أخبار

الخطاب الإسرائيلي وإعادة تأطير موسم قطف الزيتون كتهديد أمني مزعوم

فريق تحرير مسبارفريق تحرير مسبار
date
29 أكتوبر 2025
آخر تعديل
date
3:29 م
3 نوفمبر 2025
الخطاب الإسرائيلي وإعادة تأطير موسم قطف الزيتون كتهديد أمني مزعوم
تحريض إسرائيلي ممنهج ضد موسم قطف الزيتون | مسبار

يتزامن موسم قطف الزيتون في فلسطين سنويًا مع تصاعد ملحوظ في حملات التحريض الرقمية والميدانية التي تستهدف المزارعين الفلسطينيين، إلى جانب جهات شعبية ورسمية تسعى إلى مساندتهم في الوصول إلى أراضيهم، ومنها هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.

تشير متابعة "مسبار" إلى أن هذه الحملات لا تقتصر على التحريض عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية التقليدية، بل تعتمد بشكل متزايد على حسابات مستوطنين ومنصات رقمية تُنتج وتعيد نشر روايات منظّمة، تهدف إلى نزع الشرعية عن المزارعين الفلسطينيين ووصم نشاطهم المدني باتهامات تتعلق بـ"الإرهاب"، أو "الاعتداء على ملكيات خاصة" أو "أعمال شغب".

في هذا المقال، يُجري "مسبار" تحليلًا منهجيًا لأنماط الخطاب التحريضي المصاحب لموسم قطف الزيتون، من خلال تتبع الجهات المنتجة لهذا المحتوى الإعلامي والرقمي، وفحص المزاعم الإسرائيلية المتداولة بشأن المزارعين الفلسطينيين وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان.

ويستند المقال إلى رصد وتحليل عينة من المواد المنشورة خلال الأسابيع الأخيرة، إضافة إلى شهادات وتوثيقات ميدانية تُظهر الانعكاسات المباشرة لهذا التحريض على حق المزارعين في الوصول إلى أراضيهم، وعلى واقع الاستهداف المتزايد لهم في الضفة الغربية.

مزاعم إسرائيلية عن تهديد ومخاطر موسم قطف الزيتون قرب المستوطنات

في 20 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، نشرت حسابات إسرائيلية مزاعم بأن "مثيري شغب من السلطة الفلسطينية"، بالتعاون مع سكان قرية نزلة الشرقية شمالي طولكرم، حاولوا اقتحام أراضي مستوطنة قريبة. ووفقًا للرواية الإسرائيلية، تدخل جيش الاحتلال لدفعهم إلى داخل القرية ومنع استمرار أعمال الحصاد. كما استخدمت هذه الحسابات مقطع فيديو يظهر مسنًا فلسطينيًا يبكي، ويقول "لم نشهد مثل هذا منذ سبعين عامًا".

تحريض ضد مزارعين فلسطينيين في نزلة الشرقية

في سياق التحقق من الادعاء المتداول، حصل مسبار على نسخة من الدعوة الرسمية الصادرة عن اللجنة المحلية لحملة الزيتون 2025 في محافظة طولكرم، بتاريخ 15 أكتوبر الجاري، والتي شاركت فيها كل من هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، ومحافظة طولكرم، ووزارة الزراعة، ومجلس بلدة النزلة الشرقية.

نسخة من الدعوة الرسمية

وتواصل مسبار مع الصحفية سندس علي، مصورة ومراسلة تلفزيون "المدينة"، التي وثقت الفعالية في الفيديو المتداول. وقالت إن طاقم التغطية والمشاركين تعرضوا لاعتداء من قبل قوات الاحتلال، التي أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع بكثافة مباشرة نحوهم، بزعم أن المنطقة "عسكرية مغلقة" ويجب مغادرتها. وأوضحت أن الاعتداء وقع في موقع ملاصق لبؤرة استيطانية رعوية مقامة على أراضي المواطنين قرب مستوطنة "حرميش".

