سياسة

بعد الإطاحة بنظام الأسد.. ما مصير المقاتلين السوريين الذين جندتهم روسيا في ليبيا؟

سولنار محمدسولنار محمد
date
26 أكتوبر 2025
آخر تعديل
date
4:22 م
3 نوفمبر 2025
بعد الإطاحة بنظام الأسد.. ما مصير المقاتلين السوريين الذين جندتهم روسيا في ليبيا؟
أنباء عن نقل 60 ضابطًا إلى شرقي ليبيا بُعيد سقوط الأسد| مسبار

عقب سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، تساءل مستخدمون عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن مصير المقاتلين السوريين في ليبيا، إذ أصبحت مسألة وجود أولئك المقاتلين تحت وصاية أطراف أجنبية إحدى القضايا التي أُثيرت مؤخرًا.

في هذا التقرير، يتناول "مسبار" واقع المقاتلين السوريين الذين ارتبطوا بروسيا في ليبيا بعد سقوط نظام الأسد، والمصير الذي آلوا إليه بعد سقوط النظام السوري.

ما مصير السوريين الذين جندتهم روسيا في ليبيا؟

توصل "مسبار"، إلى أحد المنضمين لمجموعة فاغنر الروسية في ليبيا، والذي عاد مؤخرًا إلى سوريا بعد سقوط الأسد، وروى في حديث خاص لـ "مسبار" تفاصيل انضمامه إلى الشركة مطلع عام 2023، بعد خضوعه لاختبار لياقة بدنية ودورة تدريبية شملت استخدام الأسلحة الخفيفة والإسعافات الأولية. 

المصدر أوضح أنه بعد ذلك، فُرز للعمل في حقل الشاعر النفطي في حمص وسط سوريا، حيث كانت تنتشر القوات الروسية، قبل أن يُنقل إلى ليبيا بعد أيام قليلة دون اصطحاب أي ثبوتيات شخصية، وأُطلق عليهم هناك أسماء مستعارة.

وُزّع المقاتلون السوريون المرتبطون بروسيا في مناطق خاضعة لسيطرة الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، لا سيما في سرت والجفرة وبنغازي، وكان دورهم يقتصر على حراسة المنشآت الحيوية كالمطارات وآبار النفط، دون المشاركة في أي مهام قتالية مباشرة، وفق المصدر. 

وبيّن أن الرواتب كانت عاملًا مغريًا للانضمام لقوات فاغنر، حيث دفع تدهور الأوضاع الاقتصادية في سوريا الكثيرين لذلك. فكانوا قبل سقوط نظام الأسد يتقاضون نحو 700 دولار تُرسل لعائلاتهم، بينما ارتفع المبلغ بعد سقوط النظام إلى 1200 دولار، تُدفع لهم مباشرة في ليبيا.

وقبل سقوط النظام، بلغ عدد السوريين الذين جندتهم روسيا في ليبيا، وفق المصدر، قرابة 1000 مقاتل، لكن نحو 300 منهم طلبوا العودة إلى سوريا لاحقًا بعد سقوط الأسد. وفي 15 مايو/أيار الفائت، تمكّن 100 عنصر فقط، معظمهم من مدينة السلمية في ريف حماة، من العودة إلى سوريا.

وأشار إلى أن رحلة العودة من ليبيا إلى سوريا تمت على متن طائرة روسية صغيرة من طراز "اليوشن"، أقلعت من ليبيا نحو مطار دمشق الدولي، وكانت تحمل أيضًا جريحين اثنين من القوات الروسية. 

وأضاف المصدر أنه بعد وصولهم لمطار دمشق خضع العائدون لتحقيق قصير دام ساعتين من قبل قوات الأمن العام التابعة للحكومة السورية، قبل أن يُسمح لهم بالعودة إلى مدينة السلمية.

ما يزال نحو 900 مقاتل سوري في ليبيا يواجهون مصيرًا مجهولًا، إذ أشار المصدر إلى أنهم ينقسمون إلى ثلاثة فئات: الأولى ترغب بالعودة نهائيًا إلى بلادها، والثانية تأمل العودة مؤقتًا لقضاء إجازة مع عائلاتها. بينما تضم الفئة الثالثة ضباطًا من القوات الجوية والأمن العسكري، وهم متهمون بارتكاب انتهاكات خلال عهد الأسد ويخشون العودة والاعتقال. ويظل مصير هؤلاء مرتبطًا بتوصل الحكومة السورية وروسيا إلى اتفاق مشترك يحدد مستقبلهم.

المرصد السوري لحقوق الإنسان كشف عن نقل نحو 60 ضابطًا من قوات الأسد إلى شرقي ليبيا عبر رحلتين، إحداهما بطائرة مدنية والأخرى عسكرية روسية بعد سقوط نظام الأسد.

في السياق، ذكرت تقارير صحفية أن سقوط الأسد أربك شبكة العلاقات التي كان حفتر يعتمد عليها مع النظام السوري، ما قد يدفع إلى إعادة ترتيب الأدوار العسكرية والاستخبارية بين روسيا وحلفائها في ليبيا.

وأفادت تقارير استخباراتية وغربية بأن روسيا بدأت نقل معدات عسكرية متقدمة من سوريا إلى ليبيا بعد سقوط الأسد، في محاولة لتعويض تراجع نفوذها اللوجستي والأمني في سوريا وتحويل تركيزها الاستراتيجي نحو الملف الليبي.

المقاتلون السوريون المرتبطون بمجموعة فاغنر الروسية

في عام 2015، بدأت مجموعة فاغنر، وهي شركة عسكرية روسية خاصة، نشاطها في سوريا، وذلك عقب التدخل العسكري الروسي، وعملت تحت إشراف وزارة الدفاع الروسية، وبالتنسيق مع الاستخبارات العسكرية الروسية (GRU). 

