سياسة

مؤشرات جديدة تدحض الرواية الرسمية وتُرجح استهداف الاحتلال لسفن أسطول الصمود في تونس

أحمد كحلانيأحمد كحلاني
date
11 أكتوبر 2025
آخر تعديل
date
11:09 ص
12 أكتوبر 2025
مؤشرات جديدة تدحض الرواية الرسمية وتُرجح استهداف الاحتلال لسفن أسطول الصمود في تونس
أدلة ومؤشرات على استهداف الاحتلال للأسطول بتونس | مسبار

تعرضت سفينتان من أسطول الصمود العالمي، الذي رست عدد من سفنه في الموانئ التونسية ضمن مبادرة تهدف إلى كسر الحصار عن غزة، لاعتداءين منفصلين. وقع الأول في الليلة الفاصلة بين 8 و9 سبتمبر/أيلول الفائت، والثاني في الليلة التالية بين 9 و10 من الشهر نفسه.

وأظهرت مقاطع فيديو التقطتها كاميرات المراقبة المثبتة على السفن سقوط مقذوفات نارية أشعلت حرائق محدودة تمت السيطرة عليها بسرعة. وأكد عدد من النشطاء المشاركين في الأسطول أن الاعتداء نُفذ بواسطة طائرات مسيرة حلقت على ارتفاع منخفض قبل أن تُلقي قنابل حارقة، واتهموا الاحتلال الإسرائيلي بالوقوف وراء الهجوم.

وفي السياق ذاته أفادت لجنة تنظيم الأسطول بسلامة جميع المشاركين، وعدم تسجيل أي إصابات، باستثناء أضرار طفيفة طالت بعض المعدات مثل سترات النجاة التي اشتعلت فيها النيران وأُخمدت بسرعة.

توثيق لحظة استهداف سفينة فاميلي

رغم توثيق الحادثتين بالفيديو وظهور مقذوف يسقط من الأعلى باتجاه السفينتين المستهدفتين بوضوح، قالت الإدارة العامة للحرس الوطني التابعة لوزارة الداخلية التونسية، في توضيحها بشأن الحادثة الأولى التي طالت سفينة "فاميلي" (التي ترفع العلم البرتغالي وتعد الأكبر في الأسطول)، إن الحريق ناجم عن أسباب داخلية تمثلت في "اشتعال إحدى سترات النجاة نتيجة قدّاحة أو عقب سيجارة"، نافية وجود أي عمل عدائي أو استهداف خارجي أو استخدام لطائرة مسيرة.

أما بخصوص الحادثة الثانية التي استهدفت سفينة "ألما" (التي ترفع العلم البريطاني)، في الليلة الفاصلة بين 9 و10 سبتمبر الفائت، والتي تشابهت في الشكل والتوقيت مع الهجوم على سفينة "فاميلي"، فقد قالت وزارة الداخلية التونسية في بلاغ رسمي إن ما جرى "اعتداء مدبّر"، من دون تقديم تفاصيل إضافية، مكتفية بالإشارة إلى أن أجهزتها باشرت التحريات والأبحاث اللازمة لكشف ملابسات الحادث وتحديد المسؤولين عن التخطيط والتنفيذ والتواطؤ، وأنها ستُطلع الرأي العام التونسي والعالمي على النتائج عند اكتمالها.

وكان مسبار قد أشار آنذاك إلى التناقض بين الروايتين الرسميتين التونسيتين حول طبيعة الحادثتين.

بيان الحرس الوطني التونسي ينفي استهداف سفينة "فاميلي"

بعد مرور شهر على الحادثتين، واصل "مسبار" تتبّع المؤشرات المرتبطة بهما، ورصد معطيات جديدة تتعارض بشكل جوهري مع الرواية الرسمية التونسية، التي نفت استخدام طائرة مسيرة أو أي استهداف خارجي لسفن الأسطول. وتدعم هذه المؤشرات مجتمعة إلى احتمال تعرض السفينتين لاعتداءات بواسطة طائرات مسيرة، بما يتوافق مع روايات الناشطين المشاركين في الأسطول، الذين رجحوا تورط الاحتلال الإسرائيلي في الحادثتين.

كما أجرى مسبار تحليلًا للمقاطع التي وثقت الاعتداءين، وخلص إلى نتائج تدعم فرضية تنفيذ الهجوم عبر إلقاء مقذوفات حارقة من طائرات مسيّرة.