وأضافت علي أنّ المواطن الذي ظهر في الفيديو هو عبد الخالق ناصر من بلدة النزلة الشرقية شمال طولكرم، ويملك عددًا من الدونمات المزروعة بالزيتون والخضروات داخل البيوت البلاستيكية. وأشارت إلى أنها التقت به أثناء تغطية الفعالية، وكان يبكي لعدم قدرته على الوصول إلى أرضه وقطف محاصيله، مؤكدة أنه أخبرها بتعرض أرضه سابقًا لاعتداءات من قبل المستوطنين، شملت سرقة "حماره" ومضخة رش المبيدات، إضافة إلى حرق أنابيب توصيل المياه.

وفي سياق مشابه، بثت وسائل إعلام فلسطينية مشاهد تُظهر اعتداء جنود الاحتلال والمستوطنين على المزارعين الفلسطينيين أثناء محاولتهم قطف الزيتون في القرية، حيث أظهرت اللقطات إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع بكثافة نحو المشاركين.

 اعتداء جنود الاحتلال والمستوطنين على المزارعين الفلسطينيين

وفي مقابلة مصورة بثها تلفزيون فلسطين، قال نائب محافظ طولكرم، فيصل سلامة، إن قوات الاحتلال "تتعمد إطلاق النار وقمع المزارعين والمتضامنين، ومنعهم فعليًا من قطف ثمارهم"، مؤكدًا أن هذه الاعتداءات تتكرر سنويًا في إطار محاولات فرض وقائع جديدة لصالح التوسع الاستيطاني.

ووجد مسبار خلال البحث أن جيش الاحتلال الإسرائيلي كان في الموقع المقرر للحملة منذ بدايتها. وخلال مقابلة مع تلفزيون فلسطين، قال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، مؤيد شعبان، إن "الاعتداء بدأ منذ اللحظة الأولى لوصولنا، حيث جرى فض الفعالية الشعبية بالقوة"، فيما أكد نائب محافظ طولكرم، فيصل سلامة، أن قوات الاحتلال "قمعت الفعالية قبل أن يبدأ المشاركون بقطف الزيتون".

كما أكد أحد الصحفيين المشاركين في التغطية الميدانية لمسبار أنه كان حاضرًا منذ انطلاق الفعالية، نحو الساعة التاسعة صباحًا، مشيرًا إلى أنه لم تسجل أي محاولة لاقتحام مستوطنة أو أي فعل مشابه، مرجحًا أن قوات الاحتلال كانت قد وصلت إلى الموقع قبل طواقم الصحافة والمشاركين أو بالتزامن معهم، إذ ما إن حضروا حتى بدأ الجنود بإطلاق قنابل الغاز مباشرة نحو جميع الموجودين في المكان.

وفي 16 أكتوبر الجاري، زعمت حسابات إسرائيلية أن منطقة قُرب مستوطنة معاليه عاموس جنوبي محافظة بيت لحم شهدت ما وصفته بـ"أعمال شغب عنيفة" نفذها من يُسمون ساخرًا بـ"قاطفي الزيتون الأبرياء". وذكرت أن الأحداث تشبه ما وقع عند السياج الحدودي مع غزة قبل "المجزرة المروعة"، وفق تعبيرها، ودعت إلى "إيقاف موسم الحصاد ومنع المذبحة القادمة"، مع حث المهتمين على الانضمام إلى العريضة الداعية لذلك.

تحريض حركة "إم ترتسو" ضد قاطفي الزيتون قرب مستوطنة معاليه عاموس

في سياق تتبع الأحداث جنوبي بيت لحم، وثقت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في منشور عبر صفحتها على فيسبوك، بتاريخ 16 أكتوبر، هجومًا نفذته مجموعات من المستوطنين ضد مزارعين فلسطينيين أثناء قطفهم الزيتون في منطقة أم زويتينة شرقي قرية كيسان قرب الرشايدة، وذلك تحت حماية قوات الاحتلال، وأكدت الهيئة أن الاعتداء يأتي ضمن سلسلة استهدافات متكررة تطاول المزارعين وأراضيهم خلال الموسم. والمستوطنة المشار إليها في الادعاء، وهي "معاليه عاموس"، مقامة على أراضي قرية كيسان جنوب شرقي بيت لحم.