المجموعة شاركت بعمليات هجومية في مناطق استراتيجية صعبة، أبرزها دعم الجيش السوري لاستعادة مدينة حلب عام 2016، والقتال ضد تنظيم داعش ضمن عدة مناطق، وفقًا لوثيقة صادرة عن المركز الدولي التابع للجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط (PAM).

في عام 2017 وُقّعت اتفاقيات بين الحكومتين الروسية والسورية تمنح الشركات المرتبطة بفاغنر (مثل Evro Polis وStroytransgaz)، حقوق استغلال حقول النفط والغاز والمعادن بنسبة تصل إلى 25% من الإنتاج.

ومع الوقت، توسع نفوذ فاغنر ليشمل السيطرة على حقول النفط والغاز في دير الزور والرقة وحمص وتدمر، إضافة إلى مناطق بحرية قرب الساحل السوري، وفقًا للوثيقة.

وأجرت مجموعة فاغنر، عمليات التوظيف بإشراف الجيش الروسي، وأرسلت المجموعة الأولى من السوريين إلى ليبيا للمرة الأولى عام 2019، على الرغم من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوضح أن الروس الموجودين في ليبيا لا يمثلون الدولة ولا يتقاضون رواتب منها.

وقالت لجنة تابعة للأمم المتحدة تراقب العقوبات على ليبيا، في تقرير لها صدر في السادس من مايو/أيار 2020، إن المجموعة لديها ما بين 800 و1200 متعاقد عسكري في ليبيا، بما في ذلك قناصة وفرق عسكرية متخصصة بحسب ما نقلته رويترز.

مشاهد ومصادر إخبارية متعددة أفادت بأن روسيا وفاغنر وظّفت مقاتلين من سوريا، بينهم مقاتلون سابقون للمعارضة، دُرّب بعضهم في سوريا قبل إرسالهم إلى ليبيا.

وأظهر تقرير صادر عن وزارة الدفاع الأميركية بتاريخ 24 يوليو 2020، بعنوان "روسيا، مجموعة فاغنر تواصلان التورط العسكري في ليبيا"، صورًا توثّق استمرار الدعم الروسي العسكري لمجموعة فاغنر في ليبيا. 

إذ تُظهر الصور معدات دفاع جوي روسية من طراز SA-22، وهي موجودة في ليبيا وتُشغّلها روسيا أو مجموعة فاغنر أو وكلاؤها، كذلك صورة لطائرة شحن روسية من طراز IL-76، وهي تُستخدم لنقل مقاتلين ومعدات إلى الأراضي الليبية لدعم فاغنر وفق التقرير.

المقاتلون السوريون المدعومون من تركيا

تشير تقارير إعلامية إلى أنّ ملف المقاتلين السوريين في ليبيا ارتبط بشكل وثيق بتطورات الاتفاق التركي الليبي أواخر عام 2019. 

فبعد توقيع مذكّرة التفاهم الأمنية والعسكرية بين أنقرة وحكومة الوفاق الوطني في نوفمبر/تشرين الثاني من ذلك العام، اتّسع نطاق التحركات التي سهّلت إرسال دعم عسكري ولوجستي إلى طرابلس، فبدأت مجموعات من السوريين المدعومين من تركيا بالوصول إلى ليبيا في سياق دعم حكومة الوفاق (حكومة الوحدة الوطنية حاليًا).

قال أحد المقاتلين في فرقة المعتصم بالله، تواصل مع "مسبار"، إنه كان ضمن الدفعة الأولى التي أُرسلت إلى ليبيا أواخر عام 2019، والتي ضمّت أفرادًا من فرقة المعتصم بالله وسليمان شاه والحمزات والسلطان مراد ولواء صقور الشمال.

انتشر هؤلاء المقاتلون في منطقة طرابلس ومحيطها، بعد توقيع عقود لا تقل مدتها عن عام واحد، مقابل رواتب تراوحت بين 2000 و2500 دولار أميركي، وفق ما أفاد به المصدر.

المقاتل الذي عاد إلى سوريا بعد 9 أشهر من قتاله في ليبيا، أوضح أن السوريين العسكريين في ليبيا خضعوا لدورات تدريبية قبل المشاركة في المعارك الدائرة هناك.

وأفاد مجلس الأمن الدولي في تقريره الصادر بتاريخ 13 ديسمبر/كانون الأول 2024، أن المقاتلين السوريين المدعومين من تركيا ظلوا في عدة مواقع حول طرابلس، بينها معسكر حمزة، وقاعدة الوطية الجوية، ومدرسة صلاح الدين للشرطة، ومنطقة سوق الخميس. 

التقرير أشار إلى أن ليبيا لم تعد وجهة مرغوبة لهؤلاء المقاتلين، نتيجة تراجع الرواتب وغياب الحوافز المالية الأخرى، مما دفعهم إلى تقليل دورات التدريب في أواخر 2023، والسعي للانخراط في مناطق الصراع النشطة حيث الأجور أعلى بكثير، أو حتى الهجرة إلى أوروبا بحثًا عن فرص أفضل.

اقرأ/ي أيضًا

الفيديو قديم وليس لإعلان الطوارق الحرب على الحكومة المالية وقوات فاغنر

سقوط طائرة فاغنر: ماذا تقول بيانات حركة الطيران؟

المصادر

كلمات مفتاحية

اقرأ/ي أيضًا

الأكثر قراءة

مؤشر مسبار
سلّم قياس مستوى الصدقيّة للمواقع وترتيبها
مواقع تم ضبطها مؤخرًا
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
عرض المواقع
bannar