هل الأمن الغذائي أصبح أولوية في استراتيجيات الدول؟
إن الأمن الغذائي ركيزة أساسية لاستقرار المجتمعات، ونموها الاقتصادي، ويتطلب تحقيقه تنسيق السياسات الزراعية، وإدارة الموارد الطبيعية بالشكل الصحيح، ودعم المزارعين، وتطوير تقنيات الإنتاج المستدام التي تضمن تلبية احتياجات الحاضر والمستقبل. وتحقق الكثير من الدول اليوم نتائج متميزة في مؤشرات الأمن الغذائي، وعلى رأسها: فنلندا، وأيرلندا، والنرويج. هل الأمن الغذائي أصبح أولوية في استراتيجيات الدول؟ أصبح الأمن الغذائي أولوية استراتيجية للدول بالفعل نظرًا لتزايد السكان، والتحديات المناخية، وتقلبات الأسواق العالمية. وتعمل الدول حاليًا على تعزيز الإنتاج المحلي، وتنويع مصادر الغذاء، وتطوير السياسات الزراعية الذكية لضمان توفر الغذاء واستقراره، وذلك لأهمية استدامة الإمدادات الغذائية، وحماية المجتمعات من الأزمات المستقبلية. لتحقيق الأمن الغذائي لا بد من اتباع استراتيجيات مستدامة مثل إدارة الموارد المائية وتوزيع الطعام بشكل عادل ما هو الأمن الغذائي؟ يمكن تعريف الأمن الغذائي بأنه إمكانية وصول الناس إلى غذاء كافٍ وآمن ومغذٍ يدعم النمو الطبيعي والتطور والحياة الصحية النشطة. ويشير نقص الأمن الغذائي إلى حالات عدم القدرة على توفير الغذاء الكافي بشكل مستمر أو حاد، وربما يهدد ذلك حياة الأفراد أو سبل معيشتهم واستقرارهم الصحي حسببرنامج الغذاء العالمي للأمم المتحدة. أهمية تحقيق الأمن الغذائي للدول تكمن أهمية تحقيق الأمن الغذائي للدول في ضمان الوصول إلى غذاء آمن ومغذٍ وكافٍ لجميع المواطنين، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والصحي والاجتماعي، وحماية البيئة. ولتحقيق ذلك لا بد من مراعاة عدة استراتيجيات مستدامة مثل إدارة الموارد المائية، بالإضافة إلى توزيع الطعام بشكل عادل، وتقليل المخاطر المرتبطة بانعدام الأمن الغذائي. ما هي الركائز الرئيسية للأمن الغذائي؟ يقوم الأمن الغذائي بشكل رئيسية على 4 ركائز، وهي كما يأتي: توفر الغذاء: تتعلق هذه الركيزة بإمكانية حصول الأسر على الغذاء باستمرار من خلال الإنتاج المحلي، والمخزون التجاري، والتبادل التجاري، وتشمل مشاريع الزراعة المحلية لتعزيز الإمدادات، وتحسين الأمن الغذائي. الوصول إلى الغذاء: قدرة الأفراد على شراء الغذاء أو الحصول عليه بسهولة من الأسواق، ويعتمد ذلك على الدخل، والأسعار، والموقع الجغرافي مع التركيز على المناطق التي تعاني من صعوبة الوصول. استخدام الغذاء: يشمل كيفية استخدام الجسم للعناصر التي يحتاجها من الغذاء، ويعتمد على النظافة، والماء النظيف، والتنوع الغذائي، والتربية الصحية لضمان التغذية المثلى لكل أفراد الأسرة. استقرار الأمن الغذائي: يقيس مدى استمرارية توفر الغذاء، وإمكانية الوصول إليه، واستخدامه بشكل مستقر رغم الأزمات الطبيعية أو الاقتصادية أو السياسية، وذلك لضمان حماية صحة السكان، والحفاظ على التغذية الكافية. ما هي أهم أسباب انعدام الأمن الغذائي العالمي؟ توجد العديد من الأسباب لانعدام الأمن الغذائي العالمي، ومنها: نقص الدعم للمزارعين الصغار الذين يشكّلون الغالبية في إنتاج الغذاء العالمي؛ فإنهم محرومون من التدريب والتمويل والوصول إلى الأراضي والموارد اللازمة، ويقلل ذلك من قدرتهم على تأمين الغذاء المستدام، ويهدد استقرار المجتمعات الريفية، ويحد من مساهمتهم في الأسواق المحلية والدولية. تلعب التغيرات المناخية دورًا محوريًا في تدهور الأمن الغذائي، ويمكن أن تؤدي إلى كوارث جوية تنتهي بحصاد فاشل، إلى جانب الحروب التي تدمر الأراضي الزراعية، وتطرد المزارعين، وهيمنة الشركات الكبرى على الأسواق العالمية، وفرض سياسات تصديرية تجعل الدول الفقيرة مضطرة لاستيراد غذاء باهظ الثمن. ما الآثار المترتبة على انعدام الأمن الغذائي؟ يجب على الدول أن تفكر جيدًا بخطط تدعمالزراعة المستدامة لضمان توفير الغذاء اللازم الذي يحتاج إليه المواطنون؛ فإن انعدام الأمن الغذائي يؤدي إلى الكثير من الآثار السلبية، ومنها ما يأتي: تدهور الصحة البدنية: يؤدي انعدام الأمن الغذائي إلى سوء التغذية والجوع، ويضعف ذلك نمو الدماغ والعضلات والأعضاء، ويزيد احتمال الإصابة بالأمراض المزمنة على المدى الطويل، ويقلل القدرة على مقاومة الأمراض. تراجع الصحة العقلية: يمكن أن يتسبب القلق المستمر حول الحصول على الطعام برفع مستويات التوتر والاكتئاب، ويؤثر على رفاهية الأفراد وقدرتهم على التركيز والإنتاجية. صعوبات التعليم: يواجه الأطفال الذين يعانون من الجوع صعوبات في التركيز والتعلم، ما يؤدي إلى ضعف التحصيل الدراسي، ويحد من فرصهم المستقبلية، ويؤثر على تطور المجتمع التعليمي. تدني الإنتاجية الاقتصادية: يقلل نقص الغذاء من قدرة البالغين على العمل بكفاءة، ويزيد غيابهم عن العمل، ويبطئ النمو الاقتصادي، ويجعل من الصعب تحسين مستوى المعيشة والمساهمة في التنمية المستدامة. الاضطراب الاجتماعي: يؤدي انعدام الأمن الغذائي إلى زيادة التوترات المجتمعية ونزوح السكان، ويحد من استقرار الأسر والمجتمعات، ويؤثر سلبًا على التماسك الاجتماعي، ويزيد من مخاطر الصراعات المحلية. قائمة الدول الأكثر تحقيقًا للأمن الغذائي في العالم تتصدر فنلندا القائمة بصفتها أكثر الدول تحقيقًا للأمن الغذائي حسبمؤشر الأمن الغذائي العالمي، وتليها أيرلندا، ثم النرويج، وتسجل هذه الدول درجات مرتفعة في توافر الغذاء، وجودته، وسلامته، واستدامته، وتليها فرنسا وهولندا بفضل النظم الغذائية الفعالة، والسياسات الداعمة للمزارعين والسكان، وجميع هذه الدول من أوروبا. تأتي اليابان في المرتبة السادسة، ثم السويد وكندا في المرتبة السابعة، وتحتل المملكة المتحدة والبرتغال وسويسرا والنمسا والولايات المتحدة المراكز التالية في القائمة. وعلى مستوى الوطن العربي تحتل الإمارات العربية المتحدة المرتبة الأولى، ثم تليها دولة قطر في المرتبة الثانية، وفي المرتبة الثالثة تأتي سلطنة عُمان، وجميعها من دول الخليج. أفضل الدول بالاعتماد على الإنتاج المحلي في الغذاء حسبفاجيوال كابتلست تتصدر غويانا قائمة الدول الأكثر اعتمادًا على الإنتاج المحلي للغذاء؛ فإنها توفر كافة المجموعات الغذائية الأساسية السبعة مع نسب مرتفعة من الفواكه والخضروات والبذور والمكسرات، ويعكس ذلك قدرتها القوية على الاكتفاء الذاتي