كما أفاد عدد من الأهالي وشهود العيان لمسبار، رفضوا الكشف عن هوياتهم لأسباب أمنية وخشية تعرضهم للاعتقال، بأن المستوطنين هم من بدؤوا الاعتداء ونفذوا الهجوم، بينما انتشرت قوات الاحتلال في المنطقة ومنعت المزارعين من الوصول إلى أراضيهم. وبحسب شهاداتهم، استخدمت القوات قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع لتفريق المواطنين الذين حاولوا التصدي للهجوم وحماية أراضيهم.

ونقلت وسائل إعلام محلية مقطع فيديو قالوا إنه يظهر مهاجمة المزارعين في المنطقة ذاتها بالعصي والحجارة، ما أدى إلى اندلاع مواجهات في ظل محاولة الأهالي الدفاع عن أنفسهم وممتلكاتهم الزراعية.

هجوم مجموعة من المستوطنين على المزارعين في بيت لحم

حملة منظمة لإعادة تأطير المزارع الفلسطيني كـ"تهديد أمني"

في موازاة الاعتداءات الميدانية وتصاعد خطاب التحريض ضد المزارعين الفلسطينيين خلال موسم قطف الزيتون، برزت حركة "إم ترتسو" اليمينية المتطرفة، كأحد أبرز الفاعلين في تغذية هذا الخطاب عبر حملات دعائية منظمة تستهدف نزع الشرعية عن وجود المزارعين في أراضيهم الزراعية القريبة من المستوطنات.

فقد نشرت الحركة عريضة عبر موقعها الرسمي ومنصاتها الرقمية، دعت فيها قيادة جيش الاحتلال إلى إعادة النظر في سياسة السماح للفلسطينيين بقطف الزيتون ضمن المناطق القريبة من المستوطنات وطرق التنقل المركزية.
واستندت العريضة إلى مزاعم أمنية تدعي أن دخول الفلسطينيين خلال موسم الحصاد يشكل "خطرًا مباشرًا" على المستوطنين، وأن "مخربين" استغلوا مواسم سابقة لتنفيذ "هجمات إرهابية"، مستشهدة بحادثة قُتل فيها مستوطن.

وتصاعد الخطاب التحريضي مع اقتراب موعد قطف الزيتون، ففي الخامس من أكتوبر الجاري، نشرت الحركة بيانًا قالت فيه إنها علّقت لافتات تطالب بوقف الموسم كليًا، وأضافت أن "العدو" على حد وصفها قد يستغل الموسم لجمع معلومات أمنية وإخفاء منصات إطلاق صواريخ تحضيرًا لـ"المذبحة التالية"، في ربط مباشر بين نشاط زراعي مدني وعمليات عسكرية مزعومة.

وفي السادس من أكتوبر، جددت الحركة مزاعمها بشأن "الخطر الكبير" الذي يشكله موسم الزيتون على "الجمهور الإسرائيلي"، مؤكدة ضرورة إيقاف الحصاد فورًا باعتباره تهديدًا أمنيًا متعدد المستويات، من "جمع المعلومات" إلى "تنفيذ عمليات إرهابية".

مزاعم إسرائيلية: هيئة مقاومة الجدار والاستيطان تثير التوتر أثناء موسم الزيتون

خلال متابعة مسبار لحملة التحريض، تبين أن الخطاب الإسرائيلي لا يستهدف المزارعين والبلدات الفلسطينية فحسب، بل يمتد أيضًا ليشمل جهات رسمية مثل هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.

ففي 23 أكتوبر الجاري، زعمت حسابات إسرائيلية على موقع إكس أنها تتبعت تحركات وأنشطة الهيئة في الضفة الغربية خلال الأسابيع الأخيرة، قبيل انطلاق موسم قطف الزيتون. ووفقًا لهذه المزاعم، تحركت طواقم الهيئة من قرية إلى أخرى بهدف "إثارة التوتر" و"مواجهة المستوطنين وقوات الجيش الإسرائيلي".

