سياسة

كيف يستخدم الخطاب الإسرائيلي موسم الزيتون لتبرير التحريض والاعتداءات وتوسيع الاستيطان؟

فريق تحرير مسبارفريق تحرير مسبار
date
10 أكتوبر 2025
آخر تعديل
date
5:00 ص
12 أكتوبر 2025
كيف يستخدم الخطاب الإسرائيلي موسم الزيتون لتبرير التحريض والاعتداءات وتوسيع الاستيطان؟
الاحتلال يشيطن موسم الزيتون الفلسطيني | مسبار

تحول موسم قطف الزيتون في فلسطين، أحد أبرز المواسم الزراعية السنوية، إلى هدف لحملات تحريض وتقييد متصاعدة من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي وأذرعها الإعلامية والسياسية، إلى جانب جماعات المستوطنين.

ومع اقتراب موسم 2025، امتدّ الخطاب التحريضي والتضليلي الإسرائيلي ليشمل موسم الزيتون، إذ جرى ربطه في السنوات الأخيرة، وفي الموسم الحالي تحديدًا، بحركة حماس وبـ"ذرائع أمنية" تزعم أنه يُستغل غطاء "لأنشطة عسكرية" و"أعمال عنف"، في محاولة لتبرير فرض قيود جديدة على المزارعين الفلسطينيين، تمنع وصولهم إلى أراضيهم، وتقلل من حجم الانتهاكات المستمرة بحقهم وبحق أراضيهم.

في المقال التالي، يرصد مسبار كيف جرى توظيف هذه السردية المضللة والتحريضية في الخطاب السياسي والإعلامي الإسرائيلي، ويقارنها بالوقائع الميدانية التي توثق تصاعد اعتداءات المستوطنين وجيش الاحتلال على المزارعين الفلسطينيين، للكشف كيف تحول موسم الزيتون إلى أداة دعاية إسرائيلية لتبرير الانتهاكات، وتقويض أحد أهم المواسم الاقتصادية والوطنية في فلسطين.

تحويل الزيتون إلى تهديد: رواية مضلّلة في بودكاست إسرائيلي

في 30 سبتمبر/أيلول الفائت، بث "الصوت اليهودي"، وهو موقع إسرائيلي يميني استيطاني معروف بخطابه التحريضي ضد الفلسطينيين، حلقة من البودكاست الخاص به "نتحدث في الجبل"، قدمها الصحفي إلحانان جرونر بمشاركة الناشط الإسرائيلي منحم بن شحر.

جاءت الحلقة تحت عنوان "كرنفال قطف الزيتون يقترب: هكذا تسيطر حماس على مناطق C تحت أنف الجيش الإسرائيلي"، واحتوت على سلسلة من المزاعم التحريضية لموسم قطف الزيتون الفلسطيني، إذ قال المتحدثان إن الموسم ليس نشاطًا زراعيًا بريئًا، بل "غطاء لمشروع استراتيجي تديره حركة حماس للسيطرة على مناطق C في الضفة الغربية".

ووفقًا لمقطع من الحلقة نُشر في حساب الموقع على إكس، قال جرونر وبن شحر إن "ملايين أشجار الزيتون تُزرع بشكل منظّم قرب المستوطنات والطرق والأسوار بهدف خلق احتكاك مع المستوطنين وتقليص العمق الأمني لإسرائيل"، معتبرين أن الجهود الزراعية الفلسطينية تمثل "تهديدًا أمنيًا مموهًا" تدعمه "منظمات إرهابية".

وقالا إن "الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تغضّ الطرف عن هذا التمدد الفلسطيني"، معتبرين أن موسم الزيتون يُستغل "لتحقيق مكاسب سياسية على حساب أمن الدولة".

