ظهور مناف طلاس الأخير.. دور مفترض وادعاءات غير مدعومة بأدلة
عاد اسم العميد المنشق عن جيش نظام بشار الأسد، مناف طلاس، إلى الواجهة الإعلامية خلال الأيام الفائتة، قبل وبعد محاضرته التي ألقاها في معهد باريس للدراسات السياسية، يوم 13 سبتمبر/أيلول الجاري.
هذا الظهور أثار جدلًا واسعًا وتكهنات ارتبطت بدوره المستقبلي في سوريا، مصحوبًا بتداول ادعاءات غير مدعومة بأية أدلة. وحملت تلك الشائعات ثقلًا مضاعفًا نظرًا للموقع الذي اتخذته في السياق السوري، والذي يشهد استقطابًا حادًا على مواقع التواصل الاجتماعي.
مناف طلاس وشائعات لا تستند إلى أي دليل
أثرت الشائعات المتعلقة بالعميد مناف طلاس على النقاش السوري العام، إذ ساهمت التكهنات في خلق انطباعات مبالغ فيها عن دوره المحتمل في المرحلة الانتقالية في سوريا، دون أن يكون لتلك التكهنات أساس مرتبط بوقائع أو بتصريحات له أو لأي جهة سياسية مؤثرة أو فاعلة في الشأن السوري.
تلك الادعاءات غير المدعومة بالأدلة عن دور مفترض لمناف طلاس ليست جديدة، ففي يناير/كانون الثاني الفائت، نشرت مواقع إلكترونية ما سمتها "خطة مدروسة" تدعمها فرنسا والولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية، بهدف تمكين طلاس من تولي موقع قيادي بارز في الجيش السوري، عقب إسقاط نظام بشار الأسد.
تلك التكهنات والتحليلات التي لم تُسند إلى مصادر موثوقة، ساهمت أيضًا في تعميق الانقسام بين مؤيدين ومعارضين لتولي طلاس دورًا في المرحلة الانتقالية، في وقت اتجه فيه البعض إلى طرح تصويت افتراضي حول طبيعة الدولة التي قد يقودها، وذهب آخرون إلى إجراء مقارنات بين شكل حكمه المفترض وحكم أحمد الشرع.
ادعاءات رافقت محاضرة مناف طلاس في باريس
عقب انتهاء محاضرة طلاس في معهد باريس للدراسات السياسية، تداول مستخدمون على موقع التواصل الاجتماعي إكس، مزاعم لا تستند إلى مصادر رسمية أو موثوقة، من بينها الحديث عن نقل آلاف المقاتلين الأجانب من الحدود اللبنانية إلى الساحل السوري، واجتماع جمعه بوزير خارجية تركيا هاكان فيدان لمدة خمس ساعات.
إضافة إلى مزاعم تعيينه قائدًا لـ"جيش سوريا الحرة" في منطقة التنف، تحت ضغط فرنسي وإسرائيلي، وادعاءات عن لقاء مرتقب يجمعه بقائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مظلوم عبدي.
وقبل محاضرة طلاس، تداول مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي خبرًا مفاده، أن طلاس أعلن استعداده لقيادة المرحلة الانتقالية في سوريا.
إلا أن هذا الادعاء لم يستند إلى أي مصادر موثوقة ولم يُؤكده طلاس نفسه.
في الوقت نفسه، تداولت مواقع إلكترونية خبرًا يفيد بانتشار بوارج حربية قبالة الساحل السوري.
إلا أن مصدرًا في وزارة الدفاع السورية نفى لـ"مسبار" تلك الأنباء، وأكد أن ما جرى هو تدريبات ميدانية للقوى البحرية في إطار البرنامج التدريبي الدوري للعناصر المتخصصة.
كما نشرت وزارة الدفاع مجموعة صور يوم 15 سبتمبر الجاري، وذكرت أن إحدى "كتائب الضفادع" التابعة للقوى البحرية في الوزارة، نفذت تمرينًا ميدانيًا على أحد المحاور البحرية، في إطار البرنامج التدريبي الدوري للعناصر المتخصصة.