الغذائي، واستدامة الإمدادات المحلية، وتقليل الاعتماد على الواردات الغذائية الأجنبية. في المرتبة الثانية تأتي فيتنام، ثم جمهورية الصين الشعبية، وسلطنة عمان، وفانواتو، ولاوس، والفلبين، وقرغيزستان، وأوزبكستان، ولاتفيا على الترتيب. وتوفر الكثير من هذه الدول كميات غذاء كبيرة مقارنة بما تحتاج إليه، وهذا يعني أنها تصدرها إلى الخارج، وبالنسبة إلى دول الوطن العربي تأتي سلطنة عُمان في المرتبة الأولى. هل الزراعة المحلية مهمة لتحقيق الأمن الغذائي؟ إن الزراعة المحلية ركيزة أساسية لتحقيق الأمن الغذائي، وذلك لأنها تسهم في زيادة الإنتاج المستدام، وتحسين سلاسل الإمداد الغذائي. ويجب التركيز على دعم صغار المزارعين وتمكينهم مع تطبيق استراتيجيات إدارة الموارد المائية المناسبة لتحسين إنتاجية الأراضي الجافة وتعزيز الزراعة المحلية، وضمان وصول الجميع إلى طعام كافٍ. يرتبط تعزيز الزراعة المحلية المستدامة بالقضاء على الفقر الريفي، وتحقيق المساواة، ومكافحة تغير المناخ، وزيادة الإنتاج المحلي من المحاصيل المقاومة للجفاف، وهذا يعني أنها تقلل الحاجة للاستيراد، وتضمن أمنًا غذائيًا طويل الأمد، وطعامًا مستدامًا للأجيال القادمة، ولذلك كان من الضروري على الدول وضع السياسات المناسبة التي تدعمها. ما العوامل التي تؤثر على نجاح مشاريع الزراعة المحلية؟ تؤثر التغيرات المناخية على نجاح مشاريع الزراعة المحلية بشكل كبير؛ فإن ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط الأمطار يزيدان من صعوبة الزراعة، وخصوصًا في الأراضي الهامشية حتى داخل الدول المتقدمة. ويمكن للتقنيات الحديثة مثل البيوت المحمية، والتسميد، والري أن تعوض بعض هذه التحديات، وتدعم الاعتماد على الإنتاج المحلي. يؤثر فقدان الأراضي الزراعية بسبب سوق الوقود الحيوي، وانتشار الآفات والأمراض، ونقص المياه، والصراعات، والفقر على استدامة المشاريع الزراعة. ويواجه المزارعون في الدول منخفضة الدخل صعوبات مالية وتقنية، ويفتقرون إلى الإدارة الفعالة، والابتكار المستمر اللذين يضمنان إنتاجًا غذائيًا مستدامًا ومغذيًا في كثير من الدول. أبرز الحلول لمشكلة انعدام الأمن الغذائي توجد الكثير من الحلول للتعامل مع مشكلة انعدام الأمن الغذائي، ومنها: دعم صغار المزارعين لتبني ممارسات زراعية مقاومة للتغير المناخي، وزيادة الإنتاجية، وتحسين الدخل، والتركيز على الوصول إلى الموارد الأساسية بالشكل الذي يسهم في تعزيز سلاسل الغذاء المستدامة، وتحقيق خطط الاستدامة في الزراعة. تشمل قائمة الحلول الأخرى تطوير أنظمة توزيع الغذاء بما فيها تطبيقات مشاركة الغذاء، واستعادة فائض الإنتاج، بالإضافة إلى برامج المجتمع المحلي التي تقدم وجبات غذائية للأطفال وكبار السن، وفرض السياسات والتشريعات التي تدعم الفئات الفقيرة والمزارعين، وتضمن تعزيز الأمن الغذائي، وتوفر بيئة مستدامة ومرنة للمنتجين والمستهلكين. اقرأي أيضًا: هل أهداف التنمية المستدامة معروفة؟ هل التقنيات الحديثة قادرة على تقليل هدر الطعام؟ هل ستصبح المدن الخضراء واقعًا في الشرق الأوسط؟ هل الزراعة الرأسية يمكن أن تعزز الأمن الغذائي للمدن الكبرى؟