وذكرت الحسابات أنه في 20 أكتوبر، تجمع أعضاء الهيئة في بلدة إذنا وانطلقوا نحو أراض قريبة من مستوطنة أدورا في جبل الخليل، قبل أن يتدخل جيش الاحتلال لإيقافهم بعد اندلاع مواجهات.
وأضافت أن رئيس الهيئة، مؤيد شعبان، تصرف بطريقة "استفزازية" أمام عناصر الأمن الإسرائيلي، وفق وصفها، دون أن يُعتقل، بحسب الرواية الإسرائيلية.

تحريض إسرائيلي يصف طواقم هيئة مقاومة الجدار بـ"مثيري الشغب" قبيل موسم الزيتون

بحث مسبار في الادعاء المتداول بشأن مشاركة هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في فعالية لقطف الزيتون ببلدة إذنا، بتاريخ 20 أكتوبر، وأظهرت عملية التحقق أن الهيئة لم تشترك في أي نشاط ميداني في بلدة إذنا في التاريخ المذكور، كما لم يعثر مسبار على أي أخبار أو توثيقات في وسائل الإعلام أو الصفحات الرسمية تشير إلى فعالية للهيئة في ذلك اليوم بالبلدة ذاتها.

وبالعودة إلى أنشطة الهيئة خلال الفترة الزمنية نفسها، تبين أنها نظمت فعالية مساندة للمزارعين في إذنا، يوم 12 أكتوبر، ضمن حملة "قطف الزيتون 2025" في منطقة سوبا غربي البلدة في محافظة الخليل. وذكرت الهيئة عبر صفحتها الرسمية أن الفعالية جاءت بمشاركة طاقم من الهيئة برئاسة الوزير مؤيد شعبان، وبالشراكة مع وزارة الزراعة ومحافظة الخليل ممثلة بمحافظها خالد دودين، وأقاليم حركة فتح، ومتطوعي الدفاع المدني والهلال الأحمر، ومتضامنين أجانب، إلى جانب مؤسسات رسمية ووطنية.

كما أفادت وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية "وفا" بأن قوات الاحتلال احتجزت المزارعين في المنطقة ذاتها ومنعتهم من الوصول إلى أراضيهم القريبة من الشارع الالتفافي ومستوطنتي "أدورا" و"تيلم"، واستولت على مركباتهم، وهددتهم بعدم العودة إلى أراضيهم، في خطوة قال الأهالي إنها تمهيد للاستيلاء على الأراضي لصالح التوسع الاستيطاني.

وأكد صلاح الخواجا، مسؤول منطقة الوسط في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، أن طواقم الهيئة تواجدت في إذنا بتاريخ 12 أكتوبر، بينما كانت في قرية فرخة شمالي سلفيت في 20 أكتوبر وليس في إذنا، حيث تعرضوا حينها لتهديد مباشر من قبل المستوطنين.

وفي السياق ذاته، وثقت وسائل إعلامية صورًا ومقاطع تُظهر مستوطنين، بحماية جنود الاحتلال، وهم يهاجمون مزارعين ومتطوعين خلال قطفهم ثمار الزيتون في خربة سوبا غربي الخليل.

مستوطنون بحماية قوات الاحتلال يهاجمون مجموعة من المواطنين والمتطوعين خلال قطفهم ثمار الزيتون في خربة سوبا غرب الخليل

كما نشرت مديرية زراعة محافظة الخليل تسجيلًا مصورًا يظهر جنودًا ومستوطنين وهم يصادرون معدات مخصصة لقطف الزيتون من المزارعين.

مستوطنين وجنود بسرقوا عدة قطف زيتون من المزارعين في قرية إذنا

إسرائيل تتهم هيئة مقاومة الجدار بإثارة "الشغب" خلال موسم الزيتون

بثت القناة 14 الإسرائيلية تقريرًا عبر حسابها على موقع إكس، تضمن مزاعم بأن ما تسمى "مناطق الاحتكاك" يُستغل خلالها موسم قطف الزيتون من قبل "ناشطين في السلطة الفلسطينية" للاقتراب من المستوطنات بـ"أساليب عنيفة".

