظات إلى أن الطاقم الطبي زوّدها بمحلول Rissomal، مع توصية للأم بإطعامها ببطء عبر الأنبوب الأنفي المعدي (NGT) ومتابعة دقيقة لحالتها.

ورغم التدخل الطبي، استمر الإسهال في الظهور لاحقًا، ما يعكس هشاشة وضعها الصحي، ويؤكد أن تدهور حالتها لم يكن نتيجة مرض داخلي منفصل، بل بسبب غياب الغذاء المناسب الذي فاقم وضعها الصحي حتى أودى بحياتها.

ملاحظات التمريض خلال تواجد الرضيعة زينب في المشفى

وفي السياق، أكد الدكتور أحمد الفرا لمسبار، أن الطفلة زينب أبو حليب لو حصلت على الحليب المناسب لحالتها الصحية منذ البداية، لكان بالإمكان إنقاذ حياتها وتجنب المضاعفات التي أدت إلى وفاتها.

وفي تصريح خاص لمسبار، قالت والدة زينب إن طفلتها وُلدت بصحة جيدة ولم تكن تعاني من أي مرض، لكن عند عمر شهر ونصف بدأت تظهر عليها أعراض نزلة معوية بسبب سوء تغذية شديد ناجم عن غياب الحليب المناسب، وهو ما تسبب لها بإسهال متكرر وتدهور سريع في حالتها الصحية.

كما أكد الصحفي عمرو طبش لمسبار أن زينب قضت بسبب سوء التغذية، مشيرًا إلى أنه وثق حالات مشابهة في السابق وما زال يتابع توثيق حالات ضمن السياق ذاته، ونشرت وسائل إعلام عدة مقاطع فيديو للرضيعة قبل وبعد تدهور وضعها، إلى جانب مقابلات مع والدتها والطواقم الطبية، وصور توضح حالتها قبل تفاقم الأزمة.

الرضيعة زينب أبو حليب قبل تدهور حالتها الصحية وبعدها نتيجة سوء التغذية

مواصلة الادعاءات الإسرائيلية وإنكار التجويع في غزة: رصد مسبار للوقائع والحقائق

يواصل الاحتلال تكرار ادعاءاته بهدف إنكار سياسة التجويع في غزة، عبر محاولات نسب الحالات الإنسانية إلى أمراض فردية أو عوامل صحية أخرى. ففي تحقيق مسبار بتاريخ 31 يوليو الفائت، فَند الادعاءات الإسرائيلية التي زعمت أن الطفل أسامة الرقب يعاني من مرض جيني، متجاهلة أثر الحصار ونقص الغذاء على حالته. وأكدت الأدلة الطبية والشهادات الميدانية والتقارير الدولية أن وضع أسامة ليس حالة فردية، بل انعكاس لأزمة غذائية تضرب آلاف الأطفال في القطاع المحاصر.

وفي 21 أغسطس الجاري، كرر الاحتلال النهج ذاته عبر الترويج بأن حالة الطفلة مرح أبو زهري مرتبطة حصرًا بمرض اللوكيميا، مستبعدًا تأثير التجويع والحصار على صحتها. غير أن تحقق مسبار، بالاستناد إلى تقارير طبية وشهادات رسمية ودولية، أظهر أن حالتها لا تنفصل عن سياق سياسة التجويع الممنهجة، التي ساهمت في تدهور أوضاع آلاف الأطفال في غزة.

 إسرائيل تروّج لرواية مضللة حول أسباب وفاة الطفلة مرح أبو زهري

وفي 13 أغسطس الجاري، وثق مسبار الأساليب التي لجأ إليها حساب إسرائيل بالعربية على موقع إكس للتشكيك في وجود التجويع في غزة. وأظهر التقرير أن الحساب اعتمد على انتقاء مشاهد بعينها، وإجراء مقارنات انتقائية، وتحميل الضحايا أنفسهم المسؤولية، في محاولة للتغطية على الحقائق، وإعادة توجيه النقاش العام بما يخدم رواية الاحتلال، وتقديم صورة مضللة عن حجم الأزمة الإنسانية التي يعيشها سكان القطاع.

الأمم المتحدة تؤكد تفشي المجاعة في غزة

أعلنت الأمم المتحدة ووكالات دولية، استنادًا إلى تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، رسميًا عن تفشي المجاعة في محافظة غزة. وجاء في بيان مشترك لمنظمة الصحة العالمية، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، أن أكثر من نصف مليون شخص يعيشون بالفعل في ظروف مجاعة، مع توقع أن يرتفع العدد إلى أكثر من 640 ألفًا بحلول نهاية سبتمبر/أيلول إذا لم يتم رفع العوائق أمام المساعدات.

في المقابل، رفضت إسرائيل التقرير ووصفته بأنه "مغلوط ومتحيز". ورصد مسبار الخطاب الإسرائيلي الذي سعى إلى إنكار وجود التجويع والتشكيك في معطيات التقرير، مدعيًا أنه "صُمم خصيصًا ليتماشى مع الحملة الدعائية التي تقودها حركة حماس"، في تجاهل للبيانات الأممية والتوثيقات الطبية والميدانية التي تثبت تفشي الجوع وسوء التغذية خلال الحرب الإسرائيلية على غزة.

إسرائيل تنكر المجاعة في غزة

اقرأ/ي أيضًا

تجويع سكان غزة: حملة إسرائيلية تشكك في صورة طفل يعاني من سوء التغذية

كيف تستغل حملة غزة وود محتوى فلسطيني قديم لإنكار التجويع في غزة؟

المصادر

كلمات مفتاحية

اقرأ/ي أيضًا

الأكثر قراءة

مؤشر مسبار
سلّم قياس مستوى الصدقيّة للمواقع وترتيبها
مواقع تم ضبطها مؤخرًا
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
عرض المواقع
bannar