تحليل بصري يرجح تنفيذ الهجوم على سفن الأسطول بواسطة طائرات مسيرة

استنادًا إلى روايات الناشطين المشاركين في الأسطول، وإلى مقاطع الفيديو التي وثّقت لحظات الاعتداء، قام مسبار بجمع وتحليل الشهادات والمؤشرات البصرية، ومقارنة المقاطع المصورة التي توثق الحادثتين مع تسجيلات مشابهة لهجمات بطائرات مسيّرة في مناطق أخرى، مع الأخذ في الاعتبار عوامل مثل زوايا التصوير، وقرب الكاميرا من موقع الهجوم، وطبيعة العدسات المستخدمة وآلية عملها.

أظهر التحليل تشابهًا ملحوظًا في طبيعة الهجوم وآلية التنفيذ وشكل المقذوف وتأثيره، ما يدعم فرضية استخدام طائرات مسيّرة في استهداف السفن أثناء رسوّها في الموانئ التونسية.

في الاعتداء الأول الذي استهدف سفينة "فاميلي"، وثقت كاميرات المراقبة على متن السفينة لحظة انتباه عدد من المشاركين إلى جسم في السماء قبل ثوان من سقوط مقذوف ناري أشعل حريقًا محدودًا على متنها. وتكرر المشهد ذاته في الاعتداء الثاني على سفينة "ألما"، إذ يظهر في الفيديو مشاركان يوجهان أنظارهما إلى الأعلى قبل لحظة سقوط المقذوف في الاتجاه ذاته.

لحظة رصد المشاركين للمقذوف قبل سقوطه على السفينة
لحظة رصد المشاركين للمقذوف قبل سقوطه على السفينة

وبتحليل المقاطع، رصد مسبار تشابهًا في شكل المقذوف أثناء سقوطه، وسرعته، وكمية اللهب الناتجة عنه، إضافة إلى تطابق في نمط انتشار النيران على السطح المستهدف. كما أظهرت المقاطع أن المقذوفات تسقط عموديًا من ارتفاع منخفض، ما يرجح فرضية إلقائها من طائرات مسيرة كانت تحلق فوق المنطقة.

عند لحظة الارتطام يظهر وميض ناري قوي يتبعه انتشار سريع للنيران، دون حدوث انفجار كبير أو تدمير مادي للسطح، ما يشير إلى أن المقذوفات مصممة لإشعال الحرائق لا لإحداث تفجير مباشر.

Video file
مقارنة بين استهداف سفن الأسطول وهجمات مماثلة بطائرات مسيرة

إلى جانب ذلك، أظهر التحليل الصوتي تطابقًا في شكل الموجات الخاصة بلحظة ارتطام المقذوف بالسطح بين مقطع الاعتداء على سفينة "فاميلي" ومقاطع مشابهة لهجمات بطائرات مسيرة في مناطق أخرى. ويُشير هذا التشابه إلى احتمال استخدام نمط هجومي مماثل، دون أن يعني بالضرورة أن مصدر السلاح أو الجهة المنفذة واحدة، نظرًا لاختلاف الظروف التقنية والبيئية التي قد تؤثر على البصمة الصوتية.

تحليل بصري لمخلفات المقذوف الذي استهدف سفن الأسطول

عقب استهداف سفينة "ألما"، نشر الحساب الرسمي لأسطول الصمود صورًا ومقاطع فيديو قال إنها تُظهر بقايا المقذوف الذي أُلقي من طائرة مسيّرة. وتُظهر المواد المصورة جسمًا معدنيًا صغيرًا ذا شكل أسطواني، يتوافق حجمه تقريبًا مع الذخائر التي تُستخدم في الطائرات المسيّرة التكتيكية الصغيرة.

بقايا المقذوف الذي استهدف سفينة "ألما"

أجرى مسبار تحليلًا بصريًا لبقايا المقذوف، شمل السمات التصميمية التي بقيت واضحة بعد احتراقه، وتبين أن هيئته العامة تتطابق تقريبًا مع عدد من القنابل الإسرائيلية (قنابل الغاز، الدخان، والقنابل الحارقة)، من ناحية التصميم والمؤشرات الخارجية.

وبالتدقيق في الصور، لوحظ أن المقذوف يشترك مع هذه القنابل في الحجم المماثل، والشكل الأسطواني، واللون الأخضر الفاتح الموحد، إلى جانب تطابق في تفاصيل تصميمية دقيقة، مثل النتوءات المعدنية المميزة (المشار إليها باللون الأصفر)، والفتحات الصغيرة المتوزعة بشكل دائري ومنتظم (المشار إليها باللون الأزرق)، فضلًا عن الجزء الخاص بمفتاح الأمان (المشار إليه باللون الأخضر)، الذي رغم عدم اكتماله في البقايا التي عُثر عليها، إلا أن النقطة التي كان يتصل بها تُظهر نفس الشكل والتصميم المستخدم في القنابل الإسرائيلية من الفئة نفسها.