وركز التقرير على شخصيات في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، وهم: مؤيد شعبان رئيس الهيئة، وعبد الله أبو رحمة الذي وُصف بأنه "منظم مواجهات ومخرب مُحرر"، ومنذر عميرة الذي وُصف هو الآخر بأنه "منظم مواجهات". وادعى التقرير أن الهيئة تتنقل بين مواقع متعددة تحت غطاء المشاركة في موسم قطف الزيتون.

وتكررت المزاعم الإسرائيلية ذاتها في أكثر من موقع شهد فعاليات للهيئة لمساندة المزارعين، ففي 23 أكتوبر ادعت حسابات إسرائيلية إحباط "أعمال شغب" مزعومة قرب بلدة عطارة، وفي 19 أكتوبر روجت روايات مشابهة قرب مواقع استيطانية في محيط نابلس، وقبلها في فعاليات مرافقة للمزارعين في طولكرم والخليل.

وتتمحور هذه الادعاءات حول سردية واحدة، وهي تصوير المشاركة الفلسطينية الشعبية أو الرسمية في موسم قطف الزيتون على أنها نشاط منظم لخلق "ساحة احتكاك" أمنية، بما يخدم شيطنة الدور المساند للمزارعين وتبرير الإجراءات العسكرية التي تحدّ من وصولهم إلى أراضيهم.

نشطاء من السلطة الفلسطينية يستغلّون موسم قطف الزيتون للاقتراب من المستوطنات اليهودية

ويعكس تقرير القناة 14 الإسرائيلية جزءًا من نمط أوسع في الخطاب الإسرائيلي، يقوم على تنميط موسم قطف الزيتون كمساحة صدام مُفتعلة عبر ربطه بجهات فلسطينية رسمية واتهامها بـ"العنف" و"التحريض".

إذ يستبدل التقرير الإطار الحقوقي للموسم، القائم على تمكين أصحاب الأراضي من الوصول إلى حقهم الطبيعي في زراعتها، بإطار أمني يُجرّم هذا الوجود ويحوله إلى نشاط عدائي موجّه.

ومن خلال تحديد شخصيات فلسطينية بالاسم ووصفها بأوصاف ذات دلالات جنائية مثل "مخرب" و"منظم مواجهات"، يعمل التقرير على شيطنة الهيئة ومأسسة الاتهام ضدها، في محاولة لإقناع الجمهور الإسرائيلي بأن أي تجمع فلسطيني في مناطق C هو جزء من "مشروع تخريبي".

وتُصبح المشاركة في موسم زراعي عملًا مُدانًا مسبقًا، ويُعاد تعريف القرب من المستوطنات بوصفه انتهاكًا مهددًا وليس ممارسة مشروعة لحق الملكية، في إطار استراتيجية دعائية تهدف إلى منح شرعية مسبقة للاعتداءات ونزع الشرعية عن الوجود الفلسطيني في أرضه.

وتعد هذه المزاعم الإسرائيلية امتدادًا لخطاب متكرر يربط بين الأنشطة الفلسطينية المدنية وبين "الإرهاب"، إذ دأبت إسرائيل على ربطها بحركة حماس عادة، بينما توسعت في الحملة الأخيرة لربطها حتى بمؤسسات تتبع للسلطة الفلسطينية، بهدف شيطنة أي نشاط فلسطيني حتى الزراعة والحصاد.

في المقابل، يقتصر عمل هيئة مقاومة الجدار والاستيطان خلال موسم الزيتون على توثيق الاعتداءات، خصوصًا تلك التي يرتكبها المستوطنون، فضلًا عن تنظيم حملات يشارك خلالها أعضاؤها المواطنين في قطف الزيتون.