تحريض وتضليل في بودكاست "الصوت اليهودي" حول موسم الزيتون
تحريض وتضليل في بودكاست "الصوت اليهودي" حول موسم الزيتون

حركة "إم ترتسو" تطلق حملة لوقف موسم قطف الزيتون

نشرت حركة "إم ترتسو" الإسرائيلية اليمينية المتطرفة عريضة عبر موقعها الرسمي ومنصاتها الرقمية، دعت فيها قيادة الجيش الإسرائيلي إلى إعادة النظر في سياسة السماح للفلسطينيين بقطف الزيتون في المناطق القريبة من المستوطنات وطرق العبور الرئيسية.
وذكرت الحركة في عريضتها أن استمرار السماح للفلسطينيين بالدخول إلى هذه المناطق يشكّل "خطرًا أمنيًا" على السكان اليهود، واستندت في ذلك إلى "حوادث أمنية" خلال مواسم سابقة، منها هجوم قُتل فيه مستوطن. ورأت أن "مخربين" يستغلون موسم قطف الزيتون لتنفيذ "هجمات إرهابية"، مطالبة بمنع دخول الفلسطينيين إلى تلك الأراضي طيلة الموسم، بما في ذلك إلغاء التصاريح وتشديد الإجراءات الأمنية.

عريضة حركة "إم ترتسو" للمطالبة بوقف موسم قطف الزيتون
عريضة حركة "إم ترتسو" للمطالبة بوقف موسم قطف الزيتون

وفي الخامس من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، نشرت الحركة الإسرائيلية بيانًا تقول فيه إنها علّقت لافتات تطالب بوقف موسم الحصاد. وذكرت الحركة أن القيادة المركزية ستسمح، خلال أقل من أسبوعين، ببدء موسم قطف الزيتون، وأن "العدو" كما تزعم سيستغل ذلك، "على غرار ما حدث في غزة قبل السابع من أكتوبر، لجمع معلومات استخبارية وإخفاء منصات إطلاق وأسلحة أخرى، استعدادًا "للمذبحة التالية".

وختمت العريضة بدعوة مستعجلة "هذه المرة دعونا نستيقظ في الوقت المناسب. أوقفوا الحصاد وامنعوا المذبحة القادمة"، مع حثّ المتابعين على التوقيع على العريضة.

وجددت الحركة في السادس من أكتوبر، تأكيدها أن موسم حصاد الزيتون يشكل "خطرًا كبيرًا" على الجمهور، بدءًا من جمع معلومات استخباراتية حساسة وصولًا إلى تنفيذ "هجمات إرهابية" فعلية، وأكدت الحركة ضرورة وقف موسم الحصاد فورًا.

منشور حركة "إم ترتسو" عن تعليق لافتات تطالب بوقف موسم قطف الزيتون
منشور حركة "إم ترتسو" عن تعليق لافتات تطالب بوقف موسم قطف الزيتون

تحريض سياسي وأمني إسرائيلي ضد موسم الزيتون

بحسب تقرير نشرته صحيفة معاريف الإسرائيلية في 28 سبتمبر الفائت، صعّدت جهات سياسية وأمنية إسرائيلية من لهجتها تجاه موسم قطف الزيتون الفلسطيني، متهمة الفلسطينيين باستخدامه كغطاء "للتحريض وتنفيذ أعمال عنف".

وجاء ذلك خلال جلسة خاصة عقدتها لجنة الأمن القومي في الكنيست، بمبادرة من عضوته ليمور سون هار ملك من حزب "عوتسما يهوديت"، لمناقشة ما وصفته وسائل الإعلام الإسرائيلية بـ"تزايد أحداث العنف خلال موسم الزيتون".

تقرير "معاريف" عن جلسة الكنيست الإسرائيلي حول موسم الزيتون
تقرير "معاريف" عن جلسة الكنيست الإسرائيلي حول موسم الزيتون

كما زعمت سون هار ملك أن موسم الزيتون في الضفة الغربية تحوّل إلى "حدث متعمد للاستفزازات والعنف"، وليس مجرد نشاط زراعي، وادّعت أن "القطاف يُستخدم كغطاء لمظاهرات عنيفة ومحاولات اعتداء على المستوطنين"، مشيرة إلى ما وصفته بـ"خطر إرهابيين يتخفون في زي مزارعين".

كما أشارت النائبة إلى ما قالت إنها "اللجنة لمناهضة الاستيطان" التابعة للسلطة الفلسطينية، برئاسة الوزير مؤيد شعبان، واتهمته بإطلاق تصريحات تدعو إلى "تحريك المقاومة الشعبية" وتحويل موسم الزيتون إلى "ساحة مواجهة".