في سياق ذلك، ذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، أن وزارة الخارجية السورية تقدمت بطلب إلى السلطات الفرنسية لإلغاء محاضرة طلاس قبل يوم من انطلاقها، إلا أن السلطات الفرنسية رفضت هذا الطلب.
لكن موقع المدن، نفى نقلًا عن مصدر حقوقي في فرنسا، الأنباء عن طلب تقدمت به الحكومة السورية للسلطات الفرنسية بخصوص منع طلاس، من إلقاء محاضرته.
من هو مناف طلاس؟
ولد مناف مصطفى طلاس عام 1964 في مدينة الرستن في محافظة حمص، وهو نجل مصطفى طلاس، وزير الدفاع الأسبق في عهد حافظ الأسد.
شغل مناف طلاس منصب قائد اللواء 104 في الحرس الجمهوري، وكان مقربًا من باسل الأسد وبعده بشار الأسد، انتشرت أنباء غير مؤكدة عن وضعه قيد الإقامة الجبرية في مايو/أيار 2011، بعد محاولته التوسط بين النظام والمعارضة، قبل مغادرته إلى تركيا ثم إلى فرنسا.
وفي الخامس من يوليو/تموز 2012، أعلن انشقاقه عن النظام السوري، وحمّل نظام الأسد مسؤولية "الأزمة"، وأعرب عن أمله في قيام "مرحلة انتقالية بنّاءة".
ذكر طلاس أنه حاول تأسيس مجلس عسكري يجمع الضباط المنشقين لقيادة مرحلة انتقالية في سوريا، لكنه لم ينخرط في الكيانات الرسمية للمعارضة السياسية أو العسكرية.
وفي التاسع من يونيو/حزيران 2023، طرح طلاس، مبادرة للحل في سوريا، تتلخص في مرحلة انتقالية تشمل جمع السلاح والمحافظة على السلم الأهلي، بغية الوصول إلى حل سياسي، مؤكدًا أن مشروع "المجلس العسكري" يُعد جزءًا من التوجه السوري المدني والديمقراطي الذي يهدف إليه.
وأوضح طلاس لصحيفة "القدس العربي"، أن دور المؤسسة العسكرية الوطنية في هذا الإطار يقتصر على توفير البيئة الملائمة للديمقراطية، من خلال ضبط السلاح المنفلت، وحماية السلم الأهلي، وتوحيد البندقية وتحويلها إلى بندقية وطنية، وإخراج الميليشيات الأجنبية.
طلاس يدعو لحماية المرحلة الانتقالية في سوريا
بحسب ناشطين ووسائل إعلامية، فإن مناف طلاس دعا في محاضرته إلى تشكيل مجلس عسكري يوسع سلطته ويقلّص صلاحيات الرئاسة لصالح السلطة الانتقالية، واعتبر أن الجيش الحالي "ليس جيشًا وطنيًا ويسير في طريق الانقسام". واعتبر أن النجاح يبدأ من بناء الدولة على أساس المشاركة الحقيقية لا على أساس التفرد بالحكم. وفيما يتعلق بزيارته إلى سوريا، أكد عزمه زيارتها لكن ليس بقصد العمل.
ووفقًا لما نقلت تقارير إعلامية، أشار طلاس إلى أنه منذ 2011 حاول فتح مساحة للحوار والمصالحة بين المعارضة والنظام، لكنه لم ينجح في إقناع نظام بشار الأسد بذلك، ما أدى إلى انشقاقه وإسهامه في انشقاقات أخرى لضباط في جيش النظام. كما تطرق إلى ضرورة محاسبة مرتكبي انتهاكات الساحل والسويداء، والتعافي الاقتصادي على أساس الثقة، والعلاقات السورية اللبنانية، مع تأكيده أن التطبيع مع إسرائيل ما يزال مبكّرًا.
اقرأ/ي أيضًا
أعلن الشرع أن سوريا تسعى للعودة إليه.. ما تفاصيل اتفاق 1974 مع إسرائيل؟
التشهير في سوريا ولبنان ومصر.. تضليل مزدوج لإسكات الناقدين وتشويش النقاش العام