توثيقات رسمية حول موسم الزيتون

قال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، مؤيد شعبان، في بيان صحفي نُشر على الموقع الرسمي للهيئة، إن جيش الاحتلال والمستوطنين نفذوا 259 اعتداء ضد قاطفي الزيتون منذ انطلاق الموسم في الأسبوع الأول من أكتوبر الجاري وحتى الآن.

وأوضح شعبان في تصريح صحفي بتاريخ 28 أكتوبر، أن طواقم الهيئة رصدت 41 اعتداء نفذه جيش الاحتلال و218 اعتداءً نفذها المستوطنون، مبينًا أن هذه الاعتداءات شملت اعتداءات جسدية عنيفة، وعمليات اعتقال، وتقييد حركة ومنع وصول، وأعمال ترهيب وتخويف، إضافة إلى إطلاق نار مباشر كما حدث في محافظة طوباس.

وأشار إلى أن الاعتداءات تركزت في رام الله 83 حالة، ونابلس 69 حالة، تلتها الخليل 34 حالة.

وأضاف أن الموسم الحالي شهد 63 حالة تقييد حركة وترويع لقاطفي الزيتون، و44 حالة اعتداء وضرب بحق المزارعين. كما سُجل 125 اعتداء استهدفت الأراضي المزروعة بالزيتون، من بينها 46 عملية قطع وتكسير وتجريف لأراض أدت إلى تخريب نحو 1070 شجرة زيتون.

حملة إسرائيلية تستهدف موسم الزيتون

منذ اقتراب موسم قطف الزيتون في الضفة الغربية، رصد مسبار تصاعدًا ممنهجًا في الخطاب التحريضي الإسرائيلي ضد المزارعين الفلسطينيين.

وفي 10 أكتوبر الجاري، نشر مسبار تقريرًا بعنوان "كيف يستخدم الخطاب الإسرائيلي موسم الزيتون لتبرير التحريض والاعتداءات وتوسيع الاستيطان"، سلط الضوء على هذا التوجه التحريضي.

وأشار التقرير إلى حلقة بودكاست نشرها موقع "الصوت اليهودي" بتاريخ 30 سبتمبر/أيلول الفائت، وهو موقع يميني استيطاني معروف بخطابه المعادي للفلسطينيين.

قدم الحلقة الصحفي إلحانان جرونر بمشاركة الناشط الإسرائيلي منحم بن شحر، تحت عنوان "كرنفال قطف الزيتون يقترب: هكذا تسيطر حماس على مناطق C تحت أنف الجيش الإسرائيلي".

وخلال الحلقة، ادعى المتحدثان أن موسم قطف الزيتون ليس نشاطًا زراعيًا اعتياديًا، بل "غطاء لمشروع استراتيجي تديره حركة حماس للسيطرة على مناطق C". وزعما أن "ملايين أشجار الزيتون تُزرع قرب المستوطنات والطرق بهدف خلق احتكاك مع المستوطنين وتقليص العمق الأمني لإسرائيل"، معتبرين أن الجهود الزراعية الفلسطينية تمثل "تهديدًا أمنيًا" تدعمه "منظمات إرهابية"، على حد تعبيرهما.

وأضاف جرونر وبن شحر أن "الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تتغاضى عن هذا التوسع الزراعي الفلسطيني"، معتبرين أن الفلسطينيين يسعون من خلال موسم الزيتون إلى "تحقيق مكاسب سياسية على حساب أمن الدولة".

كيف يستخدم الخطاب الإسرائيلي موسم الزيتون لتبرير التحريض والاعتداءات وتوسيع الاستيطان

اقرأ/ي أيضًا

رغم الاعتراف الرسمي الإسرائيلي.. حسابات تشكك في فيديو اعتداء مستوطن على مسنة فلسطينية

كيف قلبت وسائل إعلام إسرائيلية رواية اعتداء مستوطنين على فلسطينيين في بلدة عطارة؟

المصادر

اقرأ/ي أيضًا

الأكثر قراءة

مؤشر مسبار
سلّم قياس مستوى الصدقيّة للمواقع وترتيبها
مواقع تم ضبطها مؤخرًا
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
publisher
عرض المواقع
bannar