تطابقات تصميمية بين بقايا المقذوف وقنابل إسرائيلية مماثلة

كيف تُستغل المسيّرات لإلقاء مقذوفات حارقة؟

بحث مسبار آلية إسقاط المقذوفات بواسطة طائرات مسيّرة صغيرة، وتوصل إلى أن التكتيك الشائع يقوم على تعديل مسيرات مدنية لحمل حمولة قابلة للتحرير أسفل هيكلها. عند الوصول فوق الهدف يُحرر المشغل الحمولة عن بُعد فتسقط عموديًا وتؤدي إلى اشتعال موضعي بدلًا من تدمير هيكلي واسع النطاق.

طائرة مسيّرة إسرائيلية تُحلّق فوق غزة في الأول من أكتوبر 2025

وتُظهر عدة مقاطع فيديو رصدها مسبار مسيرات من طراز quadcopter تُسقط عبوات حارقة على خيام ومركبات ومبان ثم تنسحب بسرعة من موقع القذف، أحد المقاطع يُظهر إلقاء قنبلة حارقة على خيمة نازحين، وشكل الاحتراق في المقطع يتطابق إلى حد كبير مع آثار الاحتراق التي رُصدت على سطح سفينتي "فاميلي" و"ألما" في تونس.

المبعوث الأميركي يعترف باستهداف الاحتلال لتونس

في مقابلة مع قناة "سكاي نيوز عربية"، كشف المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم براك عن تنفيذ إسرائيل هجومًا ضد تونس، وذلك بعد نحو أسبوعين من تعرض سفينتين تابعتين لأسطول الصمود العالمي لكسر الحصار عن غزة لاعتداء أثناء رسوهما في ميناء سيدي بوسعيد.

وأشار براك في حديثه عن الممارسات الإسرائيلية في تلك المرحلة إلى أن إسرائيل اليوم تهاجم الجميع، قائلًا "إسرائيل تهاجم سوريا، وتهاجم لبنان، وتهاجم تونس..".

المبعوث الأميركي يعترف باستهداف الاحتلال لتونس

الملك الأردني يشير إلى استهداف تونس من قبل الاحتلال

في كلمته خلال افتتاح الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أشار الملك الأردني عبد الله الثاني إلى اعتداء الاحتلال الإسرائيلي على السيادة التونسية.

وخلال حديثه عن الاستفزازات الإسرائيلية في المنطقة وانتهاكها لسيادة الدول، قال "إسرائيل أظهرت أنها لا تلقي بالًا لسيادة الدول الأخرى، كما شهدنا في لبنان وإيران وسوريا وتونس، ومؤخرًا في قطر".

تقارير إعلامية تُقر بأمر نتنياهو بشن الهجوم على تونس

كشف تقرير حديث بثته قناة سي بي إس نيوز أن قوات الاحتلال الإسرائيلي نفذت يومي 8 و9 سبتمبر الفائت، هجومًا استهدف سفنًا تابعة لأسطول الصمود العالمي أثناء رسوها في المياه التونسية.

ونقلت القناة عن مسؤولين استخباريين أميركيين مطلعين قولهما إن الهجوم نُفذ انطلاقًا من غواصة إسرائيلية، وإن طائرات مسيّرة ألقت مواد حارقة على السفن، ما أدى إلى اندلاع حرائق محدودة على متنها.

وأضاف التقرير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أصدر تعليماته المباشرة بتنفيذ هذه الهجمات بالطائرات المسيرة على سفن المساعدات المتجهة لكسر الحصار عن غزة أثناء وجودها في تونس.

سي بي إس نيوز: نتنياهو أمر بهجمات مسيّرة قرب السواحل التونسية

اقرأ/ي أيضا

نفي استهداف سفينة فاميلي وتأكيد اعتداء على ألما: روايتان متناقضتان للسلطة التونسية؟

بعد هجومها على أسطول الصمود.. إسرائيل تزعم أن الهجوم كان "آمنًا وإنسانيًا"

المصادر

اقرأ/ي أيضًا

الأكثر قراءة

مؤشر مسبار
سلّم قياس مستوى الصدقيّة للمواقع وترتيبها
مواقع تم ضبطها مؤخرًا
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
عرض المواقع
bannar