ونقلت صحيفة معاريف عن مسؤولين في الجيش والإدارة المدنية أن هناك استعدادات أمنية تشمل إمكانية منع الفلسطينيين من دخول بعض المناطق الزراعية، إضافة إلى تعزيز التنسيق بين الجيش، الشرطة، وحرس الحدود خلال الموسم، ونشر قوات إضافية في "نقاط الاحتكاك".

كما ذكرت الصحيفة أن ممثلين عن جهاز يُعرف باسم DMU، المختص بمراقبة النشطاء الأجانب، طالبوا بمنع متضامنين دوليين من المشاركة في موسم القطاف، واعتبروا وجودهم "نشاطًا غير قانوني يشكل خطرًا أمنيًا".

واختتم التقرير بتوصيات قدمها المشاركون في الجلسة، دعت إلى تشديد الإجراءات الاستخباراتية والميدانية وفرض قيود على حركة الفلسطينيين، في خطوة اعتُبرت جزءًا من تصعيد سياسي وأمني ضد الوجود الزراعي الفلسطيني في الضفة الغربية خلال موسم الزيتون.

حسابات مستوطنين تصعد من التحريض ضد موسم الزيتون

من جانبها صعّدت حسابات تابعة للمستوطنين على موقع إكس، من حملات التحريض ضد الفلسطينيين، بالتوازي مع دعم مباشر لتحركات سياسية وأمنية تهدف إلى تقييد وصول المزارعين الفلسطينيين إلى أراضيهم.

ونشر الناشط الاستيطاني إليشا ييريد في 28 سبتمبر، سلسلة منشورات حرّض فيها على الفلسطينيين، وادّعى أن موسم القطاف يشكل "رعبًا سنويًا" للمستوطنين. كما أشاد بمبادرة عضوة الكنيست ليمور سون هار ملك لمناقشة استعدادات الشرطة لموسم الزيتون، قائلاً إن هناك من "يحاول أخيرًا وضع حد للفوضى"، بينما هاجم منظمات إسرائيلية يسارية شاركت في النقاش، متهمًا إياها بـ"محاولة تغيير الواقع لصالح الفلسطينيين".

إليشا ييريد يهاجم موسم الزيتون ويدعم مبادرة الكنيست لتقييده
المستوطن إليشا ييريد يهاجم موسم الزيتون ويدعم مبادرة الكنيست لتقييده

في منشور آخر، أرفق المستوطن والناشط إليشا ييريد رسومًا كاريكاتيرية تربط الزيتون بالسلاح، زعم أنها متداولة في "الشبكات العربية"، وكتب "لمن لا يزال يتساءل كيف يرى العدو موسم الحصاد، فإن هذه الرسوم تلخّص الحقيقة. الجيش يواصل الحفاظ على نسيج حياة العدو على حساب أمن أطفالنا."

تحذيرات من ضعف موسم الزيتون في فلسطين لعام 2025

أعلن محمود فطافطة، الناطق باسم وزارة الزراعة الفلسطينية، أن موسم قطف الزيتون سيبدأ رسميًا في التاسع من أكتوبر الجاري، مؤكدًا أن موسم 2025 يُعد من أضعف المواسم خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة، إذ يُتوقع أن يتراوح الإنتاج بين 7,000 و9,000 طن فقط، لأسباب عدة، منها التغيرات المناخية وشح الأمطار، مقارنة بالعام الفائت، الذي بلغ فيه الإنتاج نحو 25 ألف طن.

وأوضح فطافطة أن هذا التراجع في الإنتاج يتزامن مع تصاعد اعتداءات المستوطنين، الذين يستهدفون أشجار الزيتون بالاقتلاع والحرق والمنع من الوصول، مشيرًا إلى أن نحو نصف مليون شجرة تأثرت هذا العام بفعل الإهمال القسري وشق الطرق الالتفافية من قبل الاحتلال.

وفي ظل هذه التحديات، دعا فطافطة إلى تعزيز حملات الإسناد الشعبية والرسمية لضمان وصول المزارعين إلى أراضيهم، "ومواصلة حماية الأرض في مواجهة محاولات اقتلاع الإنسان الفلسطيني من جذوره".

الخسائر الاقتصادية للفلسطينيين جراء اعتداءات المستوطنين

قال فياض فياض، المدير العام لمجلس الزيت والزيتون الفلسطيني، في تصريح لمسبار، إن اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين تترك أثرًا مباشرًا وخطيرًا على دخل آلاف العائلات الفلسطينية التي تعتمد بشكل أساسي على موسم قطف الزيتون كمصدر رزق رئيسي.

وأوضح أن نحو 100 ألف أسرة في فلسطين تستفيد من هذا القطاع، ما يعني أن ما يقارب نصف مليون فلسطيني يعوّلون على الزيتون كمصدر دخل، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. وأضاف أن منع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم، لا سيما الواقعة خلف جدار الفصل العنصري أو المحيطة بالمستوطنات، يؤثر سلبًا على الأمن الاقتصادي للعائلات الفلسطينية، إذ تصل مساحة الأراضي المزروعة بالزيتون في هذه المناطق إلى 40 ألف دونم.

وفيما يتعلق بالخسائر الاقتصادية، كشف فياض أن الاحتلال الإسرائيلي منع عام 2023 المزارعين الفلسطينيين من الوصول إلى نحو 120 ألف دونم من أراضيهم، ما أدى إلى فقدان 20% من إنتاج الموسم. وأشار إلى أنه منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى الأول من سبتمبر 2024، تم اقتلاع وتدمير وإبادة 57,077 شجرة زيتون، في واحدة من أوسع موجات الاعتداءات الممنهجة على هذا القطاع الحيوي.

وعن جهود مجلس الزيت والزيتون في مواجهة هذه الاعتداءات، أكد فياض أن المجلس يُعد مؤسسة تعمل بالتعاون مع الجهات المعنية لحماية المزارعين الفلسطينيين. وبين أن المجلس يُشارك في عدد من الحملات الوطنية، منها حملة "عُونة 6" في محافظة القدس، وحملة "زيتون 25" التي تنفذها وزارة الزراعة، وحملة "إحنا معكم". كما أن المجلس على تواصل مباشر مع هيئة مقاومة الجدار والاستيطان ومركز أبحاث الأراضي، لتوثيق جميع الانتهاكات بحق الأراضي وأشجار الزيتون بالتعاون مع مؤسسات حقوقية مختصة.

شهادات مزارعين: اعتداءات الاحتلال تهدد موسم الزيتون

قال فرج النعسان، أحد المزارعين المتضررين من اعتداءات الاحتلال في قرية المغير شرقي رام الله، في حديث لمسبار، إن موسم الزيتون لهذا العام يكاد يكون معدومًا، إذ لن يتمكن الأهالي من الوصول إلا إلى نحو 3% فقط من الأراضي المزروعة بالزيتون، وهي تقع داخل حدود القرية. وأضاف أن هذا تراجع حادّ مقارنة بالعامين 2023 و2024، إذ لم تتجاوز نسبة القطف حينها 15% من إجمالي الموسم.

وأوضح النعسان أن قوات الاحتلال نفّذت في أغسطس الفائت، حملة واسعة لقطع أشجار الزيتون، تم خلالها اقتلاع نحو 10,000 شجرة، بينها 57 شجرة يملكها شخصيًا، في إطار عدوان ممنهج استهدف أراضي القرية الزراعية. كما تم الاستيلاء على مساحات واسعة لصالح البؤر الاستيطانية، وقطع نحو 250 شجرة زيتون على الطريق الوحيد الواصل بين المغير وأبو فلاح، ما زاد من عزل القرية وتعميق الحصار المفروض على سكانها.

وأشار إلى أن الاعتداءات لم تقتصر على الأشجار فقط، بل طالت المزارعين أنفسهم، إذ تعرض أهالي المغير في الموسم الفائت، رغم وجود تنسيق مسبق، لهجمات عنيفة من المستوطنين، ما اضطرهم للخروج إلى أراضيهم قبل الفجر والانسحاب فور ملاحظة أي حركة في البؤر الاستيطانية، في ظل خطر دائم من الضرب وسرقة المحاصيل.

وأكد النعسان أن اقتصاد المغير يعتمد بشكل أساسي على زراعة الزيتون وتربية المواشي، لكن الاحتلال والمستوطنين دمّروا هذا التوازن عبر الاعتداءات وسرقة الأغنام وزرع بؤر جديدة، في وقت يجرف فيه الاحتلال أراضي القرية ويمنحها للمستوطنين لحراثتها وزراعتها رغم ملكيتها المثبتة للفلسطينيين.

واختتم النعسان بالإشارة إلى أن نحو 95% من أهالي المغير يملكون أراضي زيتون ويعتمدون على الموسم كمصدر دخل أساسي سواء للاستهلاك أو التسويق، مضيفًا "لا يمكن أن نسمّيه موسمًا هذا العام. الأرض محاصرة، الأشجار مدمّرة، والمزارع مُلاحق".

من جهته، قال الناشط ربيع أبو نعيم في حديثه لمسبار إن قرية المغير تتعرض لاعتداءات يومية من قبل المستوطنين، موضحًا أنه عند اقتراب المواطنين من أشجار الزيتون، يُطلق المستوطنون طائرات مسيّرة (درون) لتصويرهم، يليها تدخل جيش الاحتلال الذي يطلق قنابل الغاز لتفريقهم. وأكد أبو نعيم أنه لا يوجد موسم فعلي هذا العام لأهالي المغير في ظل هذه الاعتداءات المتواصلة ومنع الوصول إلى الأراضي.

وفي السياق ذاته، قال المزارع حازم صالح من بلدة الساوية جنوبي نابلس، في مقابلة مع قناة الغد، إن اعتداءات المستوطنين على المزارعين الفلسطينيين تصاعدت بشكل ملحوظ بعد السابع من أكتوبر، واصفًا الهجمات بأنها أصبحت "أكثر شراسة، وأكثر دموية وعنفًا، وبفجاجة تهدف إلى اقتلاع الفلاحين من أرضهم بشكل مباشر".

 قطف الثمار تحول إلى مواجهة مفتوحة جراء إجرام المستوطنين

وأوضح صالح أن نحو 70 إلى 80% من أشجار الزيتون في أراضي الساوية بات من الصعب الوصول إليها خلال موسم القطف، بسبب القيود التي يفرضها الاحتلال والاعتداءات المتواصلة من قبل المستوطنين.

تصاعد اعتداءات المستوطنين بالتزامن مع موسم قطف الزيتون في الضفة الغربية

مع بدء موسم الزيتون، صعّد المستوطنون من اعتداءاتهم بحق المزارعين الفلسطينيين في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، وتنوّعت هذه الانتهاكات بين اقتلاع عشرات الأشجار، ومنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم، والاعتداء عليهم جسديًا تحت حماية جيش الاحتلال، في سياق سياسة ممنهجة تهدف إلى تضييق الخناق على الوجود الفلسطيني ومصادرة الأراضي الزراعية.

في محافظة رام الله، قطع مستوطنون أشجارًا مثمرة في منطقة مرج سيع الواقعة بين قريتي أبو فلاح وترمسعيا، كما منعوا عددًا من المزارعين من استكمال قطف الزيتون في أراضيهم الواقعة بين قريتي رنتيس ودير بلوط، ما اضطرهم إلى مغادرة المكان تحت التهديد. وفي قرية أم صفا، أتلف المستوطنون خزانات مياه وسرقوا ممتلكات من مزرعة المواطن بشير أبو محمد. كذلك اقتحمت مجموعة منهم بلدة سنجل شمال شرقي رام الله وهاجمت منزل المواطن عبد المنعم دار خليل، حيث خربت محتوياته وسرقت ألواح طاقة شمسية، وفق ما أفادت به منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو.

وفي شمالي الضفة، أجبر مستوطنون مزارعين فلسطينيين على مغادرة أراضيهم في خربة مسعود غربي جنين بزعم قربها من طريق استيطانية، كما هاجموا أراضي بلدة كفر قدوم شرقي قلقيلية ودمّروا نحو 50 شجرة زيتون.

وأكد الناشط ضد الاستيطان أسامة مخامرة في مسافر يطا لمسبار أن مستوطنين متنكرين بزي جنود الاحتلال قطعوا نحو 150 شتلة زيتون في قرية أم الخير بتاريخ السابع من أكتوبر.

في المقابل، وثّقت وسائل إعلام محلية ودولية، إلى جانب عدد من النشطاء، الاعتداءات التي نفذها المستوطنون في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، من خلال صور ومقاطع فيديو أظهرت الاعتداء على المزارعين وقطع الأشجار وتخريب الممتلكات ومنع الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم، في مشهد يتكرر كل عام مع بدء موسم قطف الزيتون

مستـوطنون يعتدون على المزارعين أثناء قطفهم الزيتون

من جانبها، أصدرت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان تقريرها لشهر اغسطس الفائت، موضحة أن عدد الاعتداءات التي استهدفت الأشجار والمزروعات الفلسطينية خلال الشهر بلغ 68 اعتداء، ركز معظمها على أشجار الزيتون، حيث تسببت في اقتلاع أو تخريب أو حرق 11,700 شجرة، من بينها 11,599 شجرة زيتون. وكانت محافظة رام الله والبيرة الأكثر تضررًا بـ19 اعتداء، تلتها نابلس والخليل بـ16 اعتداء في كل منهما، ما يعكس تصاعدًا خطيرًا في استهداف المزارعين وأراضيهم في مختلف مناطق الضفة الغربية.

تقرير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان بشأن اعتداءات المستوطنين

استهداف الزيتون الفلسطيني: نهج مستمر 

استنادًا إلى الأرقام والمعطيات الواردة في تقارير رسمية وحقوقية فلسطينية، يتضح أن الاعتداءات الإسرائيلية على أشجار الزيتون ومزارعيها ليست وليدة اللحظة أو ردّ فعل على أحداث السابع من أكتوبر 2023، كما تحاول بعض الجهات الإسرائيلية الترويج له، بل هي جزء من سياسة ممنهجة ومستمرة تهدف إلى تضييق الخناق على الوجود الفلسطيني في الأرض.

ففي عام 2022 وحده، سُجلت 354 عملية اعتداء استهدفت أشجار الزيتون، أدت إلى اقتلاع وتخريب وتسميم ما مجموعه 10,291 شجرة زيتون، تركزت في محافظات نابلس وبيت لحم والخليل، ما يؤكد أن استهداف هذا القطاع الزراعي الحيوي قائم منذ سنوات طويلة.

ولا تقتصر هذه الاعتداءات على المستوطنين فحسب، بل تُمارس ضمن منظومة أوسع تشمل إجراءات الاحتلال الرسمية مثل بناء الجدار الفاصل، وتقييد الوصول إلى الأراضي، وربط الدخول إليها بالحصول على تصاريح معقدة وصارمة.

ويواجه المزارعون الفلسطينيون صعوبات جسيمة في الوصول إلى أراضيهم الواقعة قرب المستعمرات أو خلف الجدار، إذ قدرت هيئة الجدار والاستيطان أن نحو 7% من أراضي الزيتون أصبحت معزولة ولا يمكن فلاحتها إلا بشروط شبه مستحيلة. وقد أدّت هذه السياسات إلى خسائر سنوية تُقدر بنحو 45 مليون دولار في قطاع الزيتون، إضافة إلى فقدان نحو 1,500 طن من الزيت سنويًا بسبب التخريب والسرقة والحرائق، ما يعادل خسارة مالية تقدر بـ 10.5 ملايين دولار سنويًا.

لذلك، فإن ربط موسم قطف الزيتون بادعاءات أمنية مرتبطة بأحداث لاحقة يتجاهل السياق التاريخي والميداني الحقيقي للاعتداءات، ويُستخدم كذريعة لتبرير انتهاكات متواصلة تهدف إلى تفريغ الأرض من أصحابها الأصليين وإحلال واقع استعماري جديد عبر الاستيطان والتجريف والتهجير القسري.

اقرأ/ي أيضًا

مشروع "نسيج الحياة" الاستيطاني: بين المزاعم الإسرائيلية الرسمية والوقائع الميدانية

بين العنف والتضليل: كيف يحرّف المستوطنون حقيقة الهجوم على دير جرير؟

المصادر

اقرأ/ي أيضًا

الأكثر قراءة

مؤشر مسبار
سلّم قياس مستوى الصدقيّة للمواقع وترتيبها
مواقع تم ضبطها مؤخرًا
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
عرض المواقع
bannar