ما قصة مشروع الحزام العربي في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا؟

بعد سقوط نظام بشار الأسد يوم الثامن من ديسمبر/كانون الأول الفائت، عاد مشروع "الحزام العربي" في شمال شرقي سوريا إلى الواجهة الإعلامية مجددًا، وسط تساؤلات طرحها مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي، عن طبيعة هذا المشروع وتفاصيله.

ما هو مشروع الحزام العربي في سوريا؟

يُطلق اسم "الحزام العربي" على مشروع أقرّته الحكومة السورية في 24 يونيو /حزيران من عام 1974، بموجب القرار رقم (521)، وبدأ تنفيذه في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا.

امتدّ الحزام بطول يقارب 280 كيلومترًا وعمق نحو 15 كيلومترًا، من مدينة المالكية شرقًا حتى سري رأس العين غربًا، وهي مناطق تُعرف محليًّا بـ"خط العشرة"، وتُعدّ من أكثر الأراضي خصوبة في الجزيرة السورية.

 تنفيذ مشروع "الحزام العربي" جاء عقب بناء سد الفرات، التي غمرت مياهها مساحات واسعة من الأراضي الزراعية العائدة لآلاف المزارعين العرب في ريف الرقة، لذا قررت الحكومة السورية آنذاك نقلهم إلى محافظة الحسكة وتوطينهم في ما سُمّيت بـ"القرى الزراعية النموذجية الجديدة".

صودرت الأراضي الزراعية في المنطقة من مالكيها ذوي الأصول الكردية في الغالب، إما تحت بسبب قوانين الإصلاح الزراعي أو لأن أصحابها جرى تجريدهم من الجنسية السورية بموجب الإحصاء الاستثنائي لعام 1962، وفق التقارير الحقوقية. 

وأصبح الوافدون الجدد يُعرفون محليًّا باسم "المغمورين"، في إشارة إلى أن أراضيهم الأصلية كانت قد غمرتها مياه السد.

تولت الحكومة السورية تمويل العملية بالكامل، بما في ذلك نقل العائلات العربية، وبناء 41 قرية نموذجية على طول الحدود، وتوفير حراسة أمنية مشددة لها. 

وبحسب تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش، بلغت مساحة الأراضي التي صودرت من الفلاحين الكُرد نحو ثلاثة ملايين دونم، مُنحت لنحو 4000 عائلة عربية (ما يقارب 40 ألف نسمة)، أي ما يعادل نحو 6% من سكان محافظة الحسكة في ذلك الوقت. ومنحت الحكومة لكل عائلة ما بين 150 و300 دونم من الأراضي الزراعية، بحسب موقع القرية ونسبة الأمطار فيها.

وعلى الرغم من إعلان الحكومة السورية عام 1976 عن تجميد المشروع، لكنها لم تسحب القرى النموذجية ولم تعد الأراضي لمالكيها السابقين من الكرد وفق "هيومن رايتس ووتش".

جدل متجدد على أراضي "الحزام العربي"بعد سقوط النظام

عقب سقوط نظام بشار الأسد، شهدت قرى في محافظة الحسكة، خصوصًا تلك التي شملها مشروع "الحزام العربي"، حركة بيع للأراضي التي كان النظام قد منحها لعائلات عربية نازحة من ريف الرقة في سبعينيات القرن العشرين.

وفي المقابل، سارع عدد من الأهالي الكُرد الذين صودرت أراضيهم في ذلك الوقت، إلى إصدار بيانات تحذيرية تدعو إلى عدم شراء تلك الأراضي من المستفيدين السابقين من المشروع، مؤكدين أن أي عمليات بيع أو نقل ملكية تُجرى بعد سقوط النظام تُعدّ باطلة من وجهة نظرهم، إلى حين البتّ القانوني في أحقية الملكية.

من جهته، قال محمد أمين محمود، وهو من سكان قرية روباريا في ريف مدينة المالكية، إحدى القرى التي شملها مشروع "الحزام العربي"، في حديث لـ"مسبار"، إن أحد المستفيدين من المشروع أقدم على بيع أرض تعود ملكيتها الأصلية لعائلته بعد سقوط النظام.

وأوضح "محمود" أنهم اعترضوا على عملية البيع، وأبلغوا المشتري الجديد أن أي تشريع مستقبلي قد يصدر لإعادة الأراضي إلى أصحابها الأصليين، سيجعل من عملية البيع باطلة قانونيًا.

كما عرض "محمود" لمسبار وثيقة قال إنها تُظهر ملكية عائلته لتلك الأرض، استنادًا إلى المادة 13 من القانون رقم 161 لعام 1958 الخاص بالإصلاح الزراعي وفق ما تظهره الوثيقة.

مرسوم جديد يعيد فتح ملف الممتلكات المصادرة

أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع، في الأول من يوليو/تموز الفائت، المرسوم رقم (121) لعام 2025، القاضي بإعادة تشكيل اللجنة القضائية المكلّفة بالنظر في الاعتراضات المقدّمة من المتضررين من قرارات الاستيلاء على الأموال المنقولة وغير المنقولة التي صدرت خلال فترة نفاذ حالة الطوارئ.

وبموجب المرسوم، تُكلّف وزارة العدل بإعادة تشكيل اللجنة المنصوص عليها في المادة الثانية من المرسوم التشريعي رقم 56 لعام 2011، للنظر في الاعتراضات المتعلّقة بمفاعيل الأوامر والقرارات العرفية الصادرة، استنادًا إلى المرسوم التشريعي رقم 51 لعام 1962، والذي أُعلن بموجبه العمل بحالة الطوارئ في البلاد.

ويُتيح المرسوم للجنة القضائية إعادة النظر في القرارات السابقة، شريطة تقديم اعتراضات جديدة مرفقة بالأدلة والمستندات القانونية اللازمة.

اقرأ/ي أيضًا

المناهج الحكومية لن تُدرّس في شمال شرقي سوريا.. ما حقيقة قرار قسد؟

تصريح بن سلمان عن حق الأكراد في إنشاء دولة مستقلة في سوريا